-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 02/02/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


أهمية النقد والمراجعة في حياتنا

-1–

طريف السيد عيسى / السويد

مازلنا بحاجة ماسة لتفعيل قول الله تعالى :

( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) آل عمران –104.

وما زلنا نحتاج من يجدد لنا معنى قول الله تعالى :

(فَبَشِّرْ عِبَادِ. الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمْ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) سورالزمر17-18.

ومازالت الأمة بحاجة لتفعيل مقولة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه :

( لاخير فيكم إن لم تقولوها .. ولا خير فينا إن لم نسمعها ) .

إن النقد مبدأ إسلامي , ومنهج قرآني , طبقه خير الأنام صلى الله عليه وسلم خلال مسيرة الدعوة , ورغم عصمته صلى الله عليه وسلم وتأييده بالوحي , كان ينزل الوحي في بعض الأحيان يصوب ويعاتب في بعض الأمور .

تعتبر مسألة النقد والتقييم والمراجعة  ظاهرة صحية في المؤسسات والمجتمعات المتحضرة، بل هي جزء أساسي من عملية التطوير والتقويم المستمر.

(روى الإمام مسلم . عن تميم بن أوس الداري رضي الله عنه . أن النبي صلى الله عليه وسلم قال  : الدين النصيحة ,قلنا : لمن ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) .

وغياب النقد والمراجعة في حياتنا يعني أننا ندور في فلك القاعدة الفرعونية :

( ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ) سورة غافر – 29.

فالنقد وسيلة لإثارة العقل والفكر , وتحريك الأفكار , وتقليب وجهات النظر , لتصبح أكثر نضجا وقوة , والفكرة الناضجة هي التي تكون الأصلح والأصوب وأكثر واقعية .

إننا نحفظ الكثير من النصوص التي تحض على النقد والتقييم والمراجعة , وإذا خطب أو وعظ أو كتب أحدنا عن ذلك فيبدع في التعبير , لكن عندما يأتي وقت ترجمة ذلك على أرض الواقع , فنتهرب من خلال الأعذار والتبرير لأخطائنا , حيث لانملك الجرأة والشجاعة على الإعتراف , ومن ثم الإصلاح .

عندما نتحدث عن الأنظمة المستبدة لانترك نقيصة إلا ونلصقها بهم , وكيف أنهم يمارسون الكبت وتكميم الأفواه , والطعن والتشكيك بكل من ينتقد , لكننا مع الأسف كثيرا مانستعير سياسة هذه الأنظمة في محاربة النقد والمحاسبة والمراجعة , والشئ الوحيد الذي نختلف فيه عنهم : أننا لانملك سجونا ومعتقلات وكرابيج وزنازين , لكننا نملك الإحراج من خلال تنزيل بعض النصوص بحق المنتقدين .

مازال مفهوم النقد في حياتنا مفهوما ضبابيا , ومازلنا نتعامل مع النقد بشكل هلامي , فكل جهة تفسر النقد حسب وقعه وقوته ونوعيته عليها , فمن يقف ضد النقد فيعتبره تشهيرا وطعنا وشتما , ومن يتعامل معه بإيجابية يعتبره وسيلة نحو الإصلاح وكشف الأخطاء والعمل على تصويبها , وهذا يتطلب تعريف النقد حسب ماهو سائد بشكل عام وليس تعريفا خاصا حسب مزاج هذه الجهة أو تلك .

ويمكن تعريف النقد على أنه :

-  تمييز الجيد من الردئ , والحسن من القبيح .

-  بيان الأخطاء ومحاولة تقويمها .

-  إظهار الجودة والعيب في الشئ .

-  تمييز الطيب من الخبيث .

-  وهو معرفة الخطأ والصواب .

ولايمكن حصر النقد بطريقة واحدة , بل تتعدد الطرق والوسائل , والمهم في الأمر صدق التوجه, وإخلاص النية , وحب الخير .

ويمكن ذكر أهم طرق وأنواع النقد :

1-        النصيحة :

فالنصيحة أحد أنواع النقد , وقد وردت عدة نصوص تؤكد تقديم النصيحة .

- 1 -

( روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق المسلم على المسلم : وإذا استنصحك فانصح له ).

( وأخرج الإمام أحمد ومالك .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يرضى لكم ثلاثا وذكر منها : أن تناصحوا من ولاه الله أمركم ) .

( أخرج مسلم .عن تميم بن أوس الداري رضي الله عنه . أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الدين النصيحة . قلنا :

لمن ؟ قال : لله , ولكتابه , ولرسوله , ولأئمة المسلمين , وعامتهم ) .

والمؤمن للمؤمن كالمرآة , وعندما يقف أحدنا أمام المرآة فيرى صورته على حقيقتها وكما هي بما فيها من حسن وقبح,وكذلك أفعالنا وأقوالنا ومواقفنا يراها الآخرون كما هي , والناس لها حكم الظاهر , ومن حقها النقد والتقييم , كما تفعل المرآة عندما ترينا حقيقة صورتنا .

( يقول الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله تعالى عن الركن الثاني من أركان التربية وهو التفاهم : وحاسبوا أنفسكم حسابا دقيقا على الطاعة والمعصية , ثم بعد ذلك لينصح كل منكم أخاه متى رأى فيه عيبا , وليقبل الأخ نصح أخيه بسرور وفرح , وليشكر له ذلك , وليحذر الناصح أن يتغير قلبه على أخيه المنصوح بمقدار شعرة ...)

2-        الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرةٌ عظيمة من شعائر الإسلام , بسببه نالت هذه الأمة خيريَّتها , وبه تميزت عن سائر الأمم .

 قال تعالى: ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ ) آل عمران- 110.

وهومن أهم الواجبات الإسلامية التي يترتب عليها صلاح المجتمع وسلامته ونجاته في الدنيا والآخرة ، و هو سفينة النجاة كما ثبت في:

( صحيح البخاري عن النعمان بن بشير رضي الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : مثل القائم على حدود الله والواقع فيها؛ كمثل قوم استهموا على سفينة, فأصاب بعضهم أعلاها, وبعضهم أسفلها, فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً, وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا).

وكل من يستقيل من مهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيصبح عنصرا سلبيا في المجتمع , وفي هؤلاء :

( جاء في الحديث المتفق عليه .عن حُذيفة رضي الله عنه مرفوعاً : والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعونه فلا يستجاب لكم ).

وكان الصحابة والسلف الصالح رضوان الله عليهم ورغم الأخوة والمودة التي تجمعهم , فكانوا يتناصحون فيما بينهم , وينتقد بعضهم بعضا , ولايرون في ذلك غضاضة , ولايفسرون هذا النقد تفسيرا سلبيا .

-  ( أخرج البخاري عن مروان بن الحكم .أن علي رضي الله عنه انتقد عثمان بن عفان رضي الله عنه , لأنه نهى عن نسك التمتع في الحج , فرفع علي صوته قائلا : لبيك بعمرة وحج ) .

ولم يعتبر عثمان ذلك تحديا له من قبل علي , ورغم ما بينهما من إخوة فكان قول الحق مقدم على ذلك كله دون أي مجاملة .

- ( أخرج الإمام أحمد . كان معاوية يستلم أركان البيت كلها ويقول : ليس شئ من البيت مهجورا , فانتقده ابن عباس

    علانية وأمام الناس بينما كان معوية يطوف بالبيت , ولما استمر معاوية ولم يتوقف , قال له ابن عباس : إن رسول

    الله صلى الله عليه وسلم لم يستلم هذين الركنين , فقال معاوية : دعني منك يا ابن عباس , فإنه ليس منها شئ

    مهجور , فاستمر ابن عباس يقوله كلما رأى معاوية يضع يدع على شئ من الركنين ).

    ولم يقل معاوية لابن عباس أنت تريد الفتنة , أو إن كلامك تشهير واتهام .

- 2 -

-  ( روى ابن كثير بإسناد جيد قوي . كان الخليفة عمر يخطب من على منبر رسول الله ويتحدث عن عدم المغالاة في

    المهور , فردت عليه إمرأة من قريش , وذكرته بما ورد في كتاب الله تعالى : وآتيتم إحداهن قنطارا . فقال لها

    عمر: كل الناس افقه من عمر , ثم تراجع أمام الناس عن قوله ) .

    خليفة المسلمين يراجع وينتقد وهو على المنبر ,  ويتقبل ذلك بصدر رحب , ولايعتبر ذلك تصيدا للعثرات , ونحن     اليوم تضيق نفوسنا من كل نقد حتى لو كان صوابا وفي مكانه .

نخطئ بحق الدعوة ونحملها أخطاءنا , نخطئ بحق المؤسسات ونحملها أخطاءنا , نخطئ بحق منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم , وإذا جاء من ينتقد تلك الأخطاء فتضيق النفوس والصدور والعقول , ونستخرج كل مصطلحات الإتهام والتشكيك.

ولقد شاع في بعض أوساط الناس الغفلة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واعتبروا ذلك تدخلاً في شؤون

 الغير؛ وهذا من قلة الفهم ونقص الإيمان.

( روى أبو داود . عن أبي بكر رضي الله عنه قال: يا أيها الناس! إنكم لتقرؤون هذه الآية: يا أيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم.  وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه )

3-        المحاسبة :

يقول الله تعالى: ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) الحشر- 18 .

(روى الإمام أحمد في كتاب الزهد عن عمر بن الخطاب أنه قال: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا،فإنه أهون عليكم في الحساب غداً، أن تحاسبوا أنفسكم اليوم ، وتزيّنوا للعرض الأكبر: - يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَة – الحاقة- 18 ).

مطلوب من كل مسلم أن يقوم بعملية مراجعة وتقييم ونقد لأقواله وأفعاله بين الحين والآخر , وتكون تلك المراجعة آكد بحق من تحمل أي نوع من المسؤولية , فالأخير بعنقه أمانة وعليه أن يحملها بكل صدق , وأن يراجع نفسه ومواقفه وقراراته كل حين .

بل الواجب على المؤسسات الإسلامية سواء كانت جماعات أو مراكز أن تنشئ مؤسسة مستقلة , مهمتها المتابعة والمراقبة والنقد والمراجعة والتقييم .

وأن يخضع الجميع - الكبير والصغير ,والأمير والمأمور , دون حرج ولا مجاملة في غير موضعها - , بلا إستثناء للنقد والتقييم والمراجعة , بشكل حر ونزيه وشفاف ودون تضايق وتذمر .

إن ممارسة المحاسبة يجب أن تكون دائمة ومستمرة , وإلا ستتوسع دائرة الأخطاء وتتراكم , حتى تصبح في نظر البعض صوابا , فيصعب تصحيحها ونقدها .

بل يجب الإرتقاء بمفهوم المحاسبة حتى يصبح الإنسان متهما لنفسه بالتقصير , وأنها هي وراء الفشل , أو وراء الخطأ الفلاني ...

(جاء في حلية الأولياء 3/18 . يقول يونس بن عبيد رضي الله عنه : والله إني لأعد مئة خصلة من خصال الخير , ما أعلم في نفسي واحدة منها ) .

وعلينا أن لانجعل من ضجيج المدح والثناء حجابا يحجب عنا صوت النقد والتقييم , وأن لانجعل المداحين هم المقربين , بل علينا التعامل بتوازن مع النوعين .

فليت الذي بيني وبينك عامر .......... وبيني وبين العاملين خراب .

إذا صح منك الود فالكل هين ......... وكل الذي فوق التراب تراب .

ويجب أن تكون المحاسبة قبل وبعد القول والعمل .

فقبل العمل تكون المحاسبة : بتدقيق النظر , وتقليب الآراء , والسماع لما عند الآخرين , والأخذ بأسباب التفكير , وأن تكون النية خالصة لوجه الله تعالى , وأن لايكون العمل إنتقاما أو إنتصارا للنفس وهواها , ويتم تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة .

( قال الحسن رحمه الله تعالى : رحم الله عبدا وقف عند همه , فإن كان لله مضى , وإن كان لغيره تأخر ) .

وبعد العمل تكون المحاسبة : من خلال المتابعة والرقابة والدقة في التنفيذ , وإذا تبين خطأ أثناء التنفيذ فيتم التراجع

- 3 -

 والتصويب والتصحيح بكل صدق وشجاعة وشفافية .

أما الزاهدين في المحاسبة , ويحاربونها ويقفون بوجه من يطالب بها , فهؤلاء وصفهم :

(قال ابن القيم رحمه الله تعالى: وأضر ما عليه: الإهمال، وترك المحاسبة والإسترسال ، وتسهيل الأمور وتمشيتها ، فإن هذا يؤول به إلى الهلاك ، وهذه حال أهل الغرور ، يغمض عينيه عن العواقب ويمشي الحال ويتكل على العفو ، فيهمل محاسبة نفسه والنظر في العاقبة ، وإذا فعل ذلك سهل عليه مواقعة الذنوب وأَنِس بها ، وعسر عليه فطامها ، ولو حضره رشده لعلم أن الحمية أسهل من الفطام وترك المألوف والمعتاد.

فاتقوا الله ، وحاسبوا أنفسكم ، فإن صلاح القلب وسلامته بمحاسبة النفس ، وفساده وعطبه بإهمال النفس والإسترسال

 في ملذاتها ، وشهواتها وإهمال ما به كمالها ، فاحذروا ذلك تُعِزُّوا أنفسكم وتسعدوا عند لقاء ربكم.).

ومما يؤسف له أن الذين لايعرفون قيمة النقد والمراجعة والتقييم , لا يعرفون سوى تقديم الولاء المطلق , فمهما قدمت لهم من أدلة واضحة على  الأخطاء , فتجدهم يدافعون دفاع المستميت عن الخطأ , ويرفضون رفضا قاطعا أي نقد , بل يعتبرون النقد هدم وتدمير للعمل .

كما تجد البعض متقلب متغير كما هو حال سوق البورصة , فعندما يكون في موقع مسؤولية فتجد ولاء مطلق ورفض للنقد , ولسبب ما يتم إيقافه عن المسؤولية , فينقلب إلى الناقد المتطرف الذي لايقبل بأنصاف الحلول .

كما أن هناك البعض وبسبب حالة اليأس من الإصلاح والتغيير , فتجده يقول وماهي الفائدة من النقد والمراجعة والتقييم .

4-        النقد العام والعلني :

 وهو نقد للمواقف العامة والعلنية , فكل تصرف علني يجب نقده بشكل علني , ويتوجب تجنب التشخيص في النقد العام , واعتماد قاعدة : مابال أقوام يفعلون كذا كذا كما كان يفعل صلى الله عليه وسلم , ومصالح المسلمين العامة ليست حكرا على جهة بعينها فتحتكرها وترفض كل من ينتقدها , بل تعتبر مصالح المسلمين حق عام لايجوز الصمت حيال من يخطئ بحق الحق العام .

5-        النقد الخاص والشخصي :

هناك من يعتبر بإطلاق أنه لايجوز النقد الشخصي , وهذا فهم خاطئ , فهناك بعض الأخطاء الشخصية والتي تكون فادحة , فلا بد من نقدها حتى لو أدى الأمر لذكر الشخص بعينه , وهذا يقتضي الحكمة والحنكة والإخلاص .

فالبعض عندما يكون النقد عاما فيعتبرون أنفسهم غير معنيين بهذا النقد , مما يستدعي تخصيصهم ولو بالإسم .

6-        النقد من قبل الآخرين :

سواء كان بالسر أو العلن , وعلينا التعامل معه بإيجابية , وأن نهيأ الظروف التي تتيح المجال لهذا النقد .

هناك فوائد كثيرة نجنيها من النقد والتقييم والمراجعة , ويمكن ذكر أهم هذه الفوائد :

1-        معلوم أن لاكمال مطلق لبشر , ولايمكن ترسيخ ذلك إلا من خلال كشف الأخطاء التي تثبت القصور البشري , ولا يمكن كشف الأخطاء إلا بواسطة النقد والتقييم والمراجعة .

2-        النقد والتقييم والمراجعة يحدان من تقديس الأشخاص واللأفكار , أو الخوف منهم .

( ورحم الله الإمام مالك فقد قال : كل يؤخذ من كلامه ويرد إلا صاحب هذا القبر , وأشار لقبر الرسول صلى الله عليه وسلم ).

( في محاضرة لأحد أهل العلم وكان يتحدث عن عبادة العباد للعباد بمفهومها الواسع باعتبارها نوع من أنواع الشرك  , فقال له أحد الحضور ولماذا لاتحدثنا عن شرك القبور, فقال له : لقد أطلنا الحديث عن شرك القبور , وآن الأوان للحديث عن شرك القصور ...).

3-        النقد يساعد على القضاء على الغرور, والتكبر والتعالي, وتحكم هوى النفس , فالذي يرفض النقد يعتبر كل مايصدر عنه حسنا وجيدا وموفقا , ويرفض حتى مجرد النقاش والحوار .

4-        النقد والتقييم والمراجعة ومع مرور الوقت يجعلنا قدوة للآخرين في تقبل ذلك  والإعتراف بالأخطاء والتراجع عنها .

5-        تقبل النقد يقطع الطريق على الخصوم الذين يترصدون الأخطاء بقصد الكيد والإيقاع بنا .

6-        النقد والتقييم يضع كل إنسان في المكانة التي يستحقها , بمعنى وضع الرجل المناسب في المكان المناسب , وبعيدا عن الولاءات الزائفة , والعصبيات المقيتة , والمناطقية الضيقة .

- 4 -

7-        النقد والتقييم ضمانة لتحقيق النضج والإستقامة , وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة .

8-        النقد والتقييم , يتيح المشاركة الجماعية في عملية البناء والتطور والتقدم , حيث يطرح كل إنسان ماعنده , فتتلاقح الأفكار , وتعرض جميعها وتقيم ثم يتم إختيار الأفضل والأنضج , وبذلك يكون الجميع مسؤول وشريك في العمل.

9-        النقد والتقييم يتيح لنا التعرف على حاجات الناس ومشاكلهم , مما يساعد لاتخاذ أفضل الخطوات التي تحقق مصالح الناس  .

10- النقد والتقييم يساعد على كشف الأخطاء أولا بأول , وغياب النقد يعني تراكم الأخطاء , وسيادة الإستبداد ,فالنقد يعمل عمل الطبيب الذي يكشف عن الأمراض ومن ثم يعمل على وصف العلاج المناسب لها , وكما أن الإنسان يحتاج دائما لكشف الطبيب , فأعمالنا تحتاج باستمرار للرقابة والنقد والتقييم .

11- النقد والتقييم إحترام للعقل الذي خلقه الله للتفكير ثم لتتم ترجمة ذلك أقوالا وأفعالا , وهذه تخضع لقاعدة الخطأ والصواب , والسكوت عن الخطأ تغييب لدور العقل ( الساكت عن الحق شيطان أخرس – يبدوا أنه ليس بحديث وإنما قول لأحد الحكماء ) .

12- غياب النقد والتقييم , يعني حلول الثناء والمديح والغلو بهما , مما يغري الإنسان فيعتقد أنه على صواب , والتوازن يقتضي وجود النقد في حال الخطأ , ووجود الثناء في حال العمل والإنتاج .

ورسولنا صلى الله عليه وسلم نهى عن الغلو في المديح .

 ( أخرج البخاري في الأدب المفرد , والإمام أحمد , وأبو داود , والبيهقي . أنه لما مدحوه صلى الله عليه وسلم وقالوا:

أنت سيدنا , قال صلى الله عليه وسلم : السيد الله تبارك وتعالى , قالوا : وأفضلنا فضلا , وأعظمنا طولا , فقال : قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستجرنكم الشيطان ) .

( أخرج الإمام مسلم . قال صلى الله عليه وسلم : احثوا في وجوه المداحين التراب ) .

وفي زمننا انقلبت الموازين والمفاهيم , فالذي يصمت ويجامل ويمدح ويثني فهو المقرب حتى لو كان جاهلا , ولو كان ليس بصاحب خبرة ولا كفاءة , أما الذي يتعامل بتوازن فيثني في موطن الثناء , وينتقد في موطن النقد , فنحاول تجنبه وتهميشه ومحاصرته ومحاربته , باعتباره شخص غير مرغوب فيه , فلا تعجبوا فنحن في زمن الشقلبة .

وإلى لقاء مع الحلقة الثانية , لمتابعة الحديث عن الموضوع

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ