-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 21/03/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الكورد والنقد

جان كورد

ليس غريباً أن لانجد في المكتبة الكردية كتباً في النقد الأدبي، إلاّ ما ندر، ناهيك عن النقد السياسي، فالعقل الكردي تكوّن من خلال عمر طويل في ظلّ رئيس العشيرة، وشيخ الطريقة، ومن ثم زعيم الحزب، وكلهم "معصومون" عن الخطأ...حتى تم زرع هذا النمط اللانقدي في "الجينوم" الكردي، لذلك لا نجد إلا قلائل ممن ينقدون "النص" الأدبي أو الديني أو السياسي بين الكرد، حتى الذين صار لهم في العيش بين الأوربيين عقوداً من الزمن، ويبدو أننا سنحتاج إلى زمن طويل لادراك قيمة النقد، أدبياً كان أم سياسياً، فكل شكل من أشكاله يعتبر نقداً لصاحب النص ذاته، لأولياء الأمر في مجتمعنا الذي يجرجر نفسه عبر عصور لايمكن وصفها بعصور "التنوير" بالتأكيد... والعقل الكردي مفبرك على انجاز "التوافق" بدلاً عن "الغلبة" في الفكر والخطاب والسياسة، فهذه منتجات حضارة "السوق" التي لمنصل إليها بعد...

إن كنت تكتب نقداً لقصيدة، فأنت تستهين بالشاعر كما يظن البعض، وإن كان نص أغنية من الأغاني لايعجبك فأنت كاره للمغني، وإن كنت لا تقبل موقفاً سياسياً أو كلاماً صادراً عن زعيم (وهم جميعاً من بني البشر) فأنت تخرج على الثورة والأمة والحضارة والنور، وتأتيك المكالمات التي تطالبك بسحب جيشك المعتدي من ساحة القتال ضد هذا الزعيم الذي لم تنتقد سوى بعض مواقفه، في حين أن معظم مواقفه تستدعي جلسات طويلة للسؤال والجواب... وإن تماديت في اظهار الخلل في مكان ما من القطار، فأنت لاتحترم عظام الأمة، وتطعن من الخلف أو تحت الحزام،مثل العدو، وقد تكون عنصراً من عناصره، وأنت سيء يجب كم فاهك...و...و...

لقد علمنا آباؤنا وأجدادنا أن نمتطي الفرس ونحارب ببسالة، ونتسلّق الجبال في الشتاء القارس، ونصمد تحت التعذيب حتى الموت، ولكنهم علمونا أيضاً أن نسكت عندما يتكلّم "الكبار" حتى ولو كان ذلك أساطير للجان والأبطال الذين لا وجود لهم في العوالم السبعة... علمونا أن لانفتح أفواهنا حتى للتعليق على كلام لأولياء الأمر، هكذا في العشيرة، وفي صومعة الصلاة، وفي الحزب وخارجه أيضاً... وهناك فقط بقعة ضوء صغيرة رسمها الكاريكاتور على صفحة دفترنا الصغير...

الناقد = يساوي لدى الكرد، حتى المثقفين منهم – مع الأسف - المتمرّد على الآباء والأجداد، هو الخارج على القانون غير المكتوب لهم، هو المرتد عن الدين، وهو الخائن للحزب والقائد والثورة، والناقد هو الكافر الذي يجب معاقبته بالاقصاء والاستهجان والتهديد والعزلة والضرب والسحل، بل وبالقتل أحياناً...

إخوتي، وأخواتي من الناقدين لي على مقالي الذي كتبته من أيام بصدد مقولات معينة للزعيم الكردي المعتقل السيد عبد الله أوجالان، الذي شكرته على ارساله تحية للشعب الكردي في غرب كوردستان من معتقله، وسألت مناصريه ومؤيديه وعشاقه في مقال آخر أن يشرحوا لي بصبر وأناة سياسته التي عصى علي فهمها حتى استوعبها، فجاءتني ردود مشجّعة بالكردي والعربي عن طريق الايميل، وكتب بعضهم ناقدين ما قلته مشكورين، ولو أرسلوا نقدهم لي لنشرته في "النشرة السياسية" للموقع الكردي بيام، حتى ولو كان فيه انتقاص شخصي لي، وذلك بهدف التشجيع على ممارسة "جريمة النقد" المحرّمة في مجتمعنا.

وأثناء مكالمة هاتفية بيني وبين صديق قديم أراد تقديم النصيحة لي، أبدى انزعاجه وطالبني بأن أقدّر ظروف السجن التي يعيش فيها السيد عبد الله أوجالان، الذي نتمنى له الافرج عنه بالتأكيد، بل وسائر المناضلين من أجل الحرية في كوردستان والعالم، وقال بأننا لا ندري في أي ظروف يكتب السيد عبد الله أوجالان رسائله، وهل هي تملى عليه، أم هناك أسباب أخرى، فهذا الزعيم محكوم ب"السجن الأبدي"، وطالما هو في السجن يجب أن لا ننتقده! بمعنى أن لاننتقده أبداً، ثم طالب بأن أجعل قيادات جنوب كوردستان هدفاً لكتاباتي "غير الموضوعية!" على عكس الايميلات التي وردتني مؤخراً وفيها يشكرني بعضهم أو يشجّعني، فهذه القيادات فاسدة برأيه ومسيئة لنضال الأمة الكردية، والشعب لايريدها، وهناك السلب والنهب والسرقة والفساد، وعلي فضح ذلك عوضاً عن ممارسة النقد لأقوال ورسائل الزعيم الكردي الشمالي... وقال بأن هؤلاء ماكانوا ليحرروا الشعب الكردي دون الأمريكان...

فسألته: إن كان الشعب لا يريد هذه القيادات، فلماذا حصل هؤلاء "الفاسدون الناهبون السارقون!" على أغلبية أصوات الجماهير الكردية التي انتخبت في جو حر ديموقراطي اعترفت به أوساط المراقبين الدوليين؟ فتحوّل بكلامه إلى ضرورة أن تظهر حركة تغيير في مناطق بهدينان أيضاً لكي يتّم ابعاد هذه القيادات عن السلطة في الاقليم مستقبلاً...! وقلت له: أفلم تكن تضحيات شعبنا العظيمة خلال عقود من الزمن أساساً للتحرير؟ فقال بأنه يقدّر تضحيات البيشمركة ولكن الحرية جاءت عن طريق الأمريكان...

وفي النهاية قال لي:" بامكانك أن تنتقد سياسة حزب العمال الكوردستاني، ولكن لايحق لك نقد زعيمه السيد أوجالان لأنه في السجن" ... وكأني به لايدري أن لا سياسة لهذا الحزب دون السيد أوجالان...

على كل حال، هذا رأيه وما علّي إلاّ احترامه، وآخذ نقده لي بصدر رحب، حيث شكرته على ذلك تكراراً وأشكره هنا مرة أخرى على نصيحته، ولو جاءني ما قاله خطياً لنشرته له... وهناك من الذين ردّوا علي، يرى بأن السيد عبد الله أوجالان لم يهادن أي نظام في المنطقة والعالم، ولذلك اعتقل، ونسي أن قادتنا الأوائل أعدموا واحداً تلو الآخر، فلا أحد يتحدث هنا عن مهادنة أو تبعية، وانما عن "نص سياسي" لا أتفق معه وأبديت فيه رأيي بمقالين، لا أكثر ولا أقل.... وقد أكون على خطأ، فلا معصوم سوى الله سبحانه وتعالى...

واعتقد بأن الخلاف يجب أن لايقضي على الود بيننا، فالله تعالى خلقنا مختلفين في التفكير والأداء والتصوّر والقول...

بودّي أيضاً أن نتعامل جميعاً فيما بيننا بهذا النمط الأخلاقي، الناصح، والأخوي، ولا أقول بأن نقدي للسيد عبد الله أوجالان كان نقداً مثالياً، أو في موضعه، فهذا يحكم عليه القراء... وكذلك بصدد نقدي لكثيرين من زعمائنا في غرب كوردستان وجنوبها وشمالها، من قبل، بسبب عبارات أو أقوال لهم أو منسوبة إليهم، رأيتها تضرب في أسس القضية الكوردية، ومنهم شيخنا الوقور الأستاذ عبد الحميد حاج درويش، والأستاذ اسماعيل عمر ورفيق دربه الأستاذ محي الدين شيخ آلي والأستاذ فؤاد عليكو وحتى مام جلال طالباني وقيادات أحزابنا السياسية الأخرى، بل ونقدت على صفحات جريدة "الزمان" العراقية حكومة كوردستان التي كان رئيس حكومتها الأخ نيجيرفان بارزاني، ولربما وقعت في أخطاء أو فهمني بعضهم بشكل سلبي تماماً، مما يضطرني للاعتذار عن ذلك، وأرى بأن نقدي لأقوال صادرة عن أي سياسي كوردي، صغيراً كان أم كبيراً، في أي جزء من كوردستان، لايعني أبداً أنني استخّف أو استهين بقوّة هؤلاء ومكانتهم وقياداتهم وقدرتهم على القيام بعمل ما لهذا الشعب المظلوم، ومن هؤلاء السيد عبد الله أوجالان، الذي أكرر هنا بأني لا أستهين به أبداً وأعتبره كاتباً كبيراً، إلى جانب كونه زعيماً من زعماء هذا الشعب، سواءً أردت ذلك أم لم أرد، فهذه حقيقة تحكيها سجون تركيا وكوردستان، وجبالها، وشوارع المدن التي تتواصل فيها مظاهرات مؤيديه، سواء في كوردستان أو في خارج البلاد، بل ودماء آلاف الشباب الكوردي... وقد كنت في مرحلة من المراحل أحد الذين جابوا شوارع العديد من المدن الأوربية مع رفاق حزبه، دون تردد، ودون ندم، حيث كنا نهتف للحرية لشعبنا...إلاّ أنني لا أراه قائداً لكل الشعب الكردي كما يرى رفاقه وأنصاره، ولا أجده معصوماً عن الخطأ كما يؤمن بعضهم، كما لا أعتبر السجن سبباً لعدم قراءة رسائله بصورة نقدية...

لا أدري لماذا يجب أن يشكّل فكر السيد أوجالان استثناءً؟ فقط ألأنه محكوم بالأبدي؟ فكيف يحق لبعضنا نقد قادتنا الذين قدّموا أعناقهم في سبيل الحرية، بل ينقدونهم بلا رحمة؟... ومتى يحق لنا وضع أقوال "القائد"، ومنها سياسات متضاربة ومتناقضة تحت المجهر الناقد، مثلما فعلت الشعوب الأخرى بأقوال وأفعال لينين، وستالين وماوتسى تونغ وكيم ايل سونغ...و......؟ هناك من عناصر حزبه المقرّبين إليه، من اعترف بأن الحزب قد قتل مئات من الشباب الكردي في حملات تطهير حزبية بحتة... فهل نسكت عن ذلك؟

ما قلته في مقالي الأوّل، وسألت عنه في مقالي الثاني، لايتجاوز موضعاً سياسيأ، لي الحق في ابداء الرأي فيه، أم أننا في عالم الحرية والديموقراطية أيضاً، حيث لايوجد هنا "معصومون عن الخطأ" ممنوعون من ابداء آرائنا في حرية؟

أنا لا أسكت عما يحدث في جنوب كوردستان،أيها الإخوة والأخوات، وبخاصة ما يتعلّق بالفساد، ولكن نقدي الأساسي موجّه ضد من يطعن في أساسيات القضية الكوردية، في أي جزء كان، أما الفساد وبناء الديموقراطية وغيرهما فهي من واجبات شعبنا وأحزابنا وتنظيمات المجتمع المدني، فأنا لا أستطيع من هنا التأكّد من سرقة أموال هذاالمشروع أو ذاك، منقبل هذا المسؤول أو ذاك، والقصص المثيرة كثيرة حقاً، ولكن عندما يقول المام جلال طالباني أو الأستاذ اسماعيل عمر:"مسألة دولة كوردية مستقلة هي حلم!" أو يقول الأستاذ محي الدين آلي بأن أسباب اللجوء الكردي إلى أوروبا "اقتصادية!"، أو أنّ مسائل "الحكم الذاتي والفيدرالية خيال"، أو يطالبنا الأستاذ عبد الحميد حاج درويش أن لانزعج النظام السوري بالتظاهرات، فأنا أرّد عليهم، كما فعلت من قبل... فأنا أمام "نصوص وتصريحات سياسية" اختلف معها، إلاّ أنني لا أستطيع اتهام هذا الاداري في السليمانية أو هولير بالسرقة، دون وجود مستمسكات واثباتات في يدي... فهل ترون الفارق في الأمرين؟

لذا آمل أن لايفهمني أحد بشكل خاطىء، فأنا لا أتملّق أحداً، ولا أذّل نفسي لغير الله، وكل قادة وزعماء وكوادر ومقاتلي ومقاتلات حركتنا السياسية في كل كوردستان وخارجها، اخوة وأخوات لنا، احترمهم وأجلّهم وأدعو الله لهم التوفيق، طالما هم يؤدّون واجبهم في سبيل تحرير الإنسان من الظلم، ويسعون لتحقيق العدالة وتثبيت الحقوق وتأمين الحياة الكريمة لشعبهم...

وهذا ينطبق على السيد عبد الله أوجالان ورفاقه وأنصاره، بل وكل الأحزاب التي تسير خلف رايته وفي ظل قيادته، وأدعو الله له ولرفاقه ورفيقاته المعتقلين والمعتقلات بالفرج والنصر على أعداء الكورد وكوردستان... واعتذر عن كتابة اسمه مرة أو مرتين بشكل خاطىء، فكرامة الانسان لدي هامة لأن الله تعالى قال في كتابه العزيز ((ولقد كرّمنا بني آدم)).

اللهم هل بلغّت؟ فاشهد.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ