-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء  31/03/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


في القدس "عاصمة للثقافة العربية"...

أسئلة تغني عن الأجوبة!

عبد اللطيف مهنا

تأتي الأسئلة أولاً فتتلوها الأجوبة، من هنا فالأسئلة أحياناً أهم، وربما أصعب، وأحياناً تغني عن أجوبتها. فأنت إن وفقت في طرح سؤال حتام سيقودك تساؤلك إلى جواب أو هذا هو ما يترتب على الأغلب.

في الأسئلة التي طرحتها شعائرية احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية هذا العام، وهذا العام تحديداً، ما يمكن وضعها في خانة الأسئلة التي تغني عن أجوبتها، بل والتي تفضحها سلفاً، والأمرَّ مما فضحته، مثلاً:

وأية قدس يحتفلون بتنصيبها عاصمة للثقافة العربية؟

أهي المحتلة منذ ما قبل ستين حولاً، أم المحتل مما تبقى منها منذ ما قبل اثنتين وأربعين سنة؟!

أقبل شبه التهويد الكامل لها الذي شارف على الإتمام، أم بعده الذي لا تنقصه إلا استكمال قوائم هدم ما تبقى من بيوت المرابطين من أهلها المقدسيين، وطرد من لا زال لم يطرد منهم بعد؟!

القدس التي لا زالت هي أولى القبلتين، وفيها ثالث الحرمين الشريفين، أم هذه التي ستطيح الحفريات بأقصاها، وتستبدل قبة صخرتها بالهيكل الثالث، أو هذا المبيّت المزعوم الذي قد أتموا بالفعل بناء أنموذجه في غربها منذ سنوات؟!

أو ليس هم، ونعني المحتفين بعاصمة محرمة عليهم، يحتفلون اليوم سلفاً بعبرنتها، أو التسليم بمسيرة هذه العملية التي شارفت أمام أعينهم على النجوز؟!

وعليه، أوليس من الواقعية، والصراحة، والشجاعة، والصدق مع النفس، تعديل هذا الشعار الاحتفالي العتيد ليغدو"القدس المحتلة عاصمة للثقافة العربية"... أو إن شئنا الدقة أكثر، والابتعاد عن خداع الذات... أوليس الحري بنا أن نعدله ليغدو "القدس المهوّدة عاصمة لثقافة الانهزامية العربية"؟!

وقد لا ينقطع حبل تساؤلاتنا المرّة هذه حول المغتصبة المحتفى بها إلى أن يدفعنا بؤس الحال إلى حيث نصل إلى أمرّها، وهو، ومتى تغدو في أدبياتنا... صحفنا، وكتبنا، وفضائياتنا، وخطابنا الرسمي، قبل الثقافي أو بعده، "أورشليم"، أو حتى "أورشلايم"، كما حدث وأن حلت (إسرائيل) المعترف بها بديلاً عن الكيان الصهيوني قبل الاعتراف، في هذه الأدبيات، وغدت ضيفة مسطّرة بالعربي الفصيح على صفحة خارطة الوطن العربي، الذي أصبح الشرق الأوسط وشمال إفريقيا... مسطرة عليها بدلاً من فلسطين، ويومياً تطل علينا بوقاحة عبر شاشات بعض فضائياتنا؟!

... قبل أقل من عام استمعت لشاعر من رام الله يتلو قصيدته التي مطلعها كان: على بوابة أورشليم...!

 

قلنا، وأية قدس عندهم هذه التي يحتفلون اليوم بتسميتها عاصمة للثقافة العربية، والآن يجيء دور وأية ثقافة يعنون؟!

لعله هنا، وكما قالت العرب، خرط القتاد! فأول الأسئلة التي دائماً تداهمنا عندما نسمع مثل هذا المصطلح يسحبنا إلى حيث نقع في متاهة من التصنيفات حيث لكل فئة أو فريق أو شريحة أو سياسة... وهكذا، وما يهمنا هنا ما نحن بصدده، ثقافته، ولكل ثقافة مثقفها.

مثلاً: أهي ثقافة المواجهة أم الهزيمة؟ الصمود أم الاستسلام؟ المقاومة أم المساومة؟ الممانعة أم "الاعتدال"؟ العناد والتمسك بالحقوق أم التفريط بها؟ رفض الجريمة الدائمة التي تجسدت اغتصاباً لقطعة من قلب الأمة منذ ستين عاماً أم القبول بأمرها الواقع والتطبيع معه؟!

... ونأتي إلى المثقف، وحيث قلنا إن الثقافة ثقافات فالمثقف بالضرورة بمثل تعددها، أي أنه كما قلنا آنفاً، لكل ثقافة مثقفها، وهنا أيضاً نضرب الأمثلة الأسئلة:

أمثقفوا، يا وحدنا، و"القرار الوطني المستقل" عن الأمة وليس عن الأعداء، أم أخدوعة شعار "سلطة وطنية على كل شبر محرر" كبداية للتنازل عن ثمانين في المائة من الوطن والمساومة على ما تبقى منه كأراض متنازع عليها؟ أو اجتراع شرك برنامج النقاط العشر، وأكذوبة "وثيقة الاستقلال" في وقت تكاد الأمة جميعها تفقد استقلالها، والتي كانت مجرد محطة ممهدة باتجاه "سلطة" بلا سلطة تحت الاحتلال، تنوب عنه في بعض أعمال البلدية لا جميعها، وتحوله عملياً إلى احتلال سبعة نجوم معفى من الكلفة المترتبة عليه تجاه من يحتله... سلطة حوّلت المناضلين إلى متقاعدين، وتنوب عن المحتل في مطاردة من يقاومه، أو تغدو على أرض الواقع أداة له تسهم في تعزيز أمنه؟!!

واستطراداً، أمثقفوا أوسلو، الاعتراف بالعدو، دولتين تعيشان جنباً إلى جنب، أو هما كما تقول الحكاية الشعبية "في ثباتٍ ونبات وتنجبان أولاداً وبناتاً"!، واحدتهما قائمة ونووية، والأخرى مفترضة وهمية وواقعاً في حكم المستحيلة، فلسفة موهوميها هي "إنقاذ ما يمكن إنقاذه"، وصولاً إلى "ليس بالإمكان" كمقدمة إلى ولا حتى "أحسن مما كان"؟!

أمثقفوا، التطبيع، واستمراء الدونية، وفلسفة الخنوع والخضوع والتبعية، و"تحقير العمليات الاستشهادية، والسخرية من أنفة وكبرياء ما يصفونها بـ"اللغة الخشبية"، بمعنى ازدراءهم للغة العنفوان القومي المعبرة عن رفض المهانة ومنطق الانهزامية؟!

أم هم هؤلاء الذين صعدوا على ظهر الثورة الفلسطينية المعاصرة إبان مرحلة المد... و"سنّوا عظامي سنّوها سيوف"... ولم يحملوها يوماً أو تتصاعد على ظهورهم... أو الذين كانوا أبداً سباقين في الحداء لقوافل زمن الصعود، وأول الهابطين والمنظرين للانحدار في زمن الهبوط ومفلسفيه؟!

أم من ندعوهم ويدعون أنفسهم الليبراليون الجدد، وبلغة أخرى، متصهيني لغة الضاد، حاصدي الجوائز أو مدللي بلاط مؤسسات الـ"إن جي أوس"، ونجوم شاشات الفضائيات الأشبه بملاهٍ ليلية تقتحم ثقافتها الهابطة المستلبة عنوة وبلا استئذان بيوتنا وتستبيح عقولنا وتثلم وجداننا؟!

أم هل هم مبررو الحصارات، وتحديداً الحصارات العربية منها، وبالتالي المحارق والمذابح التي يرتكبها العدو، والبوم الناعق على أطلال كرامة أمة، وهشيم إرادة سياسية بدت البائدة بفضلهم، ومزق أوطان ذبيحة نازفة أيامها حتى الثمالة... في فلسطين والعراق والصومال، والآن السودان، وما يتبع؟!

 

قد تستهوينا تقليعة خلع صفة "عاصمة الثقافة" هذه على ما نشاء من عواصم ومدن، وجرياً مع مغري ما يستهوينا، قد يصبح لنا حق استبدال "الثقافة هذه بصفة أو ميزة أخرى نراها أنسب، وقد نكون هنا أكثر حرصاً على الدقة أو نتحرى الصدق، ونزعم الموضوعية، فنقول مثلاً، فلسطينياً:

غزة عاصمة للصمود ومواجهة المحارق والخنق بالحصار، ونعني الحصار العربي الداعم للمعادي الغربي... ونستطرد: ورام الله، عاصمة الوهم وخرافة الدويلة الأوسلوية الموهومة، ومحج إملاءات المانحين، ومسرى رسل الرباعية... وبيت لحم، العاصمة الاحتفالية لبيع هذه الأوهام والخرافات، والأحلام الاقتصادية... والخليل، عاصمة لصولات وجولات الحراديم وتنفيس الأحقاد المعتقة الأسطورية والتلمودية... وأم الفحم، عاصمة الترانسفير المستقبلية... وهكذا، وما أكثر مثل هذه العواصم الفلسطينية... ونكتفي حتى لا نصل إلى العربية!!!

من مفارقة احتفالية "القدس عاصمة للثقافة العربية" هذه أنها معزوفة محببة ولا أحلى تنتحل اسم مدينة ولا كل المدن، لكنما في زمن يعيش مفارقتين، لا ندري كم تعني المحتفلين:

"إسرائيلية" تخبرنا بتتويج نتنياهو زعيماً أوحداً لليمين واليسار "الإسرائيلي" على السواء وما بينهما، وتسنمه سدة القرار التهويدي في حكومة لكافة صنوف الصهاينة تنطق وتعمل باسمهم جميعاً وتمثلهم كلهم ومرآة لمجتمعهم، وتقوم على أربع: الترانسفيري ليبرمان، الذي جاء لفلسطين من حيث كان يعمل حارساً لملهى ليلي في مولدافيا، وزيراً للخارجية، والحاخام المغالي في عنصريته عباديا يوسف، واصف العرب بالأفاعي، عبر ممثله إيلي يشاي للداخلية، والدموي باراك قاتل الفلسطينيين بيديه وليس عبر الأوامر وزيراً للحرب، وشيخهم جميعاً، الذي جاء إلى السياسة من عالم الإعلانات، رافض التسوية جملة وتفصيلاً دونما إعلان رئيساً!

... وأخرى عربية، يلخصها لنا خبر لم يعد مثله في حكم المستهجن المستغرب عندنا يقول:

إنه تم إحباط عملية تهريب ضخمة عبر الأنفاق على الحدود المصرية مع غزة المحاصرة، ومصادرة الممنوعات المهربة من البضائع مصرية المنشأ... وهي:

560 رأساً من الأغنام، و48 قارورة غاز، و4 أطنان من الإسمنت... الخبر أغفل دور خبراء مكافحة التهريب أو نصف الأنفاق وأجهزتهم المتطورة الأجانب، الأمريكان والألمان والفرنسيين!!!

وعود على بدء، نختتم أسئلة أثارتها حكاية "القدس عاصمة للثقافة العربية" بسؤال يلخص ما سبقه:

ترى، عن أية ثقافة يتحدثون، وماذا بقي من عاصمتها... أوليس الأولى بهم وبالقدس أن تغدو عندهم عاصمة للمقاومة العربية"؟!!

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ