ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 02/04/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

ألعاب القوة الأمريكية في الشرق الأوسط

بقلم: روبرت فيسك

الانديبندنت البريطانية - 19/3/2007

ترجمة : قسم الترجمة / مركز الشرق العربي

بينما ينظر الغرب بقلق إلى الوضع في العراق و أفغانستان, فان هناك تصدعات كبيرة تحدث في لبنان, ويصر البيت الأبيض على تقديم الدعم الكامل لحكومة فؤاد السنيورة

نزلت أمطار الربيع و كأنها كرات على السطح المستوي لمكتب الجنرال "كلاوديو جراتسيانو" . لقد بدا الجنوب اللبناني و كأنه بحر من الطين هذا الأسبوع و لكن الجميع كان متفائلاً و سعيداً بقيادة الجنرال الايطالي الجديد لقوات الأمم المتحدة المنتشرة في الجنوب اللبناني, حيث يوجد الآن ما يقرب من 11000 جندي أممي من المتوقع أن تزيد كوريا الجنوبية عددهم الى أكثر من ذلك بانضمامها الى الدول الـ 29 المشاركة في هذه القوات. الجنرال الجديد لا يتذكر كيف قامت القوات الفرنسية بالتصدي لطائرة إسرائيلية العام الماضي لأن ذلك حدث قبل وصوله, وهو يرفض الحديث عن إطلاق النار الذي حصل بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي الشهر الماضي.

لحد الآن لا يوجد أي تهديد مباشر ضد قوات "اليونيفيل" , بهذه الطريقة  أجاب رجل الأمم المتحدة في الجنوب اللبناني على  سؤالي –على الرغم من ملاحظتي بأنه توقف لعدة ثواني قبل أن يجيبني- وقواته الآن مندمجة مع 9000 عنصر من الجيش اللبناني يقومون بدوريات مشتركة على طول الحدود الإسرائيلية-اللبنانية. لقد كان هناك حديث مبهم وغير واضح عن "تهديدات إرهابية مرتبطة بالقاعدة" –ان جنرالات الأمم المتحدة نادراً ما يستخدمون كلمة "الإرهاب", و لكن الجنرال جراتسيانو هو جنرال في الناتو أيضاً وهكذا فانه لا يعرف الكلل و لا يوجد عنده أمر صعب. نعم , فالمخابرات اللبنانية جعلته مطلعاً على آخر التفاصيل يومياً. و هكذا فانه و بكل تأكيد سيكون خبراً مفاجئاً  لجنرال جيد  ما صرح به وزير الداخلية اللبناني "حسن السبع" الأسبوع الماضي حول اعتقال أربعة من السوريين ذوي الأصل الفلسطيني مرتبطين "بمجموعة إرهابية" متصلة بالقاعدة و يعملون لصالح المخابرات السورية حيث اتهموا بالمسؤولية عن وضع قنابل في اثنين من الباصات الصغيرة في 13 فبراير و التي أدت الى مقتل 3 مدنيين و جرحت 20 آخرين  .

و الآن فانه لابد من القول أن هناك الكثير من الشكوك التي تحوم حول هذه القصة. ليس لأن سوريا نفت وبشكل قاطع أي مسؤولية لها في الانفجارات التي حصلت في لبنان ولكن لأنه في بلد لم تحل فيها أي قضية اغتيال سياسي منذ 30 عام سنجد أنه من الصعب أن تقوم قوات الشرطة المحلية بحل هذه القضية بالذات. وقد حلت بطريقة مريحة للحكومة المدعومة أمريكياً و ذلك باستمرارها الدائم بكيل الاتهامات الى سوريا بكل الأعمال الوحشية التي تحدث في لبنان. و حسب مسئول في الحكومة اللبنانية رفض الكشف عن اسمه فان الرجال الذين تم اعتقالهم كانوا يخططون أيضاً للقيام بهجمات ضد قوات اليونيفيل وكان بجعبتهم خرائط لطرق دوريات الأمم المتحدة في الجنوب اللبناني. ومن يتجول في المناطق الحدودية مع إسرائيل سيجد أنه لا يوجد أي فرصة لمهاجمة قوات اليونيفيل بسبب الأميال الطويلة من الأسلاك الشائكة والجدران الخراسانية التي تحمي قوات اليونيفيل. 

الايطاليون وكما فعل نظراؤهم الفرنسيون, قاموا بإنشاء "منطقة خضراء" صغيرة يبدو أننا كغربيين نميل الى عمل ذلك في جميع أنحاء الشرق الأوسط, حيث يحب ضباط الجيش من الكاربوناري التقاط الصور التذكارية حتى مع المراسلين المتواضعين. ان هذه الوحدات هي وحدات مقاتلة مزودة بدروع و دبابات , وعلى الرغم من ذلك فانه لا يمكن لأحد ان يشرح لي في أي الظروف هذا الأسبوع كانت هذه الدبابات ستستعمل و أنا على شك أيضاً من أنهم هم يعرفون ذلك. بالطبع فإنهم لن يوجهوا نيرانهم نحو الإسرائيليين, إلا اذا أرادوا الدخول في حرب ضد حزب الله, وأنا شخصياً لا استطيع تخيل أن الدبابات الفرنسية ستقوم بإطلاق النار على أكثر فدائيي الشرق الأوسط تدريباً و حرفية.

وسواء أحبت اليونيفيل ذلك أم لا, فإنها متواجدة على جانب واحد فقط من الحدود, و هو الجانب اللبناني, وعلى الرغم من أن هذه القوات قد طورت العلاقات مع أهل المنطقة من الشيعة- وتقوم حالياً بتقديم المعونات و المساعدات في ما يتعلق بتقديم مياه الشرب و تعبيد الشوارع, أو كما تسميها الأمم المتحدة "مشاريع سريعة الأثر" , فان هناك القليل من اللبنانيين الذين لا يرون في هذه القوات حاجز حماية لإسرائيل. و لكن قرار الأمم المتحدة رقم 1701 الذي صدر العام الماضي لا يذكر ذلك, بل يدعو إلى "نزع أسلحة جميع المجموعات المسلحة في لبنان". وهذا هو الشرط الأساسي, و بالطبع هو ما توافق مع الحماس الذي أبدته واشنطن للموافقة على هذا القرار. و المجموعات المسلحة هي في الحقيقة حزب الله .

ان حقيقة أن واشنطن متورطة في الشأن اللبناني أكثر من أي طرف آخر حتى من اللبنانيين أنفسهم , هي لإدراكها أن هناك خطراً يواجه ديمقراطيتها المدمرة في التجربة العراقية- وقد وجهت أمريكا نظرها نحو الحكومة اللبنانية من اجل ان تثبيت للعالم قدرتها على نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط.و  من نافلة القول أن نذكر أن الحكومتين الأمريكية و البريطانية كانتا في منتهى الكرم مع الجيش اللبناني حيث تم تزويده بمعدات متقدمة كالجيبات وعربات الهامفي و آليات مكافحة الشغب (أتساءل لاستخدامهم ضد من؟) , وقد كان هناك نفي سريع وقاطع بان وزير الدفاع ميشيل المر سيستلم بعض القذائف التي تطلقها طائرات الهليوكوبتر الحربية خلال زيارته لواشنطن. ويجب على المرء ان يتساءل نحو من سيتم توجيه وإطلاق هذه الصواريخ؟

يبدو أن كثيراً من اللبنانيين يتجهون الآن نحو واشنطن. وليد جنبلاط الأكثر ذكاء بكثير من الطرق, وصاحب السمعة غير الجيدة بين اللبنانيين, كان قد حُرِم من تأشيرة المرور الى أمريكا حتى عام 2005  بسبب ما قاله من انه يتمنى لو ان القذائف التي سقطت في المنطقة الخضراء في العراق و استهدفت مساعد وزير الدفاع آنذاك ولفوويتز قد أصابته في مقتل. ولكن المشكلة ليست هنا. ويبدو ان العجوز اللبناني أصبح آخر نجوم السياسة الخارجية الأمريكية, فقد توجه جنبلاط الى واشنطن واجتمع بالرئيس بوش لمدة 35 دقيقة- وهو أقل ب 10 دقائق من الوقت الذي خصصه بوش للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت, وقد اجتمع جنبلاط مع كل من ديك تشيني و رايس ووزير الدفاع غيتس وستيفن هادلي مستشار الأمن القومي, ان لدى جنبلاط بعض المعجبين به و الذين تساءلوا ما اذا كانت الشتائم التي كالها ضد سوريا و حزب الله –ناهيك عن لقاءاته في واشنطن- ستؤدي الى فتح قبر جديد ضمن المقابر الكثيرة في لبنان. وسنترك للتاريخ أن يحكم على هذا الرجل الشجاع ما اذا كان حكيماً أم لا.

ان حقيقة أن جنبلاط هو حجر الأساس في الدعم الذي تقدمه أمريكا لحكومة السنيورة أمر يُقلق كثيراً من اللبنانيين. فمع خروج الشيعة من الحكومة بمحض إرادتهم ستبقى الحكومة كما يقول الرئيس اللبناني الموالي لسوريا دون أي غطاء شرعي, وقد فرضت الطبيعة الطائفية للبنان نفسها في الشارع في شهر كانون الثاني من هذه العام مع التراشق وإطلاق النار الذي حصل في شوارع بيروت.

وبسبب أن العراق و أفغانستان قد استحوذوا على الاهتمام الأكبر لدى الغرب فان هناك إشارات الى ان الغرب يتجاهل علامات التصادم الخطر داخل لبنان. ففي ضاحية طارق الجديد في بيروت ذات الأغلبية السنية نرى أن هناك العديد من العائلات الشيعية قد غادرت تلك الضاحية. و الكثير من السنة سوف لن يتوجهوا الى المتاجر الكبيرة ذات الأسعار الرخيصة في ضاحية بيروت الجنوبية . و الأمر الأسوأ هو أن قوات الأمن اللبنانية قد توجهت الى بلدة عنجر في البقاع ذات الأغلبية المسيحية بعد ان وجد الأهالي منشورات تدعوهم الى مغادرة "أرض المسلمين" . وغني عن القول أن هذا التطور الخطير لم يُذكر في أي تقرير في الصحافة اللبنانية.

في الحقيقة فان بلدة عنجر كانت قد أُعطيت من قبل الفرنسيين للأرمن بعد ان أُجبروا على ترك مدينة الكساندريتا عام 1939 وقد سمح الفرنسيون بإجراء استفتاء مزيف هناك لترك الأتراك يسيطرون على الوضع أملاً بأن يقوم الأتراك بمحاربة هتلر, و الحقيقة أن أهالي عنجر يحملون وثائق ملكية لبيوتهم وأراضيهم هناك. و لكن استلام هذه التهديدات بالتطهير العرقي يذكر الارمن بذكريات مرعبة عن أيام التطهير العرقي الذي تعرضوا له على يد الأتراك عام 1915. ان الارمن يحبون لبنان وهناك طبقة مثقفة بين الارمن ولهم تمثيل في البرلمان اللبناني. ولكن انتشار رعب الكراهية سيمس الارمن بشكل جارح, وهو شاهد على هشاشة الدولة اللبنانية و إمكانية تعرضها للتجزئة.

صحيح أن سعد الحريري ابن رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري قد دخل في مفاوضات مع نبيه بري رئيس البرلمان اللبناني وان السعوديين قد تحدثوا مع الإيرانيين و السوريين عن إيجاد "حل" للازمة اللبنانية. ولكن يبدو أن السنيورة يعد للموفقة على تمثيل أكبر للشيعة في طاقمه الحكومي و لكن على ألا يعترضوا على قراراته . و أهم هذه القرارات هو قرار المحكمة الدولية التي ستقام لمحاكمة قاتلي الحريري, الذي تشك كل من الحكومة اللبنانية وأمريكا أن هناك يد سورية خلف الموضوع. 

ومع ذلك فان التصدعات لا تزال تظهر. ففرنسا لا تمانع في إجراء محادثات مباشرة مع دمشق. وخافيير سولانا كان قد التمس من الرئيس السوري المساعدة في تحقيق السلام والاستقرار والاستقلال في لبنان. ولكن ما هو ثمن المحكمة الدولية اذا وافقت سوريا على المساعدة؟ بطبيعة الحال فان وزراء الأسد قالوا بأنه اذا ثبت تورط أي مواطن سوري في قضية الاغتيال فانه سوف يحاكم في محاكم سورية, وهو الأمر الذي لا يروق لكثير من اللبنانيين والأمريكيين.

وفي هذه الأثناء فان السنيورة يستطيع أن ينعم بحقيقة أنه بعد إقرار الكونغرس صرف مبلغ 770 مليون دولار أمريكي لحكومة بيروت للوفاء بالتزامات مؤتمر باريس3 فان اللبنانيين سيصبحوا ثالث أكبر متلق للمساعدات الأمريكية نسبة الى عدد السكان. ولكن كم من هذا المبلغ سيتم إنفاقه على الجيش اللبناني؟ هذا ما لا نعرفه حتى اللحظة. و بالمناسبة فان السنيورة كان ممنوعاً من دخول الولايات المتحدة بسبب دفعه لمبلغ صغير لجمعية خيرية إسلامية أثناء زيارته قبل عدة سنوات للسيد حسين فضل الله, الذي حاولت المخابرات الأمريكية قتله عام 1985 بسبب علاقاته المفترضة مع حزب الله. ولكن يبدو ان السنيورة قد أصبح بطلاً في عيون الأمريكيين الآن.

على كل حال فان ولاء زعيم حزب الله السيد حسن نصرالله قد يكون الى إيران أو الى سوريا, وولاء حومة السنيورة سيكون للدعم الامريكي, وهو ما سيعمق الانقسامات في الداخل اللبناني. يقول ديفيد شينكر من معهد واشنطن لسياسات الشرق الادني :"ان الدعم الدولي للحكومة اللبنانية يمكن أن يكون له دور كبير في تعزيز الديمقراطية والمساعدة في تجنب الحرب الأهلية, ان الحكومة الأمريكية قد تصرفت بشكل مناسب عندما لم تترك اللبنانيين للرحمة الإيرانية أو السورية, وهو ما يضمن أن الحكومة اللبنانية سوف تتوجه نحو النجاح وتحقيق الأهداف".  

أنا لست متأكدا من صحة هذا الكلام. بغض النظر عن قيام أمريكا بمحاولات لنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط, إلا أنها تخلت عن لبنان بكل سهولة خلال حرب الصيف الماضي بناءً على فرضية سخيفة وهي ان تأجيل وقف إطلاق النار سيؤدي الى سحق حزب الله و لكن الجهد الإسرائيلي في سحق حزب الله قد باء بالفشل وتحول الى كوابيس في إسرائيل. نحن نعلم الآن أن أولمرت كان قد خطط لهذه الحرب حتى قبل أن يقوم حزب الله بأسر الجنود من المنطقة الحدودية, ان السيد حسن نصرالله  كان مستعداً لتقديم مغاويره للدفاع عن لبنان عوضاً عن الدخول في حرب كلفت لبنان 1300 قتيل مدني. ان الذهاب الى واشنطن لإنقاذ لبنان هو تصرف شاذ و غريب.  ان الإجابات موجودة في لبنان وليس في الولايات المتحدة. كما قال لي أحد الأصدقاء ذات مرة :"إذا كان لدي ألم أسنان فظيع, سوف لن أذهب الى عيادة للأسنان في بوسطن قاطعاً الأطلسي لأصل إليها, بالتأكيد سوف أذهب الى العيادة الموجودة هنا في بيروت".  

http://news.independent.co.uk/world/fisk/article2371575.ece

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ