-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 23/02/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


معركتنا معركة حضارية شاملة

ا.د. محمد اسحق الريفي

يتحدث "ألوف بن"، أحد كبار المعلقين في صحيفة "هآرتس"، في سياق حديثه عن جريمة اغتيال الشهيد محمود المبحوح، عن حرب باردة تدور رحاها بين الكيان الصهيوني وإيران، على القوة والنفوذ في الشرق الأوسط، متجاهلاً حقيقة الصراع العربي–الصهيوني، في إطار المعركة الحضارية الشاملة بين أمتنا وبين أعدائها الغربيين والصهاينة.

 

ولا أريد هنا التعليق على ما جاء في مقال الكاتب الصهيوني "ألوف بن"، الذي دأب على تشويه حقيقة الصراع العربي–الصهيوني، وتضليل القارئ، عبر الإيحاء بأن الكيان الصهيوني هو دولة مشروعة، تتصرف في منطقتنا وفي العالم بشكل طبيعي كغيرها من الدول، فتتنافس مع دول منطقتنا على القوة والنفوذ والمصالح، وتسعى إلى المحافظة على تفردها (المزعوم) بنظامها الديمقراطي (الزائف)، الذي هو في الحقيقة نظام إمبريالي اغتصابي عنصري، يهدف إلى إنهاء وجود الشعب الفلسطيني، وتمزيق أمتنا العربية، ونهب خيراتها، واستغلال أبنائها.  وهو كيان سرطاني دموي، يستخدم العنف والإرهاب والتخريب والقتل، لتحقيق غاياته الشريرة، وغاية من زرعه في قلب أمتنا العربية.

 

إن معركتنا مع هذا الكيان الدموي معركة حضارية شاملة، تأتي في إطار الصدام الحضاري بين الحضارة العربية الإسلامية وبين الحضارة الغربية، الذي ينظِّر له تيار شيطاني متطرف يقوده الصهاينة واليمين المسيحي المتصهين، في الولايات المتحدة الأمريكية ودول غرب أوروبا، ويخلق المبررات والذرائع لهذا التصادم، ويروجه، ويؤجج الصراعات ويشعل الحروب، التي تستهدف أمتنا العربية والإسلامية.

 

إنها معركة طويلة تقتضي من العرب والمسلمين كافة النهوض الحضاري الشامل، وتوحيد الصفوف، وحماية الأجيال الناشئة، والتصدي للمخطط الصهيوأمريكي الخاص بمنطقتنا العربية والإسلامية، الذي يستهدف أمتنا في ثقافتها ووجودها.  ولذلك فإن معركتنا معركة شاملة، لأنها تشمل الجوانب الثقافية، والفكرية، والوجدانية، ولأنها تشمل كل فئات أبناء أمتنا.  وهي معركة لا شك قاسية، لأنها تشمل صراع الإرادات والعزائم، وتلحق بأبناء أمتنا وخصوصاً الشعب الفلسطيني معاناة مؤلمة قاسية، إذ تمكن أعداء أمتنا، الغربيون والصهاينة، من نقل أتون هذه المعركة الشاملة إلى عقر دارنا، فزهقت الأرواح، وسالت الدماء، وعم الخراب والفساد، مجنبين بلادهم ويلات الحروب ومفاعيلها وتبعاتها.

 

وهي معركة حضارية، لأنها تستخدم أدوات حضارية في صراع حضاري عنيد، كوسائل الإعلام، والسياسة، والدبلوماسية، والقانون الدولي، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتكنولوجيا العسكرية، والحروب البيئية والفيروسية.  ولأن أعداء أمتنا يوظفون العلم والتكنولوجيا والاقتصاد والسياسة والفن والعولمة في السيطرة على ألبابنا وأفئدتنا، ولكنهم بفضل الله عز وجل فشلوا، ويدل استمرار الصراع بين أمتنا وبين أعدائها الغربيين والصهاينة على أن أمتنا لا تزال حية، وأنها لم تسقط كما سقطت أمم أخرى، خاصة أن أمتنا تحمل رسالة حضارية شاملة غلابة، لا يمكن أن تفلح الحضارة الغربية في إقصائها أو دحرها.

 

ومعركتنا متعددة الجبهات، لأنها تشمل مواجهة الكسالى، والقاعدين، والمتقاعسين، والمتخاذلين، والمتواطئين، والمرجفين، والمثبطين، والجهلة، والمناوئين، والمعتدين، والطابور الخامس، من أبناء أمتنا، ومن أبناء الأمم الأخرى، على حد سواء.  وهي معركة متصاعدة، لأن ميادينها ومجالاتها تزداد وتتسع، وفق المعطيات والمستجدات الإقليمية والعالمية، ووفق ما يتم إنجازه من أهداف ميدانياً.  إنها معركة عميقة، لأن أمتنا تتعاطى خلالها مع تراكمات ثقافية أصابت الشعوب العربية والإسلامية بشلل سياسي، وبسلبية قاتلة، وقابلية للحصار والاستعمار.

 

وهي معركة حاسمة، لأن الانتصار فيها يؤدي إلى حماية وجود أمتنا من الاندثار، ويضمن تحقيق نهضتها وعزتها وكرامتها، ويضعها في المكانة التي تليق بها بين الأمم والحضارات.  ولأن هزيمتها، لا سمح الله، تعني هزيمة الإنسان في كل مكان، واستعباد الشعوب، وانحطاط الحضارات، واندثار القيمة الإنسانية التي تميز الإنسان عن الحيوان.

 

ومعركتنا إستراتيجية، لأننا نتصدى فيها لمخططات إستراتيجية، لعدو استراتيجي، متسلح بسلاح استراتيجي، ويسعى لتحقيق مصالحه الإستراتيجية، على حساب مصالح أمتنا ووجودها.  ولأن معركتنا تهدف إلى إنقاذ الأجيال القادمة من أبناء أمتنا، وتعزز لديهم روح المبادرة، والإيجابية، وتحمل المسؤولية الحضارية، والفاعلية، والمواطنة الصالحة، والانتماء الأصيل والصادق لأمتنا، والثقة بالنفس والعزة والكرامة، وروح التحدي والمواجهة، والصبر واحتساب التضحيات والمعاناة عند الله عز وجل، والتوكل عليه.

 

ولذلك لا بد من الاهتمام بالوعي الديني والسياسي لدى أبناء أمتنا، وتوظيف الأحداث والوقائع والتحولات الإقليمية والعالمية، لإعادة تشكيل عقول أبناء أمتنا، ليساهموا بفاعلية في هذه المعركة الحضارية الشاملة.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ