ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 06/05/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


استيراد الأئمة

أفتاب أحمد مالك*

بريستول، إنجلترا – رغم أنه أمر جدير بالثناء والتشجيع أن تقوم الحكومة البريطانية ببذل جهد مكثف للعمل مع المسلمين على مكافحة موجة التطرف، إلا أن الاقتراح الذي طرح مؤخراً بتجنيد أئمة معتدلين من الباكستان إنما يدل على أن هناك الكثير الذي يمكن تعلمه.

فشلت المساجد، وهي بعيدة عن أن تكون مراكز للتطرف، في التوجه إلى المسلمين البريطانيين بالذات من خلال توظيف أئمة من "الوطن الأصل". كانت نتائج هذه التصرفات العزلة المستمرة للمسلمين الشباب الذين لا يستطيعون وبشكل متنامٍ التحدث بلغتهم الأصلية أو فهمها، وهي بشكل عام اللغة الأولى لمعظم الأئمة.

 

لا يستطيع أحد الإنكار أنه رغم وجود استثناءات، تبقى الحقيقة أنه رغم معرفتهم الوثيقة بالإسلام فإن العديد من الأئمة المستوردين ينزعون لأن يكون لهم فهم محدود بتعقيدات الحياة العلمانية الحديثة والتحديات التي يواجهها الشباب المسلمون. وهم نادراً ما يحاولون تفسير المناخ السياسي بطريقة عقلانية أو تجهيز أنفسهم لفعل ذلك، ويفضلون بدلاً من ذلك التركيز على قضايا التقوى والإيمان.

 

أصبح المتطرفون من الشباب الذين تحدثت معهم خلال السنوات الست الماضية وبشكل اعتيادي أكثر انعزالاً وغربة نتيجة لهذا الموقف العام في المساجد، ولذا قاموا بالبحث في أمكنة أخرى للحصول على "القيم" الإسلامية.

 

أثبت حزب التحرير، على سبيل المثال، وهو مجموعة هدفها تأسيس خلافة إسلامية أن له شعبية واسعة في بريطانيا في تسعينات القرن الماضي، ليس فقط لأنه تعامل مع قضايا خطيرة جداً (تؤدي أحياناً إلى حلول أصولية) وإنما لأن أعضاءه كانوا ملمين ومطلعين لغوياً وثقافياً في تواصلهم مع المسلمين البريطانيين. فقد تكلموا اللغة الإنجليزية بطلاقة، الأمر الذي أثبت أنه بديل مسيطر وجديد من قبل الأئمة والوعاظ الذين تكلموا الإنجليزية فقط كلغتهم الثانية أو الثالثة.

 

ورغم أن الغالبية الساحقة من المسلمين في بريطانيا هم من أصول باكستانية إلا أن قلّة منهم يتطلعون إلى الباكستان من أجل الإرشاد الديني. حتى الشباب الذين يعيشون في الباكستان لا علاقة لهم بما يجري الوعظ به هناك. المشكلة هي أن العديد من الباكستانيين الشباب في وسط الدولة سئموا من الأسلوب الذي يجري فيه تقديم الإسلام وتعليمه، بحيث قام العديدون باقتصار مشاركتهم على حضور صلاة الجمعة جماعة نتيجة لذلك.

 

بالطبع، إذا طرحت السؤال على المسلمين الشباب هنا في بريطانيا طالباً ذكر أسماء العلماء الذين يرجعون إليهم ويحترمونهم، سوف يشير أكثرهم إلى الذين اعتنقوا الدين كمثل عليا تحتذى. والوضع مماثل في الباكستان، حيث أصبحت نسخ غير رسمية من تسجيلات لمحاضرات لغربيين تحولوا إلى الدين الإسلامي موجودة في الأسواق عند الطلب.

 

باختصار، أخذ المسلمون الشباب بالنظر إلى الغرب بشكل متزايد، وليس إلى الشرق، لتفسير العالم بطريقة منطقية. والتحديات التي ورثوها في عالم ما بعد الحادي عشر من أيلول/سبتمبر.

 

ورغم الخلافات الدائرة بين المسلمين في بريطانيا، من الواضح أن الحكومة تقترح التعامل مع التطرف من خلال تحدّي ندرة المعرفة في علم الدين والقانون لدى هؤلاء المتطرفين الشباب. ولكن تلك هي نصف المعركة فقط.

 

يعني التأكيد على أن التطرف بين المسلمين الشباب لا علاقة تذكر له بسياسة بريطانيا الخارجية هو بمثابة إنكار واحد من الأسباب الجذرية للتطرف، واعتبار أية محاولة صادقة لمحوها فاشلة غير فاعلة. ورغم أن اثنين من مفجري السابع من تموز/يوليو تركا رسائل مسجلة تلقي باللائمة على السياسة البريطانية في العراق لأعمالهما. أكّد ملف أعدته وزارتا الخارجية والداخلية بأمر من توني بلير عام 2004 أن العراق كان العامل الأكبر في تجنيد المتطرفين.

 

ورغم أن المسلمين بدأوا يصحون بشكل متزايد ويتحدّون التهديد الداخلي للتطرف يحتاج سياسيونا لأن يدركوا أن إنكار أية روابط بين سياسة خارجية غير أخلاقية والتطرف سوف يزيد من إغضاب شركاء أساسيين ويساعد على تكثيف الشكاوى والمعايير الثنائية التي يُستشهَد بها لإثبات أن هذه الحرب هي ضد الإسلام للآخرين.

 

بغض النظر عما يؤمن الإنسان بأنه السبب أو الأسباب الجذرية لأصولية الشباب المسلمين، نحن جميعاً بحاجة لأن نعمل معاً، حيث أن هذا المرض لا يميز بين الناس، فهو يهاجم المسلمين وغير المسلمين على حد سواء. إلقاء اللائمة على "الآخر" لكافة مشاكل العالم أمر سهل، ولكن النظر بعمق وشدة، نظرة داخلية في المرآة، هذا هو أسلوب الأنبياء.

-------------------------

*أفتاب أحمد مالك زميل بمركز دراسات العرقية والثقافة بجامعة بيرمنغهام ومحرر "الحالة التي نحن بها: الهوية والإرهاب وقانون الجهاد" (مطبعة أمل).

كُتِب هذا المقال خصيصاً لخدمة Common Ground الإخبارية، وقد ظهر أصلاً في The Birmingham Post.

مصدر المقال: خدمة Common Ground الإخبارية، 29 نيسان/إبريل 2008

www.commongroundnews.org

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ