ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأربعاء 19/09/2007


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

في الثناء على اللاعنف

الدكتورة مولي بيليغ

تل أبيب – تعيد الزيارة التي قام بها مؤخراً مارتن لوثر كنج الثالث أكبر أبناء زعيم حركة الحقوق المدنية الذي اغتيل قبل أربعين سنة في ممفيس، تعيد إحياء فكرة الاحتجاج اللاعنفي.

ركز الدكتور مارتن لوثر كنج الأب بتأثير روحاني من المهاتما غاندي وقيادته في الهند على اللاعنف كتكتيك وإستراتيجية لمضاعفة قوة نضال الإفريقيين الأميركيين من أجل المساواة في الحقوق في بلده. وقد نجح النضال بشكل رئيسي بسبب الأسلوب المصمّم الذي تم به في وجه عنف صارخ ومصصم ومنهجي.

التوجه اللاعنفي فاز بشكل حاسم وغيّر إلى الأبد تاريخ الولايات المتحدة والعالم كله. السابقة التي أوجدها، بشكل مماثل في الثورة الفرنسية قبل مائتي عام، تحولت إلى رمز له معانٍ ضمنية في الحاضر والمستقبل للنضالات السياسية في مواقع متنوعة.

بعكس الثورة الفرنسية، التي أدخلت فكرة أن الحرية والمساواة لا يمكن تحقيقهما إلا من خلال العنف، كانت الرسالة التي نقلها مارتن لوثر كنج وشركاؤه هي أن المجتمع العادل سوف يبرز من خلال كفاح لاعنفي.

فالعنف، حتى لو برز نتيجة لحوافز صادقة وأسى، يُذوّي ما هو مضاء للعنف ويديم الألم الذي تسبب به. يتوجب على الفلسطينيين اليوم، أكثر من أي شعب آخر في العالم، أن يتبنوا النموذج اللاعنفي. لو أنهم فعلوا ذلك أمام الاحتلال الإسرائيلي لكان من الأرجح أن انضم إليهم العديد من الإسرائيليين الذيم سئموا انتهاكات حقوق الإنسان وسيطرة شعب آخر، ولكان لدينا الآن دولة فلسطينية مستقلة ناجحة.

لقد أطال العنف المستمر، من خلال عروضه الشعبية التلقائية في الانتفاضة الأولى وكذلك النواحي الشريرة للإرهاب الجماعي الذي لا يميّز، وأدام البؤس الفلسطيني. لا تغير حقيقة أن العديد من الفلسطينيين يدينون العنف، وأنهم واعون بأن نتائجه مدمرة لهم، شيئاً. منذ بداية النزاع ساد التوجه العنفي وكبت أي احتمال لاحتجاج آخر.

إلا أنه بالنسبة للإسرائيليين كذلك يعتبر التوجه اللاعنفي غريباً وأجنبياً، ويُنظر إليه بازدراء من قبل ثقافة أصبحت معتادة على العنف والعدوان منذ إنشائها. وهنا تكمن مأساة النزاع.

اللاعنف. هذا هو مفتاح تغيير وضع يخسر فيه الطرفان كل يوم. وإلى أن يتم تبني هذا النموذج فإن التغيير لن يأتي. إلا أن هذا النموذج يعاني من صورة زائفة مبنية على سوء فهم لجوهر الظاهرة: يُرى اللاعنف كنموذج ضعيف غير فاعل للتنازلات.

ولكن الواقع مختلف من حيث القاعدة. طالب واحد يقف أمام رتل من الدبابات في ساحة تينيمين في الصين، ومجموعة من الشبان تواجه البنادق في شوارع أوكرانيا، والدكتور كينغ نفسه يمشي رافع الرأس شامخاً في وجه جمهور معادٍ في جورجيا، ليست هذه صور ضعف وإنما صور قوة وتصميم.

 

العنف كأسلوب حياة

اللاعنف هو التعبير الصارخ عن الوقوف والإصرار على ما يؤمن به الإنسان. الانصياع وراء العنف وتقليد سلوك الطرف الآخر يساوي التخلي عن المبادئ والمعتقدات والاستسلام وتبني قوانين لعبة أدخلها الطرف الآخر.

يبرز العنف أحياناً نتيجة لليأس وفقدان الإنسان لتفكيره وانعدام الخيار. اللاعنف فخور وله عدة وجوه ويفتخر بخيارات عديدة. هو في نهاية المطاف رمز للكفاءة السياسية. بعد 381 يوماً من تمرد في الحافلات في مونتغومري بولاية ألاباما، تراجعت شركة الحافلات وسمحت للإفريقيين الأميركيين بالجلوس في أي مكان يرغبونه. تمكنت الاحتجاجات جلوساً في المطاعم والمقاهي، رغم الاعتداءات بالضرب والبصق والإذلال القاسي، من كبح ظاهرة "أماكن خارج حدود معينة"، وفي النهاية أدى اللاعنف وحده إلى إلغاء كافة القوانين التي تطبق التفرقة العنصرية.

إلا أنه رغم فوائده وحسناته الظاهرة والتجربة التاريخية المتراكمة المتعلقة بضرورته، فإن اللجوء إلى اللاعنف في منطقتنا ليس سهلاً. لقد بنى العديد من الفلسطينيين والإسرائيليين مستقبلهم على العنف المتبادل وطوروا هويتهم الفردية ومعنى الحياة والانتماء إلى الجماعة على أساس رؤية الآخر على أنه عنفي.

الصورة السلبية والشيطانية للعدو انتعشت وترعرت نتيجة للإحتلال من ناحية والإرهاب من ناحية أخرى. اللاعنف يهدد هذا المخطط الذي أُوجد ودُعِم منذ أجيال ويعرّضه للخطر. كم إسرائيلي، على سبيل المثال لديه معرفة بالمنظمة الفلسطينية للاعنف والديمقراطية، التي تشارك في نشاطات واسعة في المدارس والمؤسسات العامة؟ ليسوا كثيرين، لأن معرفة كهذه قد تبدد الصورة الجماعية لثقافة فلسطينية عنفية.

لا شك هناك أن أمثلة مماثلة موجودة على الطرف الآخر كذلك. ومرة أخرى نقع في شرك التناسق المروّع للنزاع.

إذا عدنا للثوريَّين التاريخيين العظيمين روبسبير ومارتن لوثر كنج، نستطيع أن نتساءل، بماذا أتت الثورة الفرنسية، إضافة إلى إدراك أن وقت الحكم المطلق قد ولّى وأن المساواة والحرية كانتا ضروريتين؟ لقد أتت لنا بتقاليد العنف كأداة لتحقيق الأهداف.

وبماذا أتى العنف للقرن الحادي والعشرين؟ الحرمان من المساواة والحرية للعديد من الناس إضافة إلى قتل العديدين الآخرين. لا يمكن التضحية بهذه الأساليب المروّعة لأجل أي هدف.

إذا لم يُصَب الفلسطينيون والإسرائيليون بالعمى أمام التاريخ وإذا كانوا يسعون إلى الحياة فعليهم تبني اللاعنف فوراً، وأن يبشروا بقرن جديد لا عنفي لا تشوبه شائبة.

ـــــــــــــــــــــ

*الدكتورة بيليغ محاضرة في الاتصال السياسي في كلية ناتانيا. تقوم خدمة Ground Common الإخبارية بتوزيع هذا المقال الذي يمكن الحصول عليه من الموقع الإلكتروني www.commongroundnews.org

مصدر المقال: Ynet News، 2 أيلول/سبتمبر 2007

www.ynetnews.com

تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال.

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ