-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 22/06/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الغرب إذ يسقط في معاييره المزدوجة مجددا ؟!

عريب الرنتاوي

انتصر الغرب للديمقراطية وحقوق الإنسان والإصلاح في إيران، هبّ هبة رجل واحد ضد التعديات عليها ومحاولات انتهاكها، انتقد بشدة نظام الملالي وعبّر عن خيبة أمل لخطاب "الفقيه الولي"، أسف للضحايا الذين سقطوا في شوارع طهران وكاد يضمهم إلى قوائم شهداء "ثورة الباستيل"، استهجن تزوير الانتخابات وربط بين سلوك النظام حيال الإصلاحيين المتظاهرين وعلاقات إيران بالغرب عموما، عبر عن الفخر والإعتزاز بشجاعة المنتفضين في شوارع طهران، وأعتبر الأنباء الواردة من هناك "أنباء سارة"، جند كل ما تقع عليه يداه من وسائل إعلام ومنظمات مجتمع مدني وجماعات حقوق للتصدي للحظة الإيرانية الانتقالية، وأصبح الخبر الإيراني الموضوع الأول والأخير على جدول أعمال الغرب.

اجتماع مجلس أوروبا على مستوى القمة، تحوّل إلى "محكمة دولية" ضد "القمع الوحشي" في شوارع طهران، لم تبق وزارة خارجية غربية واحدة، لم تستدع سفير إيران للاحتجاج والاستنكار والاستفسار والتعبير عن القلق وطلب نقل الرسائل، في الوقت الذي كانت فيه مختلف الأقمار الصناعية التي تدور فوق إيران وفي محيطها، قد سُخّرت للـ"بي بي سي" ومنع موقع "تويتر" من إجراء أعمال الصيانة بقرار من "جماعات الضغط إياها"، فهذا ليس وقته، الأهم إبقاء أدوات التغيير جاهزة بتصرف قوى الإصلاح والتغيير في إيران.

يا إلهي، لقد استنفذ الغرب كل وسائله المشروعة وغير المشروعة، والمعلنة والمضمرة، لنصرة الإصلاح والإصلاحيين، ولم يبق سوى أن نرى إنزالات على الشواطئ الإيرانية شبيهة بإنزال النورماندي، أو مؤامرات كتلك التي اعترف باقترافها الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطاب القاهرة: الإطاحة بحكومة الدكتور مصدق، ومن المؤسف حقا، أننا لا نعرف الكثير عمّا يستخدم الآن من الوسائل غير المعلنة وغير الشرعية، لا ندري عن التدخلات الاستخبارية في الدعم والتمويل والتحريض ودعم الجماعات الانفصالية، خصوصا من قبل الدول ذات الإرث الاستعماري في المنطقة، وصاحبة الملكية الفكرية لشعار "فرّق تسد"، وسنحتاج على وقت طويل على ما يبدو للتعرف على الوجه الآخر لـ"يقظة الغرب وانتفاضته" التي كادت تفوق "حرب الشوارع الإيرانية" وتتفوق عليها.

كل ما فعله الغرب نصرة للانتفاضة الإصلاحيين صحيح ومطلوب وضروري وشرعي، وكنا سنصفق له طويلا لو أنه نهج ثابت في التعامل مع منتهكي الحريات والمحرمات على اختلاف مواقعهم وتحالفاتهم، كنا سنتطوع لنكون جزءا من آلة التضامن الغربي مع إصلاحيي إيران، لو أن هذه الآلة تتحرك بفاعلية مشابهة ضد نظم ديكتاتورية وفاسدة وشمولية في طول الشرق الأوسط الكبير وعرضه، كنا سنتطوع وعلى نفقتنا الخاصة، في الجهاد ضد نظام الملالي، لو أن الغرب لم يتدخل في الانتخابات اللبنانية لحسمها لصالح فريق ضد آخر، ولم يستنفر حتى آخر رجل للانقضاض على نتائج الانتخابات الفلسطينية، ولم يعط أذنا من طين وأخرى من عجين لأنظمة لم تجر انتخابات واحدة في حياتها، ولأخرى لم تجرها مرة واحدة من دون تزوير ومن دون قمع وحشي ومن دون ضحايا فاقوا ضحايا "ربيع طهران"، كنا سننتفض مع الغرب لو أنه انتفض معنا ضد انتخابات الـ99.9 % وثالوثها غير المقدس: التجديد والتمديد والتوريث.

كنا سنرفع القبعات لقادة الغرب لو أنهم لزموا الصمت حيال حكام ديكتاتوريين ولم يقولوا شعرا في مديحهم والثناء على حكمتهم والتغني باعتدالهم، نظير صفقة طائرات إير باص أو بوينغ، أو مقابل مفاعل نووي ينجح مندوب المبيعات في الإليزيه في تسويقه لهذه الدولة أو تلك.

كنا سنبدي إعجابنا بالغرب المتمسك بقيمه ومبادئه لولا أن رسل الغرب ومبعوثيه هم أنفسهم الذين طالما حاولوا تبرير تجاهلهم لهذه القيم وتخليهم عن سلة برشلونة السياسية ووضعهم "الشرطية أو المشروطية" في علاقاتهم مع حكام شموليين وديكتاتوريين على الرف لأن الأخذ بها يلحق ضررا بمصالحهم ومصالح صناعاتهم وصادراتهم.,

"حفلة الردح" التي شهدتها بروكسل أمس الأول، وعلى مستوى القمة، أشعرتنا في الحقيقة بالخجل من أنفسنا نحن الذين أخذنا على محمل الجد حكاية "الديمقراطية وحقوق الإنسان" التي يروج لها الغرب، ولو أتيح لي المشاركة في في تظاهرة احتجاجية أمام قاعة الاجتماعات لعرضت على شاشات ضخمة مقتطفات من أقوال هؤلاء المجتمعين داخل قاعة المجلس، في مديح أعداء الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان المبثوثين على امتداد الصحاري والقفار وفي مختلف مدن الرمل والملح، ولحملت مرايا كبيرة علّهم حين ينظرون لأنفسهم فيها، يتعرفون على الصور التي تحضر إلى ذاكرة شعوبنا عندما يؤتى على ذكر النفاق والزيف والمعايير المزدوجة أمامها.

في حمأة الاهتياج الغرائزي الذي اجتاح كثير من مؤسسات صنع القرار الغربي نصرة لـ"الثورة المخملية الخضراء"، وحده الرئيس الأمريكي بدا الأكثر توازنا واتزانا في ردات فعله، أما العواصم الأوروبية الكبرى فقد سقطت في الاختبار.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ