-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 12/12/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


واشنطن والمصالحة الفلسطينية: القطبة المخفية

عريب الرنتاوي

منذ الساعات الأولى للانقسام الفلسطيني الأخطر، وقفت واشنطن موقفا المنحاز لفريق ضد آخر، امتدادا لموقف يتبنى السلطة الفلسطينية ويستعدي حماس، وهذا أمر / موقف مفهوم تماما ويندرج في سياقه الطبيعي.

واشنطن لم تكتف بانحياز متوقع لفريق السلطة، بل عارضت و"قاومت" الجهود المبذولة من أجل استئناف الحوار وإتمام المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، أياً كانت الجهات التي تبذلها، ومهما بلغت أوزانها، وبصرف النظر عن مواقعها ومواقفها في خريطة التحالفات والائتلافات الإقليمية.

 

فهي عارضت اتفاق مكة الذي أنجز في سوريا ووقّع في السعودية، وهي قالت في "نواقصه" ما قالت، ولعبت من خلال جنرالها المقيم في فلسطين على التحضير لانقلاب على حكومتي حماس والوحدة الوطنية في القطاع، قبل أن تشن الحركة هجومها الاستباقي في منتصف يونيو 2007، وبقية فصول القصة معروفة للجميع ولا حاجة لاجترار وقائعها.

 

بعد ذلك الفشل الفلسطيني الكبير، الذي كان لواشنطن دور في صنعه، وصل الفلسطينيون إلى صنعاء، في ربيع (آذار) العام 2008، وتوصلوا لاتفاق حمل اسم العاصمة اليمنية، ورعاه رئيسها "الشغوف" بإنجاز المصالحات في كل مكان، ما عدا في موطنه هو بالذات، لكن "البشارة السوداء" جاءت من رام الله، وعلى لسان نائب الرئيس الأمريكي آنذاك ديك تشيني، الذي كان في زيارة لها من ضمن جولة في المنطقة، أعلن خلالها بأن السلطة لن توقع "اتفاق صنعاء" وأنها تنتظر استسلام حماس وتسليمها القطاع لفتح والسلطة، وبعد ذلك لكل حادث حديث.

 

إذن، وبينما كان عزام الأحمد يوقع الاتفاق في صنعاء، كانت الرئاسة في رام الله تتنصل من موافقتها عليه، وبمبررات شبيهة بمررات سحب تقرير جولدستون الشهير (عزام اتصل هاتفيا بالمقاطعة لكن الرئيس كان مشغولا في اجتماع والوقت ضيق إلى غير ما هنالك من تبريرات متهافتة)، فيما ديك تشيني يروج لرفض إدارته وسلطة رام الله الاتفاق المذكور، إلى أن دخلنا بعد ذلك في جدل حول ما إذا كان الاتفاق مطروح للتنفيذ أم للحوار، يؤخذ كله أو يرفض كله، تماما كما يحصل اليوم مع الورقة المصرية.

 

في أكتوبر من العام 2009، وفي أثناء تواجده في القاهرة، أبلغ الموفد الأمريكي جورج ميتشيل الوزيرين المصريين أحمد أبو الغيط وعمر سليمان، رفضه "الورقة المصرية" في طبعتها المعتمدة تلك الأيام، ما لم تتضمن شروط الرباعية الدولية الثلاث: اعتراف حماس بإسرائيل والتزامها بالاتفاقات المبرمة وتخليها عن المقاومة المسلحة، ورددت مصادر فلسطينية في حينه، أن مصر المسكونة بهاجس المصالحة، صاحبة المصلحة الخاصة في إتمامها، وجدت نفسها في موقع حرج، خرجت منه بالإسقاطات والإضافات على الورقة المصرية، ما أدى إلى رفض حماس لها، وبقية الحكاية معروفة أيضا للجميع، ولا حاجة للتكرار.

 

قبل يومين، أوردت صحيفة "الشروق" المصرية على لسان مصادر أمريكية مطلعة، أن نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن (لا أدري لماذا يختص نواب الرئيس الأمريكي تحديدا بتعطيل المصالحات الفلسطينية)، بعث برسالتين إلى القاهرة حثها فيهما على تأجيل جهود المصالحة واستئناف الحوار إلى ما بعد نهاية العام الحالي أو مطلع العام المقبل، إفساحا في المجال أمام مهمة جورج ميتشيل ومحاولاته استئناف المفاوضات مع إسرائيل، فواشنطن ترى أن استئناف الحوار الوطني الفلسطيني يتعارض مع استنئاف المفاوضات، فلكل من "الاستئنافين" مستلزماته ومقتضياته، ويتعين أن يُبنى على الشيء مقتضاه.

 

في تفسير هذا "الاستعصاء" الأمريكي، تحضر جملة تفسيرات وتأويلات، أولها: أن واشنطن تريد ليدي عباس أن تظلا طليقتين تماما، لا تكبلهما اشتراطات حماس و"ثوابتها"..وثانيها: أن واشنطن لن تقدم على إعطاء عباس ضوءً أخضر لإدماج حماس في النظام السياسي الفلسطيني ما لم يصدر ضوءٌ أخضر مماثل من تل أبيب...وثالثهما: أن حكاية "الحرب على الإرهاب" أعمت واشنطن وأفقدتها "حاسة" التمييز بين إسلام سياسي/وطني/مقاوم، وإرهاب أعمى يضرب ذات اليمين وذات الشمال.

 

واللافت حقا، أن موقف واشنطن من حماس في فلسطين، هو ذاته موقفها من حزب الله في لبنان، مع فارق في درجة التشدد والتعنت إن شئتم (أشد على حماس وأكثر تصلبا حيالها)، فالإدارات الأمريكية المتعاقبة حاربت حزب الله وقاطعته وحرضت عليه ودعت لإخراجه من المعادلة اللبنانية وطاردته بالبند السابع في قرارات مجلس الأمن وفي اللائحة السوداء للمنظمات الإرهابية وفي حملات المطاردة والملاحقة وتجفيف الموراد وتقطيع الشرايين إلى غير ما هنالك من مصطلحات ومواقف وأعمال.

 

والحقيقة أنه لا يمكن الفصل بين الفيتو الأمريكي المشهر في وجه المصالحة الفلسطينية وإخفاق المبادرات المتعاقبة التي أطلقها غير طرف وعاصمة، وإلى أن يطفأ هذا الفيتو وتنتهي مفاعليه، فإن من العبث التفاؤل في إمكانية تحقيق اختراق على دروب الوحدة الوطنية الفلسطينية، فهنا بالضبط، وهنا بالذات، تقع "القطبة المخفية" الكامنة وراء لعنة الفشل التي طاردت جميع المبادرات والمبادرين إليها طوال السنوات الثلاث الماضية.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ