-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 03/11/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


معالم انفراط عقد التحالف الغربي في أفغانستان

بوفلجة غيات

إن عهد الحروب الخاطفة، وهزم الأعداء بمجرد الإستيلاء على الأرض، وسقوط القيادة الرسمية والعسكرية وتحطيم خطوط اتصالاتها قد ولّى. وقد أثبتت التجارب الجديدة للحروب مع نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين، من خلال حروب الشرق الأوسط، بين إسرائيل وحركات المقاومة الإسلامية، وجود تحولات قلبت النظريات العسكرية التقليدية رأسا على عقب.

وهكذا، فأول تجربة عسكرية حديثة تمت مع بداية الألفية الثالثة كانت بالعراق. حيث جربت إستراتيجية جديدة للحرب، دخلتها جيوش عدّة، من الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفائهما في مختلف بقاع العالم، إلى جانب تواطئ دول عربية وإسلامية مجاورة للعراق، واستغلال جيوش من العملاء العراقيين والأحزاب السياسية الفاشلة التي ساعدت جيوش الحلفاء على احتلال العراق.

وقد استعمل التحالف كلّ ترسانة الحلف الأطلسي والتكنولوجيا العسكرية الحديثة والمدمّرة. حيث استعملت الأراضي العراقية مجالا لتجريب أسلحة أطلسية جديدة لم تستعمل من قبل، وذلك لهدف الحسم العسكري، بسرعة وقوّة تطبيقا لفلسفة الرعب والتدمير.

إلا أنه مع طول أمد الحرب وتزايد الخسائر المادية والبشرية، وتزايد الضغوط الإعلامية والسياسية وارتفاع أصوات جمعيات حقوق الإنسان والمجتمع المدني، واضطرار كثير من الدول الصغيرة إلى إعادة النظر في مشاركتها، ذلك أنها أرسلت جيوشها مجاملة للولايات المتحدة أكثر من قناعتها السياسية بضرورة الدخول إلى حرب العراق. فالحرب في العراق لم تكن نزهة كما كانت تتصور، وهو ما اضطرها إلى الإنسحاب. وهكذا تلاحقت الدول المنسحبة من العراق، ولم تبق في الأخير إلا جيوش الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا. وهكذا انفرط عقد التحالف الغربي في العراق، واضطرت بريطانيا إلى الإنسحاب الكلي، كما قررت الولايات المتحدة إخراج جنودها من المدن العراقية قبل انسحابها من العراق كلية ، تفاديا لمزيد من الخسائر.

وهو ما أكد أن الولايات المتحدة الأمريكية بجيوشها وأساطيلها ودعم الغرب لها، لم تتمكن من القيام بحربين في نفس الوقت، وهو ما حاولت تجربته من خلال دخولها إلى أفغانستان والعراق، وهو ما أثبتت فشله. مما أضطرها إلى سحب جيشها من العراق للتركيز على أفغانستان.

وفي هذا البلد الفقير والمنهك، وبعد احتلاله، والإتيان بالرئيس كرزاي ومده بالمساعدات المادية والعسكرية للحفاظ على السلطة والقضاء على حركة طالبان المنهكة، مع ذلك بقيت الحرب قائمة منذ 2001، دون ظهور بوادر إنهائها.

وهكذا نجد أن الرئيس الأفغاني كرزاي، لم يتمكن من بسط نفوذه، وأن خسائر الحلفاء في تزايد مستمرّ، وأن أعداد قتلاهم وجرحاهم تتضاعف يوما بعد يوم، وأن قوّة طالبان في تزايد، وقد بدأت تقوم بمبادرات هجومية وتتمدد على الأرض. كما أن تزايد عدد قوات الحلفاء ومعداتهم العسكرية المتطوّرة، لم تأت بأي نتيجة تذكر.

وقد بدأت معالم سيناريو العراق في الظهور بأفغانستان، حيث قررت كندا سحب قواتها بعد أن صوت مجلس العموم (عام 2008) على مذكرة تطالب الحكومة بسحب القوات الكندية خلال سنة 2011. علما أن هذه القوات يصل قوامها إلى حوالي 2800 جندي، وقد قتل أكثر من 127 منهم منذ 2002 إلى اليوم.

كما أن استطلاعات الرأي التي أجريت في صيف 2009، أثبتت تراجع نسب المؤيدين للحرب في أفغانستان إلى ما دون 50 في المائة، في كلّ من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وغيرها من الّدول الغربية المشاركة في التحالف الأطلسي في أفغانستان.

نجد أيضا أصواتا متزايدة في أمريكا وبريطانيا خاصة، من العسكريين والمحللين السياسيين، المثقفين والصحفيين، الذين يرون أن الحرب على طالبان حرب خاسرة، وأن أفغانستان مقبرة للغزاة والأمبراطوريات، وليس المحيط الإطلسي والأمراطورية الأمريكية استثناء لذاك.

وهكذا، ومع امتصاص حركة طالبان للصدمات الأولى للغزو الغربي، وتكيّف مقاتلو طالبان مع الظروف العسكرية الجديدة، وتعلّمها من خبرات المقاومة العراقية وتكتيكاتها في حرب المقاومة والإستنزاف، فقد أصبح من الصعب هزمها على أراضيها وسط جغرافيتها، التي لا يستطيع أي جندي غربي التكيف معها. وفي ظل غياب المواجهة بين جيشين، تبقى المواجهة بين التكنولوجيا والجغرافيا، ويكون جنود الحلفاء في مواجهة أشباح وألغام.

وفي ظل الخسائر المتزايدة وارتفاع عدد النعوش التي ترسل إلى مواطن الجنود القتلى في أفغانستان، وحكايات الجرحى المتزايد عددهم، وتحطم معنويات الجنود الذين لا يرون طائلا من هذه الحرب، وفشل الخطط والإستراتيجيات العسكرية المطبقة دون نتائج، كلّها عوامل تساعد على تدعيم الإقتناع بفشل قوات الحلفاء في أفغانستان.

وهكذا فإن خروج القوات الكندية، سوف تتبعها قوات من دول أخرى، وترتفع أصوات دعاة السلام والمظاهرات والإحتجاجات ضد استمرارها، وتصل مواعيد الإنتخابات، وتبدأ الضغوط الإعلامية، والإفصاح عن التذمّر، وترتفع الأصوات المطالبة بوقف هذه الحرب الظالمة ضد الشعب الأفغاني، ذلك أن أكبر المتضررين هم المدنيون من الأبرياء العزل، في ظل تكرّر الأخطاء وقصف المدنيين، وما يتبعها من إحراج لسلطات الحكومة الأفغانية.

وهو ما سيؤدي حتما إلى انفراط عقد التحالف الغربي في أفغانستان، كما حدث في العراق، ليتعلم الغرب دروسا إستراتيجية وعسكرية، من أن القوّة العسكرية لا يمكنها قهر عزائم الشعوب ورغبتها في التحرّر والإنعتاق، مهما كانت القوات المسخرة لقمع هذه الشعوب. ذلك أن عزائم الشعوب لا تقهر، وأن الأمّة الإسلامية مارد لا يمكن ترويضه ولو طال الزمن.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ