ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين  13/10/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

لا تعرف عملية مساعدة المحتاجين حدوداً

محمد علي صالح*

واشنطن العاصمة – انضممت في شهر رمضان الماضي إلى مجموعة من المتطوعين من كنيسة بيرك المنهجية المتحدة قرب منزلي في مقاطعة فيرفاكس، وهي إحدى ضواحي مدينة واشنطن العاصمة، لتوفير وجبة إفطار ساخنة لبعض من لا مأوى لهم في المقاطعة.

لم أكن مستعداً لما سأراه.

شعرت بالحزن والخوف.

شعرت بالحزن لأنني أعيش في واحدة من أغنى مقاطعات الولايات المتحدة الأميركية، وفي الوقت نفسه يوجد في مقاطعة فيرفاكس، حسب مؤسسة خدمات الطوارئ المسيحية والانتقالية لمنطقة فيرفاكس، 1800 شخص هم "دون مأوى" عملياً، في مقاطعتنا التي يسكنها مليون نسمة. أربعون بالمائة من هؤلاء من الراشدين "لديهم وظيفة كاملة أو بدوام جزئي".

 

وشعرت بالخوف لأن أي إنسان يمكن أن يفقد بيته، بمن فيهم أنا شخصياً.

 

ظننت في البداية أننا سنذهب إلى ملاجئ ومواقف السيارات في المتاجر أو مساكن جماعية، حيث يتوقع المرء أني يجد تجمعات لمن لا مأوى لهم. ذهبنا في الواقع إلى فنادق محترمة نسبياً، بل وحتى تجمع جميل من البيوت المبنية حديثاً.

 

كان من المريح معرفة أن مقاطعة فيرفاكس تقوم بجهد مصمم لمساعدة من لا مأوى لهم. علمت أنه لدى قيام المقاطعة بتحديد أن شخصاً ما لا مأوى له، تقوم المقاطعة ببذل الجهود في أي مكان ممكن، ولهذا السبب ذهبنا إلى فنادق بدلاً من ملاجئ. تعمل مقاطعة فيرفاكس بعد ذلك مع مجموعات كنسية لإطعام هؤلاء الناس على أسس مستمرة، حتى يتمكنوا من الوقوف على أرجلهم.

 

في الساعة السادسة والنصف من صباح ذلك اليوم، دخلنا أنا وابنتي الطالبة في المدرسة الثانوية التي تطوعت للعمل معي، إلى مطبخ الكنيسة الصخم وبدأنا عملية الطبخ، جنباً إلى جنب مع حوالي ثمانية أشخاص آخرين. كانت تلك واحدة من أكبر الوجبات التي شاركت في إعدادها. قمنا بلفّ الخبز الطري بورق القصدير، وكتبنا عليها "بيض، جبنة وسجق" أو "بيض وجبنة" أو بيض فقط". قمنا بعد ذلك بتصفيف صناديق من الحليب وعصير البرتقال وتعبئة أكياس الورق البنية بالحلويات والشوكولاته والنعناع.

 

ملأنا سيارة مؤسسة الخدمات بالطعام ووزعنا أنفسنا في مجموعات بحيث يعطى كل مستفيد كيساً بلاستيكياً مليئاً بالطعام والحليب أو العصير وكيساً من الحلويات. استغربت من كون بعض الناس طيبي المعشر ودمثي الخلق وهم يختارون وجباتهم. حدثونا عن الطقس والانفجار الغريب الذي وقع في الحي الذي يسكنونه الليلة الماضية وآخر مباريات كرة القدم. كان يمكن أن يكونوا جيراناً لي يتجاذبون معي أطراف الحيدث على رصيف الشارع.

 

بل أن بعضهم تحدثوا معنا عن كيف أصبحوا بلا مأوى. "لم أتمكن من تسديد إيجار مسكني، فقمت باستئجار مخزن لأثاث منزلي وجئت لأسكن هنا"، قال لنا رجل أبيض. وقالت امرأة مكسيكية بلغة إنجليزية مكسرة: "أجبرونا على الخروج، أجبرونا على مغادرة منزلنا".

 

كان حوالي نصف الذين قدمنا لهم المعونة ذلك الصباح من البيض. البعض كانوا من أصول إفريقية والعديد منهم من أصول مكسيكية ومن جنوب شرق آسيا ومن دول شرق أوسطية، يتكلمون الإسبانية والأردية والعربية وغيرها من اللغات التي لم أعرفها.

 

إلى أن من حطم قلبي هم الأسر والأطفال. كانت الامهات، بالدرجة الأولى، يخرجن لطلب وجبات لأربعة أو خمسة أشخاص. واحدة منهن طلبت طعاماً لسبعة أشخاص. بعض النساء من أمريكا اللاتينية أحضرن معهن أطفالاً يجيدون الإنجليزية، للمساعدة على ما يبدو في عملية الترجمة (هل قلت "بيض وسجق" أم بيض فقط؟). ساعدت نساء يقمن بأعمال التنظيف صباحاً على الترجمة.

 

خرج رجل آخر يلبس القميص الذي يلبسه عادة الرجال في الباكستان وأفغانستان، ونظر إلينا ثم أغلق باب الدار. بعد أقل من دقيقة خرجت امرأة تلبس رداءاً مماثلاً وبصحبتها طفل صغير، وطلبت من الطفل على ما يبدو أن يترجم لها. قالوا أنهم لا يريدون شيئاً يحتوي على لحم الخنزير، فأعطيتهم خبزاً مع البيض والجبنة، حسبما كان مكتوباً على الغلاف.

 

عندما قلت "السلام عليكم" ردت المرأة التحية ثم قالت شيئاً، باللغة الأردية على الأرجح أو البشتونية، إلى الطفل الذي كرر "قالت أنها لم تتوقع من مسلم أن يكون جزءاً من المجموعة المسيحية."

 

بعد هذا التفاعل، سأل أحد المتطوعين بطريقة غير مباشرة ما إذا كنت مسلماً. بعد حديث قصير كأصدقاء، اتفقنا أن كون الإنسان دون مأوى ومساعدته لمن لا مأوى لهم في الوقت نفسه أمر لا علاقة له بالحدود الدينية أو العرقية أو الوطنية.

---------------

* محمد على صالح مراسل في واشنطن العاصمة لصحيفة الشرق الأوسط ومركزها لندن، وهي صحيفة يومية عالمية، وكذلك غيرها من المنشورات العربية.

ظهر هذا المقال للمرة الأولى في صحف Connections، وقد كتب لخدمة Common Ground الإخبارية.

مصدر المقال: خدمة Common Ground الإخبارية، 10 تشرين الأول/أكتوبر 2008

www.commongroundnews.org

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

 

----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ