-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 07/10/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


"هزليات" الجمعية العامة ؟

عوني صادق

في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر/أيلول الحالي تبدأ الجمعية العامة للأمم المتحدة دورتها الجديدة لمراجعة القضايا العالقة، خصوصا تلك التي “تهدد أمن وسلام” العالم، وذلك بوصفها أعلى هيئة من هيئات الأمم المتحدة. على رأس هذه القضايا العالقة منذ أكثر من ستين عاما تقف القضية الفلسطينية، أو “قضية الشرق الأوسط”، أو استطرادا “عملية السلام في الشرق الأوسط”. وكما جرت العادة، سيلقى عدد من زعماء العالم كلمات أهمها كلمة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في أول ظهور له على مسرح الجمعية العامة. ولعل الكلمة الثانية من حيث الأهمية كلمة رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو (إن لم تترك المهمة لشمعون بيريز) حول القضية ذاتها.

 

لم تترك التسريبات، بل والتصريحات، مكانا للمفاجآت، وأصبح معروفاً ما سيقوله أوباما وكذلك نتنياهو، ولأسف الكثيرين فإن الكلمة الأهم ستكون لنتنياهو وليس لأوباما كما يفترضون. وكغيره ممن سبقوه من القادة الصهاينة، سيكرر نتنياهو أقوالاً صارت “كليشهات “إسرائيلية”” محفوظة حول السلام، سيقول: الفلسطينيون والعرب هم المسؤولون عن “تعثر عملية السلام”، و”إسرائيل” جاهزة دائما للتقدم في العملية، وهي لا تطالب بأكثر من “نسيان القدس، والمستوطنات في الضفة، وحق العودة، والاعتراف بيهودية الكيان”، إضافة إلى بضعة “مطالب” قليلة تتعلق بحالة “الدولة الفلسطينية”، فقط لضمان “أمن “إسرائيل””!

 

المفارقة هنا هي أن يعلن نتنياهو كل ذلك من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة من دون أن يلحظ المستمعون أن ذلك سيحولها إلى مسرح هزلي. فكل كلمة سيقولها ستظهر على الفور أنه يبصق على الجمعية العامة والأمم المتحدة والحاضرين، وكل ما دبجته أمم الأرض من شرائع وقوانين، وما اتخذته من قرارات لمرات ومرات. فقرار الجمعية العامة رقم 181 لعام ،1947 مثلا، يسحب من تحت أقدام كيانه حوالي نصف ما يضع عليه يديه من الأرض الفلسطينية، وقرار مجلس الأمن رقم 242 لعام ،1967 على سوئه، يقرر أن القدس القديمة والضفة الغربية هي “أراض محتلة” وأن احتلالها والتصرف بأي شبر منها انتهاك سافر وصريح للقانون الدولي ومعاهدة جنيف الرابعة المتعلقة بالأراضي الواقعة تحت الاحتلال. وقد سبق للجمعية العامة أن أكدت ذلك في عشرات القرارات الصادرة عنها خلال الستين عاما الماضية تحت عنوان “حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف”. وقبول الاستماع لنتنياهو فإن السماح له بأن يدوس علناً وعلى مسمع ومرأى من ما يسمونه “المجتمع الدولي” أو “الأسرة الدولية” على كل تلك الشرائع والقوانين والقرارات هو قمة المهزلة. وأقل ما يمكن أن يكون الرد المناسب عليه هو طرده من المنظمة الدولية وفرض أشد العقوبات على كيانه لو كان هناك بقية من احترام لتلك القيم.

 

وإذا كان مجلس الأمن قد تحول إلى مكتب تابع للخارجية الأمريكية وأصبح ألعوبة في يد الولايات المتحدة، فإن ذلك لا يجعل فرض العقوبات عليه مستحيلا، فلدى الجمعية العامة من الآليات ما يمكنها من فعل ذلك لو أرادت والتزمت الحق والعدل والأخلاق وقوانين الأمم المتحدة، وقرارات الجمعية العامة. فلماذا لا تلجأ الجمعية العامة إلى تفعيل بعض قراراتها ذات الصلة؟

بفضل “حق النقض” الذي تستعمله الولايات المتحدة لحماية الكيان الصهيوني، يحمي مجلس الأمن هذا الكيان العدواني بالنشأة، وبفضل نفوذها في المنظمة الدولية توقف الجمعية العامة عاجزة عن معاقبته، وحتى القرارات التي تتخذ ضده ترمى في حاويات الزبالة أو في الأدراج، وأحيانا تسقطها قرارات مضادة، كما حدث مع قرار الجمعية العامة رقم 3379 لعام 1975 الذي ساوى بين الصهيونية والعنصرية. وحتى المؤتمرات غير الحكومية، نجد الدول ذاتها تفشلها إذا وجدت نية “الإساءة” إلى الكيان الصهيوني، كما حدث في مؤتمر دوربان الثاني لمكافحة العنصرية، بعد أن انسحبت منه الولايات المتحدة و23 دولة أوروبية، واستطاعت أن تفرض على المؤتمر بيانا ختاميا لم يتعرض للكيان الصهيوني بكلمة، مع أنه آخر كيان استيطاني عنصري على الكرة الأرضية. وعندما يجد الأمين العام للأمم المتحدة نفسه محرجاً إزاء موقف أو انتهاك “إسرائيلي”، لا يجد أكثر من بيان مقتضب يعرب فيه عن “القلق الشديد” إزاءه ليتم تجاوزه قبل أن يجف حبره، كما حدث قبل أيام عندما صادقت الحكومة “الإسرائيلية” على توسيع وبناء وحدات سكنية جديدة في بعض مستوطنات الضفة الغربية، مكتفيا في بيانه بالقول: إن قرار الحكومة “الإسرائيلية” “يخالف القانون الدولي” ما يجعله “ينظر بقلق شديد لقرار الحكومة “الإسرائيلية”” (9/9/2009). الأدهى والأمر أن المندوبين الصهاينة أصبحوا ينتخبون لرئاسة المنظمات التابعة للأمم المتحدة، كما حدث في 6/9/2009 عندما انتخب المرشح الصهيوني دانييل كارمون رئيسا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، بأغلبية 28 عضوا من أصل 37 عضوا، بالرغم من الاحتلال “الإسرائيلي” المتصل منذ عقود (دون الحديث عن الاغتصاب الأول)، وبالرغم من كل الجرائم التي يقترفها الصهاينة ضد الفلسطينيين في هذه الأراضي.

 

مقابل ذلك كله، ليسمح لي المعنيون طرح هذا السؤال الساذج: بدلاً من الحديث عن “تجميد الاستيطان” الذي سيتحفنا به أوباما أو نتنياهو، لماذا لا يكون الحديث عن تطبيق القرار 242 وإنهاء احتلال 1967على الأقل؟ ولماذا لا يطالب العرب بدلا من “مبادرة بيروت العربية” بتفعيل قرار الجمعية العامة رقم 181 (مع أنني شخصيا لا أقبلهما)؟ قد يراني البعض هازلا، ولم لا، ما دام مسرح الجمعية العامة لا يقبل غير الهزليات؟

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ