-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 30/08/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


قصور الإعلام الفلسطيني المحلي

أ.د. محمد اسحق الريفي

يوجد قصور في الأداء الإعلامي لوسائل الإعلام الفلسطينية التي تتناول القضايا المحلية في غزة تحديداً، ولا سيما فيما يتعلق برسم خريطة للاتجاهات السياسية والفكرية والدينية، لمساعدة المعنيين على تحليل الظواهر الاجتماعية، ومعالجة القضايا الفكرية والسياسية والدينية، وكشف الأخطار الكامنة التي تهدد الأمن والاستقرار في غزة.

الإعلام الفلسطيني يتسم لحد كبير بالحزبية؛ فالوسيلة الإعلامية تسير وفق أجندة الحزب الذي أنشأها، وتسعى إلى تحقيق أهدافه وغاياته، وتدافع عن مواقفه السياسية، وتبرر ممارساته، وتنشغل كثيراً في زيادة شعبيته.  ولا توجد مشكلة في ذلك، وأنا هنا أتحدث عن الإعلام الحر الشريف، الذي يدافع عن حقوق شعبنا وعن أمتنا، ولكن تنشأ المشكلة عندما ينال ذلك الدور الحزبي جل اهتمام تلك الوسائل الإعلامية؛ فتنشغل به عن التنوير، والتوعية، وترسيخ مبادئ الانفتاح، ومواجهة التطرف والانغلاق الفكري والتعصب الحزبي، ونشر قيم التسامح واحترام حق الآخر في أن يكون له رأي مخالف؛ ضمن حدود ما تسمح به قيمنا وثقافتنا الإسلامية، وإذابة الحواجز الحزبية التي تحول دون التفاهم بين المواطنين.

 

ومن عيوب الإعلام المحلي أنه يغرق في الحدث وتداعياته لحظة وقوعه، ويتناوله في سياق الدعاية الحزبية، ويوظفه توظيفاً فئوياً، ولا يتناوله في سياق الظواهر الاجتماعية، مبيناً علاقته بالقضايا الفكرية والسياسية المحلية والإقليمية والعالمية.  فغالباً ينصب تركيز الوسيلة الإعلامية على ترويج الرواية الحزبية والتفسير الحزبي للحدث، في سياق المناكفة السياسية أحياناً، وفي سياق تبريري لممارسات الحزب، أو تمجيدي لمواقفه، أو كلاهما معاً أحياناً أخرى.  وهذه مشكلة كبيرة، فالمفروض أن يستبق الإعلام المحلي الأحداث قبل وقوعها، عبر متابعة حركة خريطة الاتجاهات السياسية والفكرية والدينية، ومتابعة تفاعلات هذه الاتجاهات في كافة زوايا الشارع الغزي، والوقوف عن كثب وبموضوعية على المسببات الكامنة للأحداث وإرهاصاتها والمناخ السياسي الذي يمكن أن تقع فيه، ومحاولة التحكم فيها.

 

مستوى الحوار ضعيف جداً في الإعلام الفلسطيني، وهناك إقصاء واضح للآراء المخالفة، وتهميش لأصحابها، واتباع لسياسة "دس الرأس في الرمال" في أحيان كثيرة، لأن تهميش آراء الآخرين لا يحل المشكلة، بل يعقدها ويصعدها.  ويمكن التحكم في الأحداث قبل وقوعها عبر إعداد تقارير حول اتجاهات الرأي والتيارات الفكرية والسياسية السائدة، والمناخ السياسي العام، والظواهر الاجتماعية، ثم دراسة تفاعل هذه الأمور مع بعضها البعض، وتحديد تأثيرها على الأحداث، ثم تطويقها والتحكم فيها.

 

وتجدر الإشارة إلى أهمية إجراء مقابلات مع شخصيات يمكن أن يكون لها علاقة بالحدث، وإجراء حوار مفتوح معها، ثم تهيئة الرأي العام المحلي للحدث وتداعياته وتطوراته، ليتقبل عن قناعة تامة أية خطوات تقدم عليها الحكومة، أو أية إجراءات تقوم بها؛ لمنع وقع الحدث أو التأثير عليه.  بذلك يكون الإعلام قد نجح في صناعة الحدث بالفعل، وليس فقط بالقول.

 

مثال على ذلك؛ أحدث رفح، فقد عجز الإعلاميون المحليون عن تعريف الرأي العام المحلي والرأي العام العربي بجماعة "جند أنصار الله"، وبأفكارها ومنهجها ووسائلها، فكان من الممكن استضافة أمير الجماعة مثلاً في برنامج على الهواء مباشرة، والتعرف على فكره ونهجه وبرامج جماعته ومواقفه السياسية من قضايا الساحة الفلسطينية الراهنة؛ كموقفه من التعاون الأمني بين أجهزة عباس في الضفة وبين العدو الصهيوني، وموقفه من تطبيق الشريعة الإسلامية، والأسباب التي تجعله يعلن إقامة إمارة إسلامية في رفح.

 

وكان من المفيد إجراء لقاءات تضم زعيم الجماعة وعلماء من رابطة علماء فلسطين، وشخصيات سياسية وحركية وثقافية فاعلة، لمناقشة أفكاره ومخططاته، ولمحاولة التأثير على أصحاب الآراء المتهورة أو المنحرفة أو المتطرفة، ولتعزيز نقاط الالتقاء والتفاهم بين التيارات المختلفة، وللتخفيف من حدة التوتر الناجم عن الاختلافات في الرأي.  إضافة إلى ذلك، فإن مثل تلك اللقاءات ستطلع الرأي العام على آراء الجماعات المختلفة التي تغص بها الساحة الفلسطينية، وتوفير فرصة لتصحيح الآراء، وتغيير الاتجاهات والمواقف، واستشراف الأحداث التي قد تربك الوضع الفلسطيني، وتسبب مصائب نحن بحاجة إلى تجنب الإصابة بها.

 

وهناك مظاهر أخرى لقصور الأداء الإعلامي المحلي، معظمها يتعلق بعجز الإعلام عن معالجة ظاهر العنف الشعبي واستخدام السلاح في النزاعات الفردية والعائلية، والتدهور القيمي والتربوي عند النشء، وتغليب الفئوية على المصالح العليا، وطغيان المصالح الشخصية على المواطنة الصالحة، والاستقواء التنظيمي، وتدهور مستوى التعليم،... والله المستعان!

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ