-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 30/04/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الإخوان بين دعم المقاومة والأمن القومي المصري

محمد البلتاجي*

يقول الإمام الشهيد حسن البنا: " إن الإسلام قد فرضها فريضة لازمة لا مناص منها، أن يعمل كل إنسان لخير بلده، وأن يتفانى في خدمته وأن يقدم أكبر ما يستطيع من الخير للأمة التي يعيش فيها، وأن يقدم في ذلك الأقرب فالأقرب رحمًا وجوارًا- حتى إنه لم يُجِزْ أن تنقل الزكوات أبعد من مسافة القصر إلا لضرورة؛ إيثارًا للأقربين بالمعروف, فكل مسلم مفروض عليه أن يسد الثغرة التي هو عليها، وأن يخدم الوطن الذي نشأ فيه، ومن هنا كان المسلم أعمق الناس وطنيةً وأعظمهم نفعًا لمواطنيه؛ لأن ذلك مفروض عليه من رب العالمين، وكان الإخوان المسلمون أشد الناس حرصًا على وطنهم وتفانيًا في خدمة قومهم.

أما وجه الخلاف بيننا وبين غيرنا فهو أننا نرى أن كل المسلمين في أقطار الأمة الجغرافية أهلنا وإخوتنا نهتم لهم ونشعر بشعورهم ونحس بإحساسهم أما الآخرين فيتخذون من المناداة بالقومية الخاصة سلاحا يميت الشعور بما عداها.

نحن نرى أن كل بقعة فيها مسلم يقول: (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وطن عندنا، له حرمته وقداسته وحبه والإخلاص له والجهاد في سبيل خيره، وكل المسلمين في هذه الأقطار الجغرافية أهلنا وإخواننا؛ ودعاة الوطنية فقط لا يعينهم إلا أمر تلك البقعة المحدودة الضيقة من رقعة الأرض.. ويظهر ذلك الفرق العملي فيما إذا أرادت أمة من الأمم أن تقوِّي نفسها على حساب غيرها؛ فنحن لا نرضى ذلك على حساب أي قطر إسلامي، وإنما نطلب القوة لنا جميعًا، ودعاة الوطنية المجردة لا يرون في ذلك بأسًا"

على هذه المباديء نشأنا وتربينا في دعوة الإخوان المسلمون نؤمن أن هذه الدوائر الثلاث (مصر الوطن – قوميتنا العربية- أمتنا الإسلامية) يكمل بعضها بعضا ويقوي بعضها بعضا وننتمي إليها جميعا, بينما الآخرون يضعونها في مقابل بعضها البعض وعلى حساب بعضها البعض,ومن هنا تتفكك الروابط وتضعف القوى ويضرب العدو بعضها ببعض). نستشعر مكانة مصر ومسؤليتها نحو الأمة وحقوق مصر علينا  فنقول نعم  مصر أولا لكنا لن نرضى أبدا أن تكون مصر أولا وآخرا.

نحن والأمن القومى المصرى

 

على هذا النحو سارت مسيرة دعوتنا نختلف مع أنظمة الحكم والحكومات إختلافاً بيناً في مجمل السياسات والممارسات لكننا نعيش مع جميع المخلصين في انتماء حقيقي لوطن نحبه ونفتديه ونتعاون لخيره .

 ومن ثم رأينا في الأزمة الأخيرة أن الأمن القومي المصري الداخلي خط أحمر لا يجوز المساس به ولا العبث فيه؛ فقلنا أنه إذا ثبت من خلال التحقيق النزيه أن هناك ( خلايا تنظيمية لبث الفوضى وتنفيذ تفجيرات وإضرار بالمصالح أو ممارسة جاسوسية أو دعوة للتشيع ...) فهذا العبث بالأمن القومي المصري يستوجب الحزم والمعاقبة الشديدة لكل من تثبت مشاركته في ذلك، وهي أمور بين يدي القضاء الذي نثق فيه وبنزاهته، ولدينا من مواد قانون العقوبات ما يحقق المحاسبة والردع والزجر لمثل هذه الجرائم ومن يقف وراءها.

هذا موقفنا بكل حزم لكن لأننا لا زلنا أمام مذكرة تحريات مباحث أمن الدولة وتحقيقات النيابة التي تمثل الاتهام. فلنأخذ الأمر مأخذ الجد نعم؛ لكن دون تهويل ولا تضخيم يهدف أصحابه إلى توظيف الموضوع لتشويه صورة المقاومة والاساءة إلى سمعة رموزها وخلط الأوراق لأجل الوصول إلى محاصرة ثقافة المقاومة وتجريم دعمها وحرمان المقاومة من الزخم الجماهيري الضخم الذي اكتسبته في المرحلة السابقة.

 

وأنا هنا لا أقصد  أن يعامل حزب الله بالعفو والتسامح كمعاملتنا لإسرائيل حين أرسلت بشبكات الجاسوسية التي أدانها القضاء وحكم علي أفرادها ثم أفرجنا عن جواسيسها (عائلة مصراتي  ثم عزام عزام ) لاعتبارات سياسية! رغم ثبوت ادانتهما ورغم وقاحتهما في التعامل مع القضاء المصري، ولا أقصد أيضا التجاهل وغض الطرف على النحو الذي تعاملنا به مع  تصريحات وزير الخارجية الصهيوني ليبرمان (الذي سب السيد رئيس الجمهورية وهدد بقصف وتدمير السد العالي) ولا الذي تعاملنا به مع انتهاكات صهيونية لحدودنا وقتل وإصابة مواطنين وجنود وأطفال مصريين واختراق قذائف ووصولها لرفح المصرية أثناء الحرب على غزة بل وتصدع عشرات البيوت والمنازل المصرية جراء القاذفات والقنابل الارتجاجية على الحدود.

لا نجيز التغاضي عن هذا ولا ذاك بل نطالب بمحاسبة هؤلاء وأولئك

كذلك رأينا أن موقف أمين عام حزب الله أثناء الحرب على غزة وخطابه الذي ناشد فيه القيادات العسكرية المصرية والجنود المصريين بالتحرك لفتح معبر رفح كان خطأ ما كان له أن يقع فيها؛ إذ لا يجوز له ولا لغيره التدخل في الشأن الداخلي المصري ولا مخاطبة المصريين إلا من خلال مؤسسات الدولة.

أقول هذا رغم أننا عارضنا وبقوة موقف الحكومة المصرية من اغلاق معبر رفح ( قبل وأثناء العدوان على غزة) ولازلنا نرى أن ذلك مشاركة في حصار الشعب الفلسطيني ومساندة للضغوط الصهيوأمريكية على المقاومة الباسلة في الأراضي الفلسطينية وتفريطا في سيادتنا على أرضنا وحدودنا وأمننا القومي، وما زلنا نؤمن أن تجميد العمل بكامب ديفيد ووقف كافة العلاقات السياسية والاقتصادية وغيرها مع الكيان الصهيونى خطوة تصحيحية لازمة لصالح الأمن القومى المصرى، وكذا نؤكد على امتداد الأمن القومى المصرى للساحة العربية والإسلامية وبالأولى لدول الجوار وذلك يحتم علاقات متينة مع هذه الدول جميعاً ومن ثم أهمية الوقوف على مسافات متساوية من الأطراف السياسية داخل هذه الدول وذلك مهم لإنجاح أى جهود مصرية لدعم مصالحات سواء فى لبنان أو فلسطين أو السودان وهذا كله من ركائز الأمن القومى المصرى.

 نحن والمقاومة

 

نؤمن بحق كل شعب احتلت أرضه في الكفاح المسلح (الجهاد) لتحرير الأرض وأن كافة الشرائع السماوية والمواثيق والقوانين قد شرعت هذا الحق بل فرضه الإسلام فريضة (أُذن للذين يُقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير)، فريضة ليست فقط علي المحاصرين  المظلومين بل وعلى غيرهم من القادرين على نصرتهم (وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا)

هذا إجمالاً أما فلسطين فتربينا على عشق ترابها والحلم بتحريرها وتخليص مقدساتها وعودة أهلها؛ فهي الأرض المباركة من حول المسجد الأقصى الذي نتعبد إلى الله بمتابعة شأنها ومساعدة أهلها ودعم مقاومتها بل وتقديم الأرواح فداءً لها

من ثم نؤمن بوجوب دعم المقاومة الفلسطينية بكافة أشكال الدعم وكم تمنت أجيال دعوتنا لو كانت في طليعة صفوف المجاهدين هناك، ظل هذا حلم أجيال دعوتنا من عام 1947 وحتى اليوم، ومن أجل هذا كانت معارضتنا  لكامب ديفيد لتقييدها لشعبنا في حقه في نصرة أهله في فلسطين بكافة أشكال النصرة، ولا زلنا نطالب بفتح معبر رفح ليتاح لشعبنا تقديم الدعم والمساعدات لإخواننا بكافة أشكال الدعم

ونرى أن دعم المقاومة الفلسطينية لتبقى شوكة في ظهر العدو الصهيوني- تقض مضاجعه وتوقف مشروعاته التوسعية الاستيطانية- هو من دعائم الأمن القومي المصري ونرى أن العلاقة المصرية المتينة مع المقاومة وفصائلها –وحمايتها وتأمينها- ركيزة رئيسة في صراعنا الاستراتيجي مع  العدو الصهيوني. من هنا كان موقفنا معارضا تماما لموقف الحكومات والأنظمة العربية من المشاركة في الحصار لأهلنا في غزة والصمت والخذلان لهم- أثناء العدوان الصهيوني الأخير عليهم- ولكل صور الضغوط والتضييق على المقاومة وسلاحها وفصائلها.

لكنا حين نتحدث عن دعم المقاومة لوجستياً من طرف ثالث عبر الأراضي المصرية فلا نجيز إختراق الأرض المصرية من خارجها دون تنسيق مواقف أو في الحد الأدنى التأكد من التوافق ( الذي قد لا يكون من مصلحة المقاومة ولا مصلحة داعميها ولا مصلحة مصر الإعلان عن ذلك ) الذي يتيح مساحة من غض الطرف لتحقيق هذا الدعم.وقد قامت مصر بهذا الدعم للمقاومة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي وللمقاومة الليبية ضد الاحتلال الايطالي بل بعملية إيلات ضد الصهاينة (1969) مروراً بالأراضي الأردنية ,,

أكرر- ما قلته لمذيعة قناة العربية الأسبوع الماضي (ولوت عنق الحديث ليفهم على النحو الذي تريده هي رغم وضوح فكرتي): حين أخطأ حزب الله بتصريحات أمينه العام وقت العدوان على غزة وتوترت بلا شك العلاقات المصرية مع حزب الله كان ينبغي له أن يدرك أنه لا تنسيق ولا غض طرف يتيح له في هذه الأجواء إتمام وتمرير أى عمليات دعم لوجيستي.

نقول هذا رغم أننا كإخوان مسلمين أعتقل لنا أثناء الحرب على غزة أكثر من 1200 بسبب مناصرة المقاومة في غزة  وأحيلت 3 قضايا بتهمة دعم غزة للنيابة العامة كان على رأس الأولى د. جمال عبد السلام أمين عام لجنة الإغاثة باتحاد الأطباء العرب. وكان على رأس الثانية د.عبد الفتاح رزق  مقرر لجنة الإغاثة بنقابة أطباء مصر. ولا يزال أكثر من 20 من الإخوان محبوسين على ذمة القضية الثالثة على رأسهم د. مصطفى الغنيمي أمين نقابة الأطباء بالغربية.

 مشروعنا وقضيتنا

 

لا ينبغي أن نصنع عداوات ولا أن نستبدل بعدونا الصهيوني عداوات أخرى , ولا بد لنا أن نفرز الساحة العالمية فنحدد من أقرب إلينا وأكثر تجاوبا مع قضايانا ومن أبعد عنا وأقرب لعدونا .

نحن مصريون مسلمون سنيون عرب، ولنا قضية مركزية محورية هي فلسطين وعدونا الرئيسي فيها هو الاحتلال الصهيوني ومن يدعمه، ونتعاون في هذه القضية المركزية مع كل من يناصر قضيتنا ويتفق معنا في الموقف من عدونا.

ندرك ونفهم بطبيعة الأمور أن هناك مشروع شيعي ينافح عنه أصحابه ( وفي المقابل يجب أن يكون لنا مشروعنا السنّي )، وندرك أيضا أن هناك مشروع فارسي ( وفي المقابل يجب أن يكون لنا مشروعنا العربي) ندرك ونعي هذا جيدا لكن لا يعني هذا أن معركتنا وصراعنا المركزي صار شيعياً- سنياً ولا فارسياً -عربياً بل نحتاج للتقارب والتعاون مع كل من يناصر قضايانا ، وكم مددنا أيدينا لقوى في العالم تساند قضايانا فاتجه عالمنا العربي لروسيا وللكتلة الشرقية ولأمريكا اللاتينية وقد نتجه للصين وغيرها، في مواجهة هيمنة وعدوان واستكبار المشروع الصهيو-أمريكي في غير غفلة أن لكل من هؤلاء أيضا مشروعه وأولوياته

أدركت هذا كله الجماعة الإسلامية في لبنان وأمينها العام  فضيلة الشيخ فيصل مولوي، وهي التي تمثل مباديء وثوابت فكرة الإخوان المسلمين في الساحة اللبنانية فوقفت في خندق المقاومة جنباً إلى جنب مع حزب الله في حربه ضد الصهاينة، لكن حين انفضت المعركة كان للجماعة الإسلامية رؤيتها وموقعها الذي يدرك أن خندقه السياسي والدعوي والجماهيري غير الخندق الذي يقف فيه حزب الله بل قد يكون أقرب لخصومه, لأن الجماعة بالضرورة تعبر عن المشروع السياسي والدعوي لأهل السنة في لبنان وليس لغيرهم.

ومن ثم  انتقدت بشدة موقف حزب الله حين استخدم سلاح المقاومة في الساحة السياسية ونزل بقواته ورجاله إلى قلب العاصمة بيروت في العام الماضي، حدث هذا رغم أن موقف الجماعة الاسلامية من المقاومة والدعم والتنسيق مع حزب الله في مواجهة الكيان الصهيوني لم ولن تتغير.

وهكذا سنقف إلى جوار حزب الله متى كانت معركته مع الصهيونية البربرية و سنقف ضده لو تكررت هكذا ممارسات تمس بالأمن القومي المصري ولكن لن تنحرف بوصلتنا السياسية فسيظل عدونا المشترك هو ذلك الإحتلال  الصهيوني حتي يزول وتعود حقوقنا ومقدساتنا وأرضنا وشعبنا.

ـــــــ

*عضو كتلة الإخوان المسلمين بالبرلمان المصري

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ