ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 25/03/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


في النهاية فان الحداثة يجب أن تعزز من حقوق الإنسان

بقلم: يوشكا فيشر* 

دايلي ستار  5/3/2008

ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي

قبل قرنين من الزمان قامت الثورتان الفرنسية و الأمريكية بتوليد مفهوم القانون الطبيعي لحقوق الإنسان الذي لا يقبل التغيير. و على كل حال فقد استغرق الأمر حوالي قرنين من الحروب و الكوارث السياسية و الاجتماعية و تصفية الاستعمار قبل أن تصبح هذه الفكرة مقبولة عالمياً , على الأقل بشكل نظري.

في بداية الأمر كانت فكرة حقوق الإنسان محددة بالسياسات المحلية. و في العلاقات الدولية و السلطة و انعدام الحقوق و الأمر الوحيد الذي استمر مهماً هو أن المفهوم التقليدي لسيادة الدولة كان يركز بشكل كبير على السلطة, أو بالأحرى السيطرة على الناس و الأراضي و حماية نفوذ الدولة بغض النظر عما اذا كان تنفيذ هذه الأمور كان يتم بطريقة متحضرة أو و حشية أو بطريقة ديمقراطية أو استبدادية. ً.

وقد كانت محكمة نورينبرغ التي أعدت لمحاكمة مجرمي الحرب الألمان بعد الحرب العالمية الثانية أول تغيير مهم في فهم العالم لمفهوم السيادة. و للمرة الأولى خضعت قيادة رسمية للمحاكمة بسبب الجرائم التي ارتكبتها, حيث تم تقديم ممثليها و تابعيها الى العدالة.

ان محكمة نوريبنبرع و بالتوازي معها انشاء الأمم المتحدة و إعلانها العالمي لحقوق الإنسان كانت مؤشرات لتزايد أهمية القانون في العلاقات الدولية. فالسيادة لم تعد تعتمد على القوة فقط و لكنها أصبحت تستند وبشكل متزايد على القانون و احترام حقوق المواطنين.

ولكن هذه العملية قد جمدت بشكل كبير خلال العقود الخمسة للحرب الباردة. و لكن حقوق الإنسان و حكم القانون بدأ بإعادة الظهور من جديد مع ظهور السياسة الأوروبية الجديدة و خصوصاً في بدايات مؤتمر هلسنكي للأمن والتعاون الأوروبي و استخدامه من قبل ادارة جيمي كارتر الأمريكية, إضافة الى قيام العديد من المحاميين غير الحكوميين بالاحتجاج على المعاملة التي يتعرض لها المعارضون السوفييت.

و الخطوة الكبيرة التالية كانت ظهور مفهوم " التدخل الإنساني" بعد عمليات التطهير العرقي الذي جرى في رواندا و البلقان في حقبة التسعينات. و كنتيجة لذلك أصبح القانون الدولي يعترف "بحق الحماية" ضد الاستبداد الحكومي و جرائم الدول ضد شعوبها, و بالرغم من ذلك فان موضوع التنفيذ بقي خاضعاً للكثير من الشك.

وفي النهاية فان نفس التطور في السياسات و القانون الدولي قاد الى انشاء  محكمة العدل الدولية. ومع إنشائها الذي نتج عن خبرة طويلة و مخيفة فان الفكرة الأساس للحداثة – بأن قوة الدول و حكامها يجب أن تكون خاضعة لسيادة قانون أعلى, و عليها فان الحقوق الفردية أعلى من سيادة الدولة-  قد اتخذت خطوات متقدمة الى الأمام.

ان هذا التطور لم يكن أمراً عرضياً. ففي مواجهة التحديات الاستبدادية و الفاشية و الشيوعية في القرن العشرين, أصبحت الولايات المتحدة و أوروبا واعين بأن حكم القانون منفصل عن السلطة و أن الديمقراطية تحدد السياسة الخارجية كما أنها تعني  الكثير من وجهة نظر الأمن الدولي. و قد أثبتت الديمقراطيات بأنها أكثر سلماً و استقراراً من الأنظمة التسلطية و الدكتاتورية.

و لكن التقدم الذي حصل أصبح مهدداً الى حد بعيد. ان نهوض الصين و ارتفاع روسيا أشار الى أنه ليس هناك أي بالضرورة أية علاقة ما بين التقدم الاقتصادي من جهة و الحداثة السياسية و الثقافية من جهة أخرى. و بالتحديد فان نجاح الصين الاقتصادي المذهل يبدو أنه قد أشار الى وجود بدائل استبدادية فعالة للأفكار الغربية من  الحرية و الديمقراطية و حكم القانون و اقتصاد السوق . في الواقع فان تجربة الصين تشير الى إمكانية وجود حداثة انتقائية, مما يسمح للدول بانتقاء و تطبيق تلك العناصر التي تناسبها و تفضلها من الحداثة و التكنولوجيا و الاقتصاد و البنية التحتية و المؤسسات السياسية و القيم.

ولكن الحداثة بالأسلوب الانتقائي ما هي الا وهم. وفيها نسيان للتجربة التي مر العالم بها في المنتصف الأول من القرن العشرين, عندما تمت تجربة الحداثة الاستبدادية في كل من ألمانيا و روسيا مما أدى الى نتائج كارثية معروفة.

على الأجل المتوسط فان الحداثة غير قابلة للانقسام و يجب أن تختارها جميعها أو تتركها جميعها. ان التغييرات التكنولوجية و الاجتماعية العميقة و التي تطلقها قوى الحداثة تؤدي الى خلق توترات  لا يمكن أن يتم حلها في النهاية دون ردود معيارية و مؤسساتية مناسبة. 

ان روسيا و الصين لا تشكلان استثناء هذه الأيام. ان أعراض مرض الحداثة الانتقائية ظاهرة في كلا البلدين على شكل فساد واضح للعيان. فالصين على سبيل المثال تواجه صعوبات كبيرة في التصدير بسبب السيطرة الناقصة على أمان منتجاتها وهو الأمر الذي نتج وبشكل كبير عن وجود الفساد. ودون الالتزام بالصحافة الحرة و النظام القضائي الحر فان هذه الصعوبات سوف تزداد شيئا فشيئا.

وقبل أن يفوت الأوان فان حداثة روسيا الانتقائية يجب أن تسمح لحكم القانون و الفصل بين السلطات أو أن الدولة سوف تبقى معتمدة على أسعار الغاز و النفط و ستغرق في صراع وحشي على السلطة و النفوذ و النقود. علاوة على ذلك فانه لا إيداعات النفط و الغاز و لا السياسات الامبريالية سوف توقف من انحدار روسيا. ودون تفعيل المؤسسات الديمقراطية فان محاولة روسيا الثانية للوصول الى الحداثة الانتقائية سوف تفشل بشكل مؤكد كما تجسد ذلك بشكل واضح من قبل مع الاتحاد السوفيتي.

في العالم المعولم في القرن ال 21 و الذي تنتشر في فيه الأزمات كالنار في الهشيم, فان الحداثة الانتقائية و التي تعتمد على إخماد الصراعات و التوترات التي تولدها الحداثة أمر شديد الخطورة. في الواقع و بينما  كانت  التهديدات الكبرى  للسلام تأتي   من التنافس السياسي و الاقتصادي فان هذه التهديدات آتية حالياً و بنحو متزايد من التفكك السياسي و الاجتماعي للدول المستقرة ومن الهبوط في أنظمتهم المؤسساتية و المعيارية إضافة الى الأيدلوجيات الاستبدادية الجديدة.

و لهذا فان التعارض ما بين ما يدعى بالحقائق و المثاليات في السياسة الخارجية و ما بين القوة الصعبة والقوة الناعمة هي أمور اتضح أنها أصبحت من الماضي. ومن أجل التأكد فان الدول لا زالت تتبع السياسات الموجهة نحو المصالح الذاتية. و لكن مثل هذه السياسات سوف تكون أقل قدرة في ضمان السلام والاستقرار في المستقبل. في القرن ال 21 فان حقوق الإنسان و الأمن سوف يكونان متشابكين و مرتبطين مع بعضهما.  وهذا هو الحال مع معطيات العولمة التي تصبح فيها الاعتمادية المتبادلة ما بين 6.5 بليون شخص في العالم ضمن اقتصاد عالمي و احد و نظام الدول المتعددة.

*يوشكا فيشر : وزير الخارجية الألماني و نائب المستشار الألماني ما بين 1998-2005. 3

Eventually, modernization must enhance human rights

By Joschka Fischer

Commentary by

Wednesday, March 05, 2008

Two centuries ago the American and French revolutions brought forth the natural law concept of inalienable human rights. However, it took nearly two centuries of wars, political and social disasters, and decolonization before this idea became globally accepted, at least in theory.

In the beginning, the idea of human rights was limited to domestic politics. In international relations, power, not right, continued to be the only thing that mattered: The traditional concept of state sovereignty focused exclusively on power - in other words on control over people and territory - and protected the state's authority, regardless of whether its enforcement was civilized or brutal, democratic or authoritarian.

The Nuremberg Trials of the German war criminals after World War II marked the first important change in the world's understanding of the concept of sovereignty. For the first time, an entire state leadership was put on trial for its crimes, as its representatives and henchmen were brought to justice.

 

 

The Nuremberg Trials and, in parallel, the creation of the United Nations and its Universal Declaration of Human Rights, signaled the growing importance of law in international relations. Sovereignty was no longer based solely on power, but increasingly on law and respect for the rights of citizens.

This process was largely frozen during the five decades of the Cold War. But human rights and the rule of law began to re-emerge as a theme of Western policy, especially in the wake of the Helsinki Conference on European Security and Cooperation and its use by the American administration of President Jimmy Carter, as well as by numerous non-governmental advocates protesting the treatment of Soviet dissidents.

The next big step was the emergence of the concept of humanitarian intervention after the genocide in Rwanda and the Balkan wars in the 1990s. As a result, international law came to recognize the "right of protection" against governmental arbitrariness and states' crimes against their own people, even though enforcement remains quite uncertain.

 

Finally, the same developments in politics and international law led to the creation of the International Court of Justice. With its establishment, resulting from long and terrible experience, the basic idea of modernity - that the power of states and their rulers should be subject to the rule of higher law, thus placing individual rights above state sovereignty - has taken a great step forward.

This development was anything but accidental. In the face of the totalitarian challenges of fascism and communism in the 20th century, Europe and the United States have become aware that the rule of law, separation of powers, and democracy decisively determine foreign policy and matter greatly from the point of view of international security. Democracies have proved to be much more peaceful than authoritarian regimes and dictatorships.

 

But the progress achieved so far is again under threat. China 's rise and Russia 's resurgence suggest that there is no necessary link between economic development, on the one hand, and political and cultural modernization, on the other. In particular, China 's breathtaking economic success seems to point to the existence of viable authoritarian alternatives to the Western idea that freedom, democracy, the rule of law, and the market economy are bound together. Indeed, China appears to suggest that selective modernization is possible (modernization a la carte, so to speak), allowing states to choose to implement only those elements of modernity - technology, economics, infrastructure, political institutions, and values - that they like.

But modernization a la carte is an illusion. Its proponents forget the experience of the first half of the 20th century, when authoritarian modernization was tried in both Germany and Russia - with disastrous results.

In the medium term, modernity is indivisible: you can have all of it or none. The deep technological and social changes unleashed by the forces of modernity create tensions that, in the end, cannot be resolved without appropriate normative and institutional responses.

China and Russia today are no exceptions. The symptoms of the disease of selective modernization are clearly discernible in both countries in the form of ubiquitous corruption. China , for example, faces increasing export difficulties because of deficient control of the safety of its products, which is largely the result of corruption. Without a commitment to a free press and an independent judiciary, these difficulties will only intensify.

Before too long, Russia's "managed" (read: authoritarian) modernization will also have to allow for the rule of law and a functioning separation of powers, or the country will remain dependent on oil and gas prices and mired in a brutal struggle for power, influence, and money. Moreover, neither oil and gas deposits nor imperialist policies will stop Russia 's decline. Without functioning democratic institutions, Russia 's second attempt at selective modernization will fail just as certainly as its previous, Soviet incarnation did.

In the globalized world of the 21st century, in which crises in one part of the world spread like wildfire to others, selective modernization, based on suppression of the conflicts and tensions that modernization generates, is likely to be even more dangerous. Indeed, while the greatest threats to peace once came from power politics and economic rivalry, they now increasingly derive from the regional and global repercussions of the political and social disintegration of stable countries, a decline of their normative and institutional systems, and new totalitarian ideologies.

This is why the opposition between so-called "realists" and "idealists" in foreign policy, and between proponents of "hard" and "soft" power, is proving to be a thing of the past. To be sure, states still follow traditional interest-oriented policies. But such policies will be less and less able to guarantee peace and stability in the future. In the 21st century, human rights and security will be inextricably intertwined. Such is the outcome of globalization - the mutual dependence of 6.5 billion people in a single global economy and system of states.

 

Joschka Fischer , Germany 's foreign minister and vice chancellor from 1998 to 2005, led Germany 's Green Party for nearly 20 years. THE DAILY STAR publishes this commentary in collaboration with Project Syndicate-Institute for Human Sciences (c) (www.project-syndicate.org ).

http://www.dailystar.com.lb/article.asp?edition_id=1&categ_id=5&article_id=89533

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ