-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 23/02/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الولايات المتحدة ولغز علاقتها مع الصين وروسيا

أ. محمد بن سعيد الفطيسي

azzammohd@hotmail.com

          في الآونة الأخيرة اتخذت الولايات المتحدة الاميريكية بعض القرارات الاستثنائية التي يمكن لنا أن نضعها في خانة القرارات السياسية " المستغربة " , ويكمن ذلك الاستغراب في كون تلك القرارات لا تنصب " ظاهريا " في خانة المصالح السياسية الإستراتيجية الأميركية – من وجهة نظرنا الشخصية بالطبع – حيث أنها تسببت لها بالكثير من التوتر في علاقاتها الخارجية مع حلفائها وأصدقائها , ومن بين تلك القرارات :

       ( 1 ) إعادة السعي لنصب الدرع الصاروخي الاميريكي في شرق أوربا0

       ( 2 ) زيارة الدلاي لاما للولايات المتحدة الأميركية 0

       ( 3 ) قيام الولايات المتحدة الأميركية بتسليح تايوان 0 

          وبالطبع فان الملفات سالفة الذكر كان لها من التبعات والانعكاسات السلبية ما جعل من الدول التي تعنيها تلك القرارات بشكل مباشر كروسيا والصين تتشدد في تعاملاتها السياسية مع الولايات المتحدة الأميركية , و- بمعنى آخر – أضرت تلك القرارات بعلاقة الولايات المتحدة الأميركية بقوتين يحسب لهما ألف حساب على صعيد السياسة الدولية , بل أن الولايات المتحدة الأميركية نفسها في أمس الحاجة إليهما لإدارة العديد من الملفات الدولية الساخنة كالملف الكوري الشمالي والملف النووي الإيراني والملف الأفغاني على سبيل المثال لا الحصر 0

         فما هي الأسباب والدوافع التي فرضت على الولايات المتحدة الاميريكية حتمية التعامل مع روسيا والصين بتلك الطريقة الاستفزازية ؟ في وقت تدرك فيه الولايات المتحدة حاجتها لتلك القوتين للوقوف معها في وجه " متنمرين " , تطلق عليهما صفة الإرهاب والسعي لامتلاك أسلحة نووية , أم أن هناك وجهة نظر اميريكة جديدة تحاول القوة العظمى توضيحها في ذلك السلوك الجديد ؟ وتحديدا في كون الصف الذي تقف بجانبه هو الصف الأضعف في المعادلة الدولية القادمة !!؟ 0

           أم أن للولايات المتحدة الأميركية القدرة على خلق توازن استراتيجي ما بين سلوكها السابق وغضب حلفائها الكبار , وهو ما يجعلها واثقة كل الثقة من أوراقها الرابحة التي تلعب بها , وهنا نطرح السؤال التالي : ما هي حقيقة الخلطة السرية التي ستتعامل بها إدارة الرئيس أوباما مع الصينيين والروس في الفترة القادمة ؟

         والأسئلة السابقة تدفعنا تدريجيا لطرح المزيد من الأسئلة المعاكسة , والتي من خلالها نحاول تقريب الصورة المبهمة لحقيقة السياسة الخارجية الأميركية الجديدة تجاه بعض القضايا والملفات الخارجية الأميركية , فهل وقوف الولايات المتحدة الأميركية مع استقلال تايوان له ما يبرره سلوكيا من الناحية السياسية ؟ مع انه لن يتحقق سوى بحرب عالمية مع الصين ؟

         ولماذا تذبذبت السياسة الخارجية الأميركية في عهد أوباما تجاه مسالة الدرع الصاروخي الاميريكي في شرق أوربا ؟ فمن الرفض لنشره بالطريقة البرية القديمة في بداية الأمر , والتحول إلى آخر بحري إرضاء للطرف الروسي , إلى العودة من جديد إلى نشره بريا , أم أن هناك ما استجد ودفع بالأميركيين للتراجع عن قراراهم السابق ؟ وكيف سيتم ذلك في وقت تقف روسيا فيه حائلا دون تحقيق ذلك الهدف ؟ ولو اضطرها الأمر لاستخدام القوة , كما قالت !! وهل المصالح الإستراتيجية التي ستكسبها الولايات المتحدة الأميركية من استقبال البيت الأبيض للزعيم السياسي والروحي للتبت , هي أكثر بكثير مما ستخسره من توتر علاقتها بالصين ؟ كما حدث ذلك سابقا بوقوف الولايات المتحدة الأميركية مع جورجيا أثناء الحرب الروسية – الجورجية مع نهاية العام 2008م 0

         وبالتالي فان الإجابة على لغز الإصرار الأميركي الذي دفعها للوقوف مع الجانب الخطأ من المعادلة الدولية في تلك القضايا , وتبنيها لسياسة المغامرة بالأوراق الخاسرة بحاجة إلى مزيد من الدراسة والتمحيص , فذلك سيوضح لنا حقيقة ما تخفيه السياسة الخارجية للقوة العظمى الأميركية خلال المرحلة القادمة , وتحديدا تجاه حلفائها الكبار الروس والصينيين 0

         

 

 

          و- من وجهة نظرنا الشخصية – فان الاحتمالات الممكنة حتى إشعار آخر لتلك التصرفات السياسية التي انتهجتها الولايات المتحدة الأميركية تجاه الملفات الثلاثة سابقة الذكر هي :

         * الرؤية الأولى : تبني الرئيس الأميركي باراك أوباما لسياسة خارجية جديدة " هجينة " , هي مزيج من العالمية الليبرالية – مبدأ ويلسون – ( الرئيس الديمقراطي وودرو ويلسون , وهو الرئيس الثامن والعشرين للولايات المتحدة الأميركية في الفترة من 1913 – 1921 ) , وسياسة الاحتواء والردع , والتي تبنتها الولايات المتحدة الأميركية كإستراتيجية لمواجهة المد الشيوعي دون اندلاع حرب عالمية في فترة الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين 0

          فهي من جهة – أي الولايات المتحدة الأميركية مؤمنة إيمان كلي بضرورة مشاركة العالم أحلامه وآماله , ونشر العدالة والمساواة والديمقراطية بين شعوب العالم ومضطهديه , والسعي بكل قوة وحزم لمساعدة الدول المحتلة والضعيفة على الاستقلال , ومن جهة أخرى فإنها تتعامل بحذر شديد مع بعض القوى الشيوعية التي ترى فيها صورة العدو الامبريالي الديكتاتوري القديم , وخصوصا إذا ما كانت تلك الدول تسير في النهج نفسه , من خلال رفض الصين لاستقلال تايوان , وروسيا لاستقلال دول الاتحاد السوفيتي السابق , وهو ما يستدعي توازنا حذرا في التعامل والتخطيط واتخاذ القرارات على ذلك الصعيد 0

         * الرؤية الثانية : أن الولايات المتحدة الأميركية تتجه بطريقة أو بأخرى إلى نفق لا نهاية له من التخبط والعشوائية والتسرع في اتخاذ القرارات السياسية الخارجية المصيرية , وخصوصا في ظل عصر مضطرب من التغيرات العالمية المتسارعة , - وبمعنى آخر – أن الولايات المتحدة الأميركية باتت تفتقر إلى القدرة على الموازنة ما بين متطلبات السياسة الخارجية اللينة وتلك التي تستدعي الحزم والصرامة واستخدام القوة , وذلك نتيجة للعديد من الأسباب السياسية والاقتصادية التي تمر بها , وتدفعها نحو الاتجاه الخاطئ في السياسة الخارجية 0

          فبينما يفترض بها أن تسعى إلى جذب حلفائها والتقارب معهم بهدف تمهيد العالم لسياسة نزع الأسلحة النووية ومكافحة الإرهاب على سبيل المثال لا الحصر , وهو ما يستدعي منها التنازل في جوانب ومصالح معينة لهم , تقوم بابتزازهم واستفزازهم ومحاولة الوقوف في وجه مصالحهم الإستراتيجية , وهو ما يدفع بأولئك الحلفاء إلى الوقوف في وجه مساعيها تلك , بل والسعي لتقويضها واحتواءها , وربما في بعض الأوقات الوقوف في وجه الصواب , وذلك من باب التعنت ومخالفة الولايات المتحدة الأميركية لا أكثر , وهو ما سيؤدي بدوره إلى مشاكل عالمية لا حصر لها 0

         وكلتا الرؤيتين السابقتين إذا لم تحظيا بالتوازن والحكمة في التعامل والتصرف فأنهما ستؤديان بالولايات المتحدة الأميركية وسياساتها إلى الفشل والانهيار سريعا , وربما سيترتب على ذلك الفشل الدخول إلى فوضى عالمية وعشوائية دولية في التعامل مع القضايا المطروحة , وليس من المستبعد أن ينقسم العالم وتحديدا الدول الكبرى على نفسها , وبالتالي الاتجاه إلى عالم من التحالفات الفضفاضة 0

ـــــــ

- باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية – رئيس تحرير صحيفة السياسي التابعة للمعهد العربي للبحوث والدراسات الإستراتيجية

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ