-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 18/02/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


إسرائيل ومحاولة تغيير قواعد الصراع

د. مصطفى يوسف اللداوي*

يبدو أن إسرائيل بعد جريمة اغتيال الشهيد محمود المبحوح، ومن قبل القائد العسكري في حزب الله الشهيد عماد مغنية، قد عادت إلى سياسة السبعينيات من القرن العشرين، ولجأت إلى سياسة التصفيات الجسدية والاغتيالات الشخصية في الخارج، حيث قتلت في العقود الأربعة الأخيرة من القرن الماضي عشرات الشخصيات العربية والفلسطينية، ولم تقتصر في عملياتها على النشطاء الفلسطينيين أو اللبنانيين، السياسيين أو العسكريين، ولكنها قتلت شخصيات عربية أخرى، في عواصم عربية ودولية مختلفة، ولاحقت آخرين وإن لم تتمكن منهم، ولم ينجُ من سيف إرهابها علماء ومفكرين وخبراء ونشطاء من مختلف الجنسيات العربية، وأخيراً طال إرهابها شخصياتٍ وعلماء مسلمين، فقتلت إيرانيين في طهران ولبنان، وخطفت آخرين في تركيا، ومازالت قائمة المطلوبين الإسرائيليين في ازدياد، حيث تعلن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بين الحين والآخر عن قوائم المطلوبين لديها للاغتيال والتصفية، وتؤكد بأن ذراعها الأمنية "الموساد" قادرة على الوصول إلى كل الشخصيات المطلوبة وتصفيتها، وباتت إسرائيل تستخدم في عملياتها ضد المقاومين وسائل علمية حديثة، فدست السم للمقاومين في الطعام والشراب، بما يحقق القتل بعد حين، وبما لا يترك أثراً ودليلاً في الجسد على جريمتهم، وحقنت الأجساد بالمواد المشعة والغريبة، وزرعت أجهزة تنصت ومراقبة في كل مكان، واستخدمت التقنية الحديثة في ملاحقة أهدافها والنيل منهم.

 وليس لدى جهاز الموساد الإسرائيلي أمام تحقيق أهدافه أرضٌ محرمة، أو دول محصنة، أو مناطق آمنة لا تنشط فيها، ولا تمارس فيها هواية القتل والغدر، فهي تستبيح حرمات كل الدول، وتنتهك سيادتها، وترتكب فوق أرضها مختلف الجرائم، ولا تبالي بالقانون الدولي، ولا تلتفت إلى الملاحقات الدولية، وتستخدم قدرات مختلف الدول لملاحقة الأشخاص المطلوبين لديها ومراقبتهم، ولا تحترم إسرائيل أي اتفاقياتٍ دولية، ولا تراعي الأعراف والعهود والنظم، والغاية لديها تبرر الوسيلة، فتستخدم من أجل الوصول إلى أهدافها أقذر الوسائل وأكثرها خسة، ولم تتمكن الاتفاقيات التي وقعتها إسرائيل مع بعض الدول العربية من وقف أنشطتها الأمنية، فارتكبت جرائم عديدة في الأردن، وحاولت قتل مطلوبين فيها، وفي الوقت نفسه تستخدم الأراضي الأردنية للقيام بأنشطةٍ معادية، ضد مواطنين فلسطينيين وأردنيين، ومنها تجنيد عملاء، وجمع معلومات، ورصد أشخاص، ومحاولات تزوير التاريخ، والعبث بالآثار، كما لم تتمكن اتفاقية كامب ديفيد التي وقعتها إسرائيل مع مصر من حماية الأخيرة من محاولات الاختراق الصهيونية، ولم تضع حداً لمساعيهم في التخريب، فقد غزت إسرائيل مصر بفسادها وعملاءها وعهرها، واخترقت السيادة المصرية أمنياً وأخلاقياً واقتصادياً، فيما يعتبر خرقاً لكل الاتفاقيات الموقعة بينها وبين مصر.

ويبدو أن السياسة الأمنية الإسرائيلية لا تلاحق كل المقاومين العرب والمسلمين الذين يعملون في المجالات الأمنية والعسكرية والعلمية وحسب، فهي تجمع عنهم كل المعلومات، وتتعاون مع آخرين في رصد حركاتهم في بلادهم الأصلية، أو حيث يقيمون، وتتابعهم في سفرهم وترحلاهم، وتبحث عن أفضل السبل وأضمنها للنيل منهم، ولكنها تلجأ أحياناً للتعمية وعدم الاعتراف بجريمتها، مغبة الوقوع في أزماتٍ دبلوماسية مع حكومات بعض الدول التي ترتكب جرائمها فوق أراضيها، فتلجأ إلى عدم الإعلان عن مسؤوليتها عن بعض جرائمها، وتخال أن حيلها تطلى علينا، وأننا لا ندرك مكرها وخبثها، ولكن هدف إسرائيل أصبح كل عقلٍ عربي وإسلاميٍ متميز، فهي باتت تخاف على نفسها من أي قدراتٍ عربية، ومن أي تطلعاتٍ عربية أو إسلامية نحو امتلاك أسباب القوة والتميز، وعوامل الثبات والصمود، فأصبحت عملياتها تطال العقول العربية والإسلامية المبدعة، في محاولةٍ منها لوأد أي محاولةٍ عربية للانعتاق والتحرر من ربقة التبعية للغرب والولايات المتحدة الأمريكية، فيما يتعلق بامتلاك وسائل الحماية والدفاع والهجوم.

وفي الوقت الذي تمارس فيه إسرائيل جرائمها ضد المقاومين العرب في كل مكان، فتقتل وتغتال وتدمر وتخرب، تجأر بعالي صوتها مستغيثة، وتستصرخ المجتمع الدولي ليدافع عنها، ويحمي مصالحها في الداخل والخارج من هجمات المقاومة، وتدعي بأن حياة مواطنيها في خطر، وأن رعاياها في كل مكانٍ لا يأمنون على أنفسهم من القتل أو الاختطاف، فتلجأ بين الحين والآخر لإعطاء رعاياها المسافرين تعليماتٍ مشددة، وتوجيهاتٍ صارمة، لمواجهة احتمالات القتل أو الاختطاف، كما تقوم سفاراتها وملحقاتها الدبلوماسية العاملة في كل مكان بتأمين الحماية الكاملة لمواطنيها خلال سفرهم، وتلجأ أحياناً إلى تكليف فرقٍ أمنية إسرائيلية وأجنبية لحماية رعاياها، وتأمينهم خلال فترة وجودهم في الخارج، وتجعل من المجموعات السياحية الإسرائيلية مجموعاتٍ أمنية محصنة، أليست إسرائيل بجرائمها هي التي تدفع المقاومة في الخارج للرد عليهم، واستهداف مصالحهم، والنيل من أمنهم وحياتهم، أليست هي التي تجر المقاومة عموماً نحو الرد والأخذ بالثأر والانتقام من جرائمها، فهل تعتقد إسرائيل أن المقاومة العربية والإسلامية عاجزة عن تجنيد عشرات آلاف المقاومين خارج دائرة الصراع، ليكونوا جميعاً جنوداً للمقاومة، وعلى أهبة الاستعداد لتنفيذ تعليماتها، ومهاجمة الأهداف الإسرائيلية المرصودة، هل تغفل إسرائيل عن حقيقة عالمية المعركة معها، وشمولية الحرب ضدها، إذا قررت المقاومة إطلاق العنان للطامحين لقتالها ومهاجمة أهدافها ومصالحها في الخارج.

ولا توهم إسرائيل نفسها بأنها قادرة على حماية مصالحها في الخارج، وتأمين حياة وأمن مواطنيها خلال سفرهم، فهي مكشوفة في كل مكان تذهب إليه، ومهما بلغت لديها درجة الحيطة والحذر فهي لن تكون كحيطتها وحذرها في الداخل في ظل إجراءاتها الأمنية الصارمة، كما أن آلاف المقاومين العرب والمسلمين يتمنون اللحظة التي تطلق فيها يدهم للانتقام، ويسمح لهم فيها بمهاجمة الإسرائيليين ومصالحهم، فهل لحظة المنى عند غالبيتهم، وهم يتطلعون إلى يومٍ يساهمون فيه بالجهاد والمقاومة ضد إسرائيل ومصالحها، وهم لولا الحدود الفاصلة، والسياسات الضابطة التي تفرضها الدول والحكومات، لما تأخروا عن اللحاق بصفوف المقاومة، وتلقين العدو دروساً جديدة في وحدة المقاومة، وشمولية المعركة، وعالمية مواجهة ظلمها وتعديها وجرائمها.

ولا تظن إسرائيل أنها بجرائمها إنما تواجه الفلسطينيين أو اللبنانيين فقط، إنها تخطئ عندما تعتقد أن جنود فلسطين وأرض لبنان، والمدافعين عن الكرامة العربية والإسلامية، إنما هم مجموعة صغيرة من المقاومين الفلسطينيين واللبنانيين، فجنود المقاومة، الذين هم على أهبة الاستعداد دوماً، منتشرين في كل مكانٍ في العالم، وموزعين في كل الأرض، إنهم كما النور يتسللون إلى كل مكان، وكما الهواء ينفذون إلى أضيق الأماكن وأصعبها، وهم أطياف متعددون، رجالٌ ونساء، شبابٌ وشيوخ، عربٌ وعجم، مسلمون وعالميون، جنودٌ وضباط، رسميون وشعبيون، وهم قادرون على الوصول إلى أي مكانٍ في هذا العالم، ويتحفزون كما الأسود والنمور، لينقضوا ويثبوا، ولا يصعب عليهم اختراق الحصون، وتجاوز الحدود، واجتياز الصعاب، وتسجيل الأهداف في المرمى الصهيوني قتلاً واختطافاً ومهاجمةً للمصالح الإسرائيلية أنى وجدت، ولن تتمكن قوةٌ في الأرض مهما بلغت أن تحمي الإسرائيليين من غضب الأمة، ومن ثورة الشعوب المظلومة، ولن يطول عجز العرب، ولن يدوم علو بني إسرائيل في الأرض طويلاً، وسيأتي وعد الآخرة عليهم، طال الزمن أم قصر، وستكون النهاية المحتومة، التي هي مصير كل الظالمين والعتاة المجرمين، فهل يمعن ويستمر الإسرائيليون في ارتكاب خطأهم القاتل لتكون نهايتهم المحتومة؟...

*كاتبٌ وباحثٌ فلسطيني - استانبول

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ