ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 12/02/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


فصل شافٍ

ليلا صوفيا تريزمر*

فلايندرز آيلاند، أستراليا – في تشرين الأول/أكتوبر 2006 تجمعت مجموعة من النساء في الأراضي المقدسة في ولاية كولورادو للمشاركة في إيجاد تجربة قرية شرق أوسطية، تعيش وتأكل وتتعلم معاً. جاءت النساء من تنوع واسع من الخلفيات: يهودية (كانت بعضهن متدينات وبعضهن علمانيات وأخريات ملحدات) وعرب (درزيات ومسلمات ومسيحيات وملحدات)، إضافة إلى نساء من الولايات المتحدة ذوات هويات ثقافية متنوعة.

 

لم تكن الفرضية المنطقية لهذه المجموعة التركيز على هوية سياسية خلافية وإنما على ما نشترك به: إنسانيتنا واهتمامنا بالحياة وانخراطنا العاطفي. ورغم أننا كنا متحدات بعمق حول منظورنا كنساء، قمنا كذلك باستكشاف التباينات حول كيف ترى كل مجموعة ثقافية منظورها من "العالم الخارجي". من خلال تسمية هذه العموميات وتحديد طروحات هوياتنا الثقافية والعرقية، تمكنا من تحقيق حدة فعاليتهن وسلطتهن، الأمر الذي مكننا من تبديد فروقاتنا وتعميق تفاهمنا المتبادل.

 

شكل جزء من هذه العملية الشعور بداخل طبيعة الفصل، وفهمه في مضمون الواقع الاجتماعي والسياسي والفعلي لإسرائيل/فلسطين. ساعدنا في عملنا نموذج ريان أيزلر في الثقافة المسيطرة، والذي يوصف باستخدام الفصل والقوة والعنف كتكتيكات للسيطرة، مثلاً التعذيب والإرهاب وتمزيق شمل العائلات وإيجاد (الآخر) كعدو.

 

وحتى يتسنى فهم نموذج "المسيطر". كان يتوجب علينا النظر إليه دون عاطفة ودون حكم. فهو ببساطة أسلوب العالم في الوقت الحالي، ومن الممكن بشكل كامل أن ينتقل النموذج ليصبح نموذجاً من الشراكة. لم نكن، باستخدام نموذج "المسيطر"، نلمّح إلى أو نطيح بنظام نوع اجتماعي مسيطَر عليه ذكورياً، فهذا النظام مجرد أسلوب لفهم أحدث دورة للتطور البشري. وهو نموذج يكشف عدم اتزان عظيم بين التأثير الذكوري والأنثوي.

 

يصبح أمر واحد شديد الوضوح في هذا النموذج: لا يمكن أن يكون هناك نموذج شراكة في عالم السياسة والعدالة الاجتماعية حتى نفهم الخصائص الجيدة للسلطة الأنثوية، والتي يمكن أن تأتي بالتوازن مقابل السلطة الذكورية. بدأنا استكشافنا للشراكة من خلال طرح السؤال: ما الذي يمنع النساء من أن يكنّ الأقوى وأن يصعدن إلى السلطة الأنثوية؟ ما هي السلطة الأنثوية؟ كيف نبدأ بإبراء الجراح التي تبقي على الأنوثة غير ممكَّنة.

 

انتهت آخر أيامنا العشرة معاً بشعائر مسرحية تمثل الوقع الذي يتركه الانفصال والجدران على السلطة الشخصية والحرية. تم تنظيم المشهد كقطعة مرتجلة وشعائر مكرسة لعلاج الفصل أو الانفصال.

 

لعبت مجموعة من النساء دور الصور النمطية للمسيطر، وقمن ببناء جدار من مادة نسيجية، وأصدرن أوامرهن إلى النساء الأخريات لتنظيم مجموعتين عشوائيتين، واحدة خضراء وأخرى برتقالية. كانت اليهوديات والعربيات والأميركيات على الجانبين. طُلَب من الجميع عدم الكلام أو الابتسام أو المشاركة والانخراط مع "الآخر". هذا الاستكشاف كان في الحقيقة عن أثر الجدران على إيجاد الفصل والفرقة والعزلة والوحدة. توصلت النساء بسهولة إلى عواطف النزاع الرمزي، التي تضخمت من خلال عدم التكلم. لم يهجم أحد على الجدار، لم يكسر أحد القوانين، لم يلجأ أحد إلى العنف. بالتأكيد، كان أول تجاوب هو القبول والاستسلام لما هو شائع ومعروف. كن يعرفن ما هي الجدران وما هو الشعور حولها وفي البداية تكيّفن مع محدّداتها. اجتمعت النساء على كلا الجانبين للاهتمام ببعضهن بعضاً ومواساة بعضهن بعضاً في فرقتهن وانفصالهن.

 

ثم ثار أمر ما فجأة. عبر القبول والحوار والمواساة ظهرت قوة إرادة عندما وقفت عدة نساء في وقت واحد ليتحدين الجدار وحراسه. في البداية تم صدهن من قبل "المسيطرين"، وتدويرهن ليعودوا إلى مجال مألوف من المشاعر والتفكير. ولكن الإرادة برزت مرة أخرى وقامت النساء، متحدات في تصميمهن وأرادتهن الجماعية بهدم الجدار.

 

بقيت بعض النساء اليهوديات والعربيات متجمعات في مجموعاتهن الثقافية، وقد شعرن بالجدران الداخلية المتواجدة بينهن. تحدثت الصديقات الجيدات اللواتي لم يتحدثن من قبل أبداً عن خلافاتهن كيهود وعرب، تحدثن فجأة عن ألمهنّ وحزنهنّ. بالتدريج جرى بناء الجسور. جسور من الاهتمام والرعاية واللطف والانخراط العاطفي. تضاءلت طاقة العرض المسرحي بشكل طبيعي، بينما تحدثنا عما حصل.

 

ساد أمر عميق في أرجاء الغرفة. للمرة الأولى منذ عشرة أيام جلسنا في دائرة وشعرنا أنها كاملة بحق. لقد تداعت الجدران غير المرئية. قام أمر غامض فعلاً بتغيير نوعية التعبير الصادق الحقيقي والتواصل، عاكساً قوة الشعائر والمسرح.

 

عادت النساء إلى الأراضي المقدسة وبدأن العمل بشكل أكثر فاعلية معاً، من منطلق أرضية مشتركة وهمة ونية صادقة. عبر الشهور الأخيرة استمرت المزيد من الدوائر ومئات من النساء بالتلاقي والعمل معاً في سلطة الشراكة وقوتها.

 

تعلم شراكة المنظور العالمي، يشكّلها التفكير المنهجي المنظم، أنه في الأنظمة المعقدة يمكن للقضايا الصغيرة أن تنتج آثاراً مميزة. حيث يمكن إيجاد جزر من الشراكة يتفتح الأمل وتدور الدائرة الخلاقة قي تموجات أوسع وأوسع ..." (ألفونسو مونتوري وإيزابيللا كونتي).

-----------------------

*ليلا تريزمر كاتبة مسرحية ومصورة ومعدة مراسم وكاهنة، ومؤسسة مشاركة ومنسقة في "سبيل الفن الشعائري".

تمت كتابة هذا المقال خصيصاً لخدمة Common Ground الإخبارية ويمكن الحصول عليه من الموقع www.commongroundnews.org.

هذا المقال جزء من سلسلة خاصة حول سيكولوجية الفصل ويبحث في المعاني الضمنية السيكولوجية والروحانية والسياسية للحواجز الفعلية والعاطفية.

مصدر المقال: خدمة Common Ground الإخبارية، 31 كانون الثاني/يناير 2008

www.commongroundnews.org

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ