-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 16/01/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


لماذا الضلال بعد الهدى؟

الدكتور عثمان قدري مكانسي

بين أيدينا كتاب الله تعالى وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وقد قال الحبيب فيما يرويه أبو هريرة رضي الله عنه " تركت فيكم شيئين ، لن تضلوا بعدهما : كتاب الله  و سنتي ، و لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوضَ "  وترانا متفرقين ضعفاء قد أذلنا الغرب وتقاسمونا بينهم ، فصارت بلادنا فِرَقاً وثرواتنا نهباً . وصرنا بينهم قصعة الثريد وأطايب الطعام فيها يتناوشنا الأكـَلـَة ُ تمزيقاً وتفتيتاً ، ولنا من ضياء كتابنا ووروعة تاريخنا هدى وبيان .

 إن القرآن الكريم يعلنها واضحة صريحة لا لبس فيها داعياً إلى التقوى أولاً وإلى التمسك بالإسلام ثانياً وإلى إشاعة الحب والأخوّة في المجتمع ثالثاً  والدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر رابعاً  "

1- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)

2- وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ

3- وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)

4- وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105)"

وهذا الخليفة الثاني عمر رضوان الله تعالى عنه يقول : " نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ، فمهما ابتغينا العزّة بغيره أذلّنا الله "  فوضع الإصبع على مكمن الداء والدواء معاً ، ونبه إلى دواعي التفرق والضعف ودلّ على سبيل العزّة والمنَعة . وبنى أمة قوية في سنوات عشر كانت نوراً يهدي السبيل ويدعو إلى سلوك الطريق المستقيم . وفي هذه السنوات  المباركة حكم دولة قوية مترامية الأطراف تعدل عشرين دولة عربية قَزَمة في هذا الزمن امتدّت من الأطلسي غرباً إلى إيران شرقاً ومن سورية شمالاً إلى اليمن ومصر جنوباً .

تفتح القدس أبوابها لأمير المؤمنين سلاماً ، ويرسل ملك بريطانيا والسويد والنرويج إلى الخليفة هشام يستعطفه أن يقبل الأميرة ابنة أخيه وبعض أميرات البلاط  تلميذات يتعلمن الأدب والعلوم في معاهد الأندلس ، ويغرفن من فنونها الثقافة والمعرفة ، ويخاطب ملك فرنسا بأدب جم وتذلل واضح خليفة المسلمين في الآستانة ، ويقبّل أعتابه ويستصرخه المساعدة ضد المغيرين على بلاده من البلغار والصرب .

ذاك حين علم المسلمون أن الجهاد ذروة سنام الإسلام ، فامتطوه في فتوحاتهم ، وأن العلم نور الحياة فجعلوه إمامهم وأن التزام الدين والأخلاق سبب سعادتهم فتمسّكوا به إيماناً ودرساً وفهماً وعملاً .

أما حين نكث المسلمون عن هذا كله انعكست الأمور وانقلبت الموازين رأساً على عَقِب ، فصار الغرب قدوة وأضحت " واشنطن " مهوى القلوب وبوصلة الأهداف ، فأنت ترى الحاكم العربي الذي يدعوه رئيس الولايات الأمريكية المتحدة للقائه هناك يرى أنه المحظوظ بين أقرانه ، وهم يرونه كذلك ، فما إن يشير إليه السيد – هناك – أن يزوره حتى ترى جمعهم يحج إليه يحمّلونه آمالهم وولاءهم للسيد وراء البحار ، أو يرسلون وزراء خارجيتهم إليه يعرضون عليه ما يرجوه معلّموهم الصغار ، ولربما زار المدعوّ أمثاله في بلدانهم يُدِلّ عليهم بحظوته المباركة! وينفش ريشه بينهم ، ثم ينطلق مسرعاً إلى مقر السيد المطاع ، فيستقبله أمام العدسات بما يشبه الحفاوة والندّية ، ثم يكون في الخفاء ما يكون من إملاءات وأوامر وفروض الطاعة والولاء .

يعود بخفي حنين – إذا ما ذكرنا مصلحة البلاد والعباد -  لكنّه مثقل بالمسؤولية والتبِعات والإتاوات والتنازلات التي لم تُبق على أجسامهم غير ورقة التوت - إن وُجدت تلك الورقة – والحقيقة أنه لم يعد لها حاجة في هذا الزمن الكئيب الذي يترامى فيه هؤلاء على أقدام يهود ويسعون ما وسعهم إلى التخلي عن حقوق الأمة في سبيل البقاء جاثمين على صدور شعوبهم . وتوريث أبنائهم ، حتى أضحت هذه الشعوب المنكوبة بهم عدوّهم الأول ، والدليل واضح وضوح الشمس في رابعة النهار ، وإلا فعلامَ الرضا بالجُدُر الفلسطينية التي موّلها كبار المتنفّذين في سنوات الحصار الأليمة ، وقد كانوا يدّعون الوطنية والعروبية؟!

 وعلام الجدار الفولاذي الذي يبنيه ظالم مصر وأعوانه حول غزة الصامدة ليخنقوها ؟ ولحساب مَنْ حصارُ إخواننا وأهلينا ، وأين ما تقيّأه مؤتمرهم بعد عدوان يهود على غزة الصابرة من وعود خلابة في إعادة بناء الأرض المهدّمة والمحروقة هناك ؟ وفي سبيل القضاء على الحركة الإسلامية حماس في غزة لا مانع من إبادة الملايين فيها .. ووا أسفا على الحالة المزرية التي وصلنا إليها – أيها الفاروق العظيم –

وعلام قوانين العار التي يُحكم بها جهاراً نهاراً بالإعدام على كل من يُتّهم بالإسلام ويعمل على تحقيقه في عالم الإنسان ؟ ولماذا المطاردة والمتابعة لكل من يعلن أنه إسلامي ؟! ولماذا الاعتقال والقتل والتشريد ومراكز التعذيب الشيطانية لهؤلاء المطاردين مهما كان انتماؤمهم ووجهتهم ، إن هذه القوانين الجائرة أدوات بأيدي الظلمة من جلدتنا يكوون بها كل من يقف أمام فسادهم وإفسادهم ، وكل من يرفع صوته بكلمة الحرية ، ويعلنها في وجوههم .

إنهم يصطلحون مع العدو التاريخي ويمدون له الأيدي الذليلة ،  ومن ثّمّ يترفعون عن مصالحة أبناء الأمة وشركائهم في الوطن . ولا يألون جهداً في القضاء عليهم ، لقد صار ابن الوطن عدواً والعدو صديقاً .

يذكر التاريخ أن كسرى فارس كان يستقدم من يراه من العرب مهما علت مرتبته ليقبل قدميه أمام حاشيته مستكبراً ينظر باحتقار وصلف إلى العربي  ويعتبره عبداً من عبيده مهما سمت مرتبته ، فقد طلب كسرى ملك المناذرة ، فأتاه صاغراً وهو يعلم أن كسرى ما دعاه إلا ليقتله تحت أقدام الفيلة ، وهذا ما كان .

وعندما أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة السلمي بكتابه إلى كسرى يدعوه إلى الإسلام ، فلما قٌرئت الرسالة بين يديه اشتاط غضباً ، وانتفخت أوداجه لأن الرسول عليه الصلاة والسلام بدأ بنفسه... فجذب الرسالة من يد كاتبه وجعل يمزقها دون أن يعلم ما فيها وهو يصيح: أيكتب لي بهذا، وهو عبدي؟!! ثم أمر بعبد الله بن حذافة أن يخرج من مجلسه، فأخرج. فلما قدم عبد الله على النبي صلى الله عليه وسلم أخبره بما كان من أمر كسرى وتمزيقه الكتاب  قال عليه الصلاة والسلام: (مزق الله ملكه)

أما كسرى فقد كتب إلى باذان نائبه على اليمن: أن ابعث إلى هذا الرجل الذي ظهر بالحجاز رجلين جلدين من عندك، ومرهما أن يأتياني به... فبعث باذان رجلين من خيرة رجاله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحملهما رسالة له، يأمره فيها بأن ينصرف معهما إلى لقاء كسرى دون إبطاء... وطلب إلى الرجلين أن يقفا على خبر النبي عليه الصلاة والسلام، و يستقصيا أمره، وأن يأتياه بما يقفان عليه من معلومات.

خرج الرجلان يغذان السير حتى بلغا الطائف فوجدا رجالا تجاراً من قريش، فسألاهم عن محمد عليه الصلاة والسلام ، فقالوا: هو في يثرب، ثم مضى التجار إلى مكة فرحين مستبشرين، وجعلوا يهنئون قريشا ويقولون: قروا عينا ؛ فإن كسرى تصدى لمحمد وكفاكم شره. أما الرجلان فيمما وجهيهما شطر المدينة حتى إذا بلغاها لقيا النبي عليه الصلاة والسلام، ودفعا إليه رسالة باذان وقالا له: إن ملك الملوك كسرى كتب إلى ملكنا باذان أن يبعث إليك من يأتيه بك ، وقد أتيناك لتنطلق معنا إليه، فإن أجبتنا كلمنا كسرى بما ينفعك ويكف أذاه عنك ، وإن أبيت فهو مَن قد علمت سطوته وبطشه وقدرته على إهلاكك وإهلاك قومك. فتبسم الرسول عليه الصلاة والسلام وقال لهما: (ارجعا إلى رحالكما اليوم واتيا غدا). فلما غدوا على النبي صلوات الله عليه في اليوم التالي، قالا له: هل أعددت نفسك للمضي معنا إلى لقاء كسرى؟ فقال لهما النبي: (لن تلقيا كسرى بعد اليوم... فلقد قتله الله؛ حيث سلط عليه ابنه شيروية في ليلة كذا من شهر كذا). فدهشا لِما سمعا، وقالا: أتدري ما تقول؟! أنكتب بذلك إلى باذان؟! قال: نعم، وقولا له: إن ديني سيبلغ ما وصل إليه ملك كسرى، وإنك إن أسلمت أعطيتك ما تحت يديك، وملكتك على قومك.

قدم الرجلان على باذان وأخبراه الخبر، فقال: لئن كان ما قاله محمد فهو نبي، وإن لم يكن كذلك فسنرى فيه رأيَا ،فما لبث أن قدم على باذان كتاب شيروية وفيه يقول: أما بعد فقد قتلت كسرى، ولم أقتله إلا انتقاما لقومنا، فقد استحل قتل أشرافهم وسبي نسائهم وانتهاب أموالهم، فإذا جاءك كتابي هذا فخذ لي الطاعة ممن عندك. فما إن قرأ باذان كتاب شيرويه حتى طرحه جانبًا وأعلن إسلامه على الملأ ، وأسلم من كان معه من الفرس في بلاد اليمن.

هكذا كان العرب قبل الإسلام يسوقهم من يشاء كما يسوق الغنم ، فلما جاء الإسلام كانوا قادة العالم ، ،، ولما انتكسوا إلى الجاهلية عادوا هملاً ، فهل يرجعون إلى ربهم وإلى دينهم ؟

ولعل الفتنة التي يوقدها من يتسمّى بأسماء المسلمين ويشعلها ناراً عليهم  ويعمل لصالح الأعداء يرى نفسه جزءاً ممن يعمل لهم ، فإذا ذهب الدين واضمحلّت الأخلاق فلا فائدة من رجل يتسمّى بأسماء المسلمين ويتكلم لغتهم ، فالعبرة بالإيمان الذي تحتويه القلوب ، هذا ما ينبه إليه الحبيب المصطفى صلوات الله وسلامه عليه فيما يرويه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما " كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قعودا فذكر الفتن فأكثر ذكرها ... فإذا قيل انقطعت تمادت يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسى كافرا حتى يصير الناس إلى فسطاطين ، فسطاطِ إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه ..."

وإذا انقسم الناس إلى فسطاطين لا ثالث لهما أولهما مؤمن وثانيهما منافق فهذا يعني أن المنافق الذي قدر الله له أن يكون شريك الكافر في جهنم – والعياذ بالله -  " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار " يعلن العداوة للمؤمن ويرى نفسه في خندق أعداء الأمة ، ولن يوارب وقد ظنّ أنه تمكّن ، وسيعلنها عداوة صريحة للمؤمنين ، وهذا ما يتحقق الآن ويجاهر به ذوو الوجوه العربية والقلوب اليهودية دون حياء أو خجل أو مصانعة ومداهنة ، فمن ظنّ أنه قوي متمكن يفعل ما يشاء فسيكشف عن وجهه قناع النفاق والمصانعة وسيعلن موقفه واضحاً ، لا مداراة فيه ولا محاباة .

إنه الضلال الذي يسبح بين أمواجه أمثال هؤلاء الذين فقدوا أنفسهم وخسروها حين ساروا في غير طريق شعوبهم ، وآثروا أعداءهم عليهم ، فانقطعت صلتهم بهم ، وانطلقوا في قطار اللاعودة ،

 ماذا نقول فيمن تاه وضلّ وهو يحسب أنه يُسن صنعاً ؟!

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ