-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 23/12/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ليفوفيش: الاحتلال سرطان في جسم إسرائيل

بقلم: د. فوزي الأسمر

أتيح لي, في أعاقب حرب 1967, أن أستمع إلى محاضرة للفيلسوف الإسرائيلي المتمرد يشيعياهو ليفوفيتش. وكانت المحاضرة حول أبعاد الإحتلال الإسرائيلي. وقال ليفوفيتش أن السيطرة على شعب آخر أي الفلسطينيين سيؤدي عاجلا أو آجلا إلى فقدان دولة إسرائيل لقيمها, وسيولد الفساد, ويشجع التطرف اليهودي وسيؤدي إلى إقامة دولة يهودية متدينة داخل دولة إسرائيل يسيطر عليها المستعمرون اليهود, وقد يؤدي ذلك إلى نشوب حرب أهلية وستخسر إسرائيل نفسها. ولهذا طالب هذا المفكر "بإقتلاع" الإحتلال بأسرع وقت ممكن حتى لو جاء من جانب واحد.

 

واليوم نشهد صدق ما قاله ليفوفيتش, وبرهنت سنوات الإحتلال على أن الفساد وتدهور الأخلاق والعبث بحياة الإنسان أصبح مسلكا يوميا لقوات الإحتلال وللمستعمرين الصهاينة. وتطور ليصبح ليس ضد الفلسطينيين فحسب, بل ضدّ قوات الإحتلال, وضدّ السياسيين الإسرائيليين, بل أخذ المستعمرون  يدعون رجال الجيش الإسرائيلي للتمرد, وتمزيق الأوامر التي ترسل لهم أمام أعين حامليها, إذا لم  تكن تتماشى مع مواقفهم ومعتقداتهم.

 

وقد ذهب هذا التمرد إلى حد أن قامت مجموعة مكونة من 25 من رجال الدين اليهود, والذين يمثلون مستعمرات يهودية مختلفة, بتوجيه رسالة إلى طلاب مستعمراتهم الذين يستعدون للإلتحاق بخدمة الجيش الإسرائيلي الإلزامية, يقولون فيها أن: "الإخلاص للرب قبل أن يكون الإخلاص للحكومة أو الجيش" (هآرتس 17/12/2009).

 

كما أن كتاب "طريق الملك" الذي أشرف عليه الحاخام إسحاق شبيرا رئيس مستعمرة "عود يوسف حاي" (يوسف لا يزال حيا), والذي يحلل فيه كاتبه حسب الشريعة اليهودية قتل الأطفال غير اليهود: "إذا كانوا سيشكلون في المستقبل خطرا على بني إسرائيل". هذا الكتاب العنصري المحرض لم يحرك ساكنا لدى القيادة الإسرائيلية.

 

فالمراقب لتطورالعمليات الإرهابية التي يقوم بها المستعمرون اليهود ضدّ الفلسطينيين, يرى كيف أن الحكومة الإسرائيلية تقف جانبا, وتغض الطرف عن الأعمال الإرهابية التي يقوم بها هؤلاء المستعمرون. وهذا العمل زاد من ثقة المستعمرين اليهود بأنفسهم لدرجة أنهم أصبحوا  يعتقدون أن ما يقومون به تلبية لنداء إلهي.

 

وقد وصلت همجيتهم وإرهابهم لدرجة أجبرت النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي, سعيد نفاع, بإصدار بيان, وضعه على جدول أعمال الكنيست (يوم الثلاثاء 15/12/2009) يحّمل فيه المستعمرين اليهود مسؤولية حرق البيوت والمساجد, وقتل الناس وإتلاف المزارع وتلويث البيئة وأراضي الضفة الغربية.

 

وقال العضو نفاع في بيانه إن: "مياه مجاري المستوطنات والتي تتدفق في أراضي وقرى وأودية المناطق المحتلة, تتغلغل إلى مياه الشرب الجوفية فيها. وتقول المصادر الإسرائيلية الرسمية أنه في عام 2007 كان هناك حوالي80 مستوطنة من أصل 121 يتم تصريف مجاريها كمواد خام إلى وديان الضفة الغربية وقراها".

 

فهذا الوضع ليس نتيجة إهمال, إنما سياسة عنصرية موجهة, ليس فقط من جانب المستعمرين اليهود وإنما من جانب سلطات الإحتلال تجاه المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.

 

هذا الجانب هو جانب واحد من الجوانب التي تحدث عنها ليفوفيش. أما الجانب الآخر فكان أن هذا الفساد سيؤدي إلى تمرد يهودي ضدّ الدولة نفسها, وقد يؤدي إلى حرب أهلية. السبب في ذلك يعود إلى أن سكان المستعمرات اليهودية هم من المتطرفين, بل من الإرهابيين, الذين هم على إستعداد لمواجهة كل من يقف في طريقهم, بغض النظر عن دينه أو قوميته.

 

فهم يرفضون كل أمر لا يتماشى مع مواقفهم المتطرفة, ويحرضون على التصدي للجيش الإسرائيلي, إذا حاول منعهم من ممارسة أعمالهم الإرهابية. والسبب في التغاضي عن أعمالهم, يعود إلى تذبذب الموقف الرسمي.

 

فمن ناحية لا تعارض إسرائيل الرسمية مثل هذا العمل الذي يزيد من مضايقة السكان الفلسطينيين  وإشعارهم بأنه غير مرغوب فيهم. ومن ناحية أخرى تحاول حكومات إسرائيل الظهور بموقف "ديمقراطي" أمام العالم. ولكن مثل هذا الموقف فيه تقاعس واضح بسبب الموافقة الضمنية لما يقوم به المستعمرون اليهود. فمثلا, حتى كتابة هذه السطور, لم تقم سلطات الإحتلال  بإلقاء القبض على المجرمين الذين حرقوا المسجد في قرية "ياسوف" بالقرب من مدينة  نابلس (يوم 11/12/2009), على الرغم من الشعارات المتطرفة التي كتبت على جدار المسجد تثبت هويتهم, والتي تحمل تهديدا للفلسطينيين على غرار "سنحرقكم جميعا". فلو حدث ذلك ضدّ معبد يهودي لقامت إسرائيل فورا بإعتقال العشرات وربما المئات من الشباب الفلسطيني.

 

ولكن الأمر يختلف عندما يكون الفاعلون من اليهود, فقوات الإحتلال تفكر مرتين قبل أن تدخل أي من المستعمرات اليهودية للقيام بعمليات إعتقال. كما أنها قد تواجه مقاومة قد تكون مسلحة.

 

وقد أنار هذا الوضع ضوءا أحمر لدى بعض المفكرين اليهود. فقد نشرت صحيفة "معاريف" (15/12/2009) مقالا عنوانه "نيو نازين بيننا". يقول كاتب المقال أن تصرفات المستعمرين اليهود هي تصرفات نازية: "وهناك من يغفر لهم أعمالهم.. صحيح أن رئيس الوزراء ووزير الدفاع قد أدانا  عملية حرق المسجد, ولكن أين التحرك الصحيح؟ يجب أن لا نصفهم بأنهم أقلية هامشية. إن هؤلاء الناس يحصلون على تأييد من أعلى المستويات. والحاخام مردخاي إيلياهو الرئيس الروحي للصهيونية المتدينة, أعطى فتوى تسمح بتخريب فصل قطف الزيتون الفلسطيني".

 

ويضيف الكاتب: "متى ستستيقظ حكومة إسرائيل وتفهم أن هناك خطرا حقيقيا يواجهها من العدو الداخلي؟ متى سيستيقظ المعسكر الصهيوني الحاكم ويفهم أن هناك سرطانا قاتلا داخلنا؟ علينا إنتزاعه وهو صغير, وإلا أصبح الأمر متأخرا جدا".

 

فقبل أكثر من أربعين سنة رأى يشعياهو ليفوفيتش ما يحدث الآن, ولكنه لم يعش ليرى ثمار تنبؤاته. ولكنه قال كلمته المشهورة أن العفونة ستخرب إسرائيل من الداخل, ولكن الأغلبية سخرت منه تمشيا مع المثل العربي القائل "لا كرامة لنبي في بلده".

ــــــــــــ

* كاتب وصحافي فلسطيني يقيم في واشنطن

FAsmar1@aol.com

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ