ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 09/12/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


أفكار حول أنابوليس

دانيال ليفي*

واشنطن – تكثر النظريات حول سبب عقد مؤتمر أنابوليس وحول سبب عقد الآن. لن نؤاخذ ]الكوميدي[ جيري ساينفيلد إذا اعتقد أن هذه مؤامرة شخصية ضده، فقد سيطرت أخبار زيارته لإسرائيل على عناوين الصحف ووسائل الإعلام الرئيسة إلى حين حدوث أنابوليس. الواقع أن البعض في إسرائيل قاموا باستنباط أوجه شبه غير حميدة: يشبه مؤتمر أنابوليس إحدى حلقات ساينفيلد الهزلية، فهو عن لا شيء! فقط الكثير من الكلام!

 

من السهل أن يكون المرء ساخراً، ولكن لأنابوليس أهمية كبيرة. لقد قام الإسرائيليون والفلسطينيون رسمياً بإطلاق مفاوضات الوضع النهائي مرة أخرى بعد سبع سنوات طويلة عنفية مدمرة. لقد شاركت إدارة الرئيس بوش أخيراً في هذه القضية وأخذت بإنفاق بعض رأس المال عليها. كما قام العالم العربي، بما فيه المملكة العربية السعودية وسوريا بالمشاركة والحضور. وعلى أقل تعديل، ذلك هو نوع اللقاء الذي لا يمكن عقده بين الفينة والأخرى. قد يبدو المعارضون في الوطن، كحماس وإيران وبقية القائمة المعروفة، كالمزعجين الصغار اليوم، ولكن إذا توقفت المفاوضات بعد شهر من الآن وبقي الوضع على الأرض رهيباً كما هو (تستطيعون وضع الرهانات)، فسوف يكونون هم الذين ستبدو ابتسامة واسعة على محياهم، مثل قط تشيشر في روايات أليس في بلاد العجائب.

 

قد تمثل أنابوليس إعادة ولادة الأمل، ولكن حتى يكون الوضع كذلك، يتوجب التعامل مع الفجوات في المصداقية التي تديم حركة الشكاكين ونشاطهم.

 

تتعلق أولى تلك الفجوات بخريطة الطريق. يشكل تاريخ الوثيقة ذات الأربعة أعوام، والتي كان يتوجب تحقيق السلام عام 2005 بموجبها، أحد الدروس الأكثر إذلالاً في مجال عدم تحقيق تقدم على المسار الإسرائيلي الفلسطيني. إلا أن أطراف خريطة الطريق ورعاتها سوف يعيدون تكريس أنفسهم هذا الأسبوع للمرحلة الأولى من خريطة "الطريق"، وهي محادثات ضمن عملية السلام حول قضايا مثل تجميد الاستيطان وإزالة البؤر الاستيطانية المتقدمة وتسهيل الإغلاقات والحواجز ونقاط التفتيش وإعادة فتح المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية والإصلاح المؤسسي والأمن في السلطة الفلسطينية وضرب الإرهاب.

 

لم يجر سوى تحقيق القليل الغالي من هذه القائمة. المكوّن الجديد الذي أميط اللثام عنه في أنابوليس هو آلية رقابة تديرها الولايات المتحدة تشرف على تطبيق هذه القضايا. وقد يؤدي ذلك إلى تحسن جزئي على الأرض، ولكنه يتجاهل السبب الهيكلي الأكبر لفشل خريطة الطريق. وهو السبب ذاته الذي أدى إلى فشل أسلوب التقدم خطوة خطوة وبناء الثقة كتوجه عبر ما يربو على خمس عشرة سنة، أي أنه يتوجب التعامل مع القضايا السياسية الجوهرية. يمكن لتحقيق المرحلة الأولى من خريطة الطريق أن يوفر الأوكسجين لفترة محدودة، لمفاوضات جادة للوضع النهائي، ولكن ذلك لا يمكن أن يحل محلها.

 

ويقودنا هذا إلى تحدي المصداقية الثاني الذي تواجهه أنابوليس بعد المؤتمر: ما هو نوع العملية التي يجري إطلاقها؟ الحضور السوري يعني إعادة إطلاق المفاوضات الشاملة بين إسرائيل وجميع جيرانها. ولكن يبدو أن الجميع، بمن فيهم السوريون أنفسهم، يقعون في مجموعة الذين لم يقرروا بعد، فيما يتعلق بتجدد المفاوضات الإسرائيلية السورية. الدول العربية حضرت، ولكن بعكس مؤتمر مدريد عام 1991، لم يكن هناك إطار متفق عليه لدفع عملية إقليمية في الصباح التالي لأنابوليس. لقد جرى إيجاد تصميم إقليمي في مدريد اجتمعت من خلاله خمس مجموعات عمل خلال الشهور والسنين التي تلت لبحث التنمية الاقتصادية والبيئة والمياه واللاجئين وضبط التسلح والأمن الإقليمي. إلا أنه لم يجر بعد تشكيل أسلوبية للحفاظ على دور للدول العربية بعد أنابوليس.

 

إلا أن السؤال الرئيس هو ما إذا كانت أنابوليس تبدأ حراكاً له معنى حول مفاوضات الحل النهائي الإسرائيلية الفلسطينية. هل كان هدف أنابوليس حقاً عزل إيران وإلحاق الهزيمة بحماس وتوجيه ضربة ضد التطرف من قبل ما يسمى بالاعتدال أكثر مما هي فعلاً عن تحقيق حل واقعي قابل للبقاء فعلياً؟ ورغم أن هذه الأهداف توصف أحياناً على أنها تدعم بعضها بشكل متبادل إلا أن النقاش المعاكس هو في الواقع أكثر إقناعاً. عدم قدرة الإسرائيليين والفلسطينيين والأميركيين تحقيق أية أطر توجيهية لهذه المفاوضات قبل أنابوليس لم يلهم الثقة لما بعد المؤتمر.

 

لذا دعونا الآن ننظر إلى كل من هؤلاء اللاعبين على حدة.

 

وصل رئيس وزراء إسرائيل إيهود أولمرت إلى أنابوليس مثخناً بالرضوض والجروح نتيجة للتحقيقات المتواصلة من قبل الشرطة وكارثة مغامرته في لبنان الصيف الماضي. ويهدد حلفاء أولمرت اليمينيون في حكومة الائتلاف بهجرته إذا نبس ببنت شفة عن القدس، كما أن زعيم الثقل الموازن لهم إيهود باراك زعيم حزب العمل يستسيغ احتمالات فشل أولمرت أكثر مما يستسيغ السلام والأمن لبلاده. قبل أنابوليس، وعندما اختلس أولمرت نظرة من فوق تلك الهوة السحيقة اختار أن ينسحب ويتجنب لحظة الحقيقة. ولكن يتوجب على تلك الحسبة أن تتغير حتى يمكن للمفاوضات أن تكون بناءة. لقد أقنع أولمرت الكثيرين في معسكر السلام الإسرائيلي ومناقشيه العديدين في العالم بصدق مساعيه لتحقيق اتفاقية سلام واقعية. ويصادف هذا الأسبوع الذكرى الثلاثين لزيارة أنور السادات، رئيس مصر يومها لإسرائيل، وهو حدث يمكن لأولمرت أن يستنبط إلهامه. عندما ذهب مناحم بيغن إلى كامب ديفيد للتفاوض مع السادات، ساند الجمهور الإسرائيلي محادثات السلام، ولكنه لم يساند انسحاباً كاملاً من سيناء أو تفكيك جميع المستوطنات هناك. يومها حذر زعيم المعارضة شمعون بيريز بيغن من مغبة إجراء تلك التنازلات. استطلاعات اليوم حول المحادثات الفلسطينية الإسرائيلية مماثلة. في غياب الشجاعة السياسية من الجانب الإسرائيلي والتشجيع من الراعي الأميركي، لن تكون هناك مفاوضات بعد أنابوليس تستحق الانتظار.

 

ولكن لا بد أن مشاكل أولمرت السياسية تبدو نزهة من شباك مجمع المقاطعة في رام الله. لقد وصل الرئيس عباس إلى أنابوليس على رأس سياسة فلسطينية مفرّقة، وهو غير قادر على أن تطأ قدمه غزة، حيث يعيش 1،4 مليون فلسطيني تحت الحصار والتهديد بالمزيد من الإجراءات العقابية (يواجه جيرانهم الإسرائيليين هجمات صاروخية يومية رغم أنها غير فاعلة). ما زال عباس بحاجة لتنازلات سياسية من القدس وواشنطن وبالذات، لاحتمالات إنهاء الاحتلال، حتى يتسنى له إحياء الماضي المجيد لحركة فتح التي ينتمي إليها والسبيل اللاعنفي والمتفاوض عليه لحل النزاع.

 

وحتى يتسنى لهما لأن تكون ذات مصداقية بشكل حقيقي يتوجب على عملية ما بعد أنابوليس أن تتغلب على أمرين ممنوعين متبقيين: إن بإمكان الفلسطينيين توفير أمن مستمر لإسرائيل تحت ظروف الاحتلال، وأن باستطاعة فلسطين مقسمة أن تشهد ولادة سلام مستدام. وليست احتمالات حماس التخريبية بشكل وحيد أو حتى رئيسي يتعلق بقدرتها على نشر العنف. الأمر يتعلق كذلك بمصداقية وشرعية عملية تستثني الحزب الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات الفلسطينية.

 

الأمر الذي يعيدنا مرة أخرى إلى الصديق الأميركي. تستمر إدارة الرئيس بوش برؤية النزاع عبر عدسة الحرب العالمية على الإرهاب وكجزء من الكفاح الخطير للصالح ضد الطالح الشرير. سخرية القدر الكبرى بالنسبة لمؤتمر أنابوليس هي أن الطرح الإطاري لمن دعى إليه هو الأمر الوحيد الذي قوض إلى درجة بعيدة فرص نجاحه. النزاع الفلسطيني الإسرائيلي تقوده المظالم، وحله يكمن إلى درجة بعيدة في إنهاء النزاع. تحتاج إسرائيل إلى الأمن والسلام وتستحقها، ولكن هذه الأمور لا تتعايش بدفء مع الاحتلال. فأتباع القاعدة ومن دار في فلكهم يستخدمون النزاع الإسرائيلي الفلسطيني للتجمهر وحشد الدعم وذمّ أمريكا وتقويض أركان حلفاء أمريكا في المنطقة.

 

وهذا لا يفيد المعادلة الأساسية بأنه بالنسبة لعدد هائل من الفلسطينيين، بمن فيهم حماس، يتعلق الأمر بالتعامل مع شكوى حقيقية وتظلم حقيقي وليس عن تدمير إسرائيل أو أمريكا. سوف تسعى أمريكا لربط النقاط بدقة في المنطقة على الأرجح إلى اتباع عملية أكثر شمولية واشتمالية، وأن تفعل ذلك من خلال قناعة بأن هذه مصلحة أمريكية حيوية. البديل هو الاستمرار في اتباع سياسة بدت وكأنها صيغت على فوطة ورقية أثناء طعام الغداء مع ]الكوميديين[ جورج كوستانزا وكوزمو كريمر. لقد عاد الأميركيون إلى مجال صنع السلام في الشرق الأوسط، ولكن يجب أن تكون أنابوليس عن أكثر من مجرد لا شيء. ولسنا بحاجة إلى مائة وثمانين حلقة قبل أن نصنع شيئاً.

ـــــــــــــــــــــــــ

*دانيال ليفي زميل كبير ومدير لكل من احتمالات مبادرة السلام في مؤسسة القرن Century Foundation ومبادرة الشرق الأوسط في مؤسسة أمريكا الجديدة.

تقوم خدمة Common Ground الإخبارية بتوزيعها الذي يمكن الحصول عليه من الموقع الإلكتروني www.commongroundnews.org.

مصدر المقال: الجارديان – Guardian – Comment is Free 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2007

http://commentisfree.guardian.co.uk

لقد تم الحصول على تصريح حق نشر هذا المقال.

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ