-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 24/02/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


رسائل الاغتيال الإسرائيلية

بين ضجيج وصخب أوروبي.. والمطلوب من العالم العربي 

نبيل شبيب

لم يعد الأمر المهم هو القيام بعملية اغتيال سياسي غادرة، ولا الإصرار على سياسات وممارسات عدوانية إجرامية، ولم يعد المهم انتهاك سيادة دولة عربية، ولا السؤال عن موقف سياسي أوروبي أو عربي أو عالمي وفق ما توجبه المواثيق الدولية.. إنما المهم في صخب الجدال السياسي والإعلامي الدائر في بضع دول غربية، هو أن الحليف الإسرائيلي قد أساء إليها من خلال تزوير جوازات سفر تحمل جنسياتها، للقيام بعملية اغتيال الشهيد الفلسطيني والقائد الحمساوي البحبوح!..

بل أصبح التركيز واضحا على أن ماهية الإساءة تكمن في أن الاغتيال جرى بذلك الأسلوب اعتمادا على تزوير الجوازات.. هكذا على المكشوف، أو أنه كُشف -للأسف!- على الملأ فسبّب "إحراجا بين الأصدقاء الحلفاء".. فلا بد إذن من "العتاب العلني".. ثم تعود الأمور إلى ما كانت عليه، كما حدث مرارا علنا، وكما حدث -دون عتاب علني- سرا!..

   

كأن هذا الأسلوب الإسرائيلي المتبجح في علانيته يعطي "الجواب العملي" للأوروبيين على سياساتهم المخالفة للقوانين الدولية السياسية والإنسانية على السواء، والتي تستثني الإسرائيليين تخصيصا من الملاحقة السياسية عبر مجلس الأمن الدولي وسواه من المنظمات الدولية، ومن الملاحقة القضائية على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، والتي لم ينقطع ارتكابهم لها لحظة واحدة، منذ وجد الأوروبيون حلّ ما كان يسمّى "المسألة اليهودية" بترحيلها إلى الأرض الفلسطينية العربية الإسلامية، كي يرتاحوا هم من جهة، ومن جهة أخرى ليصيبوا -كما يحسبون- العالم العربي والإسلامي في مقتل، في صميم قلبه الفلسطيني، على أرض الإسراء المباركة، المطهرة بثرى الأنبياء.. وبئس ما يحسبون!.

ليس فيما صنع الإسرائيليون "إحراج" للحكومات الأوروبية على صعيد علاقاتها بالإسرائيليين، بل إن من المسؤولين الأوروبيين من لا يواري التنويه بأن التعاون الاستخباراتي وغير الاستخباراتي قائم متواصل، ومن خبرائهم من يؤكد أن تلك العلاقات لن تتأثر سلبا!.. إنما هو الإحراج الناجم عن علنية الاستهتار بالحكومات الأوروبية، فهذا ما يحرجها تجاه شعوبها، ولم يعد يخفى ذلك التناقض الصارخ بين الفعاليات الشعبية الأوروبية وموقف الرأي العام الأوروبي، وبين النهج السياسي الرسمي الذي تتبعه تلك الحكومات، ولا تبالي من خلاله بخرق ما تنادي به من شعارات وقيم، وما تزعمه من تمسك بالقانون الدولي والقانون الإنساني والحقوق والحريات!..

   

كما لا يغيب مغزى التزامن بين عملية الاغتيال الإجرامية وبين المشاركة الإسرائيلية المباشرة في توثيق فضائح سياسية وجنسية على مستوى السلطة القائمة على أسس نفق أوسلو الإسرائيلي!..

ففي ذلك التزامن رسالة غير مشفّرة، تؤكد أن الإسرائيليين لا يميزون بين صالح وطالح، وأمين وفاسد، ومقاوم ومسالم، وحر أبي شامخ ومتعاون ذليل خانع، فكل المطلوب إسرائيليا هو أن ينضم الصالحون الأمناء والمقاومون الشرفاء إلى الفريق الآخر، ويصنعوا ما يصنع، مع "ضمانات إسرائيلية"، أن يجدوا أيضا المعاملة الإسرائيلية الثابتة على توظيف الفساد والخنوع لتحقيق الأهداف الصهيونية العدوانية.. فقط.

ولئن ثبت تورط من تورط من العملاء المحسوبين على قيادات في تلك "السلطة" ففي ذلك التزامن المكشوف رسالة إضافية، تقول للمتورطين في كثير من المؤامرات الأكبر والأخطر، بوجوب أن يكون التورط هكذا علنيا مفضوحا، يزيد من النقمة الشعبية، وإن كان من أهدافه "إسرائيليا" أن يزيد من نشر الإحباط والتيئيس، وهو استهداف يجهل أو يتجاهل أن الشعوب بلغت من الوعي ما يكفي للتمييز بين من يخدم القضية ومن يفرط به، فإن انتشر الإحباط فهو تجاه المفرطين وقد أصبحوا "حالة ميؤوسا منها" وليس تجاه الصامدين رغم وحشية الأعداء، واستخذاء الإخوة الأصدقاء، وانحراف "الإخوة" في الخندق الفلسطيني المشترك.

   

وكأن هذا الأسلوب الإسرائيلي المتبجح في علانيته يعطي "الجواب الديبلوماسي" على إقدام الإمارات مؤخرا على استقبال وزير إسرائيلي، بحجة الاعتبارات الديبلوماسية لأنها -كما قيل- تستضيف مؤتمرا دوليا، فلا يمكن استثناؤه من الدعوة!.. ألم يكن هذا "التطبيع المزري" يستدعي من الإسرائيليين مراعاة ديبلوماسية لسيادة الارض الإماراتية؟!..

وكأنّ هذا الأسلوب الإسرائيلي المتبجح في علانيته يعطي "الجواب المهين" للحكومة المصرية التي لا تنقطع جهودها "الحميدة" لترسيخ حصار غزة.. كما يريد الإسرائيليون، وللضغوط باتجاه مصالحة فلسطينية على أسس حافلة بالخلل.. وفق ما يتلاءم والرغبات الإسرائيلية، فإذا بهم يتابعون "علنا" استخدام أساليب القتل الإجرامي ضد شرفاء حماس، من جهة لتقويض ما وصلت إليه الجهود الرسمية المصرية.. على علاتها الكبرى وعواقبها الخطيرة، ومن جهة أخرى لإضافة المزيد من الاستفزازات لحماس في هذه المرحلة بالذات، لتحميلها -مصريا.. فليس المهم هنا ما يفكر به الإسرائيليون- مسؤولية إخفاق تلك الجهود، وربما لفتح أبواب مواجهة مسلحة جديدة في غزة، وفق التوقيت الإسرائيلي لها، ومع استكمال الحصار الإجرامي بجدار فولاذي تحت الأرض وتحت الماء!..

وكأن هذا الأسلوب الإسرائيلي المتبجح في علانيته يعطي "الجواب العملي" على ما يسمّى "الحراك الرسمي العربي" عشية القمة المقبلة، فسيان هل تشبث المشاركون فيها بسراب المبادرات ووحل "التطبيع" أم لم يفعلوا، لن تتبدل السياسات العدوانية الإسرائيلية، بما يشمل انتهاك سيادة الدول العربية المتشبثة بذلك!..

فما الذي سيكون عليه الجواب الرسمي العربي في القمة المقبلة؟..

هل ستبحث مجددا عن صيغة أخرى لمبادرة جديدة أو صيغة أخرى للتشبث بمبادرة قديمة، وهل ستتابع طريق التسليم سلاما موهوما، وطريق "التطبيع" رغم إرادة الشعوب الرافضة، وعلى حساب كل علاقة "طبيعية" مع الشعوب.. وطريق المشاركة في حصار أهل فلسطين تشاغلا بخطر إيراني حقيقي أو موهوم أو شغلا للشعوب به عن القضية المحورية المصيرية المشتركة؟..

ليس "اغتيال البحبوح" اغتيالا لقائد سابق من قيادات حماس.. بل هو اغتيال إنسان فلسطيني عربي مسلم على أرض دولة عربية إسلامية.

وليس "اغتيال البحبوح" مرتبطا بظرف من الظروف الآنية أو واقع منهار فلسطينيا وعربيا لا بصيص فيه لغير ضوء المقاومة، بل هو حلقة أخرى في خضم "النكبة السياسية الكبرى" الحالية في الأرض العربية، على درب ممارسات الاغتيال "المتأصلة إسرائيليا" -فمن المستحيل غيابها- منذ اغتيال "برنادوت" أثناء النكبة العسكرية الأولى!..

ولا يطرح "اغتيال البحبوح" السؤال عن أوضاع حماس وسياساتها وممارساتها ومواقفها، وما يمكن أن تجيب أو لا تستطيع أن تجيب به على جبهة المقاومة ضد الاغتصاب والاحتلال والتوسع الصهيوني، بل يطرح السؤال عن أوضاع الدول العربية، وسياساتها الرسمية، ونهجها أو الدروب التي تسلكها دون نهج سياسي، ولا رؤية شاملة، ولا محاولة حقيقية للخروج مما وصلت إليه حتى الآن..

المطلوب أن تشعر الحكومات العربية ببعض "الحرج" تجاه الشعوب، كذاك الذي تشعر به الحكومات الأوروبية تجاه شعوبها والناشطين في منظماتها المدنية.

المطلوب أن تتحول المبادرات العقيمة إلى مبادرات للخروج من المنحدر الطويل الذي سلكته السياسات الرسمية في قضية فلسطين وسواها، بمصالحة الحكومات القائمة مع نفسها أولا، ومع شعوبها ثانيا، وبين بعضها ثالثا، ومع القضايا المصيرية من قبل ومن بعد.

ماذا.. إن لم تفعل؟..

سترحل آجلا أو عاجلا، وستبقى القضية وتبقى الشعوب، وسيأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه، أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين.. وهؤلاء هم الذين يتحركون على دروب التحرير، تحرير الإرادة السياسية وتحرير الأرض، لا يخافون في الله لومة لائم، ولا يرهبهم اغتيال آثم، ولا يقعد بهم على درب المقاومة والنهوض استخذاء قاتل.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ