ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 10/12/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


واحة أو سراب

توماس ل. فريدمان*

نيويورك – يمر الشرق الأوسط بتجربة لم نشهدها منذ فترة طويلة جداً: يعود المعتدلون إلى رشدهم قليلاً فيتخذون مواقف مبدئية ويضغطون على الأشرار. إذا كان ذلك يبدو، حسناً، مع قليل من التحفظ، فهو في الواقع كذلك. ولكن في منطقة يذهب فيها المتطرفون إلى أبعد الحدود، ويتلاشى فيها المعتدلون ببساطة، يشكل ذلك أول خبر جيد منذ سنوات عديدة. إنه يشكل واحة في صحراء اليأس.

 

المشكلة الوحيدة هي أن هذه المسيرة المبدئية للمعتدلين، والتي حصلت على دفعة مفيدة هنا من خلال تجمع أنابوليس من أجل السلام، يدفعها الرعب بالدرجة الأولى، وليس بصيرة مشتركة في منطقة يتداخل فيها السنة والشيعة والعرب واليهود فيتاجرون ويتعاونون ويصلون إلى حلول وسط في أسلوب تعلمته دول جنوب شرقي آسيا من أجل مصالحها المتبادلة.

 

حتى الآن، "هذا هو سلام الخائفين" كما يقول هشام ملحم مدير مكتب العربية في واشنطن، وهي محطة إخبارية فضائية.

 

يمكن للخوف أن يكون محفزاً قويا. أخيراً وصل الخوف من أن يُدير تنظيم حياة قبائل السنة في العراق إليهم وجعلهم يثورون ضد أتباع القاعدة من السنة، حتى إلى درجة الانضمام إلى الجانب الأميركي. كما أن الخوف من سفاحي الشيعة في جيش المهدي الذي تدعمه إيران حدا بعدد أكبر من الشيعة في العراق لأن ينضموا إلى جانب الحكومة والجيش.

 

كذلك فإن الخوف من حماس جعل فتح تتجه نحو علاقة عمل أكثر وثاقة مع إسرائيل. كما أن الخوف من انتشار التأثير الإيراني جعل جميع الدول العربية، وخاصة السعودية ومصر والأردن، تعمل بتنسيق أكثر تقارباً مع أمريكا وبتنسيق ضمني مع إسرائيل. الخوف من انهيار فتح ومن أن ترث إسرائيل المسؤولية عن سكان الضفة الغربية الفلسطينيين عاد بإسرائيل إلى طاولة المفاوضات في واشنطن. كذلك جاء الخوف من العزلة حتى بسوريا إلى هنا.

 

إلا أن الخوف من الضواري لا يستطيع أخذك إلا إلى حدود معينة. حتى يتسنى بناء سلام باقٍ هناك حاجة لعزيمة من قبل المعتدلين ليعملوا معاً لمساعدة بعضهم بعضاً في دحر المتطرفين في كل معسكر. هناك حاجة لأمر افتقدنا إليه بشكل مؤلم منذ موت أنور السادات واسحق رابين والملك حسين: الشجاعة للقيام بعمل "مثير للدهشة".

 

منذ العام 2000 كان الأشرار هم الوحيدين الذين فاجأونا. قاموا في كل أسبوع بمفاجأتنا بأساليب وأماكن جديدة لقتل الناس. بالمقارنة، كان المعتدلون خالين من المفاجآت، إلى أن جابهت القبائل السنية في العراق القاعدة. ما سأبحث عنه خلال الشهور المقبلة هو ما إذا كان باستطاعة المعتدلين أن يفاجئوا بعضهم بعضاً ويفاجؤا المعتدلين.

 

أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، حتى قبل وصوله إلى أنابوليس أنه لن تكون هناك مصافحات مع الإسرائيليين. الأمر مؤسف. المصافحة وحدها لن تجعل إسرائيل تعيد الضفة الغربية، ولكن إشارة أو إيماءة إنسانية، مثل مجرد مصافحة من قبل زعيم سعودي وزعيم إسرائيلي سوف تحقق الكثير في اتجاه إقناع الإسرائيليين بأن هناك أمرا جديدا، وأن الأمر يتعدي مجرد العرب الخائفين من إيران، وإنما هم على استعداد فعلي للتعايش مع إسرائيل. الأمر نفسه ينطبق على إسرائيل. لماذا لا يفاجئ الإسرائيليون الفلسطينيين بإيماءة كريمة حول الأسرى أو الحواجز ونقاط التفتيش. هل نجح الأسلوب البخيل الشحيح القديم إلى هذه الدرجة؟

 

لقد برع السعوديون في إخبار أمريكا بأنه يتوجب عليها أن تكون أكثر جدية. هل من الصعب إلى هذه الدرجة أن نطلب من السعوديين أن يجعلوا مهمتنا أكثر سهولة عن طريق مصافحة يد زعيم إسرائيلي؟

 

المفاجأة الأخرى التي نحتاج لرؤيتها هي بذل المعتدلين أقصى جهودهم. لن يتمكن المعتدلون الذين ليسوا على استعداد للمخاطرة بالانتحار السياسي لتحقيق أهدافهم أبداً من هزيمة المتطرفين المستعدين لارتكاب الإنتحار السياسي.

 

سبب تهديد السادات ورابين الشديد للمتطرفين هو أنهما كانا معتدلين مستعدين لبذل أقصى جهودهما، وهذه سلالة نادرة.

 

أفهم أنه لا يوجد قائد اليوم على استعداد لاتخاذ المخاطرة وتعريض نفسه للخطر. لديهم ما يكفي من الأسباب ليكونوا خائفين. ولكن لا سبب لديهم لأن يعتقدوا أنهم سيصنعون التاريخ بأية وسيلة أخرى.

 

قال الرئيس جورج دبليو بوش في إفتتاح مؤتمر أنابوليس إن هذه ليست نهاية شيء ما وإنما بداية جديدة لمفاوضات إسرائيلية فلسطينية. لست بحاجة لخبير في الشرق الأوسط ليشرح لك ما إذا كان ذلك ناجحا. مجرد قراءتك للعناوين في الشهور المقبلة سوف يجعل عينيك تلمعان، ثم، وكما صاغها لي المعلق الصحفي الإسرائيلي ناحوم بارنيا، سوف تكتشف أن أنابوليس أدارت مفتاح محرك "سيارة لها أربعة دواليب مفخوتة".

 

ولكن إذا تناولت صحيفة ورأيت المعتدلين العرب والإسرائيليين يفعلون أموراً تفاجئك، وسمعت نفسك تقول باستغراب "يا سلام. لم أرَ هذا من قبل أبداً" فسوف تعرف أننا نتجه إلى مكان ما.

-------------------------

*. فاز توماس فريدمان بجائزة بوليتزر للتعليق عام 2002، وهي ثالث جائزة بوليتزر يفوز بها، لصحيفة النيويورك تايمز. أصبح مراسل الشؤون الخارجية للصحيفة عام 1995. قبل ذلك عمل ككبير مراسلي البيت الأبيض.

تقوم خدمة Common Groundالإخبارية بتوزيع هذا المقال الذي يمكن الحصول عليه من الموقع الإلكتروني www.commongroundnews.org .

مصدر المقال: الإنترناشيونال هيرالد تريبيون International Herald Tribune، 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2007

www.iht.com

تم الحصول على حق نشر هذا المقال.

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ