ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 30/10/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


إعادة سرد التجارب المسلمة الغربية

اوديفاكس *

سورابايا، جاوا الشرقية – هناك انعدام في الثقة بين العالم الإسلامي والغرب، رغم محاولات متنوعة لرأب الصدع بين هاتين الحضارتين. منذ مأساة الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، أصبح كل طرف على شك أكثر من السابق بنوايا الآخر. خذ مثلاً التظاهرات والعنف اللذين وقعا رداً على خطاب البابا في أيلول/سبتمبر 2006، أو منع ارتداء الحجاب في فرنسا. يبدو أن هذا النوع من الحساسيات سوف يستمر طالما أن جذور المشكلة لا يجري التعامل معها، وسوف تستمر احتمالات عدم التناغم رغم محاولات متعددة لبناء الجسور بين العالم الإسلامي والغرب.

قد يكمن أحد جذور الجدل القائم بين المسلمين والغرب في العقل الباطن الجماعي. هناك أمر كامن إلا أنه يملك القوة للهيمنة على سلوكنا الواعي. وقد شرح كارل يونغ، المحلل النفسي الشهير قائلاً إن "الظل" هو أعمق طبقة من شخصيتنا وهو يحتوي على الصفات الشخصية والنفسية الجماعية التي نخجل منها. هذه العناصر المستقلة نسبياً تصبح جزءاً من تركيبتنا النفسية وهي قادرة على التأثير على سلوكنا الفعلي.

هذا الظل، على المستوى العالمي، يغشى العلاقة بين العالم الإسلامي والغرب. يجري إيجاد عناصر الظل من أحداث سابقة، الأمر الذي يترك ندوباً على الجانبين. وقعت الحملات الصليبية على سبيل المثال في أزمان غابرة في العصور الوسطى، ولكنها تركت ندوباً لا تلتئم في العقل الباطن الجماعي لكل من المسلمين والغربيين. كذلك تحمل أحداث 11/9 احتمالات ترك ندوب مماثلة. يجري "تذكّر" ندوب كهذه في كل من المؤسسات الاجتماعية الثقافية المسلمة والغربية الباقية بإصرار في الذاكرة الجماعية.

ويعزز إصرار بقاء هذه الندوب صوراً نمطية محددة، الأمر الذي يجعل بعض الغربيين يقولون، "المسلمون عدائيون نحو الديمقراطية والمرأة والمثليين والأديان الأخرى"، بينما يقول بعض المسلمين، "لا يريد الغرب سوى الهيمنة علينا وإضفاء الشيطانية على الإسلام".

وجهات نظر كهذه تخلق حواجز بين الأفراد والجماعات وتحدّ من احتمالات مشاركة أحد الطرفين مع الآخر.

نتيجة لذلك، ورغم التوقيع على معاهدات سلام وإطلاق تصريحات علنية حول النيات الحسنة والتعاون والتعاضد، يجب حدوث اتصال حقيقي صادق كذلك بين المسلمين والغربيين. إلا أن الندوب الباقية تخلق وهماً بأن الغريب مخيف ويهدد وجودنا، ونتيجة لذلك ينخدع البعض بالظل الذي يكمن في العقل الباطن الجماعي الذي يخبرهم أن الغربيين كفرة أو أن المسلمين ينشرون حكمتهم بالسيف. هذه الصور النمطية تُحدث الخوف وتحد من فرص وجود علاقات متناغمة.

يحاول أسلوب إعادة السرد، وهو أسلوب في التحليل النفسي للتعامل مع التجارب السابقة، التعامل مع الصدمة الناتجة عن الندوب التاريخية، فيقوم بتحليل هذا السرد الذي يشجع عدم الثقة والتحامل والإجحاف.

يؤدي أسلوب إعادة السرد بالأفراد إلى تحويل الأسلوب الذي يرون من خلاله الأحداث الصادمة، من مهّدِدة وشخصية إلى حيادية وموضوعية. عندما ينظر إلى الأحداث الصادمة من خلال هذه العدسة تصبح أمور كالحزن والجراح والندوب والدموع أموراً سطحية فتحيّد الشعور بالأذى والضرر.

يشكل فيلم ريدلي سكوت الملحمي "مملكة الجنة" الذي صدر عام 2005 مثالاً على إعادة السرد لندوب عنيدة حول العلاقات بين المسلمين والغرب. يظهر الفيلم، الذي يرتكز إلى حد ما على حياة باليان من ابيلين، وهو نبيل له أهميته في مملكة القدس الصليبية في القرن الثاني عشر، يظهر أن بإمكان المسلمين والمسيحيين واليهود العيش معاً بتناغم طالما أمكن السيطرة على التعصّب. وهو يشجع الجمهور على النظر إلى ما وراء "من على حق ومن على خطأ".

ويظهر هذا جلياً في كلمات باليان: "السور؟ المسجد؟ كنيسة القيامة؟ من يدعي ملكيتها؟ جميعنا نملكها! نحن لا ندافع عن المدينة حتى نحمي حجارتها وإنما نحمي هؤلاء الذين يعيشون داخل هذه الأسوار". الحوار يعكس الحرب، ليس كهوية دينية واحدة وإنما كعمل فني. "مملكة الجنة" يحول الندوب، مما يسمح للظل بمغادرة العقل الباطن، فيحطم الأسوار التي تمنع مشاركة صادقة مع الآخر.

من الأمثلة الأخرى على إعادة السرد "المفاجأة الحجابية". الأداء المسرحي لطالبتي الدراسات العليا في جامعة شيكاغو يوجِد مساحة يمكن من خلالها لامرأتين مسلمتين أميركيتين أن تسردا حكايتيهما الشخصيتين بكلماتهما الخاصة بهما. من خلال سلطة إعادة السرد، يجري تحدي الادعاءات ومجابهة التعميمات. يتمكن المستمعون من الوصول إلى تجارب إنسانية مشتركة وتفهم تم اغناؤه لحياة هاتين المرأتين، يتسامى عن الأحكام السطحية المرتكزة على مظهرهما.

يمكن من خلال إعادة السرد تقبل التجارب السابقة الصادمة بشكل أكثر سهولة. لا يحتاج الأفراد لأن ينتحبوا عند كل ذكرى مروا بها. هذا الاستعداد لقبول الماضي لا يعني بالضرورة نسيان الأحداث الصادمة بشكل كامل، فهو بدلاً من ذلك انفتاح، قبول لحدث وقع في الماضي. وهناك غفران غير مشروط في هذا الانفتاح للآخر الذي لا يتطلب تعويضاً، لأنه لا ينطوي على تبادل مالي أو فعلي.

يمكن لأسلوب إعادة السرد أن يتم عبر العديد من الوسائط: التصوير الفوتوغرافي، الفن، المسرح، الرقص، الأدب، الكوميديا الوضعية، وحتى الأخبار. لا يمكن للظل المنغلق داخل العقل الباطن لكل من المسلمين والغربيين، بمن فيهم المسلمون الغربيون، أن يخرج إلا من خلال سرد القصص والإنصات والفهم. عندها فقط تستطيع أعمال رأب الصدع والتسوية أن تعطي نتائج ناجحة.

ــــــــــــــــــ

*اوديفاكس متخصص بعلم النفس، ومؤلف كتابي "أسطورة هاري بوتر" و"تخيُّل لارا كروفت".

مصدر المقال: خدمة Common Ground الإخبارية، 23 تشرين الأول/أكتوبر 2007

www.commongroundnews.org

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ