-ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد  29/03/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


المعاهدات كطريق لتكبيل الإرادة الرسمية

كامب دافيد نموذجا

محمد سيف الدولة 

Seif_eldawla@hotmail.com

1 - لاشك ان من اكبر الدلالات على وحدة هذه الامة من الناحية الموضوعية هو حالة الغضب التلقائيى التى تمتد بين الشعب العربى على امتداد الامة بعد كل عدوان صهيونى على احد الاقطار العربية

2 - ويعبر الشارع العربى عن هذا الغضب بمطالبات صريحة الى الانظمة العربية بان تصعد من موقفها الداعم للمقاومة الفلسطينية ، ويتهمها بان ما تفعله ليس كافيا بل وقد يبدو متواطئا . ولاشك ان هذا التناقض بين الموقف الشعبى والموقف الرسمى فى الوطن العربى يطرح ضرورة التعرف على العوامل الموضوعية التى تضبط المواقف الرسمية للدول العربية بعيدا عن الآمال الشعبية العربية . وذلك ليس بالطبع من منطلق التبرير ولكن بهدف ان نرى ماذا نحن فاعلون .

3 - وفى هذا المقال سآخذ " مصر " كنموذج لمحاولة التعرف على الضوابط الموضوعية التى تحكم وتقيد المواقف السياسية الرسمية بشكل عام وتجاه الانتفاضة على وجه االخصوص

4 - بعد حرب اكتوبر 1973 نشات مدرسة سياسية فى مصر صاحبها هو الرئيس الراحل انور السادات انطلقت من عدد من المعطيات المبدئية مثل ان مواجهة اسرائيل هى مواجهة للولايات المتحدة الامريكية ومواجهة الاخيرة والانتصار عليها عملية مستحيلة ومن ثم لابديل عن قبول ما تعرضه علينا وهو ان تخرج مصر من الصراع العربى الصهيونى نهائيا مقابل ان تسترد سيناء ، ومقابل ان تقوم امريكا بكف ايدى اسرائيل عنا وهو ما عبر عنه الرئيس السادات صراحة حين قال بعد المقابلة مع الرئيس الامريكى جيمى كارتر " ساوقع على اى شىء سيقترحه الرئيس الامريكى كارتر دون ان اقراه طبقا لما جاء فى كتاب محمد ابراهيم كامل " السلام الضائع " . الا اننا لسنا فى حاجة الى التصريح المشهور السابق من الرئيس السادات لكى نتعرف على حقيقة الصفقة التى تمت لاخراج مصر من الصراع . لاننا سنجد ذلك واضحا وجليا فى بنود معاهدة الصلح بين مصر واسرائيل الموقعة فى 26/3/1979 والتى تضمنت عدد من القيود المحددة المصاغة بذكاء شيطانى لمنع مصر بحكوماتها المتعاقبة من الخروج من الصفقة ..والعودة الى حلبة الصراع .

5 - القيد الاول وضع لتجريد دولة مصر من المقدرة على تنفيذ التزاماتها كعضو فى جامعة الدول العربية وكطرف فى معاهدة الدفاع العربى المشترك .

اما عن المعاهدة العربية المذكورة فقد تم توقيعها فى يونيو 1950 واصبحت نافذة فى 22/8 /1952 وقد تضمنت المبادىء والاحكام التالية :

المادة الثانية : "اعتبار كل اعتداء مسلح يقع على اية دولة او اكثر منها ، او على قواتها ، اعتداء عليها جميعا ولذلك فانهاى عملا بحق الدفاع الشرعى الفردى والجماعى على كيانها تلتزم بان تبادر الى معونة الدولة او الدول المعتدى عليها وبان تتخذ على الفور ، منفردة ومجتمعة ، جميع التدابير ، وتتخدم جميع ما لديها من وسائل ، بما فى ذلك استخدام القوة المسلحة لردع الاعتداء ولاعادة الامن والسلام الى نصابهما ".

" المادة الثالثة " : " تتشاور الدول فيما بينها ، بناء على طلب احداها ، كلما هددت سلامة اراضى اية واحدة منها او استقلالها او امنها .وفى حالة خطر حرب داهم او قيام حالة دولية مفاجئة يخشى خطرها ، تبادر الدول المتعاقدة على الفور الى توحيد خططها ومساعيها فى اتخاذ التدابير الوقائية والدفاعية التى يقتضيها الموقف ."

فى مواجهة هذا الالتزام الصريح الواضح نصت المعاهدة المصرية الاسرائيلية فى الفقرة الخامسة من المادة السادسة على ما يلى " مع مراعاة المادة 103 من ميثاق الامم المتحدة يقر الطرفان بانه فى حالة وجود تناقض بين التزامات الاطراف بموجب هذه المعاهدة واى من التزاماتها الاخرى فان الالتزامات الناشئة عن هذه المعاهدة هى التى تكون ملزمة ونافذة "

اذن وبناء على ما سبق تكون للمعاهدة الاسرائيلية المصرية اولوية على معاهدة الدفاع العربى المشترك وللاسف ان القانون الدولى يدعم ذلك فتنص الفقرة 4 من المادة 40 من اتفاقية فيينا للمعاهدات على التالى " :

" فيما بين الدولة الطرف فى كلتا المعاهدتين والدولة الطرف فى واحدة منها فقط تخضع حقوق الدولتين والتزامتهما للمعاهدة التى تكونان معا طرفين فيها ".

الخلاصة انه تم تجريد مصر من الحق فى ممارسة التزاماتها العربية تجاه اى عدوان اسرائيلى على اى بلد عربي وتم فى نفس الوقت تجريد الدول العربية هى الاخرى من امكانيات وقدرات مصر الدولة

كان هذا هو القيد الاول على دور مصر العربى

6 - اما القيد الثانى فلقد صنعه المفاوض الصهيونى خوفا من ان تحاول مصر التحايل فيما بعد على المعاهدة الاسرائيلية المصرية فتقوم بتوقيع معاهدات اخرى مع اى طرف عربى كالفلسطينيين او غيرهم فتنص فى المعاهدة معهم مثلا ان ما ورد فيها له هو الاخر الاولوية على اى التزامات ناشئة عن اى معاهدة سبق توقيعها مثل المعاهدة مع اسرائيل . فى مواجهة هذا الاحتمال ولمنع مصر من التحايل اوردت اسرائيل فى الفقرة الرابعة من المادة السادسة من المعاهدة الاسرائيلية المصرية ما بلى : " يتعهد الطرفان بعدم الدخول فى اى التزام يتعارض مع هذه المعاهدة "

وبالتالى وبموجب هذا البند تم تجريد مصر من الدخول مستقبلا فى اى التزامات تتناقض مع طبيعة الصفقة التى تمت . ولذلك اخذ جميع الرسميين فى مصر واسرائيل وامريكا ادعاءات شارون الاخيرة بان مصر تدعم الانتفاضة الفلسطينية وتضغط على الفلسطينيين لكى لا يقدموا تنازلات ..نقول اخذ الجميع هذه الادعاءات بشكل جاد : المصريون ينفونها والاسرائيليون يؤكدونها والامريكيون يحذرون مصر من ان يكون هذا نهجها .لماذا ؟ لان هناك التزامات واضحة متفق عليها وموقع عليها من الطرفان . وبموجبها لايجوز لحكومة مصر فعلا ان تقدم يد المساعدة والدعم للانتفاضة الفلسطينية او ان تنحاز لها فى صراعها مع الدولة الاسرائيلية

7 - فى نفس الاتجاه جاء نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من الاتفاق الرئيسى للمعاهدة الاسرائيلية المصرية اذ جاء فيها : " يتعهد كل طرف بان يكفل عدم صدور فعل من افعال الحرب او الافعال العدوانية وافعال العنف او التهديد بها من داخل اراضيه او بواسطة قوات خاضعة لسيطرته او مرابطة على اراضيه ضد السكان او المواطنين او الممتلكات الخاصة بالطرف الاخر ، كما يتعهد كل طرف بالامتناع عن التنظيم او التحريض او الاثارة او المساعدة او الاشتراك فى فعل من افعال الحرب او الافعال العدوانية او ( النشاط الهدام ) او افعال العنف الموجهة ضد الطرف الاخر فى ( اى مكان )كما يتعهد بان يكفل تقديم مرتكبى مثل هذه الافعال للمحاكمة "

وكذلك تنص الفقرة الثالثة من المادة الخامسة من الملحق الثالث على التالى " يعمل الطرفان على تشجيع التفاهم المتبادل والتسامح ويمتنع كل طرف عن ( الدعاية المعادية ) تجاه الطرف الآخر "

8 - ليس ذلك فحسب بل ان مصر ملزمة بتعريب السلام ( التسوية ) وان لم تفعل فانها تكون قد اخلت بالتزاماتها الواردة فى المعاهدة فتنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من الملحق الثالث على التالى : " يتعاون الطرفان فى انماء السلام والاستقرار والتنمية فى المنطقة ، وتوافق كل منهما على النظر فى المقترحات التى قد يرى الطرف الاخر التقدم بها تحقيقا لهذا الغرض "

9 - كانت هذه عدد من القيود الموضوعية التى تؤثر فى مقدرة مصر الدولة على العودة الى موقعها السابق فى الصراع . ولكن ماذا لو ارادت مصر الدولة التحرر من هذه القيود وضربت عرض الحائط بالتزاماتها تجاه اسرائيل وسعت الى استعادة دورها الطبيعى فى الصراع ؟

لم يستبعد الصهاينة والامريكان هذا الاحتمال ولذلك وضعوا نوعين من التدابير الامنية فى المعاهدة الاسرائيلية المصرية لتامين الكيان الصهيونى ضد مخاطر تراجع مصر مستقبلا عن التزاماتها تجاه اسرائيل

10 - النوع الاول هو التدابير الواردة فى الملحق الاول من الاتفاقية ( الملحق العسكرى )* والتى تتلخص فى نزع سلاح ثلثى سيناء وتحديد ( تحجيم ) سلاح الثلث الباقى بفرقة مشاة ميكانيكى واحدة وبما لايزيد عن 22 الف جندى مصرى ووضع قوات متعددة الجنسية للمراقبة والتفتيش برئاسة امريكية . ولاستيعاب حقيقة هذه التدابير فاننى قد ارفقت النص المعلن للملحق العسكرى فى نهاية هذا المقال .وبهذا الشان فانه يجدر بنا الاطلاع على الملاحظات الاتية :

ـ فى حرب 73 عبرت القوات المسلحة المصرية القناة بعدد 5 فرق وعدد 5 الوية مدرعة وكانت عدد قواتنا المسلحة فى 25/10/1973 اى عند قبول وقف اطلاق النار كالاتى : 1000دبابة و77000 جندى مصرى شرق القناة ( بقى منهم 30 دبابة و7000 جندى فقط بناءا على اتفاقية فض الاشتباك الاول مع العدو الصهيونى واعيد الباقى الى غرب القناة وكانت هذه هى الواقعة التى كتب هنرى كيسنجر فى مذكراته ان الجنرال الجمسى قد بكى فيها )

ـ الفريق الشاذلى فى تحليله لهذا الوضع قال ان اسرائيل تستطيع ان تعيد احتلال سيناء خلال 24 ساعة فقط

ـ وحول القوات المتعددة الجنسية وانظمة الانذار المبكر الموجودة فى سيناء يحكى الفريق الشاذلى ايضا انه فى احد المناورات التى اجرتها مصر فى سيناء بموافقة اسرائيل وبعلمها وبعد اخطار قيادة القوات المتعددة الجنسية بتفاصيل المناورة من حيث توقيتها ومدتها وعدد القوات وحجم الاسلحة ..يقول الشاذلى انه بعد انتهاء المناورات العسكرية وعودة القوات المصرية الى غرب القناة اتصلت قوات المراقبة بالجانب المصرى لتخبره بان اجهزتهم قد رصدت عدم عودة 60 جندى مصرى مع القوات العائدة وطلبت ضرورة عودتهم فورا .لقد ضرب لنا الشاذلى بهذه الحكاية مثلا عن الى اى درجة الرقابة محكمة على الجانب المصرى

ـ بل كان للرئيس الراحل انور السادات ملاحظاته هو الاخر على هذا الوضع _ !! _ فقد صرح فى حديثه لمجلة التايم فى عددها الصادر فى 19/3/1974 بالاتى : " ان الحديث الدائر فى اسرائيل عن نزع سلاح سيناء يجب ان يتوقف .فاذا كانوا يريدون نزع سلاح سيناء فسوف اطالب بنزع سلاح اسرائيل كلها .كيف انزع سلاح سيناء ..انهم يستطيعون بذلك العودة فى اى وقت يريدون خلال ساعات "!!!

اذن فالمعاهدة الاسرائيلية المصرية قد جردت مصر واقعيا من امكانية الدفاع عن سيناء ضد اى نوايا عدوانية اسرائيلية جديدة وهو واقع تدرك اسرائيل جيدا انه يمثل رادعا قويا ضد اى نوايا تمردية من قبل اى حكومة مصرية ومن ثم فهو يمثل ضمانا موضوعيا ضد مثل هذه النوايا ان وجدت .

11 - ولكن اسرائيل لم تكتفى بهذا النوع من التدابير الامنية بل اصرت ان تاخذ من الولايات المتحدة ضمانات صريحة وواضحة ضد اى انتهاك محتمل من مصر للمعاهدة . ضمانات انحياز امريكا الكامل لاسرائيل فيما لو تغيرت السياسة المصرية مستقبلا . واستجابت امريكا ووقعا معا مذكرة عرفت باسم مذكرة التفاهم الامريكيبة الاسرائيلية ارسل الرئيس الامريكى كارتر خطابا بها الى كل من رئيس الوزراء المصرى مصطفى خليل ورئيس الوزراء الاسرائيلى مناحم بيجين وذلك قبل يوم واحد من توقيع مصر على الاتفاقية اى فى 25/3/1979 وقد جاء فيها :

(1) حق الولايات لمتحدة في اتخاذ ما تعتبره ملائما من اجراءات في حالة حدوث انتهاك لمعاهدة السلام او تهديد بالانتهاك بما في ذلك الاجراءات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية 0 (2) تقدم الولايات المتحدة ما تراه لازما من مساندة لما تقوم به اسرائيل من اعمال لمواجهة مثل هذه الانتهكات خاصة اذا ما رئى أن الانتهاك يهدد امن اسرائيل بما في ذلك على سبيل المثال ، تعرض اسرئيل لحصار يمنعها من استخدام الممرات المائية الدولية وانتهاك بنود معاهدة السلام بشان الحد من القوات او شن هجوم مسلح على اسرائيل 0 وفى هذه الحالة فان الولايات المتحدة لامريكية على استعداد للنظر بعين الاعتبار وبصورة عاجلة في اتخاذ اجرءات مثل تعزيز وجود الولايات المتحدة في المنطقة وتزويد اسرائيل بالشحنات العاجلة وممارسة حقوقها البحرية لوضع حدا للانتهاك 0 (3) سوف تعمل لولايات المتحدة بتصريح و مصادقة الكونجرس على النظر بعين الاعتبار لطلبات المساعدة العسكرية والاقتصادية لاسرائيل وتسعى لتلبيتها "

وعندما اعترض رئيس الوزراء المصرى انذاك ردت امريكا بان هذا جزء من الضمانات التى طلبتها اسرائيل والتى كانت مصر تعلم بوجودها منذ البداية وانتهى الامر عند هذا الحد واعتبرت المذكرة المشار اليها جزء لايتجزأ من المعاهدة

والخلاصة اننا امام حلف امريكى اسرائيلى فى مواجهة مصر ، هذا الحلف يمثل تهديدا حقيقيا لامن مصر فى حالة اى ادعاء من اسرائيل بان مصر قد انتهكت المعاهدة.

12 - اذن نحن امام جملة من القيود الموضوعية ( الاستعمارية ) تحول دون ان تتمكن مصر الدولة من ان تمارس دورها القومى كما تتمناه الجماهير العربية وكما تتطلبه طبيعة الصراع بشكل عام وطبيعة المرحلة على وجه الخصوص. فلا نصر ممكن بدون دور مصر . فما العمل ؟

13 - القوى الوطنية فى مصر تطالب بالغاء المعاهدة و هناك عدد من الاجتهادات قدمت تصورات محددة لكيفية الخروج منها بدون او التخفيف من قيودها او اعادة النظر فى التدابير الامنية الواردة فيها المهم هو ان هناك تنامى للوعى بضرورة اعادة طرح هدف الغاء المعاهدة على اجندة القوى الوطنية المصرية خاصة بعد التهديدات التى اطلقها عدد من الصهاينة فى الفترة الاخيرة ضد مصر وهددوا فيها باعادة احتلال سيناء وضرب السد العالى . ولكن من المهم ايضا ان يتم وضع ذات الهدف الاستراتيجى على اجندة كل القوى القومية . وان يتفاعل الجميع معا للاجابة على سؤال : كيف يمكن تحرير مصر من هذا الميراث الثقيل المعوق لدورها العربى ؟

وبالمثل وبنفس المنهج علينا ان نتعرف جيدا على باقى المعوقات الموضوعية القائمة فى الوطن العربى والتى تحول دون تقديم الدعم المطلوب واللازم لمواطنينا داخل الارض المحتلة وخارجها .

-------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ