-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 16/07/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


محطات صغيرة في حياة إنسان عادي

المحطة رقم (7)

 أنا والتدريس

 

المهندس هشام نجار - أمريكا

الإخوة والأخوات...

حرب الكارثة عام 1967 أصابت العرب بالذهول , فكما ذكرت في محطه سابقه أن إستعدادنا لحرب إسرائيل كان غايته إقناع الشعوب العربيه بوطنية الحكام فقط وليس إقناع إسرائيل بجدية محاربتها وانتزاع حقوقنا منها فطربنا للخطب العصماء وسكرنا بها حتى شعرنا أن النصر صار قاب قوسين أو أدنى. طربنا عندما قال الراحل جمال عبد الناصر امامنا ايام الوحده اثناء زياراته المتعدده لمدينتي حلب "سنحارب إسرائيل ومن هم خلفها وسنرميها في البحر" فنرمي قبعات الفتوه في السماء ونحن نهتف الله أكبر . وطربنا عندما قال الفريق أمين الحافظ سأجعل لإسرائيل جداراً يبكون أمامه ممتداً من القدس حتى دمشق بينما كانت جيوشنا تقاتل في غير موضعها في شوارع مدننا ودروب قرانا وحكامنا يستندون على إصبعة الإبهام فقط الممثله بالدائره الضيقه التي تجيد فنون السرقه والخيانه والتقرب من الحكام ومسح جوخ ثيابهم وإيغار صدورهم على شعوبهم بدل الوقوف على قدمين ثابتتين.

ولا بأس من مداخله صغيره ضمنتها مقدمة مقالاتي والتي كتبتها منذ ثلاث اعوام وكانت تحت عنوان مقالات ساخره في السياسه قلت فيها محاوراً صديقي ،قال الصديق: لماذا لاتمسح جوخ ياهشام مثل غيرك فتفيد وتستفيد ؟ أجبته: بهذه فأنا متفق معك ولكن بشرط واحد، قال وماهو، أجبته أعطني جوخاً وطنياً مصنوع بأيادي أبناء أمتي وأنا على إستعداد لمسحه صباحاً ومساءً ودونما مقابل.

 

الإخوة والأخوات...

نتيجة لهذه النكسه بدأت حركة المقاومه الفلسطينيه تنشط وكان أكبر فصائلها آنذاك حركة فتح وجناحها العسكري العاصفه كان على رأس هذه الحركه المرحوم ياسر عرفات وأسمه الحركي ابو عمار، كان عرفات مهندساً مدنياً يملك مقومات قياديه، وقد إستطاع أن يتعامل مع المتناقضات العربيه والدوليه بمهاره. كان بمقدوره مثلاً أن يعانق القذافي في الصباح، وفي المساء كان يقبل خشم المرحوم الملك فيصل على الطريقه السعوديه. كان أهم إمتحان للمقاومه هو دخولها مع الجيش الأردني في معركه إستمرت يومان بتاريخ 12 آذار/ مارس 1968  سميت بمعركة الكرامه استطاعت أن تجعل من ذلك اليوم أسطورة خالدة مما قوى رصيدها لدى الشعوب.

بدأت معركة الكرامه عندما حاولت قوات الجيش الإسرائيلي احتلال الضفة الشرقية من نهر الأردن لأسباب تعتبرها إسرائيل استراتيجية. وقد عبرت النهر فعلا من عدة محاوركما هو واضح في الخارطه مع عمليات تجسير وتحت غطاء جوي كثيف. فتصدت لها قوات الجيش الأردني على طول جبهة القتال بقوة وشاركتها فصائل من الفدائيين الفلسطينيين في قرية الكرامة حيث التحموا بالسلاح الأبيض مع الجيش الإسرائيلي في قتال شرس. استمرت المعركة أكثر من 16 ساعة، مما اضطر الإسرائيليون على الانسحاب الكامل من أرض المعركة تاركين وراءهم ولأول مرة خسائرهم وقتلاهم دون أن يتمكنوا من سحبها معهم. وتمكنت القوات الأردنية والفلسطينية في هذه المعركة من تحقيق النصر والحيلولة من تحقيق إسرائيل لأهدافها.

في عام 1967 كنت على أبواب التخرج من كلية الهندسه، وكان علي أن أستعد لمشروع التخرج وكان عباره عن تصميم محطة لتوليد الكهرباء باستطاعة 100000 كيلو وات مع كافة ملحقاتها, كان والدي رحمه الله في ذلك العام مديراً لإحدى الثانويات وكانت السنة الأخيره له قبل الإحالة على التقاعد، قال لي والدي: ياهشام طالما أنك في إجازه، فما رأيك بتدريس مادة الرياضيات مؤقتاً خلال هذا الشهر ريثما يشفى الإستاذ الأصيل من مرضه، وافقت فوراً على الفكره، فمادة الرياضيات هي دراستي وهوايتي، وكمان مصروف جيب حيث كانت الحصه بسبع ليرات سوريه تعادل قيمتها آنذاك دولاران، إلا أن المفاجأة جاءت بعد ذلك عندما إنتقل مدرس مادة التربية الفنيه إلى مدرسه أخرى وشغر مكانه حيث طلب مني والدي تغطيته مؤقتاً لحين إنتداب مدرس جديد، قلت لوالدي إلا هذه إستاذ ياسين {وكنا نمازحه كثيراً رحمه الله} قال والدي ياهشام حيث انك تملك هوايه في الرسم فهذا سيساعدك كثيراً, ثم انها ثلاث اسابيع وترسل لنا مديرية التربيه استاذاً اصيلاً، وعلى الأقل نضمن وجود الطلاب في الفصل بدل التشويش على رفاقهم. فوافقت على مضض، ولم يمض إسبوعاً على تدريسي لهذه الماده حتى جاءت مفاجأه أخرى من العيار الثقيل , قال والدي ياهشام مفتش مادة التربيه الفنيه الأستاذ سالم سيزور حصتك غداً أجبته وهل الأستاذ سالم فتل وبرم على كل المدارس ولم يبق عليه سوى متابعة حصة هشام نجار ثم ماذا سيستفيد ؟ كلها عشرين يوماً وماشي بحال سبيلي؟ قال والدي لاعليك خذ الوضع طبيعي. وفي اليوم المحدد دخل الأستاذ سالم وقف الطلاب إحتراماً إختار مقعده في آخر الفصل ووضع دفتر ملاحظاته أمامه وبدأ يتابع إلقائي للدرس، كنت أمر على الطلاب أصلح من رسوماتهم وأشرح على السبوره لتعميم الفائده،كنت أنظر إليه بزاوية عيني فأراه منهمكاً بالكتابه، فأقول لنفسي ياسيدي... يكتب ما شاء له أن يكتب كلها كم يوم وأنا ماشي وقبل أن يرسل سيادتو تقريراً بإقالتي سأقيل نفسي ولن اتركه يهنأ بإقالتي. غادر الأستاذ سالم الفصل وتنفست الصعداء وبعد إسبوع قال لي والدي: إسمع ياهشام تقرير المفتش سالم عنك، أجبته: أعرف سيعلق مشنقتي بساحة باب الفرج {كان يعدم فيها المجرمون قبل أن يحول تنفيذ الإعدام إلى السجن المركزي} قال ضاحكاً: لا... إنه يمدحك وقد إقترح على الوزاره أن تكون مرافقاً للطلاب لمعرض إستنبول الدولي الذي سيقام في الصيف للطلاب المتفوقين من مختلف أنحاء العالم في مادة الرسم، قلت له: أستاذ ياسين ألف شكر بس يتركني بحالي وألف خير من الله.

في مساء الاثنين 23 آب / أغسطس 1967 توقفت دورة الحياة عند الوالد بعد أن أدى الأمانة حتى آخر يوم من حياته ربى خلالها أجيالاً مازالت تذكره بكل خير وخرج في وداعه إلى مثواه الأخير أعداد غفيره من مدينة حلب رحمه الله.

أيها الإخوة والأخوات...

في المحطة القادمة سأدخل الحياة العمليه وأولى هذه الخطوات هي خدمتي مهندساً في الجيش العربي السوري في فتره ساخنة و حرجة من التوتر مع إسرائيل قبل حرب رمضان 1973 فإلى اللقاء.

هشام نجار

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ