-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 22/02/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


قراءة جديدة في أزمة قديمة:

هل دنيانا هذه مريضة..؟!

المنشاوي الورداني*

هل دنيانا هذه مريضة . . ؟ تزداد مرضاً عاماً .. بعد عام ؟

الأزمة المالية العالمية ... أو أزمة الوقود والغذاء .. هى ..

هى .. منذ مايزيد عن ثمانين عاماً وحتى اليوم .

فى جوع دائم ..

   فى نشرة قديمة فى السبعينات .. ذكرت أنه يوجد بالدنيا نحو نصف بليون نسمة من البشر لا يأكلون مافيه الكفاية .. فهم دائماً فى جوع دائم من عام لعام . وحسبوا مايستهلك الفرد الأمريكى فى الولايات المتحدة من اللحم الأحمر , ومن الدجاج والبيض ,ومن اللبن ومشتقاته , وخرجوا بأنه مقدار أعلى من أى مقدار يستهلكه انسان على سطح الأرض . وأن ما تستهلكه الولايات المتحدة من الطعام يكفى لإطعام بليون ونصف بليون من البشر فى البلاد التى يسودها الجوع . وخرجوا من حسبتهم بأنه لو اقتصد الأمريكى الفرد من طعامه , فى الأسبوع الواحد, "سجقة " واحدة , لاقتصدت الولايات من ذلك ( 10 ) مليون طن من الحب تكفى لإطعام ( 25 ) مليوناً من الناس فى الأمم الفقيرة .

لابد من تغيير العادات الغذائية

   فى سنة 1975 كتب كاتب عربى مرموق وهو الدكتور / أحمد زكى وأكد فى مقال له بمجلة العربى أن الدنيا كلها سوف يجيئها يوم تغير فيه من عادات طعامها , طوعاً أو كرهاً . فالدنيا القديمة , دنيا المستعمرين , قد استيقظ إلى جانبها اليوم مئات الملايين ممن كانوا مستعمرين وهم يطلبون الحياة , ويطلبونها سخية كما يطلبها الآخرون , وهم سوف يشاركونهم خيرات الأرض طائعين أو كارهين .

بعد الحرب العاملية الأولى

" العودة إلى الحياة الطبيعية " فى الغذاء .. كان تعبيراً قديماً للرئيس الأمريكى " وارن هاردنج " فى السنوات التى أعقبت الحرب العظمى .. أو كما نسميها الحرب العالمية الأولى . وقد تعرضت أوروبا فى تلك الفترة ما بين 1922 و 1938 لأزمة اقتصادية أحدثت بها موجات من الاضطرابات والقلق , وبدت آثارها الحادة على بقية العالم فى سنوات الثلاثينات .

أمريكا

   الولايات المتحدة التى خرجت من الحرب وهى الدائن الأكبر ودعت إلى نوع من التقشف .. تراكمت فيها نسبة كبيرة من احتياطى الذهب العالمى من خزائن قلعة " كنوكس " الأمريكية .

بريطانيا

   وفى بريطانيا التى شهدت ارتفاعاً كبيراً فى مستوى المعيشة حدث الانهيار الكبير بعد عام 1922 حيث انهارت أسواق التجارة ومعها الأنشطة الصناعية وخلفت نسبة ضخمة من البطالة , خاصة فى مجال الصناعات الثقيلة .

ألمانيا

   ألمانيا – ثانى قوة صناعية كبرى فى أوروبا – لم تستطيع أن تنهض من كبوتها الناجمة عن الحرب وعن الشروط المجحفة التى فرضتها عليها اتفاقية السلام . فكانت النتيجة دمار الإقتصاد الأوروبى الذى يحتاج ويعتمد على الصناعة الألمانية .

الآثار الإجتماعية للأزمة 

   من الناحية الإجتماعية , تضاربت فى سنوات العشرينات مجموعة من المتناقضات فقد أسفرت نهاية الحرب عن المطالبة بأنواع من الحريات , خاصة بالنسبة للمرأة فى الغرب . لقد شاركت النساء فى كثير من الصناعات ومراكز الإنتاج أثناء الحرب , وأخذن أحياناً مكان الرجال , وأدين بالفعل أعمالاً شاقة متواصلة , ثم حان الوقت للحصول على نصيب من مكاسب الرجال مادياً وإجتماعياً وسياسياً . وتغيرت الأزياء , فصارت أكثر بساطة وملاءمة عملية للواقع . وشهدت العشرينيات أيضاً فى الولايات المتحدة صرامة فى منع الخمور . وفى المقابل كانت الزيادة متعاظمة فى توزيع الكحوليات المهربة وغير القانونية وارتفعت بالتالى نسبة الجرائم .

أزمة وإفلاس ..

   بلغ التفاؤل الإقتصادى ذروته , ثم حدث الإنهيار فى أكتوبر 1929 بسوق المال الأمريكية wall street . أصيب الناس بالذعر مع إنخفاض كبير متلاحق فى أسعار الأسهم بالبورصة .

   قفزت عالمياً نسبة البطالة , وإنخفض إلى الحضيض نسبة الإستهلاك , وأفلس عديد من المصانع , والشركات , والمتاجر , والمصارف , وتضاعفت حالات التشرد والإنتحار . وتأثرت بالضرورة أسعار المنتجات الزراعية , فإنخفضت إلى مستويات غير مسبوقة , ولم تجد من يشتريها . وسرت أصداء تلك الكارثة الإقتصادية تهز أسواق العالم وتزعزع إقتصاديات دول صناعية وزراعية , وترفع نسبة البطالة , وقد بلغت فى الولايات المتحدة وحدها فى أواخر سنة 1930 أكثر من ستة ملايين , وبعد ذلك بعامين تجاوز عدد العاطلين إثنى عشر مليوناً . وانهارت بالتالى إقتصاديات الدول الأوروبية التى كانت ترتبط بالتعاملات مع أمريكا .

الحل فى الإنكماش !

   كان التفكير السائد حين ذاك أن أزمة حادة بهذا القدر لاينفع معها إلا قدر مناسب من الإنكماش لإحداث نوع من التوازن فى الميزانيات . فبتقليل قوة الفائض يمكن طرد الموجة .. هكذا فعلت ألمانيا , وعلى نهجها سارت بريطانيا .. واقتضت أثرهما فى خطة الإنكماش الشديد حكومة الرئيس الأمريكى " هربرت هوفر " .

على من يقع اللوم  ؟ !

   إنه ملف خاص بالجوع والأزمات العالمية نشرته مجلة South فى عدد مارس 1984 تحت عنوان : Hunger: Who `s to blame أو على من يقع اللوم .. وعرض الملف تقارير لإرتباط الجوع أو الفقر بالسياسة .. وقد استشهد ( د . تمريل بيريس ) أحد معدى الملف بما كتبه جواهر لال نهرو عام 1933 تحت عنون " الهند .. إلى أين ؟ " قائلاً : جواهر لال نهرو على حسب المؤتمر الهندى الوطنى فى البلاد أن يجيب عاجلاً أو آجلاً عن السؤال التالى : من أجل حرية أية طبقة أو طبقات إجتماعية نحن نكافح بصورة خاصة ؟ وهل نضع على رأس قائمتنا مصلحة الجماهير والعمال والفلاحين أم نضع مصالح طبقة صغيرة ما , وأضاف قائلا : يبدو واضحاً فى ذهنى أن أى حكومة وطنية إذا ما حلت محل أى حكومة أجنبية وتركت أصحاب النفوذ والإقطاعيين على ماهم فإن هذا لن يكون حرية . بل إنه لن يكون مجرد ظل لها ..

   وينسحب سؤال نهرو " لمصلحة من تحكم الهند ..؟ " على معظم دول العالم الثالث , والجواب , ومفتاح الحل للسؤال " لماذا تدوم سياسة التجويع 20 أو 30 سنة بعد الحصول على الإستقلال " , يكمن فى من هو الذى سيطر على الدولة بعد الإستقلال .

القارة الإفريقية فى خطر :

   هكذا عنون ( جيمس كانو ) فى ملف الجوع عندما دعت منظمة الأغذية والزراعة العالمية " الفاو " إلى عقد مؤتمر طارئ فى روما فى منتصف أكتوبر / تشرين أول 1983 لوضع برنامج سريع لإغاثة المنكوبين فى إفريقيا بعد أن إرتفع عدد الدول الإفريقية التى توجه خطر المجاعة الحقيقى إلى 26 دولة أى أكثر من نصف دول القارة .

   وشخص الملف سبب المرض إلى أسباب سياسية جعلت رجال السلطة ممن لا يحظون بالتأييد الشعبى ينشغلون أكثر بتأمين سلامتهم الخاصة وشراء مجموعات ذات أغراض خاصة فى الثكنات والقطاع التجارى والصناعى وبالتالى إهمال السياسة الزراعية وضياع المحاصيل وإنتشار الفقر مع إنتشار التصحر والعوامل المناخية القاسية .

على الصعيد العالمى ..

   وفى السبعينات نشر تقرير علمى حول الأزمة العاملية فى الغذاء مابين عامى 1972 , 1973 من Us council وأوضح أن تلك الأزمة التى تستمر عبر السنين قد خلفتها عوامل تبدو غير قابلة للتحكم فيها مثل قانون الندرة , وقانون تناقص الغلة , والتضخم والركود , والقيود التى تفرضها الطاقة بالإضافة إلى عوامل أخرى أقل إقناعا من سابقتها مثل النمو السكانى وتقلبات الطقس إلا أن هناك عوامل أخرى قد تحد من هذه الأزمة وتتصف بأنها على نفس الدرجة من الخطورة إلا أنها قابلة للتحكم بها , ويمكن لها أن تحسن وضع موارد الغذاء بشكل ملحوظ إذا ما إتخذت بشأنها الإجراءات المنظمة .

   الغريب أن الذين يشخصون الأزمة هم الذين يصرحون بأن : " العالم يتمتع بالقدرات الإقتصادية والطبيعية الكافية التى تؤهله لإنتاج كميات كافية من الغذاء تكفى الطلب المتزايد عليها حتى عام 2000 "

هل هى ازمة " الترفيه " العالمية ؟ !

  وإذا كان هناك جوعى حتى اليوم لايجدون قوت يومهم فهناك الكثيرون يرفلون فى النعمة .. هذه المتعة تسمى حالياً " الإستهلاك " ولأول مرة يؤرخ أحد المؤرخين فى العصر الحديث لظاهرة النزعة الإستهلاكية وهو ( بيتر ن . ستيرنز ) ( Peter N Stearns ) أستاذ التاريخ بجامعة جورج ميسون . والكتاب هو Consumerism in World History وأصدرته حديثاً مطبوعات وزارة الثقافة السورية تحت عنوان ( تأريخ النزعة الإستهلاكية فى العالم ) بترجمة جيدة للأستاذ عادل العامل .. وقد عرج الكتاب على مراحل تلك النزعة فى مصر الفرعونية وبلاد اليونان وحضارة الرومان والعرب .. حتى أكد أن أول ظهور قوى لراية نزعة الإستهلاك كانت فى نهاية القرن السابع عشر .. وهى أبعد جذوراً من عصر الثورة الصناعية فى الغرب .

 

 

بين الأمس واليوم 

   لقد كتب المؤرج الألمانى " جون هوزينجا " عن أمريكا : " إن أدوات حضارتك وتقدمك تجعلنا مصنفين فقط بين القديم والطريف , بينما حياتك لاتبدو جديرة بأن تعاش " . وقال أوزوالد شبنجلر : " إن الحياة فى أمريكا على وجه الحصر إقتصادية فى تركيبها وتفتقر إلى العمق " . واعتبر الكاتب الفرنسى جورج دوهامل أن " المادية الأمريكية منارة الكفاف التى تهدد الحضارة الفرنسية بالكسوف فارضة حاجات وميولاً بلا قيمة للبشرية " وقد حظر البرلمان الفرنسى عام 1936 " الأسواق ذات الطابع الأمريكى " لمدة سنة , على إعتبار أنها " تستغفل " زبائنها وتشكل إقتحاماً أجنبياً لفضائل الأسلوب الفرنسى .

   لقد كانت هذه الصيحات , التى إنطلقت منذ قرابة نصف قرن , تعبيراً عن فزع أوروبى ونفور من النزعة الإستهلاكية ذات الصبغة الأمريكية , وهى صيحات يتردد مثلها الآن على إتساع مساحة الكرة الأرضية , وضمنها عالمنا العربى , وعلى الرغم من ذلك فإن الأسلوب الأمريكى فى الإستهلاك ينتشر إنتشار النار فى الهشيم , وكأن هذه المعارضات تزكية تطفئه . فمطاعم الوجبات السريعة تجتاح عالمنا ومدننا العربية , والأفلام الأمريكية تعزو شاشتنا وبيوتنا .

لابد من موقف موضوعى .

   يؤكد الكثيرون من مفكرينا أن الإدانة المطلقة للإستهلاك على الطريقة الأمريكية ليست هى الحل .. بل الموقف الموضوعى والإيجابى هو الأوجب . بإختصار .. إن شطط العرب فى الإستهلاك والترفية فى الإستهلاك يشير إلى تقاعس كبير فى الإنتاج .. فهل نكف عن التقاعس والشطط ؟

ــــــــــ

*مترجم بالتليفزيون المصري

Menshooo2005@yahoo.com

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ