ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 28/04/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

 

تعليق من مركز الشرق العربي : الصحراء هي سورية والمتوحشون هم أبناؤها وبناتها والوردة هي أسماء والمتحضر الذي يلبس الجينز يوم العطلة هو زوجها...

أسماء الأسد: وردة في الصحراء

بقلم: جون جولييت باك

مجلة فوغ

ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي

أسماء الأسد، سيدة سورية الأولى الديناميكية، في رسالة لإنشاء منارة من الثقافة والعلمانية في منطقة هامة قابلة للتفجر ـ ولوضع وجه حديث على نظام زوجها.

أسماء الأسد ساحرة، وصغيرة، وأنيقة للغاية (شيك) ـ الأكثر حيوية وجذابية في السيدات الأول. أسلوبها ليس في الابتكار و تصميم الأزياء اللافت للسلطة الشرق أوسطية بل ندرة متعمدة للحلي. إنها مزيج نادر: نحيفة، مع جمال أطراف طويلة مع عقل تحليلي مدرب يرتدي بدهاء ثوبا من تقليل القدر الحقيقي. تدعوها ال(باريس ماتش) "عنصر التنوير في منطقة مليئة بنطاقات الظلال." إنها سيدة سورية الأولى.

سورية معروفة على أنها الدولة الأكثر أمنا في الشرق الأوسط، ربما لأنها، وكما تقول إدارة الولاية لمواقع الإنترنت، " تدير الحكومة السورية عملية مراقبة حسية وإلكترونية لكل من المواطنين السوريين والزوار الأجانب." إنه بلد علماني حيث تكسب النساء مثل ما يكسب الرجال وحيث النقاب ممنوع في الجامعات ، مكان لا تفجيرات فيه، ولا أضطرابات، ولا حوادث اختطاف، ولكن نطاقاته المظللة عميقة ومظلمة. زوج أسماء، بشار الأسد، قد انتخب كرئيس في عام ال2000، بعد وفاة والده، حافظ الأسد، بالنسبة المذهلة، ال97% من الأصوات. في سورية السلطة متوارثة. وتحافات الدولة حالكة.    ما هو مقدار تقاربهم مع إيران، حماس، وحزب الله؟ هناك منفضات سجائر تحمل اسم حزب الله في السوق، وبإمكانك التعرف على قيادة حماس وهي تتسابق في صالة (الفصول الأربعة).

إن عدوها رقم واحد واضح: إسرائيل. ولكن هذه قد لا تكون الحال دائما.لقد قامت الولايات المتحدة للتو بإرسال أول سفير لها منذ ال2005، روبرت فورد.

العراق على الحدود، وإيران ليست بعيدة. عاصمة لبنان، بيروت تبعد تسعين دقيقة بالسيارة عن دمشق. والأردن في الجنوب، وتاليا لها تقع المنطقة التي تطلق عليها  الخارطة السورية إسم فلسطين. هناك ما يزيد على مليون لاجئ من العراق في سورية، ونصف مليون آخر من المرحلين الفلسطينيين.

"إنه جوار صعب،" تعترف أسماء الأسد.

إنه كذلك جوار قريب بشكل مبهج من فجر الحضارة، حيث بدأت الزراعة في وقت ما قبل 10آلاف سنة، وحيث تم اختراع العجلة، والكتابة، والرموز الموسيقية. هناك في الصحراء تقع آثار بالميرا، وأفاميا، وإيبلا. في المتحف الوطني ترى ألواحا عمرها 4000آلاف عام مزين بالصدف والتي ترى صدى لها في الأثاث الحديث الذي يباع في السوق. لقد جاء لوبوتون المسيحي لشراء قماش الحرير الأحمر المطرز الذي كانوا يصنعونه هنا منذ العصور الوسطى لحذائه وحقائبه، وبالمصادفة اشترى قصرا صغيرا في حلب، والتي، مثل دمشق، كانت مأهولة منذ أكثر من 5 آلاف عام.

تعمل السيدة الأولى من مبنى أبيض صغير في حي سكني حديث على تل، يدعى بحي المهاجرين، ويطل الجيران ويلوحون من الشرفات. أول انطباع تأخذه عن أسماء الأسد هو الحركة ـ لفاع محزوم يقطعه عبر الفضاء وميض حذاء أحمر عالي الساق.  عينان بنيتان غامقتان،وشعر بني متموج يصل طوله إلى الذقن، وعنق طويل، وجمال حيوي. بدون ساعة، بدون مجوهرات ما عدا من عقد من العقيق ماركة شانيل حول عنقها، ولا حتى خاتم زفاف، فقط أظافر مطلية بالأخضر المزرق. وهي مرحة،متآمرة، ومسلية. لهجتها إنجليزية ولكنها ليست رخيمة. وعلى الرغم مما ينبغي أنه معدل ذكاء قاتل، إلا أنها تستخدم أحيانا اختزالات مدنية: "لقد كنت، مثل..."

لقد ولدت أسماء الأخرس في لندن في عام 1975، الطفلة الكبرى والابنة الوحيدة لطبيب قلب سوري في هارلي ستريت وزوجته الديبلوماسية، وكلاهما مسلمان سنيان. يتحدثون العربية في المنزل. كبرت في إيلنج، وذهبت إلى كلية الملكة، وأمضت إجازاتها مع أسرتها في سورية. "لقد تعاملت مع الشعور بأن الناس لا يتوقعون أن تكون سورية طبيعية. لقد كنت أري أصدقائي في لندن صور عطلي الفوتوغرافية وكانوا يسألون ـ أين قلت أنك ذهبت؟

لقد درست علوم الحاسوب في الجامعة، ثم تحولت إلى العمل المصرفي. تقول: "لم يكن طريقا نموذجيا لامرأة،" ولكنني وجدته كله مرسوما." بحلول ربيع عام 2000، كانت تقوم بانهاء صفقة كبيرة في استخدام العمليات الحيوية في الصناعة في جي بي مورجان في لندن وفي طريقها لدراسة درجة الماجستير في هارفارد. وقد بدأت تواعد صديقا للعائلة: الابن الثاني للرئيس حافظ الأسد، بشار، والذي قطع دراساته لطب العيون في لندن في عام 1994 وعاد إلى سورية بعد أن توفي أخوه باسل، لقد والذي كان يبدو أنه  الوريث  للسلطة، في حادث سيارة. لقد عرفا بعضهما منذ زمن طويل، ولكن تغيرا مدته عشر سنوات يعني أن شيئا لم يتم التنسيق له ـ حتى حدث.

لقد كنت دائما جدية في العمل، وفجأة بدأت آخذ عطل نهاية الأسبوع، أو الاختفاء، فقط لم يكن الناس يستطيعون فهم ذلك، تشرح السيدة الأولى. "ما الذي ستقوله ـ أنا  أواعد ابن رئيس؟ إنك لا تقول هذا. ثم أصبح رئيسا، لذا حاولت إبقاء الأمر مكتوما."فجأة أصبحت أنعطف إلى سورية كل شهر، قائلة، جدتي، لقد اشتقت إليك كثيرا!" قدمت استقالتي في تشرين الثاني لأننا عرفنا حينها أننا سنتزوج في مرحلة ما. لم أستطع أن أقول لماذا كنت أغادر. وقد ظن مديري في العمل أنني كنت أعاني من انهيار عصبي لأن أحدا ما لا يقدم استقالته قبل شهرين من الحصول على المكافأة بعد انهائه جزءا كبيرا حقا. لم يكن يريد قبول استقالتي. وكان علي أن أبدو في صورة، "أرجوك، حقا، فقط أريد الخروج، لقد اكتفيت" وهو كأنه يقول، لا تقلقي، خذي بعض الوقت، ذلك يحدث لأفضل شخص منا." وقد غادرت دون أن تقبض مكافأتها في تشرين الثاني، وتزوجت بشار الأسد في كانون الأول.

ما كنت قادرة على أخذه من عمل  المصرف كان مهارات يمكن تحويلها ـ التفكير القابل للتحليل، فهم جانب العمل المتعلق بإدارة شركة ـ لإدارة منظمة غير حكومية أو تجربة مشروع والإشراف عليه." تقوم بإدارة مكتبها كما لو كان عملا تجاريا، كراسي اجتماع بعد اجنماع، تبدأ بالعمل في السادسة صباحا في كثير من الأيام، ولا تتوقف أبدا من أجل الغداء، وتركض إلى البيت من أجل أطفالها في الرابعة. "إنه وقتي معهم، وأنا أنعشهم، غير مقيدين ـ أنا أحب ذلك. أنا أحبه حقا." طاقمها معتاد على تناول الطعام عندما يستطيعون. تقول: "لدي بطارية قابلة لإعادة الشحن،".

إن المهمة الأساسية للسيدة الأولى  والتي تبلغ من العمر 35 عاما هي تغيير طريقة تفكير ستة ملايين سوري أعمارهم تحت الثامنة عشرة، وتشجيعهم على الانخراط فيما تدعوه " مواطنة فعالة." "يتعلق الأمر بتحمل كل شخص مسؤولية مشتركة في تحريك هذه البلاد قدما، وبالتمكين في مجتمع مدني. جميعنا لدينا حصة في هذه البلاد؛ وستكون ما نصنعه منها."

في عام ال2005 قامت بتأسيس مسار، والذي تم بناؤه حول سلسلة من مراكز الاكتشاف حيث ينخرط الأطفال والبالغون الصغار الذين تتراوح أعمارهم ما بين الخامسة والواحدة والعشرين في مقاربات إبداعية، وغير رسمية تجاه مسؤولية المواطنة. لقد تواصل نادي مسار الأخضر المتحرك مع مئتي ألف طفل عبر سورية منذ ال2005. ويتم تمويل المؤسسة بشكل خاص عبر التبرعات. الشركة السورية للتنمية، والتي أنشئت في عام 2007، تشرف على مسار كما تشرف على أول منظمة غير حكومية لها، جمعية القروض الريفية الصغيرة (فردوس)، و(شباب)، والتي تم إيجادها لتمنح الشباب مهارات العمل التي يحتاجونها للمستقبل.

وثم هناك رسالتها الثقافية: تقول: "يميل الناس لرؤية سورية كصناعة وتاريخ،" "بالنسبة لنا يدور الأمر حول تراكم الثقافات، والتقاليد، والقيم، والعادات. إنه الفرق ما بين قطع الحاسوب المعدنية وبرمجيات الحاسوب: الصناعة هي قطح جهاز الحاسوب، ولكن البرمجيات تشكل كل الفرق ـ العادات وروح الانفتاح. علينا أن نكون متأكدين من أننا لن نفقد هذا..." وهنا تبتسم ابتسامة اعتذارية. "عليك أن تعذرني، ولكنني مصرفية ـ هذه علامة جوهرية."

العلامة الجوهرية تشمل الماضي البعيد. هناك خمسمائة ألف من الأعمال القديمة الفنية مخبأة في التخزين؛ وقد أحضرت أسماء الأسد (اللوفر) ليقوم بإنشاء شبكة من المتاحف وأماكن الجذب الثقافية عبر سورية، وطلبت من خبراء إيطاليين المساعدة في إنشاء قاعدة بيانات عن المواقع الأثرية الخمسة آلاف في الصحراء. "الثقافة،" كما تقول، "كأصول مالية. لدينا وفرة منها، آلاف السنوات من التاريخ، ولكننا لا نستطيع أن نكون راضين عن انفسنا."

في كانون الأول، كانت أسماء الأسد في باريس لمناقشة تحالفها مع اللوفر. لقد أثارت إعجاب جمهور فرنسي صعب في المعهد الديبلوماسي الدولي، وتحدثت دونما ملاحظات مكتوبة. " لا أحاول الباس الثقافة باعتبارها أي شيء آخر غير ما هي عليه،" قالت هي، "وإذا ما بدوت وكأنني أتكلم السياسة، فإن ذلك بسبب أننا نعيش في منطقة مسيسة، وزمن مسيس، ونحن متأثرون بذلك."

وقد كان السفير الفرنسي في سورية، إريك تشيفالير هناك: " لقد استطاعت أن تحمل الناس على الأخذ بالاعتبار إمكانيات دولة تقوم بتحديث نفسها، إن ذلك يشبه علمانية متسامحة في منطقة قابلة للتفجر، مع كون المتطرفين والراديكاليين يضغطون من كل جانب ـ وقوة القيادة لكل هذا تقع إلى درجة كبيرة على كتفي زوج واحد. آمل أن يقوما بالخيارات الصحيحة للبلاد وللمنطقة."

 

تستدعي دمشق إلى الذاكرة (صورة) نسخة معفرة لبلدة متوسطية على تل، في بلد من المعسكر الشرقي. ساحة المسجد الأموي في الليل تبدو تماما مثل ساحة القديس مارك في البندقية. في بداية وصولي، التقيت على المدرج بحارس، والذي أعطاني باقة من الزهور البيضاء وزودني بتليفون خليوي سوري؛وقد انضم إلينا الحارس الرئيس، والذي هو  شخصية بارزة في العلاقات العامة الأمريكية، في اليوم التالي. وقد وفر مكتب السيدة الأولى لنا السائقين، لذا فقد قمت بالتسوق ورؤية المعالم في فقاعة من الراحة والضيافة. في المناسبات النادرة التي خرجت فيها وحدي، بدا أن سلسلة عشوائية من الرجال ذوي الجاكيتات الجلدية يراقبون بعناية وتدقيق ما أقوم بعمله والأماكن التي أتوجه إليها.

 

أحب الأشياء التي أستطيع لمسها. أحب أن أخرج وألتقي بالناس وأقوم بعمل الأشياء،" تقول السيدة الأولى بينما كنا ننطلق لحضور اجتماع في متحف والقيام بزيارة دار أيتام. " كمصرفي، عليك أن تركز كثيرا على العمل الذي في يدك لدرجة أنك تفقد الخبرة بالعالم من حولك. لقد أعاد إلي زوجي شيئا فقدته."

تنزلق وراء عجلة قيادة سيارة بسيطة، مزودة براديو صغير يستقبل ويرسل وجهازها الخليوي ملقى بين المقاعد الأمامية مع حقيبة حرير سورية في الأعلى. وهي تقوم بما يقوم به المحليون ـ تنحرف لتتجنب الرجال المجانين الذين يسيرون عبر الطرق السريعة المزدحمة، تتفقد دورها، تأكد من حزام الأمان، تحدد الاتجاهات، وثم لا تستطيع إيجاد مكان للوقوف، وعندما يوقفها شرطي مرور سوري عند طريق ملتوية، تخفض النافذة الملونة وتخرج رأسها بابتسامة مرحة. تنتقل عينا الشرطي من الفتحة إلى ما وراءها.

أخوها الأصغر فراس، والذي هو جراح انتقل إلى سورية ليبدأ مجموعة عناية صحية خاصة، يقول، "ذكاؤها يشمل كلا من الذكاء الفكري والعاطفي، وهي معلمة في إيجاد التناغم متى، وماهو القدر المطلوب، لاستخدام أي منهما.

في دار أيتام القديس باول، والذي تحافظ عليه بطريركية الكاثوليك الملكاتية اليونانية وتدار من قبل أخوات الباسيليان في حلب، جلست أسماء إلى طاولة طويلة مع الأطفال. وكان هناك صبيان صغيران يرتديان نظارتين جديدتين ومعطفين سميكين يطلق على كل منهما إسم يوسف. سألت عن نوع الموسيقى التي يحبون سماعها. "موسيقى حزينة،" قال أحدهم. وفي الغرفة التي أمرت بتركيب اثني عشر حاسوبا فيها، قالت السيدة الأولى للراهبة، "آمل أنك تسمحين للأطفال الأصغر سنا هنا باللعب كما يشاؤون على الحواسيب." انتفضت الراهبة: "يخشى الأطفال أن يتعلموا في حال أنهم لم يستطيعوا الوصول إلى حواسيب عندما يتركون المكان هنا،" قالت هي.

في الساحة إلى جوار الحائط  الذي هرب القديس باول بالنزول عليه في سلة منذ ألفي عام، تقف شجرة قديمة تحمل ثمارا ضخمة صفراء لم أرها من قبل أبد. الأترج.

 

بالعودة إلى السيارة، سألت عن ديانة الأيتام. " ليس الأمر ذا صلة،" قالت أسماء الأسد. " دعني أحاول أن أشرح لك. هذه الكنيسة هي جزء من تراثي لأنها كنيسة سورية. والمسجد الأموي هو ثالث أهم موقع إسلامي، ولكن في قلب المسجد هناك قبر القديس جون المعمدان. جميعنا نركع في المسجد أمام قبر القديس جون المعمدان.هكذا تتعايش الأديان مع بعضها في سورية ـ وهي طريقة لم أر لها مثيلا أبدا في أي مكان في العالم. نحن نعيش جنبا إلى جنب، وقد فعلنا ذلك تاريخيا. كل الديانات والثقافات التي عبرت خلال هذه الأراضي ـ الأرمينية، والإسلام، والمسيحية، والأمويون، والعثمانيون ـ تصيغ من  هي أنا."

" هل يتضمن ذلك اليهود؟" سألت أنا.

"واليهود،" تجيب هي. "هناك حارة يهود كبيرة جدا في دمشق القديمة."

حارة اليهود في دمشق تغطي بضعة مباني في المدينة القديمة والتي تم إخلاؤها في عام 1992، عندما غادر معظم اليهود السوريون. لقد ختمت أبوابهم ولم يتم المس بها، لأنه، وكما يحب الناس أن يخبروك، فإن السوريون لا يمسون ممتلكات الآخرين, الزجاج المكسور والطوابق العليا الضعيفة تروي قصة لا تفهمها ـ هل سيعود المالكون ليطالبوا بها يوما ما؟

 

تعيش العائلة الرئاسية محاطة بالجيران في شقة حديثة في المالكي. يوم الجمعة، والذي هو يوم راحة المسلمين، تفتح أسماء الأسد الباب بنفسها وهي ترتدي الجينز وحذاء قماشي مدبب، وشعرها مربوط كذيل الفرس، وكلمة (سعادة) مكتوبة على ظهر قميصها. وأسفل الدرج يقف الرئيس والذي هو خارج وقت العمل، بالجينز ـ طويل، طويل العنق، بعينين زرقاوين. رجل دقيق يلتقط الصور ويتحدث بشغف عن أول جهاز كمبيوتر، ويقول أنه انجذب إلى دراسة جراحة العيون " لأنه علم دقيق للغاية، وهي في الغالب لا تكون أبدا حالة طارئة، ويكون فيها القليل جدا من الدماء."

 

لقد أعيد ترتيب شقة أسرة الأسد القديمة إلى طابق غرفة لعب صديقة للأطفال ثلاثية الأرضيات محاطة بنوافذ ضخمة من ثلاث جهات. مع عدم وجود لا ظلال ولا ستائر، أصبحت كبركة سمك. تحب أسماء الأسد أن تقول، إنكم آمنون لأنكم محاطون بأناس سيبقونكم آمنين." يظهر الجيران، يقومون بزيارة غير متوقعة، يعلقون على الأثاث. الرئيس لا يمانع: "هذا الفضول جيد: إنهم يأتون لرؤيتك، ويعرفون المزيد عنك. أنت لا تعزلين نفسك."

كانت هناك شجرة كريسماس مزينة. وكانت زين ذات السبع سنوات  تشاهد أليس في بلاد العجائب لتيم بيرسون على آي ماك الرئيس؛ في حين كان أخوها كريم يقوم ببناء سمكة قرش من قطع ليجو؛ في الوقت الذي كان فيه حافظ ذي التسع سنوات يجرب آلة الكمان الكهربائية الجديدة خاصته. يذهب ثلاثتهم إلى مدارس المونتيسوري. وكانت أسماء الأسد تفرغ صندوقا من مزيج البيض والجبن في قدر للغداء. وتسير أمور البيت وفق مبادىء ديمقراطية إلى درجة كبيرة. "نقوم جميعا بالتصويت على ما نريده، وأين،" قالت هي. الثريا المعلقة فوق طاولة الغداء مصنوعة من كتب هزلية مقصوصة. "لقد فازوا علينا بنسبة ثلاثة أصوات إلى صوتين على هذا."

لقد تم رسم جدول على لوح، مع إشارات صح لكل فرد من العائلة. " كنا نواجه مشكلة مع الأدب، لذا وضعنا مخططا: إشارة صح عندما يتحدثون عندما يجب أن يتحدثوا، وإشارة إكس إذا لم يفعلوا." كانت هناك إشارة إكس إلى جانب اسم اسماء. "لقد صرخت،" اعترفت هي. "لا أستطيع الحديث عن تمكين الشباب، وتشجيعهم ليكونوا مبدعين ويتحملوا امسؤولية، إذا لم أكن كذلك مع أطفالي أنا."

 

التحدي الأول أمامنا كان، من الذي سيحدد حياتنا، نحن أم المركز؟" قال الرئيس. "لقد أردنا بصدق أن نعيش هوياتنا."

لقد أعلنا  زواجهما في كانون ثاني، 2001،بعد الاحتفال، والذي أبقياه حفلا خاصا. لم تكن هناك صور لأسماء وكان ذلك متعمدا. "لقد تحدث الإعلام البريطاني عن ذلك: لقد انتقلت الآن إلى القصر الرئاسي، ولن تتم رؤيتها مرة أخرى أبدا!" قالت أسماء وهي تضحك.

إن لديهم سببا: "فقد أمضت فترة ثلاثة أشهر باسم مستعار،" قال الرئيس. "قبل أن أتم أي ارتباط رسمي،" قالت السيدة الأولى، "ذهبت إلى 300 قرية ، كل محافظة، ومستشفيات، ومزارع، ومدارس، ومصانع، بإمكانك تسميتها ـ رأيت كل شيء حتى أجد أين بإمكاني ان أكون فعالة. في معظم الوقت كنت "مساعدة" شخص ما أحمل الحقيبة، وأقوم بهذا وذلك، وآخذ الملاحظات. لم يسألني أحد إذا ما كنت السيدة الأولى، فلم تكن لديهم فكرة."

"بهذه الطريقة،" يضيف الرئيس، "بدأت أول منظمة غير حكومية لها حتى قبل أن تتم رؤيتها باعتبارها زوجتي. ثم بدأت بتعليم الناس بأن المنظمات الغير حكومية ليست عملا خيريا."

لا يؤمن أي منهم بالخير في سبيل الخير. " نحن لدينا اللاجئين العراقيين،" يقول الرئيس. " "يتحدث الجميع عن الأمر كأنه مشكلة سياسية أو كمساعدة حكومية، أو كعمل خيري. وأنا أقول أنه ليس شيئا من هذا ـ إن الأمر يتعلق بالفلسفة الثقافية. إن علينا مساعدتهم. ولهذا كان أول ما فعلته أنني سمحت للعراقيين أن يذهبوا إلى المدارس. فإذا لم يحصلوا على تعليم، فإنهم سيعودون كقنبلة، في كل اتجاه: الإرهاب، والتطرف، ومروجي مخدرات، والجريمة. إذا ما كان لدي جار علماني متوازن، سأكون في مأمن."

عندما أتت إنجلينا جولي مع براد بت من أجل الأمم المتحدة في ال2009، تأثرت بجهود السيدة الأولى لتشجيع  منح النفوذ ما بين اللاجئين العراقيين والفلسطينيين ولكنها ارتاعت لفكرة الزوجين الأسد عن السلامة.

 

"كان زوجي يأخذنا بالسيارة إلى الغداء،" قالت أسماء الأسد، "ومن زاوية عيني استطعت رؤية براد بت يتململ. التفت وسألته، هل هناك شيء خطأ؟"

"أين أمنك؟" سأل بت

لذا بدأت في مضايقته ـ " هل ترى تلك المرأة المسنة في الشارع؟ إنها واحة منهم! وهذا الرجل المسن الذي يقطع الطريق؟

هذا هو الشخص الآخر!" كلاهما يضحكان.

يشارك الرئيس في النكتة:

"لقد أراد براد بت إرسال حراسه الأمنيين إلى هنا ليأتوا ويحصلوا على بعض التدريب.!"

بعد الغداء قادت أسماء الأسد (سيارتها) إلى المطار، حيث كانت طائرة فالكون 900 تنتظر لتأخذها إلى (مسار) في اللاذقية، على الساحل. عندما هبطت، قفزت إلى ما وراء عجلة سيارة أخرى تنتظر على المدرج. لقد كان هذا النوع من الزيارات المفاجئة هو ما تتخصص فيه، ولكن لم يكن لديها أي فكرة عن عدد الأطفال الذين سيظهرون في المركز الاجتماعي في يوم جمعة ماطر. كما تبين لاحقا، كان المركز ممتلئا. فبما أن أول رمز موسيقي قد تم اكتشافه في مكان قريب، في أوغاريت،فقد تم بناء مركز مسار الناصع في اللاذقية حول الموسيقى. يزدحم الأطفال المحليون في حجيرة للصوت؛ وتقوم مجموعة من الفتيات الفلسطينيات اللاجئات بالعزف على الأدوات الموسيقية. لعب آخرون الشطرنج على جدار يحمل حواسيب. لقد أنشأ هؤلاء الأطفال بنوك دم أون لاين، وأداروا ماراثونات لجمع المال من أجل أجهزة تنقية الدم، وهم يعملون للتوصل إلى طرق لتخليص اللاذقية من الأكياس البلاستيكية. وفيما عدا قلة من الفتيات اللواتي يرتدين الإشاربات، فإنك لا تستطيع تمييز المسلمين من المسيحيين.

 

وقفت أسماء الأسد لتراقب نقاشا جديا حول كيفية كتابة التهجئة العربية للكلمة سورية وما إذا كان يجب إخضاعها لمعيار محدد. ثم قامت برمي كرة منحنية. "لقد قدمت إلي نصيحة بأن علينا أن نغلق هذا المركز لفتح مركز آخر في مكان آخر،" قالت هي. بقيت أفواه الأطفال مفتوحة. بعضهم حبس دموعه. وآخرون كانوا غاضبين. واختار أحدهم أن يتحلى بالإيثار: "لا بأس. نحن نعرف كيف نفعل ذلك الآن؛ سنساعدهم."

ثم أعلنت السيدة الأولى، "أن ذلك لم يكن صحيحا. لقد أردت فقط أن أرى مدى اهتمامكم بمسار."

وبينما كان الطيار يتجنب البرق الصفيحي بخبرة فوق الصحراء المرقطة بالثلج في طريق عودته، شرحت، "لقد كان هناك شيء من الرسمية فيما كانوا يقولونه لي؛ لم يكن حقيقيا. خدع كهذه تساعدـ إنهم يصبحون أحياء، إنهم يصبحون متعاطفين. إننا في حاجة لتجاوز الرسميات إذا ما أردنا إنجاز أي شيء."

بعد ليلتين يحين وقت حفلة الكريسماس السنوية والتي يقدمها أطفال جوقة الفرح، والتي يديرها الأب الكاثوليكي السوري إلياس زحلاوي. قبل أن تبدأ تماما ينسل بشار وأسماء الأسد إلى الممشى ويجلسون على المقعدين الفارغين في الصف الأول. يصفق الناس وينادي(ه) بعضهم بلقبه:

"دكتور! دكتور!" (بالفرنسية)

مع مئتي طفل تم إلباسهم بشكل متنوع كأقزام، وغزلان، أو كعلب حلوى والذين شاركوا المسرح مع أعضاء من الأوركسترا الوطنية، والذين تنكروا كأقزام. أصبح العرض ممتلئا بالأغاني المهرجانية، مع الأقزام والغزلان وعلب الحلوى وهم يمنحون كل ما لديهم ل "هليلوجاه" و "المسرة للعالم."تتحول الأغنية إلى لحن أكثر حركة، ومن ثم تتسلم العزف فرقة  راب عربية، ومن ثم تعود إلى طريقة برودواي.يهمس الرئيس،"كل هذه الأساليب تنتمي إلى ثقافتنا. هذه هي الطريقة التي تحارب بها التطرف ـ عن طريق الفن."

يتم توزيع أجراس نحاسية. والآن ها نحن جميعا نغني أغنية "جلجل أيها الجرس الحجري،" ويقوم 1331من الجمهور بهز أجراسهم، ويغنون، ويصرخون، ويضحكون.

"هذا هو التغيير الذي تريد رؤيته في الشرق الأوسط،" يقول الرئيس، يرن جرسه.

"هكذا تحصل على السلام!"

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً

 


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ