-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 10/01/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ما الذي يجعل الخيانة وجهة نظر؟

أ.د. محمد اسحق الريفي

لقد كان صلاح خلف محقاً في توجسه حول الخيانة حين قال: "أخشى ما أخشاه أن تصبح الخيانة وجهة نظر"، فقد صدق تنبؤه، ووقع ما كان يخشاه ويحذره، وأصبحت الخيانة وجهة نظر لها من يحترمها ويدافع عنها... ولكن ما الذي يجعل الخيانة وجهة نظر؟

 

في هذا العصر الذي يرفع فيه كثير من الناس شعار "الرأي والرأي الآخر"، وينادون حرية الفكر والتعبير، وباحترام الرأي والرأي الآخر، وكل الآراء، بغض النظر عن أهليتها للاحترام؛ لا بد من التمييز بين نوعين من وجهات النظر، من حيث مجال التأثير والفعل: وجهة نظر إعلامية، وجهة نظر سياسية.  وجهة النظر الإعلامية، ومجال تأثيرها الرأي العام، هي الرواية التي تقدمها جهة ما، إعلامية أو سياسية أو دينية، حول حدث معين، لتفسيره وتأويله وتبريره بطريقة حزبية أو فئوية، أو فوضوية؛ بهدف نشر "الفوضى الخلاقة".  وتهدف وجهة النظر الإعلامية إلى إقناع الرأي العام، عبر أساليب إعلامية ترويجية، بصحة موقف سياسي ما، أو بصحة سياسة تتبعها جهة ما، أو بفكرة قد تكون منحرفة أو معادية أو شاذة...

 

أما وجهة النظر السياسية، فمجال تأثيرها الرأي العام، ومجال فعلها العملية السياسية في دولة ما؛ وتشمل التنافس الحزبي، وكذلك العلاقات الدولية.  وهي وجهة النظر المتعلقة بتبني المواقف السياسية، واتخاذ القرارات السياسية، واتباع سياسيات محددة تجاه جهة أو دولة أو أمة، أو تجاه قضية سياسية لها مفاعيلها وتداعياتها داخلياً وخارجياً، مثل القضية الفلسطينية.  وتتبني وجهات النظر السياسية الحكومات والأحزاب والمعارضة وفئات أخرى لها ولاءات سياسية خارجية؛ كالطابور الخامس في بلادنا.

 

ما جعل لوجهتي النظر السياسية والإعلامية أهمية، وزاد من انتشارهما وتأثيرهما؛ تحول العالم إلى قرية صغيرة، بفضل تطور وسائل النقل والمواصلات، وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وعلى رأسها الإنترنت والفضائيات، التي لا تترك حدثاً صغيراً ولا كبيراً إلا وتنشره، وتسلط الضوء عليه، وتشبعه تحليلاً وتفسيراً، وتتدبر ما وراءه، وتبحث بإصرار عن الآراء المختلفة إزاءه مهما كان ثقلها وأهميتها، وتوفر منابر لأصحاب الآراء المختلفة، للتعبير عن وجهات نظرهم، بغض النظر عن وزن الجهات التي تقف وراءها، وأهدافها، وولائها.  وكذلك دعم جهات أجنبية لفئات في مجتمعاتنا عابرة للأخلاق، والقيم، والاعتبارات الدينية والوطنية، فجعلت مصالحها الشخصية والعائلية والحزبية فوق كل شيء.

 

ساهم ذلك في نشر وجهات النظر الشاذة والنشاز، التي تخدم أعداء أمتنا وتضر بمصالحها العليا، بطريقة مقصودة، وبدعم من جهات لها أجنداتها السياسية ومشاريعها الاستعمارية الطامعة في منطقتنا، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها، التي تسعى لدمج الكيان الصهيوني في منطقتنا، والعيش معه بسلام، رغم أنه يحتل أرضنا ويعتدي علينا.

 

أحدث ذلك بلبلة، وأدى إلى اختلاط الأمور على الناس، وانقلاب المعايير، وتدهور القيم، واتساع هوة الخلافات، وزيادة رقعة الخرق، ونشوء الفراغ الثقافي والسياسي، وضعضعة المرجعيات الأخلاقية والدينية.  ولم يكن ذلك لينجح لولا ضعف الوعي السياسي، وتشتت الولاءات وانحرافها، ونجاح وسائل الإعلام المشبوهة في تخدير العقل وتجهيل الجماهير وترويج ثقافة الاستخذاء والانبطاح وخيانة الوطن والشعب والأمة.

 

ومن الأمثلة على وجهات النظر السياسية التي تمثل خيانة لأمتنا والشعب الفلسطيني، تبرير إقامة جدار الموت الفولاذي على حدود غزة مع مصر بدواعي أمنية قومية، وصلت لحد إصدار شيخ الأزهر فتوى تبيح خنق غزة ودفعها إلى الاستسلام.  والتنسيق والتعاون الأمني بين أجهزة السلطة في الضفة المحتلة وبين العدو الصهيوني.  وهناك قضايا عربية خطيرة كثيرة، ينقسم الناس حولها إلى فئات عديدة، فتظهر وجهات النظر، منها الخائنة، ومنها الشريفة، فهذا يدعم الاحتلال الصهيوني، ويسوغ ممارساته وعدوانه، ويلتمس له الأعذار، وذاك يتصدى للخيانة ويحاول دحضها ويبرهن على خطأ أصحابها، وكل له ما يبرر لنفسه به وجهة نظره.  ونحن في الحقيقة بحاجة إلى إقناع الناس بأن الخيانة خيانة، وليست وجهة نظر، مهما زينها أصحابها، وروجوها في مجتمعاتنا.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ