-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 18/11/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


استقيموا يَرحمُكمُ الله

أبو عمَّار

منذً ولِدتُ لم أعرفْ لهُ اسماً إلَّا المسجدَ الجامعَ فكلُ أهلِ القريةِ يختلفونَ إليهِ و يبدَأونَ يومَهم فيه . فبعدَ صلاةِ الفجرِ ينطلقُ الجميعُ إلى حقولِهم ساعينَ إلى أرزاقِهم و معايشِهم و تراهم يُنْهُونَ يومَهم فيهِ بعدَ صلاةِ العشاءِ . بينما يَتَولَى الصلاةَ في أوقاتِه الباقيةِ من قَرُبَ منزلُه و عملُه ،  أو كَبُرَ سنُّهُ عن العملِ لكنْ لمْ يَكْبُرْ عنْ عِمارةِ بيتِ الله.

 

كانتْ الحياةُ هادئةً هانئةً لا يُعكِرُ صَفْوَها إلا ماعودَّتِ الحياةُ أهلَها و تَقَبلوهُ منها ،  و ذاتَ يومٍ جاءَنا إمامٌ جديدٌ هوَ مِنْ أهلِ القريةِ تلقَّى العلمَ عن أهلِه ثم عادَ إلينا عالماً يافعاً نافعاً.

 

كان يجلسُ كلَّ يومٍ بعدَ صلاةِ العشاءِ يعلمُنا أمورَ دينِنا ، و كثيراً ما فتحنا أفواهَنا تعجباً من علمِه أو قلْ إنْ شئتَ من جهلِنا ، و ذاتَ يومٍ وهو يعلمُنا فقهَ الصلاةِ و كيف كان النبيُ (صلى الله عليه وسلم) يُسَوِّي بين الصفوفِ قبلَ الصلاةِ قام شابٌ وقالَ أنَّه لمَّا ذَهبَ إلى قريةٍ مجاورةٍ وجدَهُم قدْ وضعوا خطوطاً على الأرضِ كي تستويَ صفوفُ الصلاةِ و أَعجبَ الإقتراحُ الكثيرَ منَّا بما فيهم إمامُنا فاستشارَ المصلينَ فوافقَ البعضُ و اعترضَ البعضُ ، و كانَ حجةُ المعترضين أنَّ هذهِ بدعةٌ لم يردْ بها فعلٌ من السلفِ و لم أكنْ أعرفْ ما تعني هذهِ الكلمةُ فقالوا لي همُ الصحابةُ والتابعون فخشيتُ على نفسي من مخالفتِهم ولكنِّي امرؤٌ جاهلٌ ومثلي كثيرون ، لا ندري ماذا نفعلُ أو نقولُ فقلنا نَتَّبِعُ الإمامَ فهو أعلمُنا. و أمرَ الإمامُ بوضعِ هذهِ الخطوطِ فخرجَ المعترضون و احتجوا بأنَّ هذهِ بدعةٌ و كلَ بدعةٍ ضلالةُ وكلَ ضلالةٍ في النارِ ,  و ذهبوا إلى طرفِ القريةِ و أنشأوا مسجداً جديداً سمَّوه مسجدَ التابعين.

 

و انتظمَ الأمرُ في مسجدِنا الجامعِ ووقفَ المصلون خلفَ الخطِ سعداءَ بطاعةِ اللهِ حتَّى جاءَ أحدُنا و قالَ إنَّه في زيارةٍ لقريةٍ مجاورةٍ وجدَهم يقفونَ أمَامَ الخطِ – أي يَضعونَ أعقابَهم على الخطِ – و أنَّ هذا يساعدُ على استواءِ الصفِ فأصحابُ الأجسامِ الصغيرةِ يفسدونَ استواءَ الصفِ. وانقسمَ الناسُ فريقانِ ، فريقٌ معهُ إمامُنا وهو أنْ نبقى - كما نحنُ - خلفَ الخطِ و فريقٌ جديدٌ يريدُ الوقوفُ أمامَ الخطِ. و أصرَّ الإمامُ على رأيِه – ونحنُ خلفَهُ – فقرَّرَ الفريقُ الآخرُ الذهابَ إلى الطرفِ الآخرِ منْ قريتِنا و بناءَ مسجدٍ جديدٍ سمَّوهُ مسجدَ المجددين و مرتِ الأيامُ و كلُ مسجدٍ يكتسبُ أنصاراً لخَطِه وخُطَطِهِ.

 

و جاءَ واحدٌ منَّا واقترحَ أنْ نضعَ خَطَّينِ و يقفُ المصلون بينهما وهكذا نجمعُ بين الرأيين , و نوحدُ على الأقلِ مسجدين. و مازالَ إمامُنا على رأيِهِ مُصِراً و لهُ مُقِراً , و كالعادةِ انقسمنا إلى فريقين و كالعادةِ أقامَ الفريقُ المعارضُ مسجداً في طرفٍ آخرٍ منْ قريتِنا – و ما أكثرَ أطرافِ قريتِنا – سمَّوهُ مسجدَ الوَسَطية.

 

و لمَّا كنتُ إنساناً جاهلاً, لستُ عالماً ولا فاهماً, كُلَّما دخلَ وقتُ الصلاةِ وأنا قريبٌ من أي مسجدٍ دخلتُ فيهِ وصلَّيتُ مع جماعتِهِ , وهكذا أصلي مرةً أمامَ الخطِ و مرةً خلفَ الخطِ و مرةً بينَ الخطينِ و مرةً بلا خطِ.

 

قدْ كانَ كلُ هَمِّي – واعذروني لجهلي – أنْ استوي واستقيمَ في الصفِ كي يَرحمَني ربِّي.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ