-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 01/03/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


بسم الله الرحمن الرحيم

كيف ننتصر للسنة النبوية ؟

د.محمد سعيد حوى

من المسلمات عند العلماء المسلمين حجية السنة النبوية وأنها المصدر الثاني للتشريع، وأن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض لازم لا خيار للمسلم فيه، قال تعالى :((وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً ) [الأحزاب: 36]، ( يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم ) ( الحجرات :1)، ولو تصورنا أننا الآن أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا ويأمرنا وينهانا ما كان لنا حق في أن نناقشه أونعترض أو نحتج أو نرفض بل الواجب الحتمي الطاعة المطلقة.

لكن السؤال الواجب طرحه كيف وصلت لنا السنة النبوية ؟ ومن ثم كيف نتعامل معها ؟

إن مما لا ريب فيه أن القرآن دوّن كاملاً وجمع جمعاً كاملاً في حياته صلى الله عليه وسلم، حرفاً حرفاً ؛ أمّا السنة النبوية فكان لها شأن آخر. فعلى الأرجح لم تدون السنة في حياته صلى الله عليه وسلم إلا قليلاً جداً، كما أن التوسع في التدوين لم يحدث إلا بعد القرن الأول، بل إن الصحابة مختلفون فيما بينهم أيجوز تدوين السنة أم لا، بل أخرج مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً إلى رسول الله: ( لا  تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه) (رواه مسلم  3004)، وفي الوقت الذي وصلنا فيه القرآن مدوناً تدويناً كاملاً، وبالنقل المتواتر، وبقراءة جمع كبير عن جمع كبير في كل طبقات الإسناد، فإن معظم السنة النبوية رويت برواية الآحاد، أي رواية الواحد أو الاثنين، أو الثلاثة، وخاصة في الطبقات الأولى، وهذا كله انعكس على السنة، فقد لاحظنا أموراً لا يرتاب فيها المدقق المحقق، ومن ذلك وجود ظواهر رافقت رواية السنة النبوية.

الظواهر التي رافقت رواية السنة :

1) ظاهرة نقد المتن من قبل الصحابة أنفسهم، حيث لا سند أصلاً حتى ينقد، ولم يكن الصحابة يكذب بعضهم بعضاً، لكنهم وجدوا أنفسهم أمام بعض النصوص تنسب لرسولنا صلى الله عليه وسلم تخالف النص القطعي أو تخالف ما يعلمه الصحابي من رسول الله، وشواهد ذلك كثيرة كنقد عمر لحديث فاطمة بنت قيس إذ ادّعت أن رسول لم يجعل لها نفقة ولا سكنى في عدة طلاقها، (رواه مسلم،باب المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها رقم 1118) وكما في نقد عائشة أَنَّهَا قَالَتْ: (مَا لِفَاطِمَةَ، أَلاَ تَتَّقِى اللَّهَ، يَعْنِى في قَوْلِهَا لاَ سُكْنَى وَلاَ نَفَقَةَ) (رواه البخاري 5323 وأطرافه وفق الشاملة: 5324، 5323، 5321، 5325، 5327، ومسلم 3792). وكنقد عائشة لحديث: (إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه) (البخاري 1371 و3978ومسلم رقم 931 )

 وحديث: إن المرأة شؤم... (مشكل الآثار 2/ 252 )، والإجابة لما استدركته عائشة (1/114 ) وحديث يقطع صلاة الرجل المرأة والكلب والحمار... (صحيح البخاري 489).

2) وجدت ظاهرة الرواية بالمعنى، إذ يختلف الناس في قدرات الحفظ والضبط، خاصة أن الرواية معتمدة على الحفظ والذاكرة مع تطاول الزمن، ولو أردت أن أضرب أمثلة لهذه الظاهرة وأثرها في اختلاف الروايات لطال المقام جداً.

3) ظاهرة التفرد والغرابة في كثير من الروايات التي يفترض أن تروى من رواية الجمع أو العدد، لأنها تتحدث عن أمور ظاهرة، منتشرة متداولة، وهي مما يهتم به الناس عادة، ومع ذلك لم ترو إلا برواية الآحاد، بل ومن وجه واحد.

4) ظاهرة الكذب على رسولنا صلى الله عليه وسلم، وهذه ظاهرة وجدت في فترة متقدمة، ربما في عهد علي رضي الله عنه، وبسبب بدء الفتنة، كما تشير بعض الروايات.

5) ظاهرة الأخذ عن أهل الكتاب، ومن ثم رواية الكثير من الإسرائيليات المنكرة، ومن ثم تسلل عديد منها إلى كتبنا، وربما وهِم بعضهم فجعلها من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.

6) انتشار ظاهرة الإرسال والتدليس، أي أن يحدث الصحابي أو من بعده عن رسول الله بما لم يسمعه من رسول الله، من باب إحسان الظن بمن روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

7) ظاهرة المذهبية العقدية والفقهية والتحزب لكل مذهب، وكان لذلك آثار خطيرة في الرواية والرواة.

8) ظاهرة تأخر جمع السنة وتأخر عملية التدوين إلا للقليل القليل.          

9) ظهور روايات وطرق لأحاديث في كتب متأخرة، لم تكن معروفة في القرون الأولى، ولا في المدونات المعتبرة كالكتب التسعة.

10)       ظهور الاختلاف بين النسخ الخطية، وهذه قضية تحتاج إلى دراسات مطولة، وسنن الترمذي نموذج على ذلك، وما يبينه ابن حجر في شرحه على البخاري نموذج آخر.

وجود هذه الظواهر وغيرها أدى إلى ظهور علوم منها :

1-        علم العلل، وهو علم يختص بدراسة الأخطاء الخفية التي تقع في رواية الثقات، ولأن هذا العلم يتعامل مع الثقات الذين يفترض الصواب في رواياتهم؛ كان من أغمض العلوم وأدقها، وميداناً فسيحاً للاجتهاد والنظر.

2-        علم الجرح والتعديل ونقد الرواة، وإنه وإن كان قد اشتمل على الكثير من قواعد النقد فما زالت قضاياه بحاجه إلى تحرير دقيق، ومنها: مفهوم الصحابي الذي نثبت له العدالة المطلقة، وكيف نتعامل مع مُرْسَل الصحابي؟ وكيف نثبت عدالة الرواة؟ وهل تم الالتزام بتلك القواعد؟ ومدى أثر الاتجاهات المذهبية في الحكم على الرواة؟ وترافق مع ظهور علم نقد الرجال ظهور مشكلة الاختلاف بين العلماء في الجرح والتعديل والحكم على الرواة، والاختلاف في بعض أسباب الجرح، ومنهج التعامل عند تعارض الجرح والتعديل.

مواجهة هذه الظواهر:

وإذ كان هذا بعض الحال المرافق للسنة فقد نهض علماء أفذاذ جهابذة حفاظ ليحرروا السنة، ويزودوا عن حياضها قدر الاستطاعة البشرية، إذ إن الله تكفل بحفظ القرآن خاصة أما السنة فجعل أمر الحفاظ عليها موكولاً إلى اجتهاد البشر لحكم كثيرة، وإن كنا نقطع أنه حفظ لنا ما به قيام الدين كاملاً.

ظنية السنة الأحادية :

وكانت النتيجة العملية لكل ما مضى أن قرر العلماء المحققون أن السنة الآحادية الصحيحة فضلاً عن الضعيفة ظنية الثبوت، أي وإن كان ظاهر حديث الصحة فيبقى الاحتمال قائماً في عدم ثبوته، وكذا العكس، ويبقى باب الاجتهاد مفتوحاً في التصحيح والتضعيف. ولم ينكر أحد من العلماء المحققين على أحد هذا المنهج.

نقد الصحيحين :

إن أصح كتابين في السنة على الإطلاق كتاب الإمام البخاري وكتاب الإمام مسلم. ومع ذلك فقد قام عدد من أهل العلم المحققين بنقد كثير من الأحاديث فيهما، بل إن الشيخ ناصر الألباني وهوممن يعد من كبار علماء الحديث في هذا العصر ينقل عن الشيخ المحدث أحمد محمد الغماري قوله: (ومنها: أحاديث الصحيحين، فإن فيها ما هو مقطوع ببطلانه، فلا تغتر بذلك، ولا تتهيب الحكم عليها بالوضع....)) ثم يعقب الشيخ ناصر بقوله: ((وهذا مما لا يشك فيه كل باحث متمرس في هذا العلم...)) كتاب آدب الزفاف، الألباني صفحة 59_60، المكتبة الإسلامية ط 1409، بل وجدنا الإمام البخاري يرد أحاديث صححها الإمام مسلم في صحيحه منها حديث ((خلق الله التربة يوم السبت)) (التاريخ الكبير للبخاري (1/413 رقم 1317 ) وصحيح مسلم (2789 ) وحديث (( لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه)) ينظر فتح الباري (1/208 ),وحديث سالم في رضاع الكبير )اذ أورد البخاري أوله وحذف مايتصل بقصة الرضاع مرتين ,(البخاري 4000 و5088 ومسلم 1453 )وحديث (يقطع صلاة الرجل المرأة)  اذوجدنا البخاري لايرويه الامع نقد السيدة عائشة له (البخاري 514 ومسلم 512)ووجدناه يرفض أن يخرج لرواة قبلهم الإمام مسلم كحماد بن سلمة... وكذلك وجدنا الإمام مسلم يرد أحاديث خرجها البخاري من مثل حديث شريك بن عبدالله في الإسراء والمعراج, ( البخاري 7517 ومسلم 259/262)كما رد مسلم روايات عكرمة مولى ابن عباس قاطبة مع أن البخاري خرّج عدداً منها.

منهج الانتصار للسنة :

ان الانتصار للسنة النبوية يقتضي منا أن نسير على منهج المتقدمين وعلى رأسهم الصحابة في: التشديد في أمر النقد والتحري، وعرض السنة على القرآن وعلى السنة ذاتها وعلى المعلوم من الدين ضرورة، و العقول السليمة، وحقائق التاريخ  والعلم الققطعي(ينظر صحيح مسلم  ، المقدمة  والمنار النيف في الصحيح والضعيف لابن القيم)وإلا فكيف سنقبل روايات تنسب لإبراهيم أبي الأنبياء الكذب, وتنسب لحواء الخيانة وأنها سبب ذلك في بناتها  ,ونبرأ عندها إبليس من الجريمة, وروايات تنسب لرسولنا أنه سحر من قبل يهودي, ونحن نعلم أن السحر فعل شيطاني والشياطين لا سلطان لهم على عباد الله الصالحين.

وكيف سنقبل رواية في صحيح مسلم: أن رجلاً اتهم بأم ولد رسول الله فأمر علياً أن يقتله، فوجده على لا ذكر له،فعفى عنه (مسلم 2771) ، أيصلح مثل هذا ؟ أين التحقيق والتحري...وكيف سنقبل أحاديث توهم ان القرآن ماكان مجموعا ايام النبي (البخاري 4986)وأن آيات اسقطت اوفقدت من كتاب الله كالاحاديث التي تتكلم عن الرضاع وعن الرجم وغيرها من النصوص التي لا يصلح أن تنسب لرسولنا صلى الله عليه وسلم  لمخالفتها للقرآن مما لا يتسع المقام لبيانه  و كتلك التي تجعل موسى يغتسل عريانا ويمشي الحجر بثوبه حتى يراه بنوا إسرائيل عرياناً،(البخاري 278) أهكذا يكون مقام الأنبياء عند الله ؟ إنه وإن وردت مثل هذه النصوص في الصحيحين أو أحدهما ومع أنهما أصح الكتب وأتقنها؛ فمن الواجب انتصاراً للقرآن وللسنة ولرسولنا صلى الله عليه وسلم ونصحاً لدين الله ودفعاً للشبهات أن نمعن النظر في هذه النصوص ونحررها وننقدها، وهذا تمكينٌ للسنة النبوية وليس هدماً لها كما يزعم بعضهم. وأما التقليد و منح العصمة للرجال والكتب ، حتى وإن أساءت بعض الروايات ،وكذا التقديس لغير المقدس ،و التعامي عن الحقائق ،واتهام من يسعى لتحرير السنة مجتهداً في ذلك قدر ما يستطيع متحرياً في ذلك مرضاة الله؛ فليس من العلم في شيء.

 ثم إننا بحاجة إلى فقه التعامل مع النصوص، إذ منها ما جاء عاماً قد خص أو العكس ومنها ما جاء مقيد تارةً ومطلقاً أخرى، ومنها ما كان واقعة عين أو فتوى خاصة أوحلاً لمشكلة خاصة وهذا باب واسع....

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ