-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 23/05/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


تسميات خاطئة

(التطبيع غيرُ المباشر مع العدو الصهيوني في المصطلحات والمفاهيم السياسية والإعلامية)

جميل خرطبيل 

إن السياسة الصهيونية زرعت في العقول فكرة اغتصاب فلسطين وإقامة كيانها عليها، قبل أن تزرعها على أرض الواقع لأكثر من مئة سنة. ولا ننسى العهد القديم وما زرعه في العقول منذ أن خطته أصابع عزرا. وما تبناه الفكر الصهيوني المسيحي لتثبيتها في الوجدان الأوروبي خلال مئات السنين.

إذاً زرعُ الفكرة في العقول وجعلُها أمراً مستساغاً وعادياً سابقٌ لزرعها على أرض الواقع، فتطبيع العقول والآذان والوجدان مع الأفكار نظرياً سابق على التطبيع العملي. ومن ذاك المنطلق نقول إن تطبيع العقل والأذن والوجدان الفلسطيني والعربي مع العدو الصهيوني تمهيد لما يليه، ويمكن تقسيمه إلى تطبيع مباشر وتطبيع غير مباشر.

فالتطبيع المباشر يكون بدءاً من إقامة العلاقات الاقتصادية كالتبادل التجاري وانتهاء بالاعتراف بشرعية اغتصاب فلسطين وإسقاط حق الشعب الفلسطيني، وإقامة العلاقات الدبلوماسية الكاملة.

أما التطبيع غير المباشر فيكون بدءاً من استخدام المصطلحات السياسية والإعلامية التي تثبت الاغتصاب الواقع على الأرض والإنسان الفلسطيني، وانتهاء بالتحول إلى التطبيع المباشر.

ولا نعني هنا أن كل من يستخدم تلك المصطلحات الخاطئة بأنه يعترف بالكيان الصهيوني، بل على العكس هناك من يستخدمها وهو مؤمن إيماناً مطلقاً بتحرير فلسطين من النهر إلى البحر، لكن هنا يجب ملاحظة خطورة استخدام تلك المصطلحات في تثبيت واقعية الوجود الصهيوني، وما تلعبه من دور في أجيالنا بما ترسخه في أذهانهم وتعود آذانهم على سماعه.

وما نراه ونسمعه في عالم السياسة والإعلام العربيين هو نوع من التطبيع الذي يتستر تحت مظلة مزيفة تتكئ إلى الواقعية حتى تعتاد الأذن العربية ولا سيما الفلسطينية على ذاك الواقع، ويصير طبيعياً في ذاكرتها ووجدانها مما يعني غسل الدماغ الفلسطيني والعربي من ثوابته الوطنية.

والمثقف الفلسطيني مسؤول قبل غيره عن تصويب المصطلحات الخاطئة والمؤلمة وكذلك المفاهيم الشائعة في الخطاب السياسي والإعلامي. ونشر المصطلح السياسي الصحيح بدءاً من كتاباتنا الفلسطينية وانتهاء بالكتابات العربية.

وخلفية ذاك الطرح تستند إلى ما جاء في الميثاق الوطني الفلسطيني وميثاق الشرف لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين:

 ( - الالتزام بالميثاق الوطني الفلسطيني برنامجاً لتحرير كامل تراب فلسطين، وهو أساس المرجعية الوطنية.

- تحرير فلسطين يقع أساساً على عاتق كل فلسطيني وعربي، وواجب وطني وقومي وديني وإنساني.

- الالتزام بميثاق الشرف الذي أقره المؤتمر الثامن عشر للاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب في عمان (في كانون الأول 1992). وتبنى منطلقات وأهداف "اللجنة العربية لمقاومة الاستسلام والتطبيع" التابعة للاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب.

- عدم الالتزام بأي اتفاق عقد أو سيعقد مع العدو الصهيوني يعترف بشرعية الاحتلال الصهيوني لفلسطين، أو لأي جزء منها أو لأية أرض عربية.

- الدفاع عن الهوية الوطنية في مواجهة كل مشاريع التوطين والتهجير والتذويب والإلغاء.

- الدفاع عن الهوية القومية الجامعة، والثقافة العربية، والذود عن الفصائل والقيم والأخلاق الإنسانية والدينية، واعتبار الثقافة العربية ثقافة الانفتاح والتفاعل الحضاري والإنساني والرافضة لأية هيمنة أو تبعية.

- الاعتزاز بتاريخنا الحضاري القومي. ومواجهة كل أشكال التزوير والافتراء والتهديد التي تتعرض لهويتنا وثقافتنا القومية وتاريخنا وحضارتنا العريقة) انتهى.

صحيح بأن الكيان الصهيوني موجود على أرض فلسطين بقوة السلاح والإرهاب، ولكن هذا لا يعني للمثقف الفلسطيني والعربي أن يمنح العدو المغتصب الاستعماري، الاعتراف والشرعية في خطاباته وكتاباته.

إن الصهيونية العالمية وعت دور الإعلام بكافة أنواعه المقروءة والمسموعة والمرئية فعملت على السيطرة على هذا الإعلام في الغرب وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية واستطاعت إلى حد كبير غسل دماغ الغربي.

وذاك الدور يلعبه الإعلام العربي المشبوه ليعود المواطن العربي على تقبل تلك المصطلحات والمفاهيم كأمر طبيعي، مزيفاً حقيقة الاستعمار الصهيوني وحقوق شعبنا..

وهو في تزييفه لوعي العربي باستخدامه المصطلحات والمفاهيم المضللة والمشوهة للنضال الفلسطيني وحقوقه، إنما يخدم الصهيونية والإمبريالية الأمريكية!

وهنا سنستعرض بعض المسميات الشائعة والمفاهيم، وبديلها الدقيق لنتلمس مكامن التطبيع المجانيّ الذي نخدم من خلاله العدو الصهيوني غير منتبهين إلى الخطورة التي تحدثنا عنها:

- بدلاً من فلسطين المحتلة أو ما يسمى بالكيان الإسرائيلي، الكيان الصهيوني، كيان العدو، يستخدمون كلمة "إسرائيل". وبدلاً من الحديث عن الاستعمار الصهيوني في فلسطين، أو فلسطين المحتلة، يتحدثون عن الدولة (الإسرائيلية)، لطي حقيقة الكيان الصهيوني وحقيقة استعماره لفلسطين، وكيف قام على حساب الشعب الفلسطيني.. وهذا الأمر هدفه أن يصير الكيان حقيقة في وجدان الإنسان العربي، بعد فرضه الاستعماري على أرض الواقع، مما يؤدي إلى غسل الدماغ العربي، ليسلم بالوجود الاستعماري كبديهة شرعية وقانونية وتاريخية!!

- بدلاً من مستعمرة كمستعمرة تل أبيب يستخدمون كلمة مستوطنة.. واستخدام كلمة المستوطنات بدلاً من كلمة مستعمرات خطأ.. ولكل مصطلح دلالته التي لا تخفى، فالمستعمرة تعني اغتصاب الأرض واحتلالها بالقوة وترحيل صاحب الأرض بطرده أو قتله، وتهديم ممتلكاته، وبناء منشآت جديدة مكانها.. وهذه المدلولات لا تتضمنها كلمة مستوطنة، والتي لا تعني أكثر من اتخاذ مكان ما كوطن دونما أي ضرر بالآخر.

وكان خطأ تاريخياً ترجمة كلمة (كولني) ومشتقاتها بالاستعمار التي اشتقت من استعمر وعمر وما لها من مدلولات إيجابية. ولعل كلمة الغازي المعتدي المحتل والمغتصب أقرب إلى مصطلح كولونيالي.

وعلى كل المصطلح هو مجرد دلالة لكن يجب أن نصحح دلالة المستعمر لتعني بالضبط الإرهابي المحتل المغتصب والناهب للأرض والإنسان صاحب الحق.

وكذلك بدلاً من مستوطن نستخدم مستعمر ضمن الدلالة تلك. وبدلاً من المواطنين اليهود، أو الشعب اليهودي: المستعمرون الصهاينة، التجمع اليهودي المستعمر.

- وهناك خلط بين أولئك المستعمرين الغربيين "الأشكناز" والشعب اليهودي، فلا يوجد شيء اسمه الشعب اليهودي، فاليهودي هو المنتمي للديانة اليهودية. أما الإثنية أو العرق أو الجنسية فهي بحسب البلدة التي جاء منها هو أو أهله!

وهناك من يربط بين اليهود الحاليين ويهود التاريخ، ويربط بين اليهود جميعاً مع بني إسرائيل "التسمية التوراتية". إن اليهود الحاليين سواء أكانوا شرقيين أم غربيين، لا ينتمون إلى يهود التاريخ من الناحية الجنسية أو العرقية بل هم ينتمون دينياً فقط. كما أنهم لا ينتمون إلى بني إسرائيل أبداً.

والخلط بين يهود الحاضر والماضي وربطهم ببني إسرائيل/ يعقوب، يعني أنهم من سلالة إثنية واحدة نقية وصافية عبر التاريخ ولأكثر من أربعة آلاف سنة.. وهذا الكلام غير العلمي لم يقله أحد سوى النازية والصهيونية، فيأتي منا من يثبت ذلك من منطلق نية حسنة بأن اليهود هكذا هم طوال تاريخهم، بدلاً من أن يوضح بأن من يتبنى الديانة اليهودية سيحمل أفكارها العنصرية والاستعمارية، وسيحمل أفكارها المنفعية والوصولية اقتداء بأسفار العهد القديم التي صاغها مؤلفو التوراة.

 

- السلام: وهو في الحقيقة استسلام، وهنا نسمع ونقرأ عن مصطلحين الأول السلام العادل والآخر السلام المتوازن. فهل هناك في الشرعية الدولية، سلام عادل؟

إن قرار التقسيم صنعته الإمبرياليات الغربية والأمريكية، وقرار التقسيم لم يكن عادلاً وقد استبدل بواقع آخر صنعته المسماة "إسرائيل" على أرض الواقع، وصار القرار 242 الذي يعطي الصهاينة حوالي 80% من أرض فلسطين، هو البديل في المفهوم الدولي، بدلاً من قرار التقسيم الذي يعطي الصهاينة أكثر من خمسين بالمئة من فلسطين (54 % للدولة اليهودية، و 45 % للدولة العربية و 1% منطقة دولية - القدس)!

أما السلام المتوازن فهو يتكئ على شعار الواقعية والإمكانات. إن ذريعة الظروف الذاتية والموضوعية، تطمس حقيقة العلاقة الجدلية بينهما، فهل عملنا على تطوير الظروف الذاتية؟

لقد جاء في الميثاق الوطني، المادة (9):

 [الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين، وهو بذلك إستراتيجية وليس تكتيكاً. ويؤكد الشعب العربي الفلسطيني تصميمه المطلق وعزمَه الثابت على متابعة الكفاح المسلح والسير قدماً نحو الثورة الشعبية المسلحة، لتحرير وطنه والعودة إليه، وعن حقه في الحياة الطبيعية فيه وممارسة حق تقرير مصيره فيه والسيادة عليه].

فماذا فعلنا بهذا الاتجاه، وماذا مارسنا على أرض الواقع لترجمته، وكيف قيمنا (قومنا) تجربة الثورة بعد الخروج من بيروت، وقد حملت القيادة في جعبتها فكرة الاعتراف بالعدو؟! ومن ثم أسقطت قيادة المنظمة البندقية منذ إعلان الدولة في مؤتمر الجزائر عام 88 وكان ذاك البداية الممهدة لأوسلو!!

فلا سلام مع العدو، والبديل هو العودة لميثاقنا الوطني فهو وحده يحقق العدالة.

- الإرهاب: لن نطيل في هذا المصطلح الذي صارت حقيقته واضحة لكل ذي عقل وضمير، فهو مطية للمشاريع الأمريكية الصهيونية، وتشويه لنضال الشعوب ومكافحة الاستعمار وأطماعه.

- ازدواجية المعايير: إن العنصرية الغربية ترعرعت على مفاهيم نيتشه عن السوبرمان والنخبة، ومفاهيم الدارونية الاجتماعية والسياسية والطبقية؛ فالحياة كما يرون صراع والبقاء فيها للأقوى والأفضل. وبالتالي هم النخبة وهم السادة، وبقية شعوب العالم عبيد في الدرك الأسفل ولا قيمة لهم ولا لوجودهم. والصهاينة ينتمون إلى الغرب وعقليته ومفاهيمه مما يعني أن تكون المواقف الغربية لصالح الصهاينة وأن تكون المكاييل متنوعة، حيث لا يمكن لتلك العقلية العنصرية أن تنظر للعبيد والحيوانات (بمفاهيمهم) نظرتها إلى أبناء جلدتهم الأسياد مثلهم، ولا يمكن أن تكون حيادية في الصراع بين عبيد وسادة لأنها إلى جانب السادة حتماً!! وكل ما يخالف تلك الصورة خداع وتضليل ومراوغة أمام ظروف تَفرض عليهم أحياناً نوعاً من الديبلوماسية، ولكن في الأمور الحاسمة إن مس العبد مصالح السادة، أو لم يستجب لمطالب السادة أو إن طالب بأن يساوي نفسه بالسادة، يكشفون عن الوجه الحقيقي دون حياء أو خجل، لأنه لا قيمة للقيم أو المثل أو الإنسانية أو العدل في عالم التمييز والعنصرية والبراغماتية... وفي دوربان رفضوا الاعتذار عن استعباد القارة السوداء لأنهم كانوا يؤمنون بحقهم في استعباد من هم دونهم!!

لذلك يجب استخدام مصطلح العنصرية الغربية في ازدواجية المعايير.

وسنستعرض بشكل سريع تسميات وتعابير خاطئة أخرى وتصويبها، علماً بأن هناك العشرات من تلك التسميات الخاطئة الشائعة:

- يجب استخدام تعبير النزاع العربي الصهيوني بدلاً من النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

- رفض وصف كفاح الشعب الفلسطيني بالإرهاب أو التشدد، أو العنف الفلسطيني.

- رفض تسمية الوطنيين الشرفاء المتمسكين بالثوابت، بالمتشددين أو المتخشبين أو المتشنجين.. ومن المستغرب أن تندرج التسمية السلبية على مخيمات غزة فتسمى بمعاقل المتشددين!!

- استخدام تعبير أراض مصادرة ومستولى عليها بدلاً من مناطق عسكرية مغلقة (كما يطلق عليها الصهاينة).

- القدس الشرقية المحتلة أو الغربية المحتلة أو القدس المحتلة (شرقيها وغربيها)، حتى يفهم أن الغربية هي ضمن الاحتلال القديم منذ عام 1948.

- ونقول المختطفون والمعتقلون بدلاً من الأسرى، لأن الأسير لا يكون إلا في الحرب!!

- ولنؤكد على استخدام مصطلح عملية استشهادية أو فدائية، ومن المخجل تسميتها بعملية انتحارية أو تفجيرية لتصغير شأنها! وبناء على ذلك نستخدم كلمة استشهاد بدلاً من مصرع أو مقتل أو سقوط. وشهيد بدلاً من قتيل..

- ونقول اغتيالات سياسية وجرائم بدلاً من قتل مستهدف أو ضرب المتشددين أو الإرهابيين أو المطلوبين.

- ونقول وزارة الحرب (والاعتداء) بدلاً من وزارة الدفاع، وجيش العدو/ الاستعمار الصهيوني/ بدلاً من جيش الدفاع الإسرائيلي.

- ونستخدم تعبير عملية اعتداء واقتحام واجتياح قام بها العدو الصهيوني بدلاً من عملية عسكرية.

- إعطاء نقاط التفتيش الصهيونية معناها الدقيق فهي حواجز لمحاصرة شعبنا وإذلاله ومراقبته..

- ولنقل محاصرة المدن والقرى بدلاً من حظر التجول في المدن والقرى..

- ولنقل الطرق المخصصة للصهاينة فقط، بدلاً من الطرق الالتفافية.

- الخروج من تصنيفات اليمين واليسار والاعتدال، فكل يهودي على أرض فلسطين هو مستعمر!

- الخروج من مقولة الدعم الإمبريالي الأمريكي للاستعمار الصهيوني والانحياز؛ لأنه لا يمكن أن تكون الإمبريالية الأمريكية غير ذلك!

*    *    *

وفي الإعلام التلفزيوني نلاحظ كيف يستخدم التعابير المسيئة لقضيتنا ونضال شعبنا، لصالح التطبيع مع العدو الصهيوني:

- ولنبدأ بخارطة فلسطين التي يعرضونها ولا سيما في الأخبار وكيف تشير إلى الأراضي المحتلة عام 48 باسم "إسرائيل"، لتثبت التسمية كحقيقة في الوجدان العربي ولتمحو حقيقتها بأنها أرض مستعمرة، هكذا وبكل صفاقة تعترف للعدو بأن ذاك الجزء المقتطع والمغتصب من فلسطين بقوة السلاح صار معترفاً به وشرعياً للعدو المستعمر، وشتان بين أرض مستعمرَة، وكيان لا حق له في ذرة مما سرقه من ترابنا المقدس، فكيف يمنحونه صك الملكية الشرعية!؟

- العمليات الاستشهادية البطلة إن تجاوز الإعلام تسميتها بالعمليات الانتحارية يسميها عمليات عسكرية وشتان بين التسميتين.. ومنهم من يستخدم كلمة فدائية ليبعد مصطلح الاستشهادية وما لها من دلالة لا ترضي الأمريكان والصهاينة.. وقد سمعنا عن بعض الأنظمة الذين دفعوا بعض المرتزقة من الفقهاء ليفتوا ببطلانها دينياً، تلبية لمطلب الأمريكان والصهاينة!

- دفاع الفلسطينيين عن أنفسهم يسميه البعض العنف الفلسطيني، أو الحرب الدائرة بين الفلسطينيين والقوات (الإسرائيلية) أو الجيش (الإسرائيلي).. متجاهلين بذلك حقيقة الاستعمار الصهيوني.. وما الشعب الفلسطيني إلا ضحية يدافع عن حياته وحقوقه ضد الجريمة التي ترعاها الإمبريالية الأمريكية سياسياً وعسكرياً ومالياً، وتغمض الأنظمة العربية النظر عنها.. كما أن الشعب الفلسطيني لا يمتلك جيشاً يواجه جيش العدو المدجج بالسلاح، بل هي مقاومة شعبية ضد المستعمر!

- يتحدثون عن الاعتداءات الصهيونية على الشعب الفلسطيني وكأنما هي ردود أفعال انتقامية لهجمات فلسطينية. وهنا تمنح الأقنية العدو الصهيوني البراءة، فهو المسالم ولكن اعتداء الفلسطينيين، تدفعه للدفاع عن نفسه، وبالتالي المشكلة تكمن في الفلسطيني، الذي يتحرش (بالإسرائيليين) الوادعين المؤمنين بالسلام والتعايش الإنساني مع الآخر!

- تصوير ما يجري دائماً ضمن صورة سلبية: الفلسطينيون هم الخاسرون أما القوات الصهيونية فهي الرابحة. وهنا رسالة واضحة للشعب الفلسطيني لإحباطه، فكأنما لسان الحال يقول: لا فائدة من النضال وعليك أيها الفلسطيني أن تستسلم للأمر الواقع وأن ترضى بالمشاريع المطروحة، وهذا وإن لم يلب طموحاتك فهو أفضل من لا شيء.. وهنا لا يحاول الإعلام المشبوه التركيز على ما تصنعه المقاومة والعمليات الاستشهادية في كيان العدو من قلب للمعادلة، وتدهور في حياته الوجودية والأمنية وانعكاس ذلك على حالته النفسية وعلى المشروع الاستعماري كله!

- استضافة مسؤولين من الكيان الصهيوني في الفضائيات العربية: تفرض الأقنية العربية على المستمع العربي التأقلم والتعود على وجود شيء اسمه (الإسرائيلي)، والحكومة (الإسرائيلية).. أي تقبل الكيان كحقيقة معترف بها عربياً.. والأنكى من هذا أن تسمع المجرمين الصهاينة وهم يهاجمون الفلسطينيين ويتوعدونهم، ويدعون بأنهم يريدون السلام والعلاقات الطيبة مع الجيران، ولكن الفلسطينيين هم الأشرار!! وبمعنى آخر تتحول تلك الاستضافة لتصير منبراً للمستعمرين الصهاينة في الأقنية العربية.. وقد سمعنا بعض المطلوبين من قبل محاكم الجزاء والعدل في العالم - إن طبقت القوانين الإنسانية- يصف شارون بتشرشل بالنسبة لأوروبا في حربه ضد النازية على إحدى المحطات العربية! وهذا يعني بالضبط أن الشعب الفلسطيني نازي، وشارون هو المدافع عن اليهود من تلك النازية!

وهنا نلاحظ تفاهة القول بالديمقراطية والرأي الآخر، لأن المحطات عربية وليست محايدة في الصراع العربي الصهيوني، لكنها تخلت عن عروبتها ودينها.. وهذه الاستضافة ممكنة لمحطة أوروبية - مثلاً- تستمع فيها للطرفين، وليس لمحطة تتدعي العروبة.. وعلى كل فلتحدثنا تلك المحطات المشبوهة والمخادعة، عن حقيقة حكامها والارتباطات بأمريكا والصهاينة تحت شعار الحرية والديمقراطية والرأي الآخر!!

- تصوير الصراع العربي ضد الاستعمار الصهيوني - وهو قضية وجود للأمة العربية وليس قضية نزاع حدودي- وكأنما هو خلاف فلسطيني (إسرائيلي) وبالتالي تروج للحلول المطروحة، وكأنما هي الحلول السحرية، التي تؤدي إلى حل الخلاف!! وهنا مهمة تلك الأقنية ليس مجرد ترويج البضاعة الأمريكية الصهيونية في الشارع العربي، وإنما إخراج القضية الفلسطينية من إطارها العربي، والإسلامي المسيحي، وحصرها بين الفلسطينيين و(الإسرائيليين)!

- تبث أحياناً بعض المحطات برامج دينية تتحدث عن أنبياء (إسرائيل)، تؤكد من خلالها تاريخ الأنبياء على أرض فلسطين، علماً بأنه لم يثبت تاريخياً وآثارياً وجودهم على أرض فلسطين. فالمؤرخون العرب القدماء، والحديثون والمستعمرون والمستشرقون اعتمدوا على أسفار العهد القديم ومن ضمنها التوراة، برواية تلك الأخبار. وهي أي الأسفار والتوراة ساقطة علمياً وأخلاقياً وتاريخياً وجغرافياً!!

وهناك نقاط أخرى إلا أن ما ذكر يعطي صورة عما تقوم به المحطات الفضائية العربية خدمة لأمريكا وللكيان الصهيوني المستعمر، وتحت عناوين براقة كالحرية والديمقراطية والاستماع إلى وجهة نظر الطرف الآخر، ناسية أنها عربية وأن القضية تعنيها تماماً، وليست حيادية في الأمر، إلا في حالة إعلانها عن هويتها الجديدة!!

إن القضية ليست مجرد ذكر الخبر، ولكن كيف يصاغ وطريقة إذاعته، والإطار الذي يوضع فيه ضمن السياق، والأبعاد الموحية لملحقات الخبر والتعليقات الإضافية..

والمتتبع للإعلام في الفضائيات العربية، يجد خيطاً يجمع بينها وهو يعبر عن توجه سياسي مدروس بعناية. والشعب العربي المغلوب على أمره ولا حول له ولا قوة، يعرف حقيقة الأنظمة وارتباطاتها وحقيقة الإعلام المعبر عن توجهات أسياد تلك الأنظمة..

ولنتصور جميعاً كيف سيكون الوضع لو أن الجميع يقول فلسطين المحتلة عام 48 ماذا يمكن أن تخلق من تغيير في الأذن العربية، والأجيال وما يمكن أن تخلقه من حالة نفسية عند الصهيوني من وجوده اللاشرعي، من وجوده الاستعماري، من وجوده الذي لن يُعترف به..

وأخيراً لن نتحدث عن المواقع العربية والفلسطينية على شبكة الإنترنت فهي أداة من أدوات الميديا والأخطاء تتكرر فيها ولا تخرج عما ذكرناه.

لذلك نطالب جميع المثقفين بالعمل على جمع ما يمكن من تلك المصطلحات والمفاهيم الخاطئة والمسيئة ونشرها في كل مكان ضمن كراس أو كتيب، لنثبت حقيقة الصراع الصهيوني العربي، ولتثبيت حق الشعب الفلسطيني في وطنه وأرضه، وتثبيت حقنا في تحرير فلسطين كل فلسطين.

فالمثقف والكاتب مطالبان باستخدام المصطلحات الصحيحة والمعبرة عن مدلولها الدقيق وتمحيص كل مصطلح أو مفهوم يرد في أية وسيلة إعلامية "الميديا" بهدف تصويبه والعمل على نشر ما هو صحيح وتنبيه الآخرين له.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ