-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 30/12/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


رسائل إسرائيل : من غزة إلى الضاحية مرورا بنابلس

عريب الرنتاوي

ألقت العملية الإسرائيلية الإجرامية في نابلس ، بظلال كئيبة وكثيفة فوق رؤوس القيادتين السياسية والأمنية للسلطة الفلسطينية ، وشبح عملية الإعدام التي جرت بدم بارد لثلاثة من كوادر فتح ، وفي ظروف غير قتالية على الإطلاق ، ما زال يطارد المحللين السياسيين الذين أجهدوا أنفسهم خلال اليومين الفائتين للإجابة على أسئلة العملية وتساؤلاتها.

 

سياسيا ، ثمة من يخشى أن تكون هذه العملية ، "بروفة" لنمط من العمليات التي ستقدم إسرائيل على تنفيذها في قادمات الأيام ، والهدف المباشر وفقا لهؤلاء: "خلط الأوراق" وتدمير مؤسسات السلطة والعودة لمعزوفة "غياب الشريك الفلسطيني" ، أما الهدف غير المباشر ، أو بعيد المدى ، فهو الانسحاب من "عملية السلام" وإعادة توجيه الضغوط الدولية الرامية لصياغة مرجعية لهذه العملية ، وتحويلها صوب الجانب الفلسطيني الذي لا يكف عن "المفاخرة" بمنجزاته الأمنية وإنجازه استحقاقات المرحلة الأولى من خريطة الطريق.

 

أمنيا ، تثير هذه العملية المخاوف من انهيار الأجهزة الأمنية ، ووفقا لقدورة فارس فإن "الذين يفتخرون بأنهم أنشأوا أجهزة أمنية قوية خلال عامين ، يمكن أن يروا كل شيء ينهار في أسبوع أو لحظات ، بسبب تصرف لا أخلاقي كإعدام الناس أمام عائلاتهم كما حدث في نابلس".

 

وأمنيا أيضا ، يمكن أن تفتح أحداث من طراز "جريمة نابلس" الباب لانتفاضة ثالثة ، صحيح أن شروطها لم تنضج بعد كما قال فارس محقا ، لكن هنالك مؤشرات وإرهاصات تدل على أن الناس قد لا يحتاجون إلى وقت طويل قبل أن يقرروا الخروج إلى الشوارع وامتشاق الحجارة والهروات وربما الأسلحة ، ولعل ما جرى في أثناء "تشييع الشهداء الثلاثة" من هتافات ضد السلطة والمطالبة بحلها والتنسيق الأمني والثأر للشهداء ، ما يمكن اعتباره أول غيث التحولات في الضفة الخاضعة لعملية "غسيل دماغ" منذ أزيد من ثلاث سنوات.

 

إذن ، ثمة رسالة سياسية أولى كامنة وراء العملية الإرهابية في نابلس ، تبني على ما سبق لعاموس يادلين رئيس شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي أن نطق به في محاضرة أمام معهد بحوث الأمن القومي في جامعة تل أبيب قبل أيام ، عندما اعتبر أن إسرائيل تواجه التحدي من "كيانين فلسطينيين" ، الأول سياسي ويتركز في الضفة ، ويسعى لإقناع المجتمع الدولي بحلوله (ومرجعياته) وفرضها من جانب واحد على إسرائيل ، والثاني أمني ويتجمع في غزة ، ويتجلى في تنامي مقدرات حماس والمقاومة العسكرية والقتالية.

 

وإذا كانت "جريمة نابلس" رسالة دامية بربرية في مواجهة التحدي السياسي ، وإذا كان "الأمن والاستقرار" في الضفة هو هدف هذه الرسالة ، فإن جريمة قتل العمال الثلاثة على مقربة من حاجز إيريتز ، هي الرسالة الدامية البربرية الثانية ، والموجهة إلى "التهدئة" في غزة ، وإلى حكومة حماس التي تقف وراءها وترعاها ، أما الرسالة الدامية الثلاثة ، فقد بلغت حماس وحزب الله على حد سواء ، في قلب الضاحية الجنوبية ، بالعملية الإرهابية التي حملت بصمات الموساد ، والتي قيل أنها كانت تستهدف قياديين من الحركة ، أسامة حمدان وعلي بركة ، أحدهما أو كلاهما ، لكنها أودت بحياة ثلاثة مناضلين آخرين.

 

في تفسير موجة الرسائل الإسرائيلية الدامية الممتدة من غزة جنوب فلسطين إلى حارة حريك جنوبي بيروت مرورا بنابلس ، يمكن العودة إلى ما قاله يوسي بيلين في اجتماع لقيادة ميريتس أمس الأول ، عندما كشف عن معلومات حول قرب التوصل إلى مسودة "اتفاق مرجعية" بين نتنياهو وجورج ميتشيل يمكن بعد قبول عباس (المرجح) بها وفقا لبيلين ، أن تكون مظلة لاستئناف المفاوضات وتخطي عقبة تجميد الاستيطان ، يقول بيلين: إن نتنياهو يخطو خطوة باتجاه اليمين في كل مرة يضطر فيها لاتخاذ خطوة باتجاه الأمريكيين (اليسار) ، فهو جمّد الاستيطان لعشرة أشهر ، بيد أنه استثنى القدس وثلاثة آلاف وحدة قيد الانشاء وأعطى المستوطنات النائية مكانة الأولوية (الأفضلية) في الانفاق الحكومي إلى غير ما هنالك من خطوات استرضائية لليمين والمستوطنين ، ونضيف إلى ما قاله بيلين ، بأن نتنياهو الذي يتجه للقبول بورقة "مرجعية" ضبابية وملتبسة بخصوص الدولة والحدود وخط الرابع من حزيران والقدس واللاجئين ، استجابة لطلب الإدارة الأمريكية وأوروبا والمعتدلين العرب والفلسطينيين ، سيأخذ خطوات باتجاه إحكام القبضة على القدس وتسريع أعمال البناء فيها ، وافتعال مشاكل مع السلطة في رام الله وحماس في غزة ، ودائما بهدف وضع هذه الأطراف في زاوية ضيقة ، لإحراجها توطئة لإخراجها عن طورها أو إخراج الأوضاع لديها من دائرة التحكم والسيطرة ، وسعيا للإفلات من قبضة الضغوط والتنصل من الالتزامات والاستحقاقات ، وحفاظا على وحدة الحكومة والائتلاف ، واسترضاء للقواعد اليمينية.

 

نحن لا ندري كم عملية أخرى مثل عملية نابلس ، يمكن للسلطة وبنيانها الأمني والمؤسساتي الهش أن يحتملا ، والأهم كم من هذه الاستفزازات يمكن للرأي العام الفلسطيني في الضفة ، ولحركة فتح بالأخص ، أن يحتملا ، وكم غارة يمكن لإسرائيل أن تشن على غزة قبل أن تبدأ صواريخ "الأذرع والكتائب والألوية والسرايا" بالتساقط على المستوطنات الجنوبية ، وماذا لو قدر لعملية الضاحية الجنوبية أن تطال رأسا من رؤوس حماس القيادية ، ما الذي كان سيحصل على صعيد التهدئة أو على صعيد صفقة تبادل الأسرى؟.

 

أسئلة وتساؤلات ، تدفعنا للتساؤل عمّا يخفيه "جراب الحاوي نتنياهو" من مناورات وألاعيب وأفخاخ وشراك ، تارة لتفادي الضغوط الأمريكية والدولية ، وتارة ثانية لـ"إدارة العملية السياسية" حتى إشعار آخر ووفقا لقانون خطوة للأمام خطوتان إلى الوراء ، وتارة ثالثة ، لتصفية الحساب المفتوح مع غزة - وربما لبنان - وصولا لطهران وبرنامجيها النووي والصاروخي ، أليست هذه هي التحديات المهددة لأمن إسرائيل كما عرضها قبل أيام ، عاموس يادلين؟

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ