-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 31/03/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


عَقل الثَورة المُفَكر

قلم : غسان مصطفى الشامي

ghasanp@hotmail.com

نَحيَا في هذه الأيام ذكرى رحيل العقول المفكرة لثورة فلسطين .. أصحاب الجذور في الأرض المباركة الطاهرة .. نَحيا ذكرى رَحِيل رجالٌ صنعوا التَاريخ بعقولهم الفَذة وأَفكارهم الراشدة.. صنعوا تاريخاً تليداً لثورة جَحافل الحَق المُبين ..

رجالٌ كانت حياتهم جسرا يعبر عليه الثوار والأحرار العاشقين لتراب القدس وعسقلان وعكا صاحبة الجمال والأشجار الحسان .. رجالٌ كانت عقولهم بوابات النصر المجيد لهذه الأمة المباركة ..

في هذه الأيام تحوم كالنجوم في سماء فلسطين ذكرى استشهاد المُفكر الدكتور إبراهيم أحمد المَقادمة، وذكرى الإمام الشَهيد أحمد ياسين، وبعدهم بقليل ذكرى استشهاد أسد فلسطين القائد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي .. كلهم أصحاب السِير المُشرقة المُظفرة والتَاريخ العَريق .. كَان حِرصهم الكَبير على بِناء جِيل إسلامي فريد يَحمل أمانة الدين والدعوة والتحرير.. كانت وصاياهم و كلماتهم أفكار تنسج من الذهب واللؤلؤ على الثوب التاريخي لفلسطين المقدسة .. هؤلاء حملوا الهم الكبير .. أصحاب المبادئ والثوابت والحق النصير ...

فقد وصفت الصُحف " الإسرائيلية " المُفكر الدكتور المقادمة عندما خرج من السجن عام 1992 من بأنه أخطر المعتقلين على " إسرائيل " قائلة عنه " نووي حماس ".

لقد كان الدكتور إبراهيم المقادمة، العَقل المُفكِّر لحَركةِ الإخوان المُسلمين في فِلسطين، وقَد شَكل الشَهيد المفكر المَقادمة هو وعدد من قادة الإخوان النُواة الأُولى للجهاز العسكري الخَاص بالإخوان المسلمين في قطاع غزة " مجد " ، كَما عَمل على إمداد المُقاتلين بالأسلحة في عام 1984، وقد اعتقل للمرة الأولى بتهمة الحُصول على أسلحة وإنشاء جِهاز عَسكري للإخوان في قطاع غزة وحُكم عليه بالسِجن ثَماني سَنوات .

كما كان المفكر الدكتور المقادمة عَالماً في العَقِيدة و التَفسير و الحَديث الشَريف والفِقه كما كان شاعرًا، وصاحب نظريةٍ في التربيةِ الإسلاميةِ المعاصرة.

كما وأبدع المفكر الدكتور المقادمة في مجال التأليف فله العديد من الكتب والدراسات الأمنية وهو داخل السجون الصهيونية وخارجها, منها: كتاب " معالم في الطريق إلى تحرير فلسطين"، كما كانت له دراسة بعنوان " الصراع السكاني في فلسطين " وغيرها من الأفكار والمقالات الصحفية.

ونذكر لكم مقتطفات كتبها الشهيد الدكتور المقادمة في نِهاية كِتابه " مَعالم في الطَريق إلى تحرير فلسطين" قال فيها : " هذه معالم أضعها بين أيدي الشباب المسلم في فلسطين وخارج فلسطين، وتوجهت بها إلى الشباب المسلم بالذات لأن عليه يرتكز الأمل في تفهم أبعاد هذه القضية والانطلاق بها في الطريق الصحيح ... هذه المعالم يجب ألا تغيب عن ذهن المُسلمين في طَريقهم إلى تَحرير فِلسطين ولا يلهيهم عنها تقلبات الواقع وغدر الأنظمة وتكالب الأعداء ."

كما وقال " ولي أمل في شباب الحَركة الإسلامية أن يقوموا وينفضوا عن أنفسهم غُبار النَوم والكَسل ويواصلوا العمل ليل نهار جهاداً في سبيل الله وتضحية بكل ما يملكون من جهد ونفس ، ومال ووقت ويخلصوا توجيه هذا الجهد لله سبحانه ويوطدوا العزم على السير على طريق الإسلام متحدين على طريق الإسلام لتحرير فلسطين وكل الأرض من رجس الطاغوت."

يحضرني في هذا المقال ونحن نتحدث بحضرةِ الشهداء المفكرون صناع التاريخ والحياة ... قصة ذلك الفَتى الصَغير الذي أحضرة نظارة القَائد المُقادمة عندما اغتالته الطَائرات الصهيونية في مارس 2003م، عندها وجد ذلك الفتى النظارة فأحضرها إلى احد قيادات حركة "حماس" .. والموقف هذا يشابه موقفا تاريخيا عظيما حصل مع القائد المجاهد الشهيد عمر المختار، عندما حارب الاحتلال الإيطالي، ففي إحدى المعارك التي خاضها عمر المختار واخوانه الثوار مع الاحتلال الإيطالي في شهر أكتوبر عام 1930م سقطت من الشيخ المختار نظارته التي يلبسها، وعندما وجدها أحد الجنود الإيطاليين وأوصلها لقيادة الحامية الإيطالية، فرائها القائد العام الإيطالي"غراسياني"  فقال: "الآن أصبحت لدينا النظارة، وسيتبعها الرأس يوماً ما".

ويذكر لنا التاريخ عظمة ذلك الرجل الجهادي عمر المختار، ففي الحادي عشر من سبتمبر عام 1931م، بينما كان الشيخ المجاهد المختار يَستطلع احد جبهات الجهاد في ليبيا حتى عَرفت الحَاميات الإيطالية بمكانه فأرسلت قوات لحصاره ولحقها تعزيزات كبيرة وجيوش جرارة، واشتبك الفريقين في منطقة " وادي بوطاقة" ورجحت الكفة للعدو، عندها أمر القائد المجاهد عمر المختار بفك الطوق والتفرق، ولكن قُتلت فرسه تَحته وسَقطت على يَده مما شل حَركته نهائياً، فلم يتمكن من تخليص نفسه ولم يَستطع تُناول بندقيته ليدافع عن نفسه، فسرعان ما حاصره العدو من كل الجهات وتعرفوا على شخصيته، فنقل على الفُور إلي  مرسى "سوسه" ومن ثم وضع على طراد الذي نقله رأسا إلي " بنغازي" حيث أودع السجن الكبير بمنطقة "سيدي اخريبيش"  ولم يستطع الجنود الإيطاليين نقل الشيخ المجاهد عمر المختار براً لخوفهم من تَعرض المجاهدين الثوار لهم في محاولة لتخليص قائدهم عمر المختار.

وقد كان لاعتقاله في صفوف العدو، صدىً كبيراً، حتى أن القائد الإيطالي "غراسياني" لم يصدّق ذلك في البداية، وقد كان "غراتسياني" في روما حينها كئيباً حزيناً منهار الأعصاب في طريقه إلي باريس للاستجمام والراحة تهرباً من الساحة بعد فشله في القضاء على الثوار في "برقة"، حيث بدأت الأقلام اللاذعة في "إيطاليا" تنال منه والانتقادات المرة تأتيه من رفاقه مشككة في قدراته على إدارة الصراع، وإذا بالقدر يَلعب دوره ويَتلقى برقية مُستعجلة من "بنغازي" مَفادها أن عَدوه اللَدود المجاهد عَمر المختار أَصبح في قَبضة الجُنود الإيطاليين، فأصيب  القائد الإيطالي "غراتسياني" بحالة هستيرية كاد لا يُصدق الخَبر، فتارة يَجلس على مُقعده وتَارة يَقوم، وأخرى يُخرج ماشيا على قدميه مُحدثاً نفسه بصوت عال، ويشير بيديه ويَقول: "صَحيح قبضوا على عُمر المختار ؟ ويَرد على نَفسه لا، لا اعتقد ذلك " ولم يَسترح بَاله فقد قَرر قطع إجازته، وعلى الفور استقل طائرة خاصة وهبط "بنغازي" في نَفسِ اليَوم ولحظة وصوله طلب إحضار عُمر المُختار إلي مَكتبه لكي يَراه بأم عَينيه.

وهُنا عَظمة الأبطال في مُواجهة الأنذال، فَسأله القَائد الإيطالي " غراتسياني": لماذا حاربت بشدة مُتواصلة الحُكومة "الفاشستية" ؟ أجابه الشُيخ المُجاهد عمر المُختار بعَزيمةٍ وقوةٍ لا تلين: أقاتلكم من أجل ديني ووطني، فَقال له " غراتسياني" : ما الذي كان في اعتقادك الوصول إليه ؟ فأجاب الشيخ المجاهد عمر المُختار : "لا شيء إلا طردكم من بلادنا … لأنكم مغتصبون، أما الحرب فهي فرض علينا وما النصر إلا من عند الله. " فقال " غراتسياني" : لما لك من نفوذ وجاه، في كم يوم يُمكنك أن تَأمر الثُوار بأن يَخضَعوا لحُكمِنا ويُسلموا أسلحتهم لنا ؟ فأجاب الشَيخ المُجاهد عُمر المُختار : " لا يُمكنني أن أَعمل أي شيء … وبِدون جَدوى نَحنُ الثُوار سَبق أَن أَقسمنا أَن نَموت كُلنا الوَاحد بَعد الأخر، ولا نُسلم أو نُلقي السلاح… "

ويقول قائد الحامية الإيطالية " غرسياني"  عن الشيخ المجاهد عمر المختار "عِندما وَقف ليتهيأ للانصراف كان جبينه وَضاء كأن هالة من نور تحيط به فارتعش قلبي من جلالة المَوقف " أنا الذي خضت معارك الحروب العَالمية والصَحراوية ولُقبت بأسد الصَحراء، ورَغم هذا فَقد كَانت شَفتاي تَرتعشان ولم أستطع أن أنطق بحرف واحدٍ، فأنهيت المقابلة وأمرت بإرجاعه إلى السِجن لتقديمه إلى المُحاكمة في المَساء "

وعَقدت الحامية الإيطالية للشيخ المُجاهد عُمر المُختار مَحكمة صُورية في مَساء يوم الثلاثاء عند الساعة الخَامسة والرُبع في 15 سبتمبر 1931م، وبعد ساعة تحديداً صدر منطوق الحكم بالإعدام شنقاً حتى الموت، وعندما ترجم له الحكم، قال الشيخ "إن الحكم إلا لله … لا حكمكم المزيف ... إنا لله وإنا أليه لراجعون".

رحم الله شهداؤنا ..

إلى الملتقى ،،

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ