-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 15/02/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الحرب المقبلة إن اندلعت؟

عريب الرنتاوي

لا يتردد حزب الله عن القول ، بأن الحرب المقبلة إن اندلعت ، لن تكون كسابقاتها ، وأنها ستنتهي بتغييرات جذرية في صورة المنطقة وخرائطها ، حتى أن بعض التصريحات الدعائية -ربما - الصادرة عن مصادر الحزب ، تذهب للقول بأنها قد تكون آخر الحروب ، حيث لن تقوى إسرائيل من بعدها على شن "عدوانات" جديدة ، إما لانهيار سيصيب قوتها الردعية في مقتل ، أو لانهيارها كدولة وكيان.

 

القيادة السورية التي تبادلت مع إسرائيل خلال الأسابيع القليلة الفائتة ، أشد حملات الاتهام والتهديد والتحذير ، قالت أن أي مقامرة يقدم عليها "زعران" تل أبيب ، ستجعل من الحرب المقبلة حربا شاملة ، ستكون المدن الإسرائيلية ، وليس السورية أو اللبنانية وحدها ، ساحة لهذه المعركة وميدانا لها كذلك. دمشق أنذرت بأن أي حرب إسرائيلية مقبلة على لبنان ستكون بمثابة حرب على سوريا ، معيدة إلى الأذهان نظرية "تلازم المسارين" ولكن بصيغة جديدة هذه المرة: "تلازم الجبهتين".

 

أمس ، دخلت إيران على خط السجال ، من على أرفع منصة وفي أهم مناسبة: رئيس الدولة في عيد الثورة ، إيران "اقترحت" على ما يبدو ، أن تجعل من أي عدوان إسرائيلي قادم ، عليها أو على سوريا أو لبنان ، فرصة لـ"تسوية الحساب" وإلحاق الهزيمة بإسرائيل وإسقاطها ، ودعت دمشق والمقاومة إلى دراسة "اقتراحها" مليا والنظر إليه بجدية.

 

ما الذي يدفع هذه الأطراف للاعتقاد بأن الحرب المقبلة ، المرجحة بكل الحسابات ، ستكون حرب مصير ، ليست كسابقاتها ، وقد لا يكون لها مثيلات في المستقبل. من أين تأتي هذه الأطراف بكل هذه الثقة بالنصر؟ هل هي ثقة حقا ، أم أنها سياسة "حافة الهاوية" ، وتكتيك التلويح بالحرب لدرء الحرب ، أم هو "خيار شمشون" وتكتيك "هدم المعبد عليّ وعلى أعدائي" ، أم هي تصريحات ومواقف "معلبة" مسبقا بغرض الاستهلاك المحلي؟.

 

هذه الأسئلة والتساؤلات ، لها ما يبررها ، ظاهريا على الأقل ، فهذه الأطراف تَعًد بأكثر مما تستطيع فعله على ما يبدو: حزب الله مهما تعاظمت قدراته وخبرات مقاتليه وتفانيهم ، يبقى في المقام الأول والأخير ، مجرد فصيل ، لن يقوى على "الإطاحة" بالدولة الأعظم شرق أوسطياً. سوريا التي فقدت الإسناد العربي الرسمي منذ أن تحوّل "الاعتدال العربي" إلى معسكر ، لا خيارات خاصة له خارج السياقات الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة ، تواجه "فجوة" حقيقية في ميزان القوى مع إسرائيل ، خصوصا في ظل تواضع قدراتها على تمويل تسلحها وتحديث ترسانتها ، وبالأخص مع إصرار روسيا على البقاء في ظلال "العباءة الأمريكية" الوارفة. أما إيران ، فبعيدة جغرافيا ولوجستيا عن ميدان الصراع والمواجهة ، وصواريخها لن تكون أشد فتكا من صواريخ صدام حسين ، وحتى بفرض تفوقها عليها ، فإنها لن تتخطى صواريخ حزب الله ، كماً ونوعاً.

 

قد يندرج كل ما سبق في عداد تثبيط العزائم وترويج الهزائم ، وقد يبدو صحيحا كل الصحة ، ولكنْ مع ذلك ، ثمة وجه آخر للصورة يجدر تأمله وتفحّصه ، فالحرب القادمة ستكون على الأرجح ، من طراز "حرب المدن" التي عرفتها إيران والعراق في حرب السنوات الثمان ، فإسرائيل ليست في وارد الإقدام على "احتلالات جديدة" ، وهي التي لم تهضم بعد نتائج احتلالاتها القديمة ، بل وتكاد "تتشردق" فيها حد الاختناق ، والاحتلال الإسرائيلي للأرض العربية اليوم ، سيكون أعلى كلفة من احتلال لبنان عام 1982 واحتلال الضفة من قبله عام 1967 ، ذلك الاحتلال الذي تخلت عنه إسرائيل قبل عشر سنوات ، من دون قيد أو شرط ، وتحت ضربات المقاومة لبنانيا ، وستتخلى عنه طائعة أو مكرهة ، وبعد أقل من عشر سنوات ، تحت ضغط الديموغرافيا والمقاومة معا ، فلسطينيا.

 

في "حرب المدن" المحتملة ، ستكون "الجبهة الداخلية" الإسرائيلية ساحة للقتال ، كما كانت في حرب تموز 2006 ، وبدرجة أقل في حرب الرصاص المصهور ، وستتألم إسرائيل مثلما سيتألم العرب ، برغم الفجوة الهائلة بين قوة النار الإسرائيلية وقوة النار العربية ، وهي فجوة آخذة في التقلص على أية حال ، وليس الاتساع ، حتى مع منظمات صغيرة كحزب الله وحماس ، في ظل تطور تكنولوجيا الصواريخ ، متعددة المديات والأوزان والرؤوس ، قليلة الكلفة.

 

ثم أن إسرائيل أخذت تدرك ، وبرغم "عنتريات" نتنياهو ـ باراك ـ ليبرمان ، بأن ثمة حدودا لبربريتها ، يصعب تخطيها من دون المقامرة بفقدان "شرعيتها" الدولية ، والتقرير الذي صدر عن معهد "رؤوت" مؤخرا ، والذي حذر من خطر تآكل "شرعية" إسرائيل ، باعتباره خطرا استراتيجيا ، يقرع ألف ناقوس خطر في العقل الجمعي الإسرائيلي ، ويدفعها للتفكير بصورتها ومكانتها و"شرعيتها" أيضا ، فالقوة الغاشمة وحدها ، ليست كفيلة ببناء صورة ردعية ، والأهم أنها غير قادرة على تأمين شروط مواتية لاستثمار التفوق العسكري أو حتى جني ثمار النصر في ميدان الحرب.

 

حرب تموز 2006 على لبنان ، وإلى حد ما حرب الرصاص المصهور على غزة ، غيّرت كثيرا من المعطيات العسكرية والاستراتيجية ، وأعادت تفكيك وبناء نظريات وعقائد حربية وقتالية ، وربما هذا ما يدفع أطرافا عربية وإقليمية ، دولا ومنظمات ، تبدو ضعيفة بمعايير القوة التقليدية وحساباتها أمام إسرائيل ، للتحدث بلغة التهديد والوعيد أيضا ، موقنة بأن القرح الذي سيمسها ، سيمس القوم قرح مثله ، وقديما قيل أن الشجاعة صبر ساعة ، واليوم قد يقال بأن النصر صبر ساعة.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ