ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الاثنين 25/04/2011


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

 

سحب متجمعة على أسد سورية

الكاتب: محمد بازي

زميل كبير مساعد في (الدراسات الشرق أوسطية)

18، نيسان، 2011

ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي

الرئيس السوري بشار الأسد يواجه التحدي الأكثر خطورة للنظام البعثي منذ عقد الثمانينيات. إن قوات الأسد الأمنية لم تكن قادرة على قمع موجة من التظاهرات التي بدأت الشهر الفائت في محافظة درعا الجنوبية وانتشرت منذ ذلك الحين عبر البلاد. في 15 أبريل، شهدت سورية المظاهرات الأوسع مع ذلك، حيث خرج عشرات الآلاف من المتظاهرين في مسيرات من عدة ضواحي إلى وسط دمشق.

مبدئيا استجاب الأسد لتظاهرات البلاد بإجراءات عنيفة وتنازلات رمزية.. مثل تعيين حكومة جديدة.. والتي فشلت في تهدئة السوريين الساعين إلى تغيير مؤثر بعد واحد وأربعين عاما من الحكم الاستبدادي من قبل عائلة الأسد. في 16 أبريل، وعد الأسد برفع حالة الطوارئ الموجودة منذ 1963 والتي تضمن سلطة عريضة للقوات الأمنية. ولكن التظاهرات اندلعت مرة ثانية في اليوم التالي، في الوقت الذي خرج فيه الآلاف إلى الشوارع عبر سورية وهم يهتفون:"الشعب يريد إسقاط بشار.!"

يتمتع الأسد بدعم شعبي أكبر مما يتمتع به الحكام الشرق أوسطيون الآخرون والذين تم خلعهم في الثورات الأخيرة،  مثل الزعيم التونسي زين العابدين بن علي والرئيس حسني مبارك ولكنه يبدد هذا الرأسمال السياسي في الوقت الذي تزداد فيه إجراءاته المشددة ويستمر في تجاهل الحاجة إلى تغير أساسي. في خطابه في 16 نيسان، حاول الأسد أن يعزف لحنا توفيقيا بعد خطاب سابق رد فيه الناشطين المؤيدين للديمقراطية باعتبارهم "ساذجين" أو مخربين في مؤامرة يتم تدبيرها في الخفاء من قبل "عملاء خارجيين" لإضعاف سورية. بعيدا عن تعهداته بإبطال قانون الطوارئ خلال أيام، فقد تعهد بمحاربة الفساد، وتخفيض (نسبة) البطالة، و"بدراسة" قوانين جديدة والتي ستسمح بتشكيل أحزاب سياسية وتضمن الحق في التجمع السلمي. ولكن إبطال قانون الطوارئ سيكون له تأثير ضئيل لتقييد قوى الوكالات الأمنية المختلفة لأن سورية لديها قوانين أخرى تضمن الحصانة لأعضاء البوليس السري من أي جريمة فعلية يتم ارتكابها على طريق الواجب.    

لقد حذر الأسد كذلك من أن هذه التنازلات ستتبعها إجراءات مشددة. وما إن تتم هذه التغييرات، كما قال، "فلن يكون هناك حاجة لتنظيم تظاهرات في سورية." وقد أضاف بشكل منذر بالسوء بأن الحكومة لن تتسامح مع أي عمل تخريبي." هذه الإجراءات لم تهدئ المتظاهرين لأن الأسد فشل في حلحلة احتكار حزب البعث للسلطة. في رفضه للقيام بتنازلات أساسية، يعتمد الأسد على تكتيك تعلمه من والده: النظام السوري لا يتجاوب مع الضغط، سواء كان خارجيا أو داخليا، وقد خدمه هذا المبدأ بشكل جيد في أوقات الأزمة. وفي الوقت الذي نجحت فيه هذه المقاربة مع حافظ الأسد خلال العقود الثلاثة التي حكم فيها سورية، فمن غير المرجح أن تنجح على المدى الطويل مع ابنه، في الوقت الذي يواجه فيه نوعا مختلفا وغير مسبوق من الضغط المتجذر في المظالم الشعبية العميقة.

ما يزال الكثير من السنيين العلمانيين، خصوصا في دمشق، على خط الحياد. إذا ما خرج هؤلاء السنيون إلى الشوارع في تظاهرات مساندة واسعة النطاق، عندها ستواجه حكومة الأسد خطرا مهلكا.

لقد أظهر الاضطراب إشارة ضئيلة على كونه آخذ في التناقص. فعبر الأسبوع الفائت، انتشرت التظاهرات إلى عدة محافظات ساحلية، وإلى دمشق ،وحلب.. وهي إحدى أكبر المدن السورية والتي كانت ذات مرة مركز مقاومة لحزب البعث. ويقدر ناشطو حقوق الإنسان أن ما يزيد على مئتي متظاهر قد قتلوا وتم اعتقال المئات منذ بدء التظاهرات في درعا، وهي محافظة سنية تقع قرب الحدود مع الأردن والتي كانت قد عانت من إهمال اقتصادي من قبل الحكومة المركزية.

إنه لمن المشكل بشكل خاص للأسد أن الاضطراب بدأ في المناطق السنية والتي تدعم حزب البعث تقليديا وقد قدمت مجندين للجيش السوري. في 6آذار، اعتقل البوليس خمسة عشر مراهقا والذين كتبوا على الجدران كتابات معادية للحكومة على عدة مبان في درعا. وقد أطلقت الاعتقالات تظاهرات واسعة، أدت إلى صدامات مع القوات الأمنية، وعشرات من الإصابات. لقد فشل الأسد ومستشاروه  في ردة الفعل الأولية: فقد أخفق الرئيس في تقديم تعازيه  إلى أسر أولئك الذين قتلوا أو في زيارة المحافظة، مما أطلق جولة جديدة من التظاهرات التي انتشرت إلى المناطق الأخرى. وفي الوقت الذي تكثفت فيه الإجراءات المشددة، شحذ المتظاهرون خطابهم من المطالبة ب "الحرية" و "الكرامة" .. ووضع نهاية للإساءات (المرتكبة) من قبل القوات الأمنية.. إلى دعوات بالإطاحة بالرئيس الأسد.

 

إن هدف الأسد الرئيسي هو حفظ  حكم نظامه العلوي في بلاد يهيمن عليها السنة. (العلويون، والذين يشكلون ما نسبته 12% من سكان سورية، وهم فرع من الإسلام الشيعي.) خلافا للثورات في كل من تونس ومصر، من غير المرجح أن الجيش السوري سيتخلى عن الأسد. فمعظم جنرالات البلد والمسؤولين الأمنيين ذوي المراتب العليا هم من العلويين، ونجاحهم مرتبط باستمرار الأسد. سورية كذلك وطن لأقليات من النصارى، والدروز والشيعة.. والذين يشكلون ما نسبته 15% من السكان...ويميلون إلى دعم النظام العلوي. إلى جانب العديد من السنيين العلمانيين، تنظر الأقليات إلى الأسد باعتباره مصدرا للاستقرار، ويخشون من أن سقوطه قد يتسبب بحدوث حرب أهلية.

 إن النظام البعثي لديه تاريخ من استخدام العنف المتطرف لقمع المعارضة. في عام 1982، عندما قام الإخوان المسلمون بتنفيذ هجمات ضد أهداف عسكرية ومدنية في عدة مدن، أرسل حافظ أسد  جنودا إلى مدينة حماة لإخماد ثورة إسلاموية. وقامت قوات الأسد بتسوية أجزاء من المدينة بالأرض، متسببة بقتل ما يقدر بعشرين ألف شخص. منذ ذلك الحين، أصبحت العضوية في الإخوان المسلمين معاقبا عليها بالموت.

وفي حين أن موجة التظاهرات الحالية قد ألهمت بشكل جزئي من قبل الدعاة السنيين في بعض المدن والمحافظات، فإن سورية لا تواجه ثورة إسلامية أخرى. مثل الثورات الأخرى في العالم العربي، فإن التظاهرات الأكبر قد جرت أحداثها بعد صلاة الجمعة. ولكن العديد من السنيين العلمانيين، وخصوصا في دمشق، ما يزالون يلتزمون خط الحياد. وإذا ما خرج هؤلاء السنيون إلى الشوارع في تظاهرات مساندة، على نطاق واسع، فإن حكومة الأسد ستواجه حينها خطرا مميتا.

بالنسبة لبلد فقير بالنفط ذي نفوذ اقتصادي ضئيل، يستمد النظام السوري قوته من

قواه الإستراتيجية ومن تغذية التحالفات. لقد لعبت سورية دور مفسد إقليمي وحامل نموذجي للقومية العربية منذ 1970، عندما صعد الرئيس حافظ الأسد إلى السلطة بانقلاب عسكري. لقد أجاد فن تبديل التحالفات، وإثارة المشاكل في البلدان المجاورة، وإبقاء أعدائه متورطين في معارك مكلفة.

عندما مات حافظ في ال2000 وخلفه بشار، اعتقد الكثيرون أن طبيب العيون المهذب لن يستطيع أبدا موازنة الأوراق الإقليمية بأستاذية كما كان والده. ولكن من الواضح أن الأسد الصغير قد كبر بارتياح إلى دور الرجل القوي الذي يتوجب عليه التكيف مع حقائق شرق أوسط متغير.

لم يكن لدى الأسد الكثير من الوقت للتحكم بالمتغيرات الإقليمية قبل أن يواجه تحديا خارجيا خطيرا. بعد اجتياح العراق في ال2003، حولت إدارة بوش انتباهها إلى دمشق باعتبارها مرشحا آخر "لتغيير النظام." لقد تدخلت سورية في العراق، وتعهدت  ميليشيات فلسطينية معارضة للسلام مع إسرائيل، وهيمنت على جارتها الأصغر لبنان. بحلول ال2009، انتظر الأسد لإدارة بوش وكان يناور لإخراج نفسه من العزل الدولي. في نفس الوقت الذي كان يقوم فيه بالاتصال بالسعودية العربية وقوى عربية أخرى، احتفظ الأسد بعلاقته مع إيران وحلفائها في المنطقة: حزب الله، وحماس، والفصائل العراقية الشيعية. هذه التحركات كلها مثال متعارف (كلاسيكي) عن فن الحكم الممارس من قبل الرئيس حافظ الأسد.

لقد تعامل الأسد الصغير مع الضغط الخارجي على سورية، مطبقا الدروس التي تعلمها من سياسة والده الخارجية. ولكن اليوم، لا يستطيع الانحناء وانتظار مرور  عاصفة التظاهرات. لتجنب حدوث سفك كبير للدماء، يتوجب على الأسد أن يتحرك إلى ما وراء وسائل البقاء والمواهب السياسية لوالده.

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً

 


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ