-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 23/07/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


محطات صغيرة في حياة إنسان عادي

المحطة رقم (10 – ما قبل الأخيرة)

 الغربة من جديد

 

المهندس هشام نجار - أمريكا

(يا هشام... فنجان القهوة الذي شربناه معاً هو العقد بيننا) ، هكذا كانت أخلاق الرجال فهل تعود أيام الرجال؟

 

الإخوة والأخوات:

 قارب القطار أن يصل إلى محطته الأخيرة، وقبل أن أختم تجربتي الإنسانية في المحطة القادمة، لابد لي أن أستكمل تجربتي في العمل الحر. فقد استأجرت مكتباً هندسياً في مركز مدينتي حلب وكان عملي الرئيسي هو الدراسات الهندسية، والمقاولات الميكانيكية. وكما تعرفون فإن المقاولات تحتاج إلى رأس مال قوي لا أملكه إلا أن ثقة كثير من الأصدقاء في سلوكي المهني ومعارف العائلة والثقة التي بناها والدي رحمه الله جعل أمر تدبير السيولة ميسراً لحد ما.

كلما رحب بنا الروض قلنا    حلب قصدنا وأنتِ السبيل

شاعر الفخر والحماسة أبو الطيب المتنبي

أيها الإخوة والأخوات...

في ذلك الزمن كانت الكلمة بين الناس بمثابة العقد الملزم بالرغم من وجود سوء النية في بعض الأحيان، إلا أنها لم تبلغ إلى مستوى إنعدام الثقة بين الناس كما هو عليه اليوم, وسأضرب مثالاً: رست علي مناقصه لتنفيذ أعمال التدفئة المركزية والتكييف المركزي في أحد المشاريع الحكومية، كان رأس المال المحرك لهذا المشروع أكبر من طاقتي،قمت بإجراء حساب الكميات للمواد المستوردة ومعظمها من شركة شابيه الفرنسية الشهيرة في تصنيع أجهزة التدفئه المركزيه وكان وكيلها في دمشق ويعرفني الرجل من مشاريع سابقه، إستقبلني في مكتبه وقدمت له قائمة الطلبات، سلمها لسكرتيرته وأرسلتها بالتليكس حيث لم يكن الفاكس منتشراً في تلك الأيام ناهيك عن البريد الإلكتروني، جاء الجواب بأن الطلبيه ستكون جاهزة للشحن لميناء اللاذقية في غضون أسبوعين وسيخبروننا لاحقاً بموعد وصول الباخره إلى اللاذقيه، قلت للسيد صباغ كم تأمر دفعه مقدمه ؟ أجاب الرجل اسمع ياهشام عندما تصل البضاعة وتستلم قيمتها تفضل لعندي وادفع لي، شكرته قلت له لنكتب إذن عقداً بيننا ؟، أجابني الرجل: ياهشام فنجان القهوة الذي شربناه معاً هو العقد بيننا، هكذا كانت أخلاق الرجال فهل تعود أيام الرجال؟

كانت حركة المشاريع جيده في البداية، ولكن مع مرور الزمن بدأت المشاريع تقل إضافة إلى كثرة المتنافسين مما جعلني ألتفت إلى الدراسات الهندسية وتنفيذ مشاريع للقطاع الخاص.

في يوم 14 أيلول/ سبتمبر 1976 ولد لنا الابن الثاني قصي، فاشترينا بيتاً في منطقة الروضة ليس بالكبير ولكنه مريح لعائله مؤلفه من أربع أشخاص. العلاقات العامة بين الأهل والمعارف لاشك أنها كانت تضفي على السهرات جواً ممتعاً، إلا أن حكايات الأهل والمشاكل بين الأقارب والتي سمعتها قبل مغادرتي سوريا كانت تتكرر أمامي وكأنها حصلت البارحة،هكذا حال الناس دائماً يحنون إلى الماضي حتى بمشاكله.

في إحدى الأمسيات زارني صديق في المكتب وذكر لي إن حكومة السعودية تطلب مهندسين للتعاقد معهم في تنفيذ مشروع كبير عبارة عن جامعه للعلوم الأدبية والدينية في شمال العاصمة الرياض قرب المطار إسمه مشروع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية يتألف من القسم الدراسي، مباني سكن الطلاب،والجامع المركزي, الخدمات الرياضية والتجارية والصحية والخدمات الميكانيكية والكهربائية ومحطة المياه ومحطة معالجة مياه المجاري،قدمت طلباً إلى إدارة المشروع، فأجروا معي عقداً للعمل للإشراف على كافة الأعمال الميكانيكية في المشروع، غادرت إلى السعودية بمفردي عام 1980 ورتبت الأمور لتأمين سكن للعائلة، وبعد عدة أشهر لحقت بي زوجتي مع الأولاد لؤي وقصي, داوم لؤي على الصف الأول ثم لحق به قصي في العام التالي.

أيها الإخوة والأخوات...

في أعوام الثمانينات كانت البلاد العربية تغلي تحت وطأة مجموعة حروب، الحرب الأولى والتي أكلت الأخضر واليابس وغذت روح الطائفية كانت الحرب المستعرة بين العراق وإيران أما أمريكا وإسرائيل فكانتا كنافخي الكير كعادتهما دائماً وأبداً, الحرب الأهليه في لبنان تزداد ضراوة، الفلسطينيون في جهادهم المستمر للحصول على جزء من حقوقهم، إغتيال الرئيس المصري أنور السادات نتيجة عقد إتفاقات مجحفة بحق مصر وإنتخاب حسني مبارك رئيساً لمصر منذ عام 1981, اشتداد العنف في سوريا نتيجة الصراح بين النظام السوري وجماعة الإخوان المسلمين وصدور قانون بإعدام كل من يثبت انتسابه لجماعة الإخوان. نستطيع أن نستنتج أن الأمور لم تكن على ما يرام في بلادنا العربية مع الأسف، لكن السؤال الكبير هو: متى كانت بلادنا العربية على ما يرام ؟ إن لم تكن اليوم أسوأ مما كانت عليه بالأمس، فأمريكا اليوم صارت جاره شرقيه، وجارة جنوبيه وهي تحاول أن تكون جاره غربيه    وحرب أخرى تغذيها أمريكا كالعادة بين عرب الخليج وإيران، والسيد مبارك سيكسر رجل كل فلسطيني يدخل مصر من معبر رفح، والعقيد القذافي بعد أن كان يحرك ساعده كالمطرقه أمام شعبه وهو يقول: طز طز في أمريكا، فجأة يسلم أمريكا مفاعله الذري، ويدفع لضحايا طائرة لوكربي أعلى تعويض شهدته المعموره منذ أن خلق الله آدم عليه السلام. 

لنترك السياسة القاتلة ونعود إلى حيث كنا، كانت إقامتنا بالسعودية جيده فالنظام الاقتصادي المنفتح شجع المتعاقدين للعمل بهمه أكثر كما أن هناك سخاءً ملحوظاً كانت تنفق على المشاريع السعودية، لذلك كان هناك فارقاً كبيراً في نجاح المشاريع الإقتصاديه السعودية عنها في ليبيا والتي تبنت نظاماً إشتراكياً أعاق كثيراً من تقدم مشاريعها الإقتصاديه والصناعيه وحد كثيراً من طموح الشعب الليبي والمهندسين المتعاقدين معاً للروتين القاتل الذي كنا نعاني منه ولا أدري ماذا حصل الآن بمشاريع ليبيا منذ أن غادرتها في عام 1975 ولكن اعتقد انه طالما الأخ العقيد مازال يفكر كيف يكون ملك ملوك أفريقيا فلا اعتقد أن شيئاً قد تغير هناك, إلا أن نظام التفرقه المادي كان واضحاً في السعودية فالعاملين من الدول الآسيوية تختلف أجورهم عن المتعاقدين العرب, وكلاهما يختلفان عن تسعيرة المتعاقد الأمريكي والأكثر من ذلك أن تسعيرة المتعاقدين العرب تختلف بإختلاف القطر العربي, والخلاصة أن الأمريكي فوق الجميع.

هذا الأمر كان يزعجني ويزعج أصدقائي العرب, فكيف يمكن لمهندس أمريكي أن يكون اكثر عطاءً مني في مشروع يخدم أمتي كمشروع الجامعة, فخبرتي أعلى من خبرته وانتمائي للمشروع والذي اعتبره مشروع لأبناء أمتي سيكون هاجسي في الليل والنهار لتحقيق نجاحي فيه واثبات وجودي أمام أقراني من مختلف الجنسيات.


مشروع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميه في الرياض

أشعر بالفخر بأني كنت أحد المهندسين الذين ساهموا في بنائها

وبدون مباهاة ولا مغالاة أيها الإخوة والأخوات فقد اكتشفت عن حقيقه أنني كنت أكثر خبرة من أقراني الأمريكان بعد أن عملت في أمريكا وحصلت خلال عملي في العام الأول على أول شهادة تقدير من محافظ مدينة نيويورك السيد جيولياني لعملي المتميز, وما ينطبق علي أيها القراء الأعزاء ينطبق على عشرات الآلاف من الخبرات العربية التي افتقدتها أمتهم مع الأسف الشديد.

في 24 كانون الأول/ ديسمبر 1982 ولد لنا غيث ولحقت به لينا في 2 نيسان/ إبريل 1986 وبولادة لينا إكتمل عقد الأسرة برعاية الله.

في عام 1986 حصلنا على الكرت الأخضر للإقامة في الولايات المتحدة الأمريكية وبدأنا بالاستعداد للسفر حيث أهل زوجتي كانوا مقيمين منذ فترة طويلة في أمريكا فإلى اللقاء مع محطتنا الأخيرة مع تحياتي...

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ