-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 27/06/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


فقه التغيير

(16)

ماذا فعل الشعب السوري ؟

د. خالد الأحمد

رأينا حالة الرخاء التي عاشها الشعب السوري في عقد الخمسينات، وامتد أثرها حتى الستينات، ثم حصل التغيير كما تعلمون، التغيير السلبي، فبدل الله حالة الشعب السوري من الحرية إلى الاستبداد، ومن الرخاء إلى الضنك، ومن المنتزهات إلى السجون، ومن المؤلم أن التغيير السلبي مازال مستمراً، فمرت سوريا في عقد الثمانينات، وعانت مالم تعانيه أيام المغول والتتار والاستعمار الفرنسي، حيث ذبح المواطنون بعشرات الألوف، وبقيت جثثهم في الشوارع تأكل منها الكلاب في شوارع حماة،كما يروي الصحفي البريطاني روبرت فيسك،الوحيد الذي دخل حماة في أواخر شباط (1982)، وامتلأت السجون، وسيق المواطنون لها بالجملة، مكث ألوف منهم عشرسنوات، بعد أن أُخذ رهينة عن أحد أقاربه الفارين،  بل بنيت سجون جديدة، وسخرت إمكانات الدولة كلها لذبح الشعب.  وكان من نتائج ذلك الهجرة خارج سوريا، حتى أن بثينة شعبان تقدرعدد المهاجرين السوريين خارج سوريا بعدد الشعب السوري داخل سوريا ...فماذا غير السوريون في أنفسهم !!!؟

 

1- كانت الجريمة الكبرى التي ارتكبها بعض السوريين، وسكت عنها كثير من الشعب انفصال الوحدة بين سوريا ومصر، والانفصال روح أنانية ضد الروح الوطنية ( الجماعية )، والجريمة هي سكوت الشعب على ذلك، وقع ظلم من قبل عبد الناصر وزبانيته على الشعب المصري والسوري، ولو سكت السوريون على ذلك الظلم من أجل الوحدة، وترسخت وحدة سوريا ومصر، لكان هو الأفضل، ولنا أن نتصور استمرار الوحدة، على مساوئ وتجبر بعض المصريين، التي لا تقارن بما حل في الشعب السوري من ويلات وهلاك ودمار بعد ذلك ... والمشكلة في سكوت الشعب وعدم اهتمامه بأمرعظيم، وهو فصل الوحدة، وعدم الاهتمام بأمر الجماعة والأمة، وبتعبير آخر ضعف وتراجع الروح الجماعية لدى الشعب السوري، وبروز الروح الفردية ( الأنانية )، قلت فصل الوحدة وهي حلم العرب والمسلمين، وصدقوني أننا كنا في المرحلة المتوسطة زمن الوحدة نصدق مائة بالمائة أنه خلال سنوات قليلة ستكون البلدان العربية كلها  دولة واحدة، وسيعود زمن الأمـويـين والعبـاســيين ... وسنكون أقوى أمة في العالم كما كنا سابقاً في عهد هارون الرشيد، ومن قبله عمر بن الخطاب رضي الله عنه .

2- ربما يعود سكوت الشعب على فصل الوحدة إلى الجهل، كما يعود إلى انكفاء المواطن على ذاته ( أناه الفردية ) واهتمامه بمصالحه الشخصية على حساب مصلحة الأمة والوطن ...حتى كنا نسمع مقولة تتكرر ( من يأخذ أمي أسميه عمي ) ... وهذا دلالة على انكفاء الفرد على ذاتـه، وإهمال شؤون الأمة والوطن ... وتضخم الأنا الفردية واضمحلال الأنا الجماعية،وهي بداية المصيبة ....

3- ومن انكفاء الفرد على ذاتـه وتفضيل مصلحته الشخصية على مصلحة الأمة والوطن إحجام شريحة كبيرة من الشعب السوري عن الالتحاق بالقوات المسلحة، وهذه الشــريحة كانت مسيطرة تقريباً على الإدارة والحكم في سوريا، لكن تعاظم ( الأنا الفردية ) عند كل منهم، وميله إلى الدنيا والانغماس فيها وفي شهواتها،وجهلهم المركب بالواقع والمستقبل؛ جعلهم يبعدون أولادهم عن الالتحاق بالقوات المسلحة، وكانوا يقولون من يلتحق بالقوات المسلحة هو الذي لايجد طعاماً يكفيه في بيت أبيـه ... وكانوا يفضلون مهنة الطب والصيدلة والهندسة والتجارة على الالتحاق بالقوات المسلحة ...وخدم هذا الإحجام فئة أخرى كانت تخطط للسيطرة على الجيش والقوات المسلحة كما يقول فان دام ( ص 52 من الطبعة الثانية ) :

 ( إن العائلات العربية الســـنية الثرية ( المشبعة بالأنانية )، صاحبة الأراضي والعائلات ذات النشاط التجاري، التي قادت حركة القومية العربية أثناء الاحتلال الفرنسي، قد دعمت بصورة غير مباشرة الاتجاه نحو التمثيل القوي لأعضاء الأقليات بالجيش السوري، وذلك برفضها إرسال أبنائها للتدريب العسكري، حتى كضباط، في قوة لاح لها أنها تخدم المصالح الامبريالية الفرنسية، كما احتقرت في كثير من الأحيان الجيش كمهنة، واعتبرت الكلية العسكرية بحمص – كما وصفها باترك سل – مكاناً للكسالى أو المتمردين أو المتخلفين أكاديمياً أو المغمورين اجتماعياً ) ... انتهى النقل من فان دام . وخلاصة ذلك أنهم فضلوا ( أناهم الفردية ) على مصلحة الأمة والوطن، وهذا منتهى الأنانية التي صبغت النفوس بالانكفاء على المصلحة الشخصية وإهمال المصلحة العامـة ...

4- وجرت أحداث مؤلمة وخطيرة في الستينات، والشعب يتفرج، منها انقلاب (8/3/1963)، الانقلاب ضد الديموقراطية في سوريا، وكنت أرى ـ في عهد الانفصال - بعض الطلاب يكتبون شتائم لرئيس وزراء سوريا يومذاك، ويتجاوزون حدود حريتهم، ولايكلمهم أحد، بسبب وفرة الحرية السائدة يومذاك، ووقعت حركة (23/2/1966)، وكانت حركة طائفية ( أنانية ممتدة )، حيث أبعد الضباط البعثيون السنيون عن الجيش في سوريا، وأولهم الفريق محمد أمين الحافظ، والشعب يتفرج ويكرر ( اللي يأخذ أمي أسميه عمي )، وذلك بسبب انكفائه على ذاته، وتفضيل المصلحة الشخصية على المصلحة العامة، ومنها مصلحة الأمة والوطن ...فقد هدمت السلطة مسجد السلطان في عام (1964)، ودخلت الدبابات إلى مسجد خالد بن الوليد، كما دخلت الدبابات صحن المسجد الأموي في دمشق أكثر من مرة .... والشعب يتفرج، وينصرف إلى مصلحته الفردية، مهملاً الشأن العام، وروح الجماعة ومصلحة الوطن ....

حاول مروان حديد يرحمه الله أن يقوم بعمل سياسي، ينبع من اهتمامه بالشأن العام، نتيجة انغماسه في الأنا الجماعية، ونتيجة لسيطرة روح الجماعة عليه، وتقديمه مصلحة الوطن والأمة على مصلحته الشخصية، حث الشعب على الإضراب والمظاهرات لإسقاط حكومة الانقلاب الأسدي التي اغتصبت السلطة عام (1963)، والعودة بسوريا إلى عهد الديموقراطية الذي ساد في مطلع الستينات، ولكن السلطة الأسدية واجهته بأعنف مواجهة عسكرية دمرت فيها مسجد السلطان وهدمت مئذنته وقبة المسجد، واعتقلت التلاميذ المعتصمين فيه، وحاول غيره في حمص ودمشق ولكن الدبابات دخلت المساجد لأول مرة في تاريخ سوريا، وفعل الأسديون مالم يفعله الفرنسيون، والشـعب متشرذم، كل فرد منكفئٌ على ( أناه الفردية )، ضارباً بمصلحة الأمة والوطن عرض الحائط .... متعامياً عن قوله عزوجل : "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب" الأنفال: 25

ظن المنكفئون على ( أناهم الفردية ) أن الفتنة لن تصيبهم، كما يغفل كثير من الناس الذين يهملون الاهتمام بمصلحة الأمة والوطن والمجتمع، ولكن القاعدة الربانية الاجتماعية تؤكد أن الفتنـة ( المصيبة ) أو قل التغيير الذي سينقل حال القوم من الخير إلى الشـر سيصيب الجميع، لأنه قانون اجتماعي حتمي، كما حصل في سوريا بالضبط ....فراجمات الصواريخ في حماة وحلب وإدلب وجسر الشغور كانت تقتل الأطفال والنساء والشيوخ والأخيار كما تقتل الآخرين  .... وأكرر بأن التغيير الذي حصل في الأنفس هو تضخم ( الأنا الفردية ) وإهمال مصلحة الأمة والوطن والمجتمع ...

5- هذا الانكفاء على الذات والاهتمام ب ( الأنا الفردية )  لم يكن سائداً خلال جهاد الشعب السوري ضد الاحتلال الفر نسي، بل كان عكسه تماماً،عندما كانت مصلحة الوطن والأمة والمجتمع مقدمة على ( الأنا الفردية ) ... فقد تسارع السوريون إلى الجهاد، وأصر يوسف العظمة يرحمه الله أن لا يمر الجيش الفرنسي إلا على جسده، فكيف يدخل الفرنسيون دمشق وهو على قيد الحياة، وقد كلفوه بمهمة ( وزير الدفاع ) !!!؟؟؟؟ كما كان العلماء الدمشقيون يشكلون نسبة كبيرة في جيشه ...

بل كان الثوار يتسابقون في معظم محافظات سوريا، وأولها حماة، ودمشق، والسويداء، وحلب، وغيرها، كانوا يتسابقون إلى الجهاد لطرد المستعمر، وبعبارة أخرى فضلوا مصلحة الأمة والوطن على مصالحهم الشخصية والفردية، ولأنهم فعلوا ذلك، غير الله عزوجل حالهم، وهيأ لهم الظروف الدولية التي طردت المستعمر الفرنسي من سوريا، فحصلت على الاستقلال، وكان التغيير إلى الأفضل، الذي امتد أثـــره حتى الخمسينات والستينات ... أما بعد أن تغيرت أنفسهم نحو الأسوأ خلال الستينات والسبعينات فقد بدل الله أحوالهم نحو الأسوأ، فجرى ماجرى في الثمانينات والتسعينات، وكانت البداية ضياع الجولان، وسيطرة الصهاينة عليه، وتشريد أهله إلى دمشق وحوران، وصار اسمهم ( النازحين ) ... ثم جرى أشد من ذلك كما تعلمون ...

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ