ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 29/12/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


أليس من الأفضل لو كانت الجدران مقدسة؟

الحاخام مايكل شوارتز*

القدس – تدور التخيلات الروحانية اليهودية والمسيحية والمسلمة في دوامة حول القدس، المدينة المقدسة. إلا أن المطالبات السياسية والعقارية تجتمع وبقوة متساوية وبنفس العاطفة الجيّاشة على المدينة. الحياة اليومية على الأرض ما زالت تقدم لمحات عرضية من الجنّة هنا، ولكن النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين حول القدس يسيطر على الأرض بشكل يعمينا تقريباً عن أفق القداسة الذي يجعل من القدس تلك المدينة المقدسة التي لم تتحقق بعد.

 

ويفرض جدار الفصل الذي يقطع طريقه داخل وحول وعبر مدينة القدس، بالنسبة للعين المجردة على سبيل المثال، وجوداً عميقاً بارزاً على منظر المدينة المقدسة أكثر مما يفرضه سورها وقبابها ومآذنها وساحة الحائط الغربي. لا يعكس الجدار الرفيع الضخم الرمادي أنوار القدس الذهبية، فهو يقبع بارداً سلبياً خالياً من التعبير بين أناس على كلا الجانبين، بعضهم لا يستطيع رؤية أنه بني لإنقاذ أرواح، ويصاب آخرون بالعمى أمام انتهاكات حقوق الإنسان المهينة التي يتسبب بها.

 

يشكل جدار الفصل، عن قصد أو غير قصد، مؤقتاً أو بشكل دائم، الأسوار الجديدة لمدينة القدس. بالنسبة لليهود تعتبر الجدران أكثر من مجرد مبانٍ وإنشاءات أسمنتية وحجرية. الجدران مصادر للحكمة وتحمل سجلات سياسية وتاريخية عظيمة، ولها أهمية دينية أساسية:

 

فالتوراة تطلب منا أن نبني أسيجة على سقوف منازلنا لضمان أمن الآخرين وأمننا. وتمنعنا التوراة من وضع عراقيل أمام الضرير. الحاخامات وضعوا الكثير من الأطواق أو الأسيجة حول التوراة لمساعدة اليهود على تجنب الاعتداءات العرضية على القانون ومخالفاته. لذا فإن الابتعاد عن معايير اليهودية وقواعدها يعتبر خرقاً لهذا الحاجز.

 

ثم هناك أسوار القدس. منذ أن اخترق الملك داود أسوار القدس قبل أكثر من ثلاثة آلاف سنة، حددت تلك الأسوار أكثر المناطق حبّاً على الأرض، بالنسبة للشعب اليهودي. عندما قام نحميا بإعادة بناء أسوار القدس قبل 2500 سنة، كانت هناك ثورة سياسية ملتهبة فعلياً ذات أبعاد توراتية. ولكن على تلك الأسوار جرى تأسيس التجمع الثاني للشعب اليهودي في أرض إسرائيل. تشكل أسوار القدس مجالات من القداسة في هذا العالم (8-6 :1 Kelim).

 

لذا يجب أن تُبنى أسوار القدس بنوع محدد من القداسة. يسرد اليهود سطراً من المزمور رقم 51 عند الإعداد للقراءة من مخطوطة التوراة، هي صلاة إلى الرب أن "نعمل الخير لصالحك لصهيون، ونبني أسوار القدس". من القضايا المركزية في الحياة الدينية اليهودية إذن الطلب من الله تعالى أن يعلمنا عبر التوراة كيف ننقي أرواحنا ونستعيد صلاحنا وننقي قلوبنا (بروح المزمور رقم 51) في الطريق نحو إعادة إنشاء أسوار القدس.

 

من وجهة النظر الإسرائيلية، ينقذ جدار الفصل الأرواح، وهي مهمة مقدسة. إلا أنه لا يوجد جدار أحادي الجانب، وكل جدار تحت الشمس له ظل. وحتى يتسنى لهذا الجدار أن يكون مقدساً بشكل كامل علينا أن ننظر إليه من الجانب الفلسطيني. مسار جدار الفصل يحد من قدرة الفلسطينيين على الوصول إلى مدارسهم ومراكزهم الصحية وأماكن عبادتهم ومنازلهم العائلية وحقولهم وموارد رزقهم. إنه يهين الكرامة ويعود بالظلم على الحياة والأرواح.

 

يتوجب على أسوار القدس، وإذا أُريد لها أن تكون مقدسة، أن تحقق مطالب التوراة بألاّ تخطئ في حق الغرباء أو تظلمهم، لأننا نحن أيضاً كنا غرباء في أرض مصر. وقد قرأ الحاخام المحافظ البارز الذي عاش في القرن التاسع عشر سامسون رافائيل هيرش العبارة التالية حسبما تنطبق فعلياً على الدولة اليهودية: "... التحذير من التفريق ضد الغرباء موجه بشكل أولي ضد الدولة .... ظلم الغريب يعني بالدرجة الأولى تحديدا للمساحة – يجب عليك عدم تحديد مساحته". (تعليق هيرش على سفر الخروج 20:22).

 

لقد أصدرت المحكمة العليا في إسرائيل قرارا، من خلال الإصرار على التمييز بين احتياجات إسرائيل الأمنية الصارمة ومصالحها السياسية، بروح "من صهيون ستبرز التوراة، وكلمة الرب ستأتي من القدس". لقد حكمت المحكمة بإعادة توجيه مسار جدار الفصل في بعض المواقع كما هو الحال في قرية بيت سوريك، ضد حكومة إسرائيل، على أساس أنه "لا يمكن إلا لجدار فصل مبني على قاعدة القانون أن يوفر الأمن للدولة ومواطنيها. لا يمكن إلا لمسار فصل يجري إنشاؤه على مسار القانون أن يؤدي بالدولة إلى الأمن الذي ترنو إليه". (حكم المحكمة العليا رقم 04/2056 بتاريخ 30 حزيران/يونيو 2004).

 

يذكرنا هذا الحكم بأن إنشاء الجدار يتعلق كذلك بوضع حدود حولنا وتحديد من نحن وماذا نمثل. إنه يذكرنا كذلك بأن التوراة تهتم أكثر بالنوعية الأخلاقية لهؤلاء الذين يعيشون في أرض إسرائيل أكثر مما تهتم بمساحة الأرض التي يعيشون عليها. من المؤكد أن أرض الميعاد محملة بشكل فريد بشروط أخلاقية لهؤلاء الذين ورثوها: حتى تحت أكثر الظروف تحدياً، يتوجب علينا نحن الإسرائيليون أن نحكم أنفسنا قبل أن نحكم الأرض. تتطلب طبيعة الأراضي المقدسة أنه حتى يتسنى لنا أن نحسن لدولتنا هنا يتوجب علينا أن نحافظ على كفاءتنا الأخلاقية.

 

إذا كنا نحتاج لجدران حول مدينة القدس، وهذا أمر يدعو للحزن، إلى حين تحقيق سلام حقيقي، فإنه يتوجب علينا أن نتأكد أن هذه الجدران هي جدران من القداسة.

------------------------

*الحاخام مايكل شوارتز هو مدير الموارد والتنمية في منظمة "الحاخامات من أجل حقوق الإنسان".

تقوم خدمة Common Ground الإخبارية بتوزيع هذا المقال الذي يمكن الحصول عليه من الموقع www.commongroundnews.org

هذا المقال جزء من سلسلة خاصة حول سيكولوجية الفصل، تبحث في المعاني الضمنية السياسية والروحانية والسيكولوجية لجدران الفصل الفعلية والعاطفية.

مصدر المقال: خدمة Common Ground الإخبارية، 20 كانون الأول/ديسمبر 2007

www.commongroundnews.org

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ