-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 15/08/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الإسلام والحفاظ على

الأمن الداخلي والأمن الخارجي

بقلم : يسري عبد الغني عبد الله

الإشاعات وتدمير أمن الوطن :

حذر الإسلام من إطلاق الإشاعات ، ومن إذاعة أنباء الأمن أو أنباء الخوف ، أو بعبارة أخرى أخبار الحرب أو السلام .

لقد حذر الإسلام الذي هو دين الأمن والأمان و السلام ، حذر من إذاعة تلك الأنباء ، ومن نشرها بين الناس دون الرجوع إلى ولي الأمر ، وذلك لأن أخبار الأمن أو السلام إذا أذيعت وانتشرت بين الناس قد تدعو إلى التراخي عن الاستعداد والتأهب ، والأخذ بأسباب القوة التي أمرنا بها الله سبحانه وتعالى في كل زمان ومكان .

ولأن إشاعة أخبار الخوف أو الحرب قد تفت في عضد البعض من الناس فيؤدي ذلك إلى أوخم العواقب ، وإلى ضعف المجتمع من النواحي الأمنية والاقتصادية والاستراتيجية ، ومن أجل ذلك نعى الإسلام على من يفعلون ذلك ويطلقون الإشاعات .

يقول الله تعالى : { وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا .} [النساء : 83 ] .

وفي عدم ترويج الإشاعات حفظ للأمن الداخلي وصيانة للمجتمع من الداخل حتى لا تتسرب إليه القلاقل والاضطرابات والفتن .

العمل طريق الأمان :

وإذا كان عدم ترويج الإشاعات من أهم وسائل حفظ الأمن الداخلي فإن هناك عاملا آخر له أثره وفاعليته في هذا المضمار ، وهو عامل إيجابي ، ونعني به أن يقوم كل إنسان بعمله وبرسالته في الحياة ، فلا يهمل أحد في أداء واجبه المكلف به ، ولا يفرط في أي حال من الأحوال في رسالته التي يقوم بها ، بل عليه أن يؤدي واجبه كاملا غير منقوص ، وأن يقوم به على أحسن وجه بحيث يكون متقنًا له ، ففي قيام كل إنسان بعمله ، وأداء الأفراد والجماعات لمهامهم الحياتية استقرار وتجاوب مع المجتمع ، وبالتالي لن يكون هناك مجال للاختلافات أو الصراعات الفارغة أو ألوان الإثارات المختلفة التي تؤدي إلى الإخلال بالأمن الداخلي للمجتمع وبالنظام العام .

ولقد حس الإسلام على العمل ودعا إلى إتقانه ، وفي هذا السياق يقول الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم ) " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه " ، وقال (صلى الله عليه وسلم) أيضاً : " ما أكل أحد طعاماً قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود (عليه السلام ) كان يأكل من عمل يده " [ رواه المقدام (رضي الله عنه ) ، وأخرجه البخاري في صحيحه ] .

ولنضع جميعًا في الاعتبار أن العمل الجاد المثمر تتمكن به أمتنا الإسلامية من السير في طريق النهوض والرقي لتعود إلى سابق عهدها بين الأمم ، لتكن بحق خير أمة أخرجت للناس ، نقول : إن مفتاح النهوض هو العمل الإيجابي المنتج ، فالعمل حق وشرف وواجب وكرامة ، به تتقدم الأمم ، وبه يحقق الفرد إنسانيته .

الإسلام والأمن الداخلي :

لقد دعا الإسلام إلى استقرار واستقامة الأمن الداخلي في كل صورة من صوره ، وفي كل مجال من مجالاته ، فإذا نظرنا إلى رؤية الإسلام إلى أمن الإنسان الذاتي ، نجده يأمر الإنسان أن يكون معتدلاً سائرًا في طريق الخير والحق والعدل والأمان ، ويحذره من أن يلقي بنفسه في التهلكة .

يقول الله تعالى : { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين } [ البقرة : 195 ] .

ويوضح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) للناس جميعًا أن أمن الإنسان على نفسه نعمة كبيرة إذا تحققت معها عافية البدن ، وقوت اليوم ، فقد اكتملت أسباب السعادة ، وكأنما حيزت الدنيا للإنسان .

يقول الرسول المعلم (صلى الله عليه وسلم) : " من أصبح منكم آمنًا في سربه (نفسه) ، معافى في جسده ، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا ." [ رواه الترمذي في سننه ] .

وإذا نظرنا إلى دعوة الإسلام فيما يتصل بجانب الأمن الداخلي ، بالنسبة للأهل والأسرة (الآباء ـ الأمهات ـ الزوج ـ الزوجة ـ الأولاد ـ الأقارب ـ الجيران ـ الأصدقاء .. إلخ ..) نجد وصاياه في هذا لا حدود لها ، وحسبنا قوله عز وجل : { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون } [التحريم : 6] .

وإذا نظرنا ـ على سبيل المثال ـ إلى الوصايا بأمن الجيران نجدها تبلغ الغاية في التأكيد عليها لدرجة قصوى حتى أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) يقول لنا : " مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه" ، وقال (صلى الله عليه وسلم) في حديث آخر : "والله لا يؤمن ـ ثلاث ـ قيل : من يا رسول الله ؟ ، قال : الذي لا يأمن جاره بوائقه (شره) " [رواه أبو شريح الخزاعي ، وأخرجه البخاري في صحيحه] .

الإسلام والأمن الخارجي :

أما فيما يتصل بدعوة الإسلام إلى الأمن الخارجي فإن الناظر بتأمل وروية إلى تاريخ الدعوة الإسلامية منذ بدايتها ، يرى أنها قامت على العدل والإحسان والخير والحكمة والموعظة الحسنة والحوار مع الآخر بالتي هي أحسن .

يقول الله تعالى : { أدع إلى سبيلي ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين } [ النحل : 125] .

ولم ينتشر الإسلام بالحرب ولا بالسيف ولا بالقهر ولا بالإجبار ، ولا بأي أسلوب من أساليب القوة أو العنف (كما يزعم الزاعمون والمتعصبون) ، بل إن مشروعية الجهاد يتلخص حكمها في الدفاع عن الدين ، وتأمين الطرق أمام الدعوة الإسلامية التي هدفها الأول هو : إحقاق الحق ، وإزهاق الباطل ، وكرامة الإنسان ، وخيرية الناس أجمعين في كل زمان ومكان ، وكذلك في الدفاع عن النفس والوطن .

وعليه فإن الجهاد الذي يراه الإسلام هو جهاد في سبيل الله تعالى ، لا صلة له بأساليب الهيمنة أو القهر أو السطو أو الاستعمار السياسي أو الاقتصادي ، وإن المتتبع لآيات الجهاد في القرآن الكريم يجد أنها قد خصته بإطار سليم نقي ، جوهره أنه في سبيل الله تعالى ، وليس في سبيل المنافع والمصالح ، في سبيل الحق والخير والعدل ، وسعادة الإنسان في الدنيا والآخرة .

يقول الله تعالى : { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدًا عليه حقًا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم } [التوبة : 111] .

والإسلام يدعو إلى الأمن والسلام ، فتحية المؤمنين في الجنة هي السلام ، وتحية أهل الإسلام في الدنيا هي السلام ، وننهي صلاتنا بالسلام ، والسلام اسم من أسماء الله الحسنى ، ومن هنا فبمجرد أن يجنح العدو للسلام فعلينا أن نجنح لها ، متوكلين على الله حق التوكل ، وبالطبع طالما كان السلام سلامًا عادلاً ، سلامًا يتعامل فيه الجميع سواسية .

يقول تعالى : { وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم } [الأنفال : 61] .

وقال عز وجل : { وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} [ البقرة : 190] .

والإسلام الحنيف يطلب منا عدم الاعتداء ، ولكن من اعتدى علينا فمن الضروري أن ندافع عن النفس ، وعن الأرض ، وعن العرض ، وعن المال ، وعن الأهل والأولاد .

يقول جل شأنه : { ... فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين } [البقرة : 194] .

ويؤكد الهادي البشير (صلى الله عليه وسلم) على أهمية وضرورة الأمن والسلام للناس جميعًا ، وعلى أن من حمل على المسلمين السلاح فليس منهم ، فقال (صلى الله عليه وسلم): " من حمل علينا السلاح فليس منا " [رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما ، وأحمد في مسنده ، والنسائي في سننه ] .

ويوضح الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) أهم سمات المؤمن الصادق في إيمانه ، وهي سمات الأمان ، فيقول (صلى الله عليه وسلم ) : " إن المؤمن من آمنه الناس على دمائهم وأموالهم " [رواه البخاري في صحيحه ] .

وقال الفاروق / عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) : إن أناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وإن الوحي قد انقطع ، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم ، فمن أظهر لنا خيرًا أمناه وقربناه ، وليس إلينا من سريرته شيء ، والله يحاسبه في سريرته ، ومن أظهر لنا سوءًا لم نأمنه ولم نصدقه ، وإن قال إن سريرته حسنة .

خاتمة :

وهكذا نرى أن الإسلام يحرص على إقرار الأمن الداخلي ، وإقرار الأمن الخارجي ، حتى يعيش الناس جميعًا في عدل وحب وتعاون وتكافل واستقرار وطمأنينة ، على يومهم ، وعلى غدهم ، وعلى مستقبلهم ، على حياتهم ، و دمهم وعرضهم ، ومالهم ، وأولادهم ، وديارهم ، لا يتفزعون ولا يخافون .

وفي ظل الأمن والأمان والطمأنينة يؤدي كل فرد من أفراد المجتمع واجبه على الوجه الأكمل ، وتؤدي كل جماعة واجبها كأحسن ما يكون الأداء .

في ظل الأمن والأمان تنطلق الكلمة البناءة الهادية إلى الخير ، الكلمة الطيبة المعبرة بصدق وإيمان ومحبة ، الكلمة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء ، ينطلق الفكر الجاد الذي يعم نفعه على الجميع ، ينطلق العمل المتقن المدروس .

في جو الأمن يحيا الناس مطمئنين فرحين مستبشرين يؤدون واجبهم في هدوء واستقرار ، وفي سعادة وهناء وسلام .

والله تعالى ولي التوفيق ،،،

ـــــــــ

* باحث ومحاضر في الدراسات العربية والإسلامية

ayusri_a@hotmail.com

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ