-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 08/07/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


محطات صغيره في حياة إنسان عادي

المحطة رقم (2)

الصبا والشباب

الجزء الثالث

المهندس هشام نجار

الإخوة والأخوات...

في خمسينات القرن الماضي لم تذق سوريا طعم الاستقرار، الكل يريدها إلى جانبه، بريطانيا تريدها عضواً في حلف بغداد، وأمريكا تشدها إلى حلف جديد مع السعوديه ومصر والسوفييت يعتمدون على(الرفاق) خالد بكداش ورئيس الأركان الجديد ذو الميول الشيوعيه الفريق عفيف البزره من أجل تأمين مصالحهم، والأحزاب السوريه التقليديه كالحزب الوطني وحزب الشعب تدافع عن وجودها ضد تدخل الجيش في السياسه عبر 4 إنقلابات عسكريه لم يحصد منها الشعب السوري سوى وعود كاذبه أوصلته إلى عنق الزجاجه. الخريطه السياسيه في مصر وسوريا أكثر الدول العربيه تأثيراً في المنطقه كانت على الشكل التالي :

 

مصر 1952: قام ضباط مصريون أطلقوا على أنفسهم إسم الضباط الأحرار بحركة إنقلاب ضد حكم الملك فاروق،غادر بعدها الملك إلى إيطاليا وبدأ في مصر حكم جديد، ترأس الجمهوريه الفتيه اللواء محمد نجيب وكان محبوباً من الجيش وداعياً إلى العوده للديموقراطيه, أزيح من الحكم بحجة التآمر على الثورة مع الإخوان المسلمين، ودخلت مصر في نظام جديد يديره مجلس قيادة ثوره بقيادة البكباشي جمال عبد الناصر ،أدخل الإخوان المسلمون المعتقلات وأعدم ستة من رجالهم بتهمة محاولة اغتيال عبد الناصر في إستاد الإسكندريه الأمر الذي نفاه الإخوان واعتبروه تبريراً لقيام حكم الفرد.

 

سوريا 1952: مازالت تحكم عسكرياً من قبل العقيد أديب الشيشكلي الحاكم الفعلي المستتر خلف زميله اللواء فوزي سلو الذي حل الأحزاب جميعها، وشكل حركه سماها :حركة التحرير العربي فيما بعد, تقارب مع نظام عبد الناصر والنظام السعودي ليشكلوا حلفاً عسكرياً ضد حلف بغداد، حيث كما ذكرت سابقاً كانت الولايات المتحده تنظف المنطقه من النفوذ البريطاني لتتربع مكانه. في نفس العام كنت طالباً في الصف الثالث إبتدائي ،وكانت مدرستي مجاوره لثانوية المأمون أو ما يطلق عليها بالتجهيز الأولى.. كانت هذه المدرسه الخزان الرئيسي للحركات الطلابيه في حلب، فإن تظاهر طلابها تظاهر طلاب بقية المدارس معها وخلفها، في نفس العام كان أخي الدكتور حسان في البكالوريا السنه الأخيره، كانت المظاهرات تملأ شوارع حلب، فاستخدم الأمن الرصاص الحي ومرت رصاصه بالقرب من رأس أخي حسان أخطأته بسنتيمترات قليله، أما نحن الأولاد الصغار في المدرسه المجاوره فقد اغلقوا علينا الغرف وأجلسونا تحت المقاعد حتى لانصاب بالرصاص الطائش.

 

إستمرت الإضطرابات حتى قامت حركة تمرد في مدينة حلب, ألقى البيان الأول من إذاعتها الرائد مصطفى حمدون داعياً إلى العصيان المسلح، آثر العقيد الشيشكلي عدم المواجهة بالرغم من استطاعته إخماد الحركه, وهذه النقطه تعتبر إجابيه حتى لاتكون سابقه هو من سنها، غادر العقيد إلى بيروت ثم إلى السعوديه ثم استقر في البرازيل حيث لاحقه الدروز إلى هناك واغتالوه إنتقاماً لإخماد تمرد الدروز أثناء حكمه، وكان من المتآمرين عليه آنذاك كمال جنبلاط والد وليد جنبلاط.

 

تنفس السياسيون الحزبيون الصعداء بانتهاء حكم الشيشكلي وعادوا لممارسة اللعبه الديموقراطيه من جديد، ولكن هيهات فقد تعلم الجيش على اللعبه وبدأت التكتلات الحزبيه تأخذ طريقها إلى الجيش،وأكثر المستفيدين من ذلك كان حزب البعث حيث عزز وجوده بإنضمام جماعة أكرم الحوراني ذو النفوذ في ريف حماه مع حزب البعث وصار الحزب يعرف باسم حزب البعث العربي الإشتراكي، وكان من ألمع ضباطهم العقيد عدنان المالكي، اما الشيوعيون فقد إستفادوا من إستقالة اللواء نظام الدين من رئاسة الأركان ليعززوا وجودهم في الجيش وليستلم الفريق عفيف البزره مكانه ،أما الكتله الثالثه في الجيش فكانت لتنظيم الحزب القومي السوري، بينما بقيت الأحزاب التقليديه الأخرى والتي صنعت الإستقلال تتمتع بتأييد شعبي ولكن نفوذها في الجيش بدأ بالتقلص بالرغم من أنهم كانوا الأكثريه النيابيه, وبالرغم من كل ذلك كان الشعب يطالب بالثأر من نكسة 1948 ومازلت أذكر المظاهرات الطلابيه المطالبه بتطبيق نظام التدريب العسكري أو ما يعرف بنظام الفتوه في الصفوف الثانويه واستطاعوا فرضه على الدوله، وكان تدريباً عسكرياً قاسياً إلتحقت به لأول مره عام 1959 في أيام الوحده مع مصر, أما عن إسبوع التسلح فقد كانت ملحمه أخرى لم أر مثيلاً لها في حياتى كانت النساء ترمي كل ماتملكه من أساور ومجوهرات إلى الجيش،البرجوازيه الوطنيه كانت تتبارى في التبرع ،ونحن في ندوة حافظ إبراهيم حولنا كل ميزانية ندوتنا للتسلح،كان أسبوعاً ما زلت أذكره بفخر وإعتزاز كانت حصيلته في لغة تلك الأيام 30 مليون ليره لم يدخل منها قرشاً واحداً إلى الجيوب كما يحصل اليوم عند الساده حكام العرب حيث يسرقون الحصيله كلها ويتركون القرش الواحد لشعوبهم هذا إن كانوا كرماء. هذه الملايين الثلاثين تعادل في لغة اليوم حوالي 150 مليون دولار ذهبت لتسليح الجيش وبناء تحصيناته في الجبهه.

 

 

 

 

المشير حسني الزعيم

اللواء سامي الحناوي

هاشم الأتاسي

اللواء فوزي سلو

 

 

 

 

 

 

 

 

العقيد أديب الشيشكلي

مامون الكزبري

شكري القوتلي

جمال عبد الناصر

أيها الإخوة والأخوات في 22 نيسان 1955 اغتيل العقيد البعثي البارز عدنان المالكي أثناء مباراة رياضية على يد رقيب في الشرطة العسكرية يدعى يونس عبد الرحيم (الذي كان من اعضاء الحزب القومي السوري) وقد اتهم الحزب القومي السوري برئاسة جورج عبد المسيح باغتيال المالكي وكانت البدايه في تصفية الحزب القومي وبقيت القوه الرئيسيه في الجيش لحزب البعث أما في مصر فقد بدأ عبد الناصر يتبنى منهج القومية العربية، واعتبر الشعب العربي أن عبد الناصر سيكون الأمل المنشود فتعلق به. في عام 1956 إتخذ جمال عبد الناصر قراراً بتأميم قناة السويس فاجأ بريطانيا التي كانت لا تزال تحسب نفسها قوّة عظمى وفرنسا التي كانت لا تزال دولة استعمارية موجودة في الجزائر. كان الرد البريطاني - الفرنسي على قرار مصر القاضي بتأميم القناة الدخول في مؤامرة مع إسرائيل. كانت نتيجة الحرب إنسحاباً بريطانياً فرنسياً من مصر نتيجة إنذار أمريكا لهما، فكانتا الخاسرتين الوحيدتين، وكسبت إسرائيل منفذاً على البحر الأحمر وقوات دوليه في غزه،أما عبد الناصر فقد عزز شعبيته في محيطه العربي.

 

أيها الإخوة والأخوات بدأت سوريا تعاني من عدم تجانس في قيادتها فكان الجيش في واد والمسؤولون السياسون في واد آخر، وبدأت سوريا تمر بظروف عصيبه، فسلطت الولايات المتحده عليها تركيا وبدأت الحشود العسكريه في عام 1957.

كنت في تلك السنة في الصف الثامن متوسط، ندوتنا مازالت نشطه (ولم يحصل فيها إنقلاب واحد) فقمنا بنشاط مع الدفاع المدني، وبدأنا بشراء الأوراق الزرقاء وتوزيعها على بيوت الحاره لتغطية نوافذهم بها تمشياً مع نظام التعتيم ليلاً كما كنا نقوم بدهان أضواء السيارات باللون الأزرق مع ترك دائره صغيره في المنتصف، وقام الجيش بتركيب مدفع مضاد للطائرات على سطح بنايتنا نظراً لموقعها الإستراتيجي قرب محطة الكهرباء ومحطة القطار وثكنة ضباط الاحتياط، وكنت مع أصدقائي في الندوه نقوم على خدمة طاقم المدفع من طعام ومثلجات. المقاومه الشعبيه مع الفتوه في تدريبات متواصله، وتدريبات القتال الليلي وأصوات القذائف والرصاص لاينقطع ووزع السلاح مع الذخيره على كل المتدربين وكان نصيبنا منها بندقيتين تشيكيتين نصف آليه مع ذخيرتهما، وكنت معجب بنفسي وأنا أفك بندقية أخي وأعيد تركيبها في وقت قياسي وكنت فخوراً بمدينتي حلب وهي واقفه صامده في الخط الأمامي للدفاع عن الأمه.

وفجأة إنسحبت تركيا من الحدود وردمت الخنادق وأعيد السلاح إلى المستودعات, وفجأة أيضاً طار وفد عسكري سوري لمصر لحق به صاغراً وفد سياسي ليتكلم الجميع عن الوحده.

الإخوه والأخوات، وأنا اكتب هذه المحطة واستعيد ذلك الماضي... أقول لنفسي: لماذا حصل كل ذلك ؟ من كان يقود الأحداث ؟ هل إستغل أعداؤنا إندفاعنا الوطني لتحقيق مآربهم، وهل كنا نعمل بمبدأ رد الفعل وليس بمبدأ الفعل ؟ ولماذا بعد ذلك قادونا مجبرين إلى أحلامنا في الوحده العربيه ثم جعلونا نشيح بوجهنا عنها؟ لا أدري... وانا أكتب هذه المحطه أيضاً تذكرت سؤالاً طرحته على نفسي منذ أربعين عاماً تقريباً: لماذا لم تبن الولايات المتحده السد العالي لمصر، وقد كان بمثابة حياة أو موت لعبد الناصر، وفائده سياسيه وإقتصاديه للولايات المتحده، وكوني مهندس فإني أعلم أن من يبني هذا السد يتحكم بقطع الغيار وصيانة شبكات الري وتوريد البذور والإنتاج الزراعي والإمساك بإقتصاد مصر. أجبت على هذا السؤال منذ أربعين عاماً ومازلت أعتقد بصوابه, لقد كانت هناك صفقه في الشرق الأوسط بين أمريكا والإتحاد السوفيتي بتأجير مصر وسوريا والعراق للإتحاد السوفيتي مع المحافظه على خط أحمر لايمكن تجاوزه وهو إسرائيل ولتشتر هذه الدول السلاح كما تشاء وليسب عبد الناصر ويشتم أمريكا وإسرائيل كما تحب الشعوب العربيه أن تسمع وتطرب مادام الخط الأحمر محترماً.

وكان هروباً إلى الأمام، وتصعيد من "الشارع" بالدعوة إلى الوحدة مع مصر - تلك الوحدة التي فرضها الجيش ورحَّب بها الجميع... تقريباً.

وفي 15 كانون الثاني 1958 تم الإعلان من القاهرة عن قيام تلك الدولة الواحدة التي سُمِّيتْ بـ"الجمهورية العربية المتحدة"، وذلك بعد أن وافق السوريون على طلب الرئيس جمال عبد الناصر إبعاد الجيش عن السياسة وحل جميع الأحزاب فقد وافقت جميع الأحزاب السورية تقريباً (وظاهرياً) على حلِّ نفسها، ماعدا الشيوعيين الذين رفضوا حلِّ الحزب ثم كان الـ22 من شباط 1958 وكان استفتاءٌ مضمون النتائج في كل من سورية ومصر على الوحدة وعلى رئاسة عبد الناصر لها. وقد جاءت نتيجة هذا الاستفتاء الموافقة بنسبة 99.1% من الأصوات ... فقط! وأضحى تقليداً بعد ذلك.

أيها الإخوة والأخوات الذي جرى لم نفهمه إلا لاحقاً، الصراع الداخلي لم يكن نزيهاً، ولا اللعبة الديموقراطية محترمة، وأن الجيش نصَّب نفسه وصياً على البلد، وأن الأحزاب العقائدية لم تكن عقائدية إلا بمقدار تفكيرها بالتسلُّط على غيرها وعلى البلد. وحين كاد كل شيء أن يضيع من خلال الفوضى التي وصلنا إليها، فرضوا تلك الوحدة الاندماجية مع مصر، هروباً إلى الأمام.

أعزائي القراء موعدي معكم قريباً مع المحطة الثالثة بعنوان طالب ثانوي وإلى اللقاء.

هشام نجار

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ