-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 27/07/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


إلى أين يتّجه العالم؟

حسن خليل

انعقدت قمم عدة للدول السبع، وانضمت إليها روسيا لاحقاً ثم استفاقت هذه الدول (أميركا، بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، كندا، ألمانيا، اليابان، وروسيا) على حقيقة أن بعض الاقتصاديات النامية أصبحت تفوقها حجماً وديناميكية، أهمها الهند والبرازيل، فوسّعت دائرة لقاءاتها لتضم هذه الدول الحديثة على الساحة الاقتصادية العالمية.

لم يكن لمجموعات الدول الاقتصادية لتُنشأ لولا الفورة التي شهدها العالم خلال منذ عام 1986. كان إعلان «Big Bang» الانفجار الكبير الذي أعلنته مارغريت تاتشر، وشكل تحالفها مع النظرية الريغانية (Reagonomics)، الأساس الذي أدّى إلى الانهيار المالي الحالي، ووضع علامات استفهام كبرى على النظام الرأسمالي ومكوّناته.

لقد تبيّن اليوم أن هذه الفورة قد قضت من جهة على ركائز التكوين الاجتماعي (Social Infru-Structure)، من قمع للنقابات إلى إلغاء المؤسسات التاريخية التي كان بحدّها الأدنى تحمل همّ العدالة الاجتماعية (من تكافؤ الفرص، وتوزيع الدخل، وضمان الحريات، ودعم المعدمين...).

وبتوَهُّم الجاهل أو الطامع انضمّت أغلب دول الأرض إلى منظومة «اقتصاد السوق»، إمّا إعجاباً بإطلاق المبادرة الفردية بلا قيود (على حساب إلغاء دور الدولة) وإمّا محاولةً لركوب قطار المغانم الموعودة من خلال تحرير الأسواق المالية. وسبّبت هذه الحوافز دعم تفكيك الاتحاد السوفياتي المُنهك من «الشيوعية الجائرة» وتحوّل الصين الشعبية من مجتمع متكافل اشتراكياً، ليصبح أنشط اقتصاديات العالم نمواً، متجاهلاً سلبيات النمو السريع، (ناهيك عن البرازيل والهند ودول أوروبا الشرقية وأميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا). لم يتوقف أحد من السياسيين خلال هذه الفترة ليسأل ماذا بعد؟

الأوضاع العالمية اليوم تحتاج إلى آلية للمحاسبة، وإذا تعذر ذلك فلتكن المساءلة والمصارحة. ذلك أن فورة الـ25 سنة الفائتة كانت قائمة على سوء إدارة وعدم تقدير سليم للمخاطر. وكان عصبها الطمع الفردي الذي انتقل إلى المجموعات والشركات والحكومات. ودخل الجميع في لعبة «الاقتصاد الورقي» (Paper Economy) المرتكز في جوهره على غياب الرقابة وبالتالي على توفير نظام مالي رأسمالي لا حدود فيه للاستثمار والاقتراض. نشطت أسواق الأسهم والسندات من أقاصي الصين حتى الريف الأفريقي، وأصبح الاقتصاد الورقي أضعاف حجم الاقتصاد الحقيقي وكل مكوّنات المجتمعات من أفراد ومؤسسات ومصارف وحكومات (ارتفاع نسبة جني الضرائب) تجني حصة من غنائم كنز «النظام الجديد»... ثم حصل إفلاس لدول وانهيار لمصارف عالمية وصناديق تحوُّط واستثمار ولشركات عملاقة، وجاءت الأزمة لتهدد النظام الرأسمالي الحديث، وتضع الملايين من البشر في دائرة خطر البطالة والفقر المدقع.

 

لماذا حصل ما حصل ؟

الفورة التي سبقت الانهيار كان حافزها الأساسي هو سوق الاقتراض (Credit Market)، وجرى الأمر من دون حدود او ضابط حتى بـ«الفساد القانوني». وبسبب الإقراض غير المسؤول أصبح الاقتراض يشمل كل شيء، من الاستهلاك الشخصي حتى تمويل الدول، ما خلق بيئة استثمارية جامحة سهّلت الطفرة واستنفدت إلى حد كبير الموارد الطبيعية من خلال النمو غير المسبوق في اقتصاديات مثل الهند والصين والبرازيل (8 ــــ 12% سنوياً).

لكن ما تغافل عنه الجميع، هو أن الإقراض المفرط الذي شجّعته بدون حدود المنظومة المالية العالمية، هو نفسه الذي سبّب الانهيار المالي والتراجع في ثقة المستهلك، والذي أدخل العالم في حلقة مفرغة تبدأ بانحسار الاستثمار (نتيجة تجميد التسليف) ومنه إغلاق التوظيف والاتجاه نحو تقليص المصاريف نتيجة انخفاض الاستهلاك، الذي بدوره تراجع بسبب إغلاق قطاع التسليف الشخصي. بعدها تحوّل المستهلك إلى مدّخر بسبب خوفه من المستقبل، ممّا سيؤدي بدوره إلى انخفاض في الاستهلاك، وهكذا دواليك. يكفي التنويه بأن الاقتصاد الأميركي المعروف بأنه الاستهلاكي الأول في العالم أصبح ادّخارياً سنة 2009 (ارتفعت نسبة التوفير إلى 11%)، ووصلت نسبة البطالة فيه إلى 9%، ومن المتوقع أن تصل إلى 11،5% في 2010.

ما حصل ليس له سابقة، و من المؤسف الاستنتاج أن أفضل السيناريوهات الإيجابية هي قدرة الحكومات على الإبقاء على حد أدنى من الاستقرار الاقتصادي العالمي، ومنه محاولة قد تكون بائسة لضخ كتلة نقدية كبيرة (من غير المضمون أن كل الدول الكبرى قادرة على ذلك بعد الذي ضخّته سابقاً) ضمن خطة إنقاذية جديدة مكمّلة للأولى.

ولكن السيناريو الأسوأ، ومهما قيل، فهو أن العالم لن يعود قريباً إلى ما شهدناه في الحقبة الماضية، التي أدّت إلى ظهور ثروات فاحشة لم تخفّف من مستويات الفقر العالمية بل على العكس، وبالتالي فإن المرحلة المقبلة ستمحو جزءاً كبيراً من الثروات المصطنعة وستضرب الطبقة المتوسطة وتزيد من بؤس الطبقات الفقيرة. وبسبب تراجع الاقتصاديات الكبيرة ستنخفض الإيرادات الضريبية وترتفع أعباء الخدمات الاجتماعية (سلبية مزدوجة) وسنشهد في القريب المنظور نسب بطالة مأسوية قد تؤدي إلى اضطرابات اجتماعية وسياسية، قد تجر معها أزمات إقليمية لتعود معها سياسة المحاور.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ