-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 30/04/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


ماذا بقي من سراب السلام؟

سوسن البرغوتي

إن المشروع الصهيوني لتوسيع رقعة حدود "الدولة اليهودية"، التي لم تحدد بعد، سيمتد إلى خارج حدود الأرض الفلسطينية التاريخية المحتلة، بما فيها حدود الدولة الفلسطينية المزعومة، على طريق تحقيق إعلان نهائي عن "دولة يهودية" تمتد من الفرات إلى النيل، بدعم وتحالف القوى الاستعمارية،  لتنفيذ ما جرى إعلانه واضحًا منذ تأسيس الكيان الغاصب، برمزية علم "اسرائيل".

الواضح أن هذا المشروع يواكب مجريات التنفيذ، متمثّلة بإبرام اتفاقيات تفرّط تدريجيًا بالحقوق، وتقايض أرض بأرض أخرى فلسطينية، والتزام كامل بتنفيذ الاتفاقيات الموقّعة من جانب السلطة المحلية، فعملية الاستيطان على الأرض الفلسطينية لم تتوقف، كما أن اقتطاع أراضي من الضفة الغربية غير المحررة، شيئًا فشيئًا لم يتوقف أيضًا، والجدار العازل ما زال يمتد ويرتفع، وبمساهمة أياد فلسطينية مع الأسف الشديد، ناهيك عن التهويد الجاري لمدينة القدس، لم نجد أي فعل حقيقي، في واقع صمت سلطوي مطلق، فلم يعد خافيًا أن القدس من المنظور الصهيوني، هي العاصمة الأبدية لـ"الدولة اليهودية".

وفي هذه المناسبة نستحضر مجموعة التحفظات التي أعلنت عنها حكومة السفاح شارون، وهي أربع عشرة تحفّظًا، على ما يُسمى باتفاقية خارطة الطريق نفسها، وهي تحفظات تنسف كل ما طُلب تنفيذه من "إسرائيل" أو طالبها الالتزام به، أما من يخلص في تنفيذ كل بند من تلك الاتفاقية، فهي سلطة رام الله لإنهاء "العنف" الفلسطيني، وهذا ما جرى الاعتراف والعمل به علنًا، إلى جانب الالتزامات الأمنية والإصلاحية داخل القيادة الفلسطينية المنوط تنفيذها بإشراف "إسرائيلي" لفرض موظفين اقتصاديين

وسياسيين طيعين، أما الانتخابات الفلسطينية، فالمطلوب أن يجري تطبيقها حسب مقاييس "الديمقراطية الإسرائيلية"، فعلى هذا الأساس، الانتخابات الداخلية القادمة  لتسيير الأعمال، ليست أكثر من ترسيخ مفهوم التصهين على طريق الخارطة الكبرى.

يعتقد عباس، أنه يترأس دولة لها سيادة على الأرض، تملك القرار، ومن ثم يحتكم لشرعية هيمنة القطب الأوحد بالعالم، لحماية أمن "إسرائيل" مدى حياة الكيان، ويتناقض مع ما صرح به في  بداية خطابه الأخير، إذ ما معنى أن يعلن لاحقًا أن الشعب مصدر السلطات، فأي شرعية  يلتزم بها عباس، الدولية أم اختيار الشعب؟، وكلنا يعلم أن الشعب اختار برنامج المقاومة بالانتخابات الأخيرة، في حين أن حماس لم تمارس رسميًا، صلاحياتها للحظة واحدة، بل كل ما كان يجري وضع العصيّ واحدة تلو الأخرى في المسيرة، والتحايل والتلاعب إلى أن وقعت واقعة محاصرة المقاومة في الإقليم "المتمرد"، وعُوقب الشعب الذي اختار قيادته.

إن بنود اتفاقية خارطة الطريق المخزية التي يشدد عباس على ضرورة تطبيقها، هي انتقاص وتقييد  لسيادة الدويلة المزعومة، بتجريدها من السلاح تمامًا، وتسليح الشرطة والأجهزة الأمنية بأسلحة خفيفة، مهمتها تعقب واعتقال واغتيال المقاومين، أما السيطرة الكاملة على مداخل ومخارج هذه الدولة المتخيَلة، جوًا وبحرًا وبرًا، فهي لـ"إسرائيل". كما يُحظر على "الجمهورية الفلسطينية المحتلة"، عقد أي حلف، أو اتفاقيات تجارية أو غيرها مع أعداء "إسرائيل"، فأي صفة أو تسمية يمكن أن نطلقها على كنتونات مقطّعة بالحواجز والجدار، وفي واقع الأمر لن تكون أكثر من مكتب ارتباط كامل بالدولة الكبرى!...

أما فلسطينيو الشتات البالغ عددهم ستة ملايين، الشاهد الواضح، جاء على لسان ليبرمان: ( إن أي اقتراح للسلام يأتي على مجرد ذكر حق العودة للاجئين الفلسطينيين، لا يمكن أن يشكل أساسًا للتفاوض، ولا يمكن أن يكون على الطاولة، فأنا لست مستعدًا، حتى أن أناقش بحق عودة لاجئ واحد).

رغم ذلك ما زال عباس يطالب "إسرائيل" بتنفيذ تفاهمات مؤتمر أنابولس، كونها مكملة لاتفاقية خارطة التصفية النهائية، وقد رفضها ليبرمان نفسه، ويراوغ الطرف الأمريكي ونتنياهو بإمكانية تحقيقها، فعلى ماذا يراهن عباس، وماذا بقي من سراب "السلام"؟، مع العلم إن هذه الاتفاقية لم ترسم الحدود الدائمة للدولة العظمى في وطن يجري انتزاع هويته وكينونته العربية.

كل أطواق النجاة لتعزيز شرعية عباس، واستضافة مصر التطبيعية لحوار سفسطائي، ومنح فرصة هدوء لإدارة أوباما، ليواجه مشاكل أعقد بكثير من الملف الفلسطيني، وكيفية إحلال شعار تحقيق العدالة بدل شعار الديمقراطية ومحاربة "الإرهاب" القديم الأجوف، وعلى وقع تلك الشعارات البرّاقة احتلت قوات إدارة بوش أفغانستان والعراق، وتتوسع على رقعة محاربة القراصنة بالشعار الجديد، لتشمل كل الموانئ العربية، ودفع أتاوات كضريبة مراقبة المياه الإقليمية العربية لمكافحة "القرصنة"، فما الذي تغير؟!.

الذي تغيّر هو الشعار فقط، أما الحقيقة فإن الإدارة الأمريكية مستمرة بغيّها وجبروتها، كما أنها مستمرة بتوزيع أدوار الخصوم، لتقسيم الغنائم في "شرق أوسط جديد"، لإنقاذ الأحوال الاقتصادية المتردية في بلادهم، على حساب إغراق القضايا العربية بمتاهات وتهويمات.

الذي يدعو للأسف هو موقف التنظيمات الفلسطينية السياسية الوطنية السلبي الحالي، فهي كما يبدو لا تريد أن تخطو خطوة واحدة على طريق قلب الطاولة عليهم جميعًا، ولصالح القضية الفلسطينية، والأمن القومي العربي، والطريق إلى ذلك يكمن في العودة إلى توحيد الجبهة المقاومة، وتصعيد العمليات بكل أشكالها المقاومة ضد الاحتلال، وهذا حقّ تقره كل الشرائع.

إن المفهوم الطبيعي والواقعي يتطلب مواجهة ومقاومة المحتل، فإلى متى مطلوب من الشعب وطليعته المقاومة الالتزام بضبط النفس والأعصاب؟.

إذا كانت القدس بكل قيمها الدينية المقدسة ومكانتها التاريخية وأصالتها، كمركز للانتماء الوطني والقومي العربي والإسلامي لا تحرك فعل مقاوم تصعيدي حتى هذه اللحظة، فمتى يُفترض التحرّك، وهل من فائدة ترتجى بعد أن تقع الفأس بالرأس؟.

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ