-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 13/10/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


المشاكل المعقدة تحل بسعة الأفق ووضوح الرؤية

محمود عثمان

السبت الماضي تم التوقيع في مدينة زيورخ السويسرية على بروتوكول تطبيع العلاقات بين تركيا وأرمينية بعد قرابة قرن من التوترات والحروب السياسية السرية والعلنية , وقد تأسست رابطة الأرمن في الخارج (الدياسبورا الأرمنية ) بسببها من أجل حشد وتجميع واستنفار قوى الأرمن في الخارج ضد تركيا . مقابل ذلك شكلت القضية الأرمنية إلى جانب اليونان والمسألة القبرصية العبء الأكبر على كاهل الجمهورية التركية من لدن تأسيسها وحتى يومنا هذا . إذ تضطر الدبلوماسية التركية كل عام إلى حشد كافة قواها وبذل كل ما في وسعها واستعمال كافة أوراق الضغط لديها للحيلولة دون قبول الكونجرس الأمريكي ما جرى خلال الحرب العالمية الأولى بين الأرمن والأتراك على أنه "مذبحة للأرمن" . وفي كل عام تنجح الجهود الدبلوماسية في تخطي هذه العقبة بفارق ضئيل , لكن بعد تدخل الرؤساء الأمريكيين شخصيا !.

مطالب الأرمن ليست من النوع القابل للهضم فهي تبدأ بادعاء حقها في أراض تركية تشمل أربع محافظات شرقية , و لا تنتهي عند قبول تركيا لما جرى في الحرب على أنه مجزرة وإبادة للأرمن ومطالبتها بدفع تعويضات لأهالي الضحايا .. وخلال هذه المعمعة لا يفوت اليهود فرصة الاستفادة من هذه الظرف الثمين فيسرع لوبيهم الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية ليتدخل لصالح تركيا ويحول دون اعتماد الكونجرس كلمة "مجزرة" فيتم استبدالها بكلمات دبلوماسية أقل وطأة , ليتقاضى مقابل أتعابه تنازلات من تركيا أقلها سكوتها عما يجري من تقتيل وإبادة للشعب الفلسطيني , في الوقت الذي لا يريد اليهود للقاموس السياسي العالمي أن يدخل عليه مصطلح مجزرة أخرى غير مجزرتهم المزعومة .. على الجهة المقابلة يطالب القوميون الأتراك بإحكام الخناق على أرمينية وسد كافة المنافذ والمعابر إليها , بل تهديدها بين الفينة والأخرى بمناورات عسكرية على الحدود معها بغية تركيعها وجعلها تخضع للأمر الواقع فتتخلى عن مطالبها , وتعيد الأراضي التي احتلتها من أذربيجان في إقليم كاراباخ المتنازع عليها !.

للوهلة الأولى يبدو الحل مستعصيا بل مستحيلا .. فالحكومة الأرمنية تعاني من ضغوط  (الدياسبورا الأرمنية ) التي تمتد من أمريكا إلى فرنسا إلى لبنان , وحكومة العدالة والتنمية برئاسة أردوغان تعاني من ضغوط الجيش والقوميين الذين يتذرعون بمصالح أذربيجان الشقيقة !.. لكن سعة الأفق وبعد النظر إذا صاحبته إرادة صلبة وعزيمة راسخة كفيل بحل كل مستعص وفتح كل مغلق .. بهذه البصيرة النافذة تحركت الدبلوماسية التركية , فاستغل الرئيس عبد الله غول مباراة كرة القدم بين البلدين , وقام بزيارة تاريخية لأريوان عاصمة أرمينية , ثم تبعتها خطوات ومشاورات ومباحثات انتهت بتوقيع بروتوكول لتطبيع العلاقات بين البلدين , وتأجيل لبحث المشاكل المستعصية والمعقدة بين الطرفين بتحويلها إلى لجان مختصة . ورغم كل المعوقات تم التوقيع على البرتوكول , بل أعلن الرئيس الأرميني عزمه - رغم كل الضغوط - حضور مباراة الرد في كرة القدم بين البلدين التي ستقام في مدينة بورصة يوم الأربعاء القادم .. ولعله من طريف المفارقات أن لا يكون لهذه المباراة أي أثر رياضي بعد أن فقد البلدان حظوظهما للتأهل لكأس العالم لكرة القدم التي ستقام في جنوب أفريقيا .

تجربة حزب العدالة والتنمية الرائدة ينبغي على بقية دول المنطقة أن تحذو حذوها وتستفيد منها . فها هي قضية الصحراء الغربية المتنازع عليها بين المغرب والجزائر مازالت  قائمة مستعصية على الحل . رغم كونهما قطران عربيان مسلمان لا تكاد تجد فرقا بين شعبيهما سمة ولهجة وعادات وتقاليد بله كونهما سليلي حضارة الأندلس أغنى حضارات التاريخ . ولا يزال جرح العراق ينزف . بل لا تزال وطأة أحداث الثمانينات بين النظام السوري والإخوان المسلمين تخيم بظلها الثقيل , وتلقي بتبعاتها المعقدة على أبناء القطر الواحد .. لا أحد ينكر حجم المثبطات والمعوقات أمام الرئيس بشار الأسد , من وقوف بعض أركان النظام حجر عثرة دون تطبيع الأجواء وتحقيق الوئام والسلم الوطني والشروع في حياة مدنية ديمقراطية .. يأتي في مقدمة هؤلاء رؤساء الأجهزة الأمنية وبعض الشخصيات السياسية التي تجاوزها الزمان أمثال وزير الأوقاف الذي وقف مفرقا وحاقدا رغم مكانته الدينية التي تحتم عليه العفو والرحمة وتقوية أواصر الوحدة والأخوة بين أبناء الوطن الواحد ..  لكن صداقة الرئيس بشار بالطيب أردوغان والتي وصفها بأنها  الأكثر من تقليدية تجعله يدرك نعماء الحياة الديمقراطية والحياة المدنية وهي كفيلة بتبديد مخاوفه من أبناء بلده الإسلاميين منهم على وجه الخصوص .

هناك الكثير مما تقدمه التجربة الأردوغانية , وهناك دور أكبر يجب على كوادرها القيام به . لأن تركيا هي البلد القائد والأخ الأكبر لبقية دول المنطقة لا يماري في ذلك أحد .. هذا الدور الذي حازته بكل كفاءة وجدارة يحتم عليها ذلك . ومن استمع إلى كلمة وزير الخارجية السيد أحمد داوود أوغلو بمناسبة التوقيع على البروتوكول يدرك أن تركيا أهل لذلك وقادرة عليه بإذن الله . وأكبر دليل على ذلك قول السفير والمستشار ووكيل وزارة الخارجية السابق المخضرم العلماني أوزدام صانبرك : " هذا الفزيون – وضوح الرؤية وسعة الأفق - التي يتحلى به الوزير أحمد داوود أوغلو تفتقره أوربا , ولا مثيل له حاليا إلا في أمريكا عند اوباما , وقد كان جليا في شخصية تورغوت أوزال رحمه الله .

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ