-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء  07/04/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الخيمة في غزة .. صمود وعزة

بقلم : فارس عبد الله*

الخيمة في ذاكرة الشعب الفلسطيني , ترمز إلى رحلة الشتات والتهجير القسري عن القرى والمدن الفلسطينية , بعد العدوان الغاشم وإقامة الكيان الصهيوني على أنقاض الوطن الذبيح  بمساعدة القوي الاستعمارية العظمي , وبخذلان الأنظمة العربية الرسمية واستمر الشعب الفلسطيني في رحلته مع التشرد واللجوء , وكانت الخيمة عنوان للصمود وإشارة لتحدي القهر ورفضاً للانكسار.

الخيمة سهلة في عملية الترحال والتنقل , وتعطي شعور بعدم الاستقرار وهذه رسالة سياسية بامتياز , حاول أجدادنا تأكيدها من خلال التمسك بالخيمة وإعلان أن العودة قريبة للديار والبيوت والحقول , وان التوطين والركون لحالة الهجرة الدائمة غير وارد , وليس بالخيار للشعب الفلسطيني , فانتصبت الخيام ورفرفت عليها أمنيات العودة وانتشر عطر البلاد مع نسائم الصبح , وكانت الخيمة على حدود الوطن وبابها مشرعاً للعودة .

ومضت الخيمة مرافقة للنضال الفلسطيني , وشكلت علامة تراثية في تاريخ الشعب الفلسطيني , وخرجت جيلاً فلسطينياً كاملاً عاش وترعرع في الخيمة , وشرب حليب الكرامة وتعلم حب الأوطان بين جنباتها , لقد كانت الخيمة بمثابة أكاديمية العمل المقاوم ومركز التعبئة الجهادية , الجدة والأم والوالد تضمهم الخيمة في سهراتهم وجل الأحاديث عن الوطن , والصهيوني السارق والعودة والمقاومة والفدائي , واستقبلت الخيمة حياة جديدة للاجئ الفلسطيني خرجت فيها الخيمة أفوجا من المقاتلين , واستقبلت الشهداء العائدين يحملون على جباههم حبات الرمل من الوطن المحتل , وزداد عطاء الخيمة بفعل ساكنيها فالأجيال التي حازت على أعلى الدرجات العلمية , هم أطفال كبروا في الخيمة وأصبحوا رجالاً في مواطن يعتز بها الوطن .

لقد قهرت الخيمة ببساطتها سياسات المحتل الصهيوني , في تشتيت المواطنين داخل وطنهم المحتل لإرغامهم على الرحيل والهجرة , عبر سياسة هدم البيوت التي مارسها العدو الصهيوني بذرائع مختلفة , من المساهمة في العمل المقاوم إلى عدم الحصول على ترخيص من سلطات الاحتلال , فكانت الأسرة الفلسطينية تنصب الخيمة على أنقاض المنزل وتزرع الأوتاد وتقول باقون هنا على أرضنا , سواء عشنا ببيت من حجارة أو تحت غطاء خيمة كما واجه المواطنين منع الصهاينة بناء المساجد الجديدة , بإقامتها من الخيام والصفيح وعسف النخيل في إرادة بقاء وتشبث في الأوطان وقف العدو أمامها عاجزاً.

وتسجل الجامعة الإسلامية والتي شيدت برغم أنف المحتل الصهيوني , وفى مواجهة سياسة التجهيل التي كانت تعتمدها سلطات الاحتلال , وتحاول فرضها على الشعب الفلسطيني تم تأسيس الجامعة الإسلامية وكانت عبارة عن مجموعة من الخيام , ودرس فيها الطلاب وتخرج منها الكوادر والعلماء , التي شاركت في مسيرة البناء والمقاومة وبعد القصف والتخريب الذي استهدف الجامعة , استحضرت التاريخ وعادت على موعد مع الخيمة لتحطم عليها سياسة المحتل الصهيوني وتقهره من جديد .

اليوم وبعد العدوان الصهيوني الأخير على غزة , دمر الاحتلال أكثر من خمسة ألاف منزل وأكثر من 90 مسجد , والمئات من المؤسسات والجامعات والمدارس والوزارات , يتجلي الصمود بأعظم صورة  الفلسطيني , لا ينكسر كيف لا وهو صاحب ثقافة تقوم على المقاومة وتحدي المحتل , ومواجهة سياساته الإجرامية وعدم الخنوع والخضوع لإجراءاته الوحشية , فلقد صمد هذا الشعب في مواجهة أفضع حصار في التاريخ  , ووقعت عليه حرباً جبانة صبت فيها النيران من البحر والجو والأرض إلا أن شعبنا وقف شامخاً يواجه مؤامرة الاعمار عبر شعار باقون على الثوابت ولو قضينا العمر في خيمة .

تناولت وكالات الصحافة الكثير من المواقف , التي ليس لدينا أدني شك أن يتأخر عنها شعبنا المقاوم , شيخ طاعن في السن يخاطب الصحافة لن نغادر أرضنا وسوف نبني إلى جانب البيت المهدوم خيمة ونعيش , وانتشرت الخيام من جديد في مناطق شمال وشرق غزة والتي أراد العدو الصهيوني من خلال هدم البيوت , تهجير ساكنيها لإقامة منطقة عازلة إلا أن إصرار المواطنين على العيش في الخيام على أنقاض البيوت أفشل الهدف الصهيوني.

وفى مشهد أخر عدد من العرسان لم يقف الخراب , الذي أحدثه العدو في منازلهم عائق أمام إتمام مراسم الزواج وكانت ليلة العمر في خيمة , كما أن وزارة الداخلية دشنت مقرها الجديد بجهود وطنية ولم تحتاج للمال الأمريكي والتمويل الغربي من أجل ذلك , ورأس المال في ذلك خيمة ويبقى الوطن في منعة من تدخلات الأجنبي.

لسنا من هواة الخيام وما يحدث في غزة , ليس نوعا من أنواع الترف حين يحاول البعض تغيير روتين الحياة , بممارسة بعض الطقوس الحياتية على شاكلة التخييم في الصحراء أو على شاطئ البحار , أن المواطن في غزة يحتاج إلى كل عوامل الحياة المدنية وان عملية الحرمان الممنهجة , عبر الحصار المشدد منافية لأبسط معايير حقوق الإنسان , وبعد أن سقطت كل مبررات الحصار فلم يعد سبيلا إلا لرفع عن كاهل المواطن الذي أعطي إشارات الصمود والاستمرار في الحياة , ولو كانت في كنف خيمة إذا كان الواجب الوطني والمسؤولية اتجاه القضايا المركزية يحتم ذلك , وأكد شعبنا جاهزيته للتضحية والعطاء في كل المراحل التاريخية , ووقف سداً منيعاً في مواجهة المؤامرات واستهداف القضية الفلسطينية.

ــــــ

*كاتب وباحث فلسطيني

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ