ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 17/11/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

هكذا دمرت إسرائيل مفاعل الكبر النووي السوري

بقلم: إيريك فورث & هولغر ستارك - دير شبيغل الألمانية

2/11/2009  

ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي

في سبتمبر 2007 دمرت الطائرات الحربية الإسرائيلية منشأة في الصحراء السورية. كان من الممكن أن يؤدي الحادث إلى الحرب, و لكن التكتم كان سيد الموقف من جميع الأطراف. ترى هل كانت تلك المنشأة مفاعلا نوويا و من أعطى الأوامر بتدمير المفاعل….

إن نهر الفرات العظيم يشكل موضوعا للنبوءات في الكتاب المقدس, حيث كتب فيه أن النهر سوف يشهد معركة هرمجدون: " ثم سكب الملاك السادس جامه على النهر الكبير ـ الفرات ـ فنشف ماؤه لكي يُعدَّ طريق الملوك..." *

و اليوم يبدو أن الزمان يقف على ضفاف النهر. إن المياه الفيروزية للفرات تتدفق ببطء خلال مدينة دير الزور شمال مدينة حلب, حيث يترجم معنى المدينة إلى " دير الغابة". إن المزارعين لا زالوا في حقولهم كما يقوم الباعة ببيع البطانيات المصنوعة من وبر الجمال و يمكنك أن ترى الهال و الكزبرة في أسواق المدينة. يقوم أحيانا علماء الآثار بزيارة المنطقة من أجل التنقيب عن بقايا المدن القديمة في المنطقة المحيطة, حيث أن الشعوب قد تركت الكثير من العلامات الدالة عليها هناك, الباراثيون و الساسانيون و الرومان و اليهود و العثمانيون، و الفرنسيون الذين انتدبوا على سوريا من قبل عصبة الأمم و قاموا بسحب قواتهم في العام 1946 فقط. تعتبر دير الزور آخر محطة قبل الدخول إلى الصحراء الواسعة غير المأهولة ذات الجبال المتعرجة و الوديان التي يتعذر الوصول إليها و التي تبدأ غير بعيدة عن مركز المدينة.

و لكن في إحدى الليالي قبل سنتين, حدث شيء دراماتيكي في هذا المكان الهادئ. إنه حدث يتهامس به المحليون على المقاهي على طول النهر, و ذلك عندما يعلو صوت المياه و يتأكد السكان أنه ليس هناك أي مسئول يستمع لهم – إن الموضوع يعتبر من المحرمات في وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة, و هم يعرفون أن جلب الكثير من الانتباه لأنفسهم في هذه الدولة المستبدة يمكن أن يشكل خطرا على حياتهم.

البعض في دير الزور يتحدثون عن وميض قوي أضاء في الليل في الصحراء البعيدة. و يقول البعض إنهم رأوا عمودا ضخما من الدخان فوق الفرات, و كأنه أصبع يشير بالتهديد. البعض تحدث عن الموضوع بصورة غيبية إلهية, بينما أحال آخرون الموضوع إلى نظريات المؤامرة. الضيوف الأتقياء الأكبر سنا عند جسر الكبر و هو مطعم شعبي قرب الجسر المعلق في المدينة يعتقدون أن ما جرى كان علامة من السماء.

لقد طالت الشائعات ،بسبب ما، رآه الناس و ما لم يروه. و لكن حتى بالنسبة للعالم الغربي المفترض أنه متقدم, و مع ما لدى الدول من أحدث التكنولوجيا الخاصة بالمراقبة و الاتصال من خلال وسائل الاتصال المختلفة, فإنهم لا يملكون معلومات تفوق المعلومات التي يمتلكها السكان في المدينة الصحراوية. إن ما حدث في ليلة 6 سبتمبر 2007 في الصحراء على بعد 130 كلم عن الحدود العراقية, و 30 كلم من دير الزور هو من إحدى أكبر الألغاز في وقتنا الحالي.

 * " الحادثة لم تقع أبدا"

في الساعة 2:55 مساء ذلك اليوم, أوردت وكالة الأنباء السورية ( سانا) و مقرها دمشق أن الطائرات الإسرائيلية الحربية جاءت من البحر المتوسط و قامت بخرق المجال الجوي السوري في الساعة الواحدة صباحا تقريبا. و قد  نقلت سانا نقلا عن ناطق عسكري سوري أن "وحدات الدفاع الجوي قد قامت بالتصدي لها و أجبرتها على الرحيل بعد أن أسقطت بعض الذخائر في مناطق صحراوية دون أن تحدث أي ضرر مادي أو إنساني". ليس هناك أي توضيح عن سبب إخفاء مثل هذا الحادث الدراماتيكي لمدة نصف يوم.

في الساعة 6:46 مساء ذكرت الإذاعة الإسرائيلية نقلا عن متحدث إٍسرائيلي ما يلي :"إن هذا الحادث لم يقع أبدا". وفي الساعة 8:46 مساء قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية خلال إيجازه الصحفي اليومي أنه سمع فقط "تقارير ثانوية" تناقض بعضها البعض.

حتى اليوم, فإن سوريا و إسرائيل اللتين تعتبران فنيا في حالة حرب منذ ميلاد الدولة اليهودية عام 1948, تتبعان سياسة التقليل مما يعتبر و بشكل واضح عملا حربيا. تدريجيا فإنه أصبح من الواضح أن الطائرات المقاتلة لم تلق أي ذخائر عشوائية فوق مناطق غير مأهولة و فارغة في تلك الليلة من العام 2007, و لكنها في الواقع استهدفت و دمرت منشأة سورية سرية.

ترى هل كانت منشأة نووية كان العلماء على وشك أن يكملوا فيها صناعة القنبلة؟ هل كان الخبراء الكوريون الشماليون و حتى الإيرانيون أيضا يعملون على هذه المنشأة السرية السورية؟ كيف و متى علمت إسرائيل عن المشروع, و لماذا أقدموا على مغامرة بهذا الحجم من أجل القيام بعمليتهم السرية هذه؟ و هل كان يعني  تدمير منشأة (الكبر) تحذيرا نهائيا للإيرانيين, أم أنها تجربة كان تهدف من خلالها إظهار ما يخطط له الإسرائيليون إذا استمرت طهران في البرنامج النووي المشبوه؟

في الشهور الأخيرة, قامت دير شبيغل بالحديث مع سياسيين و خبراء حول الحادث الغامض في الصحراء السورية, من ضمنهم الرئيس السوري بشار الأسد و القيادي السابق في المخابرات الإسرائيلية رونين بيرغمان و مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي و الخبير النووي الأمريكي البارز دافيد ألبرايت. كما أن دير شبيغل قامت بالحديث مع أشخاص منخرطين في العملية, وافقوا الآن فقط على كشف ما يعرفونه دون ذكر أسمائهم.

لقد أدت هذه الجهود إلى نتيجة مفادها؛ أنه و على الرغم من أن اللغز لم يحل بشكل كامل, إلا أنه وعلى الأقل تم جمع العديد من قطع اللغز. كما أن هذه المقابلات قدمت تقديرا حول العملية التي غيرت الشرق الأوسط و أدت إلى إحداث موجات من الصدمة لا زال يمكن الشعور بها حتى اليوم.

الجزء الثاني: الرئيس السوري المتقلب:

تل أبيب, نهاية 2001. مجموعة غامضة من البيوت تقع داخل منطقة مليئة بأشجار الكينا  تمثل رئاسة المخابرات الإسرائيلية الأسطورية الخارجية, "الموساد". و يقع في حديقة صغيرة في الموقع نصب تذكاري للعملاء الذين ماتوا في عمليات كوماندوز خلف خطوط العدو . إن هناك ما يزيد فعلا عن 400 إسم منقوشة على الرخام الرمادي وهناك متسع لعدة أسماء أخرى. و في المبنى الرئيس, فإن المحللين الاستخباراتيين يحاولون تجميع صورة للرئيس السوري الجديد.

في يوليو من العام 2000, خلف بشار الأسد والده الراحل حافظ الأسد. يعتقد الإسرائيليون أن الأسد الصغير وهو طبيب عيون تنقصه الخبرة السياسية و كان يعيش في لندن لعدة سنوات و يبلغ من العمر 34 عاما فقط عندما تولى الحكم, سوف يكون زعيما ضعيفا. و على خلاف والده,  الذي كان سياسيا واقعيا دون أي شك و كان يلقب "بالأسد" و كان على وشك أن يتوصل إلى صفقة مع الإسرائيليين حول مرتفعات الجولان في الشهور الأخيرة من حياته, فإن بشار يعتبر متقلبا و يصعب التنبؤ بحركاته.

و بحسب العملاء الإسرائيليين في دمشق, فإن الأسد الصغير كان يحاول ترسيخ سلطته من خلال تبني مواقف متطرفة و مثيرة للجدل. لقد قام بتزويد حزب الله المدعوم إيرانيا بكميات مهولة من الأسلحة, و ذلك من أجل "حرب الإستقلال" التي يخوضها ضد " النظام الصهيوني". و قد استقبل وفودا عالية المستوى من كوريا الشمالية. لقد كان الموساد مقتنعا أن موضوع هذه المحادثات السرية كان من أجل مزيد من التطوير لقدرات الجيش السوري. لقد ساعدت بيونغ يانغ سوريا بشكل فعلي في الماضي على تطوير صواريخ بالستية متوسطة المدى و أسلحة كيماوية مثل غاز السارين و الخردل. و لكن عندما أخبر رجال الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية نظراءهم في الموساد بأن البرنامج النووي السوري كان قيد النقاش, فإن الضالعين في الاستخبارات رفضوا هذا الأمر.

أسلحة نووية لدمشق, مصنع نووي حقيقي على أعتاب إسرائيل؟ بالنسبة للخبراء, فإن الأمر بدا بعيدا جدا.

إلى حانب هذا, فإن الأسد الأب كان قد رفض عرض عبد القدير خان " أبو القنبلة النووية الباكستانية" عندما حاول خان أن يبيعه أجهزة طرد مركزي من أجل تخصيب اليوارنيوم في السوق السوداء في بداية التسعينات.  كما كان الإسرائيليون على علم بأن الطريق إلى القنبلة أمر معقد جدا, و ذلك بعد أن أمضوا فترة طويلة من الزمن في الستينات من أجل الحصول على اليوارانيوم سرا و من ثم تطوير سلاح نووي في معاملهم السرية في بلدة ديمونة في صحراء النقب. كما أنهم اتخذوا إجراءات مشددة من أجل منع الدكتاتور العراقي الراحل صدام حسين من السير على خطاهم. في ليلة من ليالي يونيو 1981 قامت طائرات إسرائيلية من طراز إف 16 و في خرق للقانون الدولي بدخول المجالي الجوي العراقي و دمرت مفاعل الأزيرق النووي قرب بغداد.

* مرحلة مهمة:

لقد أجرى الإسرائيليون تجربة في التعامل مع الأسد "الصغير". ففي عام 2003 نفذت القوات الجوية ضربات جوية متعددة ضد مواقع على الحدود السورية, و في أكتوبر قامت الطائرات بطلعة جوية على علو منخفض فوق مقر إقامة الأسد في دمشق. لقد كان عرض قوة متغطرس حتى أن العديد من الأفراد داخل الموساد هزوا رؤسهم, متسائلين عن كيفية رد الأسد على مثل هذه المعاملة المهينة.

في ذلك الوقت,  و على الأرجح دخل المفاعل النووي على الفرات مرحلته الأولى الرئيسة. في ربيع 2004, رصدت وكالة الأمن القومي الأمريكي عددا من المكالمات الهاتفية المريبة ما بين سوريا و كوريا  الشمالية, مع وجود خط مشغول بشكل دائم ما بين بيونغ يانغ و مكان شمال الصحراء السورية يدعى " الكبر". هذا الملف الذي حصلت عليه الوكالة أرسل إلى الوحدة العسكرية الإسرائيلية "8200", المسئولة عن الاستطلاع الإذاعي و لديها لواقطها المنصوبة في تلال قرب تل أبيب. لقد تم "تعليم" موقع الكبر كما يقال في المصطلحات المخابراتية.

في نهاية 2006, قررت المخابرات العسكرية الإسرائيلية أن تطلب من البريطانيين رأيهم. و تقريبا في نفس الوقت الذي كان فيه الوفد القادم من تل أبيب يصل إلى لندن, وصل مسئول سوري رفيع المستوى إلى فندق في حي "كينسنغتون" الخاص في لندن. لقد كان خاضعا لمراقبة الموساد و تبين أنه كان مهملا جدا, حيث ترك جهاز الحاسوب الخاص به في غرفة الفندق عندما خرج منها. و قد استغل العملاء الإسرائيليون الفرصة من أجل وضع البرنامج الذي يطلق عليه "تروجان هورس" على الجهاز المحمول للمسئول السوري و الذي يمكن له أن يستخدم بشكل سري من أجل سرقة البيانات.

لقد كان القرص الصلب يحتوي على مخططات للبناء و رسائل و مئات الصور. إن الصور و التي تم الكشف عنها بشكل خاص, تظهر منشأة الكبر في مراحل متعددة في مسار تطورها. في البداية و لربما كان الأمر في العام 2002 و على الرغم من أن الصور لم تكن مؤرخة بدا موقع البناء و كأنه بيت مرفوع على شجرة على أساسات متينة, مع وجود أنابيب تخرج منه بصورة مشبوهة لتصل إلى محطة على الفرات. و تظهر الصور المتأخرة أرصفة و سقوف خراسانية بدا أن لديها مهمة واحدة و هي تعديل البناء لكي لا يثير الشبهة من الأعلى. و في النهاية, فإن المنظر جميعه بدا و كأنه علبة حذاء وضعت على شيء ما في محاولة لإخفائه. و لكن الصور من الداخل كشفت أن ما كان يجري في الموقع كان في الحقيقة و على الأرجح عملا على مواد انشطارية.

و أظهرت إحدى الصور آسيويا مرتديا بنطالا رياضيا أزرقا يقف بجانب شخص عربي. وقد حدد الموساد و بسرعة هوية الشخصين و هما "كون تشيبو" و " إبراهيم عثمان". و يعتبر كون أحد الأعضاء البارزين في برنامج كوريا الشمالية النووي, و هو خبير يعتقد أنه المهندس الرئيس الذي يقف خلف مفاعل بيونغ يانغ للبلاتينيوم. و أما عثمان فهو رئيس اللجنة السورية للطاقة الذرية.

لحد الآن, كان كل من المخابرات العسكرية الإسرائيلية و الموساد في حالة تأهب قصوى. و بعد أن تم إعلام رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أيهود أولمرت فقد تساءل :" هل يمكن أن يعمل المفاعل في وقت قريب, و هل هناك من حاجة لاتخاذ إجراءات سريعة؟" فجاوبه الخبراء بأن الإجابة صعبة. وقد طلب رئيس الوزراء مزيدا من المعلومات, و يفضل من المصدر مباشرة.

الجزء الثالث: السي آي أيه تمسك سمكة كبيرة:

اسطنبول, بيت السي آي أيه الآمن للمنشقين البارزين, فبراير 2007. جنرال إيراني يقرر تحويل جانبه. لقد كان سمكة كبيرة, و هو من النوع الذي يندر وقوعه في شبكات السي آي أيه و الموساد.

علي رضا أصغري, في ال 63 من عمره وهو رجل وسيم ذو شاربين كبيرين, و قد كان قائد الحرس الثوري الإيراني في لبنان في فترة الثمانينات و قد أصبح مساعدا لوزير الدفاع الإيراني في منتصف التسعينات. على الرغم من أنه كان محبوبا من الرئيس شبه الليبرالي محمد خاتمي, فإن الحظوة قد سقطت عن أصغري بعد النصر الذي حققه محمود أحمدي نجاد في الانتخابات عام 2005. و بسبب أنه وصم العديد من الرجال المقربين من محمود أحمدي نجاد بالفساد, فقد كان هناك أمر على المحك أكبر من وظيفته: لقد كانت حياته في خطر.

تدعي مصادر في المخابرات بأن انحياز أصغري نحو الغرب كان أمرا مخططا له بدقة خلال مدة من الشهور. على أية حال فقد أخبر أمير فرشاد إبراهيمي - و هو ملحق إعلامي إيراني سابق في بيروت هرب إلى برلين عام 2003 و كان يعرف أصغري شخصيا منذ سنوات عديدة- دير شبيغل بأن الجنرال قد اتصل به مرتين من أجل طلب المساعدة في الهرب, أولا من إيران في منتصف 2006 و من ثم من دمشق. و في الرواية التي أوردها إبراهيمي للأحداث, فإن الأصغري قد نجح في عبور الحدود نحو تركيا في الليل بمساعدة من أحد المهربين. ويقول إبراهيمي بأنه أشعر السي آي أيه بالأمر و أوصل زميله إلى الأمريكان بعد أن وصل أصغري إلى اسطنبول. 

و لكن منذ ذلك الحين, فإن مصادر رواية القصة قد اختلفت. لقد اكتشف الأمريكان و الإسرائيليون بسرعة بأن القادم من طهران هو منجم للمعلومات الاستخبارية. بالنسبة للإسرائيليين,  فإن الجزء الأكثر إلحاحا من قصة أصغري هو أنه كان على وشك الحديث عن برنامج إيران النووي. بحسب أصغري, فإن طهران كانت تبني منشأة سرية ثانية إضافة إلى  منشأة تخصيب اليورانيوم في ناتانز, و التي كانت معروفة فعلا بالنسبة للغرب. إلى جانب ذلك, فقد قال بأن إيران كانت تمول على ما يبدو مشروعا نوويا سريا للغاية في سوريا, و هو مشروع أطلق بالتعاون مع كوريا الشمالية. و لكن أصغري ادعى أنه لا يعرف أية تفاصيل إضافية حول هذه الخطة.

بعد أيام قليلة, تم نقل الجنرال جوا من اسطنبول, و ذلك لأنها اعتبرت غير آمنة نسبيا, إلى مكان آمن جدا في قاعدة راين ماين الجوية قرب فرانكفورت. و قد أخبر أصغري صديقة إبراهيمي الذي أوصله بالأمريكان بما يلي :" لقد أحضرت حاسوبي معي. إن حياتي كلها على ذلك الجهاز". و قد تواصل أصغري مع إيراهيمي لمرتين أخريين, و احدة من واشنطن و من ثم من مكان ما في تكساس. لقد أراد المنشق من صديقه أن يخبر زوجته بأنه في أيد آمنة. وقد أعلنت السلطات الإيرانية أن أصغري قد اختطف من قبل الموساد و تمت تصفيته. و لكن وبعد ذلك لم يسمع أي تفصيل إضافي من أصغري. لقد قامت السلطات الأمريكية على الأرجح بخلق هوية جديدة لهذا المصدر الإيراني رفيع المستوى. لقد زال علي رضا أصغري من الوجود.

* الحاجة إلى دعم الولايات المتحدة:

لقد بقي أولمرت مطلعا على آخر التفاصيل. في مارس 2007, تم استدعاء مجموعة من الخبراء من الدوائر السياسية و العسكرية و الاستخبارية إلى منزله في شارع غزة في القدس, حيث طلب منهم أولمرت هناك التعهد بالسرية التامة. لقد كان قدوم هذا الثلاثي من أجل تقديم النصح فيما يتعلق بأمور تخص البرنامج النووي السوري. لقد أراد أولمرت الحصول على نتائج, و هو يعرف أنه سوف يحصل على الدعم من الأمريكان قبل أن يشرع في الهجوم. على أقل تقدير فقد احتاج إلى قبول أمريكا الضمني إذا خطط لإرسال طائرات حربية إلى المنطقة التي كانت على بعد كيلومترات قليلة من القواعد العسكرية في تركيا الدولة العضو في حلف الناتو.

في أغسطس, قام الميجور جنرال ياكوف أميدرور المتحدث باسم الثلاثي بتقديم تقرير مدمر لرئيس الوزراء. فبينما اتجهت نية الموساد نحو البقاء محافظة في تقييمها لموقع الكبر, فإن الرجال الثلاثة كانوا أكثر من مقتنعين بأن الموقع المذكور يشكل خطرا و جوديا على إسرائيل و أن هناك برهانا على وجود تعاون مكثف ما بين سوريا و كوريا الشمالية. كما بدا أن هناك دليلا على وجود صلات مع إيران. و يعتقد الخبراء أن (محسن فاخرزادة مهدابي) و هو المسئول عن مشروع إيران 111 المتخصص في صناعة صواريخ إيرانية قادرة على حمل رؤوس نووية, قام بزيارة سوريا عام 2005. لقد قام الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بزيارة سوريا عام 2006, حيث يعتقد أنه وعد السوريين بتقديم ما يزيد على 1 مليون دولار أمريكي (675 باوند) كمساعدة و كحافز للتسريع من جهودهم.

بحسب هذه الرواية, فقد كان المفترض أن يكون (الكبر) منشأة احتياطية من أجل مفاعل نووي يعمل بالماء الثقيل كان تحت البناء قرب مدينة أراك الإيرانية, و قد صمم من أجل أن يقدم البلاتينيوم من أجل بناء القنبلة إذا فشلت إيران في بناء سلاح باستخدام اليوارنيوم المخصب. يقول أهرون زيفي فاركش وهو الرئيس السابق لجهاز المخايرات العسكرية الإسرائيلية :" لقد اعتقد الأسد ذلك,  بوجود سلاحه, فإنه سيكون لديه خيار نووي من أجل الهرمجدون".

* سفن مشبوهة:

لقد وافق أولمرت على إجراء عالي الخطورة: لجنة تقصي حقائق مكونة من عملاء إسرائيليين على تراب أجنبي. في ليلة غائمة في أغسطس 2007, كما يقول خبير الاستخبارات الإسرائيلي رونين بيرغمان, توجهت وحدات منتخبة إسرائيلية بالطائرات العمودية على ارتفاع منخفض و عبرت الحدود تجاه سوريا, حيث أفرغوا معدات الاختبار الخاصة بهم في الصحراء قرب دير الزور و قاموا بأخذ عينات من التربة من الجو العام بالقرب من منشأة الكبر. و قد كانت المجموعة مضطرة إلى إنهاء المهمة عندما اكتشفت من قبل دورية سورية. إن الإسرائيليين لا زالوا يفتقرون إلى الدليل القاطع الذي يحتاجونه. على كل حال فقد جادل أولئك الموجودون في تل أبيب و الذين يفضلون العمل السريع بأن نتائج العينات "أثبتت وجود دليل على وجود برنامج نووي".

أحد هؤلاء كان رئيس لجنة الخبراء الثلاثية وهو ياكوف أميدرور. إن هذا الرجل متدين جدا و متأثر بخوفه من الهولوكست, و قد وجد دليلا يشير إلى أن  تدمير المفاعل السوري يجب أن يكون سريعا. لقد أخبر أولمرت عن سفينة تدعى " غريغوريا", كانت قادمة من كوريا الشمالية و تم ضبطها في قبرص في سبتمبر 2006. وقد وجد أنها تحتوي على أنابيب مشبوهة متجهة إلى سوريا. وفي بداية سبتمبر 2007, كانت الناقلة المدعوة " الحامد" قادمة من قبل بيونغ يانغ, و قد وصلت إلى ميناء طرطوس السوري,و على متنها حمولة من مواد اليوارنيوم و ذلك بحسب معلومات الموساد. 

في ذلك الوقت, لم يكن أحد يدعي أن الكبر يمثل تهديدا مباشرا لأمن إسرائيل. بغض النظر عن ذلك, فقد أراد أولمرت الهجوم, و ذلك على الرغم من الظروف المتوترة في المنطقة, من ضمنها أزمة العراق و الصراع في قطاع غزة. لقد أشعر أولمرت مستشار الأمن القومي الأمريكي وقتها  ستيفن هادلي بالأمر,  و قام بإعطاء طاقمه العسكري الصلاحيات من أجل قصف المنشأة السورية. لقد بدأ العد التنازلي للعملية.

الجزء الرابع: الهدف دمر..

قاعدة رامات دافيد الجوية, 5 سبتمبر 2007. إن قاعدة رامات دافيد الجوية تقع إلى الجنوب من مدينة حيفا الساحلية. كما أنها تقع أيضا قرب مجدو, و التي هي وبحسب التوراة ستكون موقع معركة الهرمجدون, و هي المعركة الأخيرة التي ستقع ما بين الخيرو الشر.

لقد بدا الطلب الذي تلقاه الطيارون قبل فترة وجيزة من الساعة 11 مساء في 5 سبتمبر 2007 روتينيا جدا: لقد كان عليهم أن يتهيأوا من أجل تمرين طارئ. الطائرات ال 10 الموجودة و التي تعرف من قبل الطيارين باسم "رام" و تعني الرعد, انطلقت إلى السماء المظلمة و توجهت نحو الغرب, بعيدا عن  البحر المتوسط. لقد كانت مناورة من أجل صرف الانتباه عن التعبئة الاستثنائية التي اتخذت وراء الكواليس.

لقد صدرت الأوامر إلى 3 من طائرات ال إف 16 العشرة بالعودة إلى القاعدة, بينما استمرت الطائرات ال 7 المتبقية بالطيران باتجاه الشرق و الشمال الشرقي على علو منخفض, تجاه الحدود السورية, حيث استخدموا اسلحتهم الموجهة بدقة من أجل تدمير محطة الرادار. و ضمن 18 دقيقة طيران, وصلوا إلى المنطقة المحيطة بدير الزور. و من ثم كان لدى الطيارين الإسرئيليين إحداثيات منشأة الكبر مبرمجة في حواسبيهم الموجودة في الطائرات. لقد تم تصوير الهجوم من الجو, و كما هو الحال مع مثل هذه الهجمات, فقد كانت القنابل أكثر تدميرا مما يتطلبه الأمر. بالنسبة للإسرائيليين, فإن موضوع قتل مجموعة قليلة من الحراس أو كمية كبيرة من الناس لم يكن يشكل تلك الأهمية.

و قد تلا ذلك مباشرة تقرير أرسل من الجيش بأن الهدف قد دمر, وقد اتصل رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت برئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان موضحا له الوضع, و قد طلب منه إخبار الأسد في دمشق بأن إسرائيل لن تتسامح أبدا مع أي مفاعل نووي آخر, و لكن ليس هناك أي تخطيط لأي عمل عدائي آخر. و قد قال أولمرت بأن إسرائيل لا تريد التركيز على الحادثة و أنها لا زالت مهتمة بصنع السلام مع دمشق. و قد أضاف بأنه إذا اختار الأسد أن لا يلفت النظر إلى العملية, فإنه سيقوم بالمثل في المقابل.

بهذه الطريقة, فإن الصمت المطبق حول هذا الحادث الغامض الذي حصل في الصحراء قد بدأ. على الرغم من هذا, فإن القصة لم تنته عند هذا الحد, لأنه كان هناك العديد ممن اختاروا تسليط الضوء على الحادث, و كان هناك آخرون عازمون على الانتقام.

واشنطن دي سي, أواخر أكتوبر 2007. المعهد المستقل للعلوم و الأمن الدولي الذي يقع على أقل من ميل من البيت الأبيض. إنه أكثر أهمية من بعض الإدارات الاتحادية الأمريكية.

مكتب رئيسه و مؤسسه السيد دافيد أولبرايت الذي يحمل شهادة الفيزياء و الذي كان عضوا في مجموعة الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة في العراق, يوجد في الجناح 500 من البناء الذي يضم المعهد. و كما يبدو مرتاحا لموظفيه في بنطاله الخاكي فإنهم يعرفون أنه ليس من قبيل الصدفة بأن أولبرايت قد حول هذا المعهد إلى أحد أهم مراكز الفكر و البحث في واشنطن. إن كلمات أولبرايت تحمل ثقلا كبيرا في عالم العلماء النوويين.

لقد أمضى المعهد 4 أسابيع و هو يحلل التقارير الأولية حول الضربة الجوية الغامضة في سوريا, و قد تم تمشيط الصور القادمة من الأقمار الصناعية بما يغطي منطقة تصل إلى 25000 كيلو متر مربع, قبل أن يكشتفوا مجمع المباني المدمر في الصحراء.

في أبريل 2008, تلقى أولبرايت دعوة غير متوقعة من السي آي أيه من أجل حضور اجتماع. وهناك عرض عليه مدير السي آي أيه السابق مايكل هايدن صورا حصلت عليها إسرائيل من الكمبيوتر السوري في لندن (مما أغضب المسئولين في تل أبيب, بسبب أنها شكلت دخولا إلى مصادر الموساد). لقد مكنت الصور أولبرايت أن يقارن مع المراحل المختلفة في الكبر, و الذي كان على معرفة بأبعاد و مميزات المقاعل النووي في بيونغ يانغ في كوريا الشمالية,. و قد استنتج هذا العالم أنه " لم يعد هناك شكوك جدية بأننا كنا نتعامل مع مفاعل نووي في سوريا".

إن أولبرايت يعتقد أن تصرف السي آي أيه الغريب يمكن أن يفهم في سياق كارثة العراق. و في نفس الوقت, فإن إدارة الرئيس السابق بوش استشهدت بمعلومات السي آي أيه, جيث تم تكرير الادعاء الزائف بأن صدام حسين يمتلك أسلحة للدمار الشامل. في هذه المرة, أرادت المخابرات الأمريكية أن تثبت أن التهديد كان حقيقيا.

و لكن من أين حصل السوريون على اليورانيوم الذين يحتاجونه من أجل مفاعلهم المعتمد على الماء الثقيل, و من أين منشأة سرية كان يتم تخصيبه؟ بالإضافة إلى كوريا الشمالية, هل كان الإيرانيون متورطون أيضا؟ و ما الذي أشارت إليه صور "مشروع منهاتن" في الصحراء السورية , هل هو تحويل لمنشأة موجودة أم منشأة جديدة بالكامل؟.

 

 

الجزءالخامس: سيزيف (ملك من أسطورة يونانية قديمة) منع الانتشار النووي:

فيينا, مبنى الأمم المتحدة في شارع فارغرامر, رئاسة الوكالة الدولية للطاقة النووية. مجموعة كبيرة من أعلام الدول معلقة في الاستقبال, و كأنها أشرعة تنتظر الرياح لتنطلق. من 192 دولة أعضاء في الأمم المتحدة هناك 150 هم أعضاء أيضا في الوكالة الدولية للطاقة النووية, و غالبا فإن جميع أعضاء الأمم المتحدة قد و قعوا على معاهدة وقف الانتشار النووي. المشكلة أن أطفال العالم النووي ؛ إسرائيل و باكستان و الهند لم يوقعوا على المعاهدة. و هؤلاء الثلاثة جميعهم يمتلكون – أو في حالة إسرائيل يعتقد أنها تمتلك- أسلحة نووية. 

الدول الموقعة مثل سوريا و إيران  عندها الحق في الاستخدام السلمي للطاقة النووية. كما أنه مطلوب منهم إما أن يظهروا الأسلحة التي لديهم أو أن يمنعوا انتشارها (في الدول التي يوجد بها) أو أن يمتنعوا عن تطوير أسلحة نووية في المقام الأول (في حالة الدول التي لاتمتلك السلاح النووي).

الوكالة الدولية للطاقة النووية و التي يتوجب عليها متابعة الالتزام ببنود المعاهدة لديها 2200 موظف و ميزانية سنوية تقدر ب 300 مليون دولار امريكي. قد يكون وقع هذا قويا, و لكن الأمر قد لا يكون كذلك إذا كانت الادعاءات التي يرددها السياسيون حول العالم صحيحة, ما يعني أن إمكانية سقوط الأسلحة النووية في أيدي أنظمة دكتاتورية أو إرهابيين أمر يشكل الخطر الأعظم على الإنسانية.

خلال مقابلة مع دير شبيغل في مكتبه في فيينا في مايو 2009, تنهد مدير الوكالة محمد البرادعي و كأنه يلفظ ما تبقى من أنفاس حياته. في بعض الأحيان, كما يقول مدير الوكالة, فإنه يشعر و كأنه "سيزيف" و هو شخصية مأساوية مذكورة في الأساطير اليونانية القديمة حيث كان يقوم و بدفع صخرة فوق الجبل , وقد انفلت الأمر منه قبل مسافة قصيرة من بلوغ قمة الجبل. لقد أشار البرادعي وهو الحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 2005 بشكل متكرر أن الوكالة خاضعة لنزوات الدول الأعضاء فيها. المفتشون الدوليون يمكن أن ينتشروا من أجل استخدام أجهزتهم الدقيقة و الحساسة من أجل الحصول على "آثار نووية" في أي مكان في العالم, و لكنهم بحاجة أيضا للدخول إلى المفاعلات. لقد تسببت ليبيا بمشاكل في الماضي, و لكن المشاكل اليوم هي مع كوريا الشمالية و إيران, أو بالأحرى فإنهم المشتبه بهم الدائمون. و الآن سوريا. لقد شكلت أخبار المفاعل النووي الصحراوي في سوريا صدمة للوكالة الذرية.

يقول البرادعي الذي عرف بالحادث من التقارير الإخبارية : " إن ما قام به الإسرائيليون هو خرق للقانون الدولي. إذا كان لدى الإسرائيليين أو الأمريكان معلومات حول مفاعل نووي غير قانوني, فإن عليهم أن يعلموننا بذلك".  ويضيف :" عندما انتهى كل شيء, كان علينا أن نتجه من أجل البحث عن دليل في الركام- وهي مهمة مستحيلة عمليا".

* نتائج خطيرة:

و لكنه قلل تقدير مفتشيه. في يونيو 2008, قام وفد من مفتشي الوكالة بزيارة منشأة الكبر المدمرة.  لقد استسلم السوريون لضغط مفتشي الأمم المتحدة , ولكنهم قاموا بكل شيء يمكن القيام به من أجل التخلص من الدليل أولا. لقد قاموا بإزالة الركام من المنشأة التي قصفت و مهدوا جميع المنشأة بطبقة خراسانية. و قد أخبروا المفتشين بأن الموقع كان مصنع أسلحة تقليدية, و ليس مفاعلا نوويا, وهو الأمر الذي أردوا أن يصل إلى الوكالة الدولية. كما صمموا أيضا على عدم وجود أي أجانب منخرطين في هذا الأمر.

وقد قام مفتشو الأمم المتحدة بجمع عينات من التربة بشكل جاد, و قاموا باستخدام أدوات خاصة من أجل أخذ آثار صغيرة من المواد من الأثاث أو الأنابيب التي لا زالت في الموقع. و قد أرسلت العينات إلى معامل الوكالة الخاصة في سيلبيرسدورف, و هي بلدة قريبة من فيينا, حيث خضعوا هناك لفحص للنظائر المشعة و الذي يمكن من خلاله تحدبد ما إذا كانت العينات قد لامست اليوارينوم المشبوه. و في الواقع, فقد أفرزت التحليلات نتائج خطيرة جدا.

في تقريرها وصفت الوكالة "عددا هاما من جزيئات اليورانيوم الطبيعية (وهي ناتجة عن عملية كيماوية) كما أنها من النوع غير الموجود في مخزون سوريا المعلن عنه للمواد النووية". لقد ادعت السلطات السورية أن اليورانيوم كان ناتجا عن القنابل الاسرائيلية, وهو أمر قالت الوكالة الدولية أن احتماله ضعيف جدا.

وفي التقرير الأخير للوكالة والذي صدر في يونيو 2009, طالبت الوكالة و دون أية شروط بأن تسمح سوريا لها بإجراء سلسة أخرى من التفتيش, و هذه المرة الدخول إلى 3 مواقع أخرى قد تكون على ارتباط مع الكبر. يقول أحد خبراء الوكلة "إن خصائص مجمع البناء, بما فيها سعات الماء البارد, تحمل شبها قويا مع تلك الموجودة في المفاعل النووي, و هو أمر بحاجة إلى توضيح سريع". في اللغة الحذرة لمسئولي الأمم المتحدة فإن هذا الأمر هو عمليا قرار تجريم.

* في محور الاهتمام:

يقول البرادعي بغضب :" إن سوريا لا تعطينا الشفافية التي نطلبها". إن هناك صورة معلقة في مكتبه يبدو أنها تعكس مزاجه. و هي نسخة من لوحة "الصرخة" للرسام النرويجي إدفارد مونش, وهو يصور فيها شخصا مذهولا جدا. إن البرادعي لا يعتقد أنه متساهل جدا مع برامج الأسلحة النووية غير القانونية و المشبوهة, كما كانت إدارة بوش تدعي بشكل دائم, خصوصا فيما يتعلق بإيران. يقول البرادعي بأن الوكالة, سوف تحصل على إذن برحلة تفتيش أخرى إلى سوريا قريبا. أو على الأٌقل فإنه يأمل ذلك.

إذا حدث هذا الأمر و عندما يحدث, فإن مضيفا آخر سوف يستقبل فريق الأمم المتحدة. إنه العميد اللطيف محمد سليمان, وهو مستشار الأسد المسئول عن كل القضايا الأمنية الحساسة, و قد كان مسئولا بشكل رسمي عن عمليات التفتيش هذه. على كل حال فقد اغتيل في عام 2008. فقد وقع على محور الاهتمام , كحال القائد في حزب الله عماد مغنية.

بالنسبة للإسرائيليين, فإن مغنية كان خلاصة الإرهاب, و أكثر العقول المدبرة للإرهاب سمعة سيئة في الشرق الأوسط. وقد كان مسئولا عن هجوم دام على مقر قيادة الجيش الأمريكي في بيروت في الثمانينا و على مركز يهودي في الأرجنتين في التسعينات, و هي هجمات قتل فيها مئات الأشخاص الأبرياء. و قد اعتبره البعض مخترع الهجمات الانتحارية و قد كان متجذرا إلى حد بعيد في هياكل السلطة الإيرانية.

لقد كان لدى الموساد معلومات بأن مغنية كان يخطط للانتقام ردا على ضربة الكبر بهجوم على سفارة إسرائيلية – إما في أذربيجان أو في القاهرة أو في العاصمة الأردنية عمان.

الجزء السادس: اغتيال في سيارة الدفع الرباعي:

دمشق, مجمع مباني لجنة الطاقة الذرية السورية في مدينة كفرسوسة, فبراير 2008.الزائرون غير مرحب بهم. يقول الحارس على المدخل " الرجاء الاتصال من خلال صندوق البريد رقم 6091".  و هناك أيضا عنوان للرسائل الإلكترونية. و لكن الطلبات التي ترسل إلى كلا العنوانين لا يتم الإجابة عليها. إنه  ليس  بالأمر الغريب, يقول الخبراء الذين يخمنون بأن خيوط البرنامج النووي السري متراكبة مع بعضها في مبنى اللجنة السورية الغامض.

لقد كان بالضبط الشارع الذي يقع فيه مقر اللجنة السورية للطاقة الذرية حيث ركن عماد مغنية " الذي يلقب بالثعلب أيضا" سيارته من نوع باجيرو ميتسوبيشي في 12 فبراير 2008 عندما كان حاضرا لاحتفال في السفارة الإيرانية القريبة. لقد كان ظهورا نادرا بالنسبة للرجل الذي يتجنب عادة الظهور في الأماكن العامة. و لكن في ذلك المساء فقد عرف مغنية أن سوف يكون بين مجموعة من الأصدقاء, بما فيهم زعيم حماس خالد مشعل و العميد السوري محمد سليمان, وهم أشخاص التقاهم عماد عدة مرات في طهران و في مراكز حزب الله في لبنان.       

بعد الساعة 10:30 بقليل شرب مغنية آخر كأس له من عصير البرتقال الطبيعي. و من ثم قبل المضيف الدبلوماسي الإيراني المعين حديثا أحمد موسوي على خديه كما هي العادة المحلية. و من ثم غادر الحفلة. يقول عميل السي آي أيه السابق روبرت بير الذي كان يتعقب مغنية لسنوات طويلة :"إن مغنية هو من أكثر الشخصيات التي قابلناها ذكاء و أكثرها قدرة على العمل". لقد كان الإرهابي يعرف تماما أنه على رأس قوائم الموساد للشخصيات المطلوبة, كما كان يعلم أيضا أن الإف بي آي تعرض جائزة مقدارها 5 مليون دولار لقاء أي معلومات تقود إلى القبض عليه. و لكنه كان يشعر بأمان نسبي في سوريا, كما كان يشعر كذلك في بيروت و طهران, التي كان يزورها بصورة منتظمة.

لقد دمر الانفجار السيارة رباعية الدفع و قطع جسم مغنية إربا إربا. وقد قتل مباشرة. و لكن التفجير كان قد حسب بدقة و حذر حيث أن البنايات القريبة بالكاد تضررت. و قد كان القائد الإرهابي الضحية الوحيدة في تلك الليلة في دمشق.

بغض النظر عن الفاعل فإن الحكومة الأمريكية أعلنت في اليوم التالي من خلال المتحدث باسم وزارة الخارجية شين ماكورماك أن "العالم قد أصبح مكانا أفضل دون هذا الرجل". أما حزب الله الذي لم تكن تساوره أية شكوك في أن المسئول عن قتل مغنية فقد أطلق عليه لقب "الشهيد" و تعهد بالرد على هذه العملية ضد " الصهيونية".

إن الحكومة الإسرائيلية لم تنف أو تؤكد أي تورط لها في عملية الاغتيال. و لكن عملاء في الموساد لم يستطيعوا كبت مشاعر الفرح لديهم. بحسب معلومات تسربت إلى الخبير الاستخباراتي عوزي مهنامي فإن عملاء إسرائيليين قد حركوا  مخدة مقعد السائق و ملؤها بمواد تنفجر بمجرد لمسها. و يمكن للخبير الاستخباري رونين بيرغمان أن يصف رد فعل الإسرائيليين الذين كانوا منخرطين في العملية, يقال أن أحدهم قال :" لقد كان أمرا مؤسفا لما حصل للباجيرو الجديدة".

طرطوس, معقل من القرون الوسطى لفرسان الهيكل على شاطئ البحر الأبيض المتوسط, خمسة أشهر بعد الحادثة. في هذا الميناء الذي يبعد 160 كلم شمال غرب مدينة دمشق, رست ناقلة الحامد بحمولتها المفترضة من الإسمنت القادم من كوريا الشمالية. هنا و على الشاطئ الذي يبعد 13 كلم شمال عن جدران المدينة القديمة, كان الجنرال سليمان يمتلك منزلا يقضي فيه عطلة نهاية الأسبوع, ليس بعيدا عن منتجع الرمال الذهبية الفخم. في الصيف سافر سليمان إلى منزله لقضاء عطلة نهاية الأسبوع من أجل مراجعة الملفات و الاستجمام و السباحة. في أول عطلة نهاية أسبوع في أغسطس 2008, فإن مستشار الأسد لا بد وأنه  قد أخذ معه كما كبيرا من الوثائق. بعد أيام قليلة, خطط لمصاحبة الأسد في رحلة سرية إلى طهران. 

و كالعادة, فقد قاد سليمان سيارته المصفحة من دمشق إلى طرطوس. و قد كان هناك حراس شخصيون إضافيون ينتظرونه في الشاليه. إنهم لا يدعونه يبتعد عن أعينهم مطلقا, حتى أنهم يرافقوه إلى الماء عندما يذهب للسباحة. بعد اغتيال مغنية في شارع مزدحم في دمشق, فإن الأمن كان في أعلى درجة ممكنة له. الجنرال الذي يتواصل مع العالم على أنه ممثل للنظام فيما يتعلق بالقضايا النووية, اعتبر معرضا للخطر.

لقد كان البحر هادئا في الصباح. فقد كانت القوارب السريعة تقطع الشاطئ, و لم يكن هناك أي شيء يثير الشبهة في طرطوس, التي تعتبر المقصد لأغنياء سوريا حيث يمكنهم أن يتأجروا القوارب من أجل زيارة جزيرة أرواد القريبة و مطعمها الذي يقدم الأسماك. لقد كان هناك يخت وصل على بعد 50 ياردة من الشاطئ, و لكنه لم يكن قريبا بما فيه الكفاية لكي يثير أي حالة طوارئ عند الحراس الشخصيين عندما قرر زعيمهم أن يقفز إلى البحر.

لم يسمع أحد حتى الطلقات, و التي أطلقت في الغالب من بنادق دقيقة مزودة بكاتم للصوت. من مكان بعيد عن الشاطئ, لقد أصابوا سليمان في الرأس و الصدر و الرقبة. لقد توفي الجنرال قبل أن يتمكن الحراس الشخصيون فعل أي شيء له. و القارب الذي يحمل القناصين استدار وهرب باتجاه مياه البحر المتوسط.

* المسكوت عنه:

لقد أبقت السلطات السورية أخبار عملية الاغتيال سرا لعدة أيام. بعد ذلك, أصدرت بيانات مقتضبة عن " جريمة شريرة". و بحسب المسئولين, فإن الجنرال " وجد مقتولا بالرصاص في طرطوس". لم يكن هناك أي ذكر لليخت أو للزاوية التي تم من خلالها إطلاق االنار.

لقد ترددت التكهنات في دمشق. وقد افترض الدبلوماسيين بأن سليمان قد أصبح قويا بالمقارنة مع الوزراء, و أن قتله كان دليلا على صراع السلطة الداخلي في سوريا. و بحسب النقاد الغربيين للرئيس, فإن سليمان قد أصبح عبئا على الأسد بعد مشاكل قصف المفاعل النووي و عملية اغتيال مغنية, و قد تمت تصفيته بأمر من الأسد. بالنسبة للخبراء, فإن السيناريو الأكثر قربا يتمثل في أن الإسرائيليين كانوا يقفون وراء هذه العملية التي نفذت باحتراف عال.

لقد كان سليمان يلقب بالجنرال المستورد, بسبب مظهره الغربي, وقد تمت عملية دفنه في مراسم خاصة في قريته "دريكيش" بعد يومين من اغتياله. و قد أرسل الرئيس الأسد أخاه ماهر من أجل حضور الجنازة الخاصة هذه, بينما استمر هو في رحلته إلى طهران. لقد كان عليه إظهار ضبط نفس كبير, بغض النظر عن حجم الأسى الذي يشعر به.

ترى هل يمكن أن تحقق الهجمات بالقنابل و تشكيل فرق ضاربة ضد الإرهابيين تقدما في الشرق الأوسط؟ و هل من الصحيح أن العرب و الإسرائيليين يفهمون فقط لغة العنف, كما يقول العديد في تل أبيب في الوقت الحالي؟ و هل  يمكن لعملية الكبر و التي كان فيها خرق للقانون الدولي, أن تعيد الرئيس السوري إلى رشده, أو أنها فقط تشجعه على التعنت في موقفه؟

و مالذي يعنيه هذا كله بالنسبة للقنبلة النووية الإيرانية المحتملة؟ 

الجزء السابع: النتائج المترتبة على العملية:

 لقد أصر الرئيس الأسد خلال مقابلة مع دير شبيغل في قصره قرب دمشق في منتصف يناير 2009 أن " المنشأة التي قصفت لم تكن منشأة نووية, و لكنها كانت منشأة عسكرية عادية". و أضاف :" كان من الممكن أن نرد على العملية. و لكن هل يمكن أن نسمح لأنفسنا فعلا بالانجرار إلى الحرب؟ و من ثم فإننا سوف نقع في الفخ الإسرائيلي". و لكن ماذا عن اليورانيوم ؟ " لربما قام الإسرائيليون برميه من السماء من أجل جعلنا هدفا محتملا لهذه الشكوك".

و قد أضاف بأن دمشق, ليست مهتمة في أن تصبح قوة نووية, كما أنها لا تصدق أن طهران تقوم بتطوير قنبلة نووية." سوريا تعارض من حيث المبدأ انتشار الأسلحة النووية. نحن نريد شرقا أوسطا خاليا من الأسلحة النووية, من ضمن ذلك إسرائيل".

لقد شعر الأسد بالغضب نتيجة للهجوم الإسرائيلي على غزة, وقد قام بتعليق محادثات السلام السرية مع العدو, و التي كانت تتم بوساطة تركية. و لكن من الواضح جدا أن الأسد متلهف من أجل إزالة نفسه من قائمة المنبوذين السياسيين العالميين و الدخول في حوار مع الولايات المتحدة و أوروبا.

في خريف 2009, بدا أن العلاقات ما بين دمشق و الغرب تشهد فترة نقاهة, لربما كان ذلك نتيجة للتنازلات الأمريكية و ليس للضربة الإسرائيلية. و قد استقبل الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي في قصر الأليزيه و أخبره بأن تطبيع العلاقات سوف يعتمد على تحقيق السوريين لشرط مثير للاستفزاز :" وهو انهاء التعاون في مجال السلاح النووي مع إيران". في أول أسبوع من أكتوبر قام نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد بالسفر إلى واشنطن من أجل لقاء نظرائه هناك. و قد قام الملك عبدالله ملك السعودية و بمباركة واضحة من واشنطن بزيارة دمشق في محاولة منه من أجل جعل معسكر الاعتدال أكثر تناسبا بالنسبة للأسد.

و على الأرجح سوف يقوم الرئيس باراك أوباما بإرسال ملحق عسكري إلى دمشق قريبا, و سوف يتلو ذلك بسفير. يمكن أن تزال سوريا من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب, و هي القائمة التي تضم أيضا كلا من إيران و كوبا و السودان. إن الفرصة في وجود مساعدات بالمليارات إضافة إلى دخول التكنولوجيا العالية المستوى,  قد عرضت على الأسد. إن الرئيس السوري يعرف أن هذا هو أمله الوحيد من أجل إعادة الحياة إلى اقتصاده المريض على المدى الطويل.

إن العلاقات ما بين دمشق و طهران قد شهدت سوء في الأسابيع الأخيرة. لقد ذكرت أجهزة مخابرات غربية بأن القيادة الإيرانية تطلب من سوريا إعادة  – بالكامل و دون شروط -  كميات من شحنات اليورانيوم, أي انها لم تعد بحاجة إليه الآن بسبب أن برنامجها النووي قد دمر.

حسب الأخبار الأخيرة الواردة من دمشق فإن المدينة القديمة التي كانت تسمى "شاول" قد تحولت إلى مدينة "بول" بحسب النصوص المقدسة القديمة , و بحسب معلومات الدير شبيغل التي حصلت عليها من مصادر في دمشق فإن الأسد على وشك أن يقوم بخطوة سياسية مثيرة. يعتقد أنه اقترح  في اتصالات مع بيونغ يانغ بأن يكشف عن برنامجه النووي الوطني, و لكن دون البوح بأي تفاصيل حول التعاون مع شركائه الكوريين الشماليين أو الإيرانيين. لقد حصد الزعيم الثوري معمر القذافي فوائد كبيرة من المجتمع الدولي بعد أن "اعترف" بشكل مماثل ببرنامج بلاده النووي.

لقد كان الرد من قبل كوريا الشمالية سريعا و قاسيا: لقد قامت بيونغ يانغ بإرسال ممثل حكومي عالي المستوى إلى دمشق من أجل إخبار السلطات السورية بأن الكوريين سوف ينهون جميع أشكال التعاون في مجال الأسلحة الكيماوية إذا استمر الأسد بخطته. و هذا الأمر سيتم بغض النظر ما إذا قام بذكر بيونغ يانغ في السياق أم لم يقم بذلك.

و يعتقد بأن رد طهران كان أكثر حدة. يبدو أن سعيد جليلي كبير المفاوضين الإيرانيين و المقرب من المرشد الأعلى قد حمل رسالة سريعة من آية الله على خامنئي حيث وصف فيها خامنئي خطة الأسد بأنها "غير مقبولة" و هدد بأن يكون هذا الأمر نهاية "للتحالف الاستراتيجي ما بين الدولتين و انحدارا حادا في علاقات البلدين".

بحسب المصادر المخابراتية, فإن الأسد قد تراجع, في الوقت الحاضر. كما أنه يبحث في طرق من أجل الشروع في عمل مع اعدائه, حتى مع رئيس وزراء إسرائيل المتشدد بنيامين نتينياهو. على الرغم من هذا, فإن الأسد غير مستعد للتخلي عن اتصالاته مع طهران و حزب الله بشكل كامل, و سوف يطلب ثمنا باهظا للاعتراف بإسرائيل و من أجل لعب دور الوسيط مع طهران, و هذا الثمن بالتحديد هو عودة كاملة لمرتفعات  الجولان.

* الوقت إلى جانبه:

هل أثرت العملية على الإيرانيين, و هل فهموها بالطريقة التي أرادها الإسرائيليون: و أنها بمثابة الإنذار النهائي لطهران؟

إن الإيرانيين – وبشكل حرفي- قد حصنوا أنفسهم, و لا يعود ذلك إلى الهجوم الإسرائيلي على سوريا. إن الكثير من أجهزة الطرد المركزية التي تستخدم في تخصيب اليورانيوم تعمل حاليا من أنفاق تحت الأرض. حتى القنابل التي تدمر المخابئ التي تقع تحت الأرض التي يطلب البنتاغون توفبرها الآن, لا يمكن أن تجدي نفعا في تدمير منشآت مثل تلك الموجودة في ناتانز.

الأمريكان – أو الإسرائيليين- سوف يستخدمون الهجمات الجوية لعدة أسابيع و سوف يدمرون أكثر من نصف المنشأت النووية المعروفة من أجل تأخير البرنامج النووي الإيراني لأكثر من بضعة أسابيع. إن الموضوع سوف يكون أكثر تعقيدا من الهجوم الإسرائيلي الذي شن في الماضي على مفاعل الأزيرق في العراق و منشأة الكبر في سوريا. و حتى بعد مثل هذه العملية الشاملة, و التي سوف تعرضهم لهجمات مضادة, فإنهم لن يكونوا متأكدين بشكل تام بأنهم قد أزالوا جميع عناصر برنامج إيران النووي. في سبتمبر فقط, فاجأت طهران العالم بالاعتراف بأنها قد قامت ببناء منشأة لتخصيب اليوارنيوم قرب مدينة قم.

إن عملية "البستان" الإسرائيلية لم تنجحح إلا في أمر واحد و هو أنه إذا خطط الإيرانيون لبناء مفاعل نووي " احتياطي " في سوريا و المتمثل في مصنع بلاتينيوم احتياطي, فإن خططهم قد أحبطت. و لكن الوقت يلعب لصالح إيران. يعتقد فعلا أن الإيرانيين قد وصلوا إلى قدرات متقدمة , أو بالأحرى القدرة على صنع سلاح نووي إذا رغبوا في ذلك. إن إيران على وشك أن تصبح قوة نووية.

و سوريا؟ ليس هناك ما يوحي أن سوريا سوف تتمكن من اللعب في النار مرة أخرى. إن هناك مصنع تقليدي قد بني على أنقاض منشأة الكبر. ليس هناك مجال للدخول إلى المنشأة " لأسباب أمنية" كما يقول سكان دير الزور بشكل مقتضب, و ذلك بسبب الطرق المسدودة قرب النهر العظيم و القرية الصحراوية "تبنة".

إن مياه النهر الفيروزية تتدفق ببطء, إنه النهر الذي وعد عنده موسى بحسب التوراة الإسرائيليين أن يكون جزء من أرضهم المقدسة.  حتى اليوم, فإن العديد من اليهود المتطرفين يأخذون هذه الكلمات الواردة في التوارة على محمل الجد كمدخل لتسجيل الأرض:" كل أرض تطؤها قدمك يجب أن تكون لك. من الصحراء و من جبال لبنان و من نهر الفرات العظيم إلى البحر الغربي".

و بالإشارة إلى نفس النهر فإنه من المفترض أن النبي محمد قد قال " يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب . فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا"*

* سفر الرؤيا/ 16

 **المسند الصحيح/2894

 

11/02/2009

The Story of 'Operation Orchard'

How Israel Destroyed Syria 's Al Kibar Nuclear Reactor

By Erich Follath and Holger Stark

In September 2007, Israeli fighter jets destroyed a mysterious complex in the Syrian desert . The incident could have led to war, but it was hushed up by all sides. Was it a nuclear plant and who gave the orders for the strike?

The mighty Euphrates river is the subject of the prophecies in the Bible's Book of Revelation, where it is written that the river will be the scene of the battle of Armageddon: "The sixth angel poured out his bowl on the great river Euphrates, and its water was dried up to prepare the way for the kings from the East."

Today, time seems to stand still along the river. The turquoise waters of the Euphrates flow slowly through the northern Syrian provincial city Deir el-Zor, whose name translates as "monastery in the forest." Farmers till the fields, and vendors sell camel's hair blankets, cardamom and coriander in the city's bazaars. Occasionally archaeologists visit the region to excavate the remains of ancient cities in the surrounding area, a place where many peoples have left their mark -- the Parthians and the Sassanids, the Romans and the Jews, the Ottomans and the French, who were assigned the mandate for Syria by the League of Nations and who only withdrew their troops in 1946. Deir el-Zor is the last outpost before the vast, empty desert, a lifeless place of jagged mountains and inaccessible valleys that begins not far from the town center.

But on a night two years ago, something dramatic happened in this sleepy place. It's an event that local residents discuss in whispers in teahouses along the river, when the water pipes glow and they are confident that no officials are listening -- the subject is taboo in the state-controlled media, and they know that drawing too much attention to themselves in this authoritarian state could be hazardous to their health.

Some in Deir el-Zor talk of a bright flash which lit up the night in the distant desert. Others report seeing a gigantic column of smoke over the Euphrates , like a threatening finger. Some talk of omens, while others relate conspiracy theories. The pious older guests at Jisr al-Kabir, a popular restaurant near the city's landmark suspension bridge, believe it was a sign from heaven.

All the rumors have long since muddied the waters as to what people may or may not have seen. But even the supposedly advanced Western world, with its state-of-the-art surveillance technology and interconnectedness through the mass media, has little more solid information than the people in this Syrian desert town. What happened in the night of Sept. 6, 2007 in the desert, 130 kilometers (81 miles) from the Iraqi border, 30 kilometers from Deir el-Zor, is one of the great mysteries of our times.

'This Incident Never Occurred'

At 2:55 p.m. on that day, the Damascus-based Syrian Arab News Agency (SANA) reported that Israeli fighter jets coming from the Mediterranean had violated Syrian airspace at "about one o'clock" in the morning. "Air defense units confronted them and forced them to leave after they dropped some ammunition in deserted areas without causing any human or material damage," a Syrian military spokesman said, according to the news agency. There was no explanation whatsoever for why such a dramatic event was concealed for half a day.

At 6:46 p.m., Israeli government radio quoted a military spokesman as saying: "This incident never occurred." At 8:46 p.m., a spokesperson for the US State Department said during a daily press briefing that he had only heard "second-hand reports" which "contradict" each other.

To this day, Syria and Israel , two countries that have technically been at war since the founding of the Jewish state in 1948, have largely adhered to a bizarre policy of downplaying what was clearly an act of war. Gradually it became clear that the fighter pilots did not drop some random ammunition over empty no-man's land on that night in 2007, but had in fact deliberately targeted and destroyed a secret Syrian complex.

Was it a nuclear plant, in which scientists were on the verge of completing the bomb? Were North Korean, perhaps even Iranian experts, also working in this secret Syrian facility? When and how did the Israelis learn about the project, and why did they take such a great risk to conduct their clandestine operation? Was the destruction of the Al Kibar complex meant as a final warning to the Iranians, a trial run of sorts intended to show them what the Israelis plan to do if Tehran continues with its suspected nuclear weapons program?

In recent months, SPIEGEL has spoken with key politicians and experts about the mysterious incident in the Syrian desert , including Syrian President Bashar Assad, leading Israeli intelligence expert Ronen Bergman, International Atomic Energy Agency head Mohammed ElBaradei and influential American nuclear expert David Albright. SPIEGEL has also talked with individuals involved in the operation, who have only now agreed to reveal, under conditions of anonymity, what they know.

These efforts have led to an account that, while not solving the mystery in its entirety, at least delivers many pieces of the puzzle. It also offers an assessment of an operation that changed the Middle East and generated shock waves that are still being felt today.

Part 2: Syria 's Unpredictable President

Tel Aviv, late 2001. An inconspicuous block of houses located among eucalyptus trees is home to the headquarters of the legendary Israeli foreign intelligence agency, the Mossad. A memorial to agents who died in commando operations behind enemy lines stands in the small garden. There are already more than 400 names engraved on the gray marble, with room for many more. In the main building, intelligence analysts are trying to assemble a picture of the new Syrian president.

In July 2000, Bashar Assad succeeded his deceased father, former President Hafez Assad. The Israelis believed that the younger Assad, a politically inexperienced ophthalmologist who had lived in London for many years and who was only 34 when he took office, would be a weak leader. Unlike his father, an unscrupulous political realist nicknamed "The Lion" who had almost struck a deal with the Israelis over the Golan Heights in the last few months of his life, Bashar Assad was considered relatively unpredictable.

According to Israeli agents in Damascus , the younger Assad was trying to consolidate his power by espousing radical and controversial positions. He supplied massive amounts of weapons to the Iranian-backed Hezbollah in Lebanon , for their "struggle for independence" from the "Zionist regime." He received high-ranking delegations from North Korea . The Mossad was convinced that the subject of these secret talks was a further upgrading of Syria 's military capabilities. Pyongyang had already helped Damascus in the past in the development of medium-range ballistic missiles and chemical weapons like sarin and mustard gas. But when Israeli military intelligence informed their Mossad counterparts that a Syrian nuclear program was apparently under discussion, the intelligence professionals were dismissive.

Nuclear weapons for Damascus , a nuclear plant literally on Israel 's doorstep? For the experts, it seemed much too implausible.

Besides, the senior Assad had rebuffed Abdul Qadeer Khan, the Pakistani "father of the atom bomb," when Khan tried to sell him centrifuges for uranium enrichment on the black market in the early 1990s. The Israelis also knew all too well how complex the road to the bomb is, after having spent a lengthy period of time in the 1960s to covertly procure uranium and then develop nuclear weapons at their secret laboratories in the town of Dimona in the Negev desert. They took extreme measures to prevent then-Iraqi dictator Saddam Hussein from following their example: On a June night in 1981, Israeli F-16s, in violation of international law, entered Iraqi airspace and destroyed the Osirak nuclear reactor near Baghdad .

Key Phase

The Israelis took a pinprick approach to dealing with the "little" Assad. In 2003, the air force conducted multiple air strikes against positions on the Syrian border, and in October Israeli fighter jets flew a low-altitude mission over Assad's residence in Damascus . It was an arrogant show of power that even had many at the Mossad shaking their heads, wondering how Assad would respond to such humiliating treatment.

At that time, the nuclear plant on Euphrates had likely entered its first key phase. In the spring of 2004, the American National Security Agency (NSA) detected a suspiciously high number of telephone calls between Syria and North Korea , with a noticeably busy line of communication between the North Korean capital Pyongyang and a place in the northern Syrian desert called Al Kibar. The NSA dossier was sent to the Israeli military's "8200" unit, which is responsible for radio reconnaissance and has its antennas set up in the hills near Tel Aviv. Al-Kibar was "flagged," as they say in intelligence jargon.

In late 2006, Israeli military intelligence decided to ask the British for their opinion. But almost at the same time as the delegation from Tel Aviv was arriving in London , a senior Syrian government official checked into a hotel in the exclusive London neighborhood of Kensington. He was under Mossad surveillance and turned out to be incredibly careless, leaving his computer in his hotel room when he went out. Israeli agents took the opportunity to install a so-called "Trojan horse" program, which can be used to secretly steal data, onto the Syrian's laptop.

The hard drive contained construction plans, letters and hundreds of photos. The photos, which were particularly revealing, showed the Al Kibar complex at various stages in its development. At the beginning -- probably in 2002, although the material was undated -- the construction site looked like a treehouse on stilts, complete with suspicious-looking pipes leading to a pumping station at the Euphrates . Later photos show concrete piers and roofs, which apparently had only one function: to modify the building so that it would look unsuspicious from above. In the end, the whole thing looked as if a shoebox had been placed over something in an attempt to conceal it. But photos from the interior revealed that what was going on at the site was in fact probably work on fissile material.

One of the photos showed an Asian in blue tracksuit trousers, standing next to an Arab. The Mossad quickly identified the two men as Chon Chibu and Ibrahim Othman. Chon is one of the leading members of the North Korean nuclear program, and experts believe that he is the chief engineer behind the Yongbyon plutonium reactor. Othman is the director of the Syrian Atomic Energy Commission.

By now, both Israeli military intelligence and the Mossad were on high alert. After being briefed, then-Prime Minister Ehud Olmert asked: "Will the reactor be up and running soon, and is there is a need to take action?" Hard to say, the experts said. The prime minister asked for more detailed information, preferably from first hand.

Part 3: The CIA Catches a Big Fish

Istanbul , a CIA safe house for high-profile defectors, February 2007. An Iranian general had decided to switch sides. He was a big fish, of the sort rarely caught in the nets of the CIA and the Mossad.

Ali-Reza Asgari, 63, a handsome man with a moustache, was the head of Iran 's Revolutionary Guard in Lebanon in the 1980s and became Iran 's deputy defense minister in the mid-1990s. Though well-liked under the relatively liberal then-President Mohammad Khatami, Asgari fell out of favor after the election victory of hardliner Mahmoud Ahmadinejad in 2005. Because he had branded several men close to Ahmadinejad as corrupt, there was suddenly more at stake for Asgari than his career: His life was in danger.

Sources in the intelligence community claim that Asgari's defection to the West was meticulously planned over a period of months. However Amir Farshad Ebrahimi, a former Iranian media attaché in Beirut who fled to Berlin in 2003 and who had known Asgari personally for many years, told SPIEGEL that the general contacted him twice to ask for help in his escape -- first from Iran in the second half of 2006 and later from Damascus. In Ebrahimi's version of events, Asgari succeeded in crossing the border into Turkey at night with the help of a smuggler. Ebrahimi says he only notified the CIA and turned his friend over to the Americans after Asgari had reached Istanbul .

But from that point on, the versions of the story coincide again. The Americans and Israelis soon discovered that the Tehran insider was an intelligence goldmine. For the Israelis, the most alarming part of Asgari's story was what he had to say about Iran 's nuclear program. According to Asgari, Tehran was building a second, secret plant in addition to the uranium enrichment plant in Natanz, which was already known to the West. Besides, he said, Iran was apparently funding a top-secret nuclear project in Syria , launched in cooperation with the North Koreans. But Asgari claimed he did not know any further details about the plan.

After a few days, the general's handlers flew him from Istanbul , considered relatively unsafe, to the highly secure Rhein-Main Air Base near Frankfurt . "I brought my computer along. My entire life is in there," Asgari told his friend Ebrahimi, who identified him for the Americans. Asgari contacted Ebrahimi another two times, once from Washington and then from "somewhere in Texas ." The defector wanted his friend to let his wife know that he was safe and in good hands. The Iranian authorities had announced that Asgari had been "kidnapped by the Mossad and probably killed." But then nothing further was heard from Asgari. The American authorities had apparently created a new identity for their high-level Iranian source. Ali-Reza Asgari had ceased to exist.

The Need for US Support

Olmert was kept apprised of the latest developments. In March 2007, three senior experts from the political, military and intelligence communities were summoned to his residence on Gaza Street in Jerusalem , where Olmert swore them to absolute secrecy. The trio was to advise him on matters relating to the Syrian nuclear program. Olmert wanted results, knowing that he would have to gain the support of the Americans before launching an attack. At the very least, he needed the Americans' tacit consent if he planned to send aircraft into regions that were only a few dozen kilometers from military bases in Turkey , a NATO member.

In August, Major General Yaakov Amidror, the trio's spokesman, delivered a devastating report to the prime minister. While the Mossad had tended to be reserved in its assessment of Al Kibar, the three men were now more than convinced that the site posed an existential threat to Israel and that there was evidence of intense cooperation between Syria and North Korea. There also appeared to be proof of connections to Iran . Mohsen Fakhrizadeh-Mahabadi, who experts believed was the head of Iran 's secret "Project 111" for outfitting Iranian missiles with nuclear warheads, had visited Damascus in 2005. Iranian President Mahmoud Ahmadinejad traveled to Syria in 2006, where he is believed to have promised the Syrians more than $1 billion (€675 million) in assistance and urged them to accelerate their efforts.

According to this version of the story, Al Kibar was to be a backup plant for the heavy-water reactor under construction near the Iranian city of Arak , designed to provide plutonium to build a bomb if Iran did not succeed in constructing a weapon using enriched uranium. "Assad apparently thought that, with his weapon, he could have a nuclear option for an Armageddon," says Aharon Zeevi-Farkash, the former director of Israeli military intelligence.

Suspicious Ships

Olmert approved a highly risky undertaking: a fact-finding mission by Israeli agents on foreign soil. On an overcast night in August 2007, says intelligence expert Ronen Bergman, Israeli elite units traveling in helicopters at low altitude crossed the border into Syria , where they unloaded their testing equipment in the desert near Deir el-Zor and took soil samples in the general vicinity of the Al Kibar plant. The group had to abort its daring mission prematurely when it was discovered by a patrol. The Israelis still lacked the definitive proof they needed. However those in Tel Aviv who favored quick action argued that the results of the samples "provided evidence of the existence of a nuclear program."

One of them was the head of the trio of experts, Yaakov Amidror. Amidror, a deeply religious man strongly influenced by his fear of a new Holocaust, also found evidence suggesting that construction on the Syrian plant was to be accelerated. He told Olmert about a ship called the Gregorio, which was coming from North Korea and which was seized in Cyprus in September 2006. It was found to have suspicious-looking pipes bound for Syria on board. And in early September 2007, the freighter Al-Ahmad, also coming from Pyongyang, arrived at the Syrian port of Tartous -- with a cargo of uranium materials, according to the Mossad's information.

At the time, no one was claiming that Al Kibar represented an immediate threat to Israel 's security. Nevertheless, Olmert wanted to attack, despite the tense conditions in the region, the Iraq crisis and the conflict in the Gaza Strip. Olmert notified then-US National Security Advisor Stephen Hadley and gave his own military staff the authority to bomb the Syrian plant. The countdown for Operation Orchard had begun.

Part 4: 'Target Destroyed'

Ramat David Air Base, Sept. 5, 2007. Israel 's Ramat David air base is located south of the port city of Haifa . It is also near Megiddo , which according to the Bible will be the site of Armageddon, the final battle between good and evil.

The order that the pilots in the squadron received shortly before 11 p.m. on Sept. 5, 2007 seemed purely routine: They were to be prepared for an emergency exercise. All 10 available aircraft, known affectionately by their pilots as "Raam" ("Thunder"), took off into the night sky and headed westward, out into the Mediterranean . It was a maneuver designed to deflect attention from the extraordinary mobilization that had been taking place behind the scenes.

Three of the 10 F-15's were ordered to return home, while the remaining seven continued flying east-northeast, at low altitude, toward the nearby Syrian border, where they used their precision-guided weapons to eliminate a radar station. Within an additional 18 flight minutes, they had reached the area around Deir el-Zor. By then, the Israeli pilots had the coordinates of the Al Kibar complex programmed into their on-board computers. The attack was filmed from the air, and as is always the case with these strikes, the bombs were far more destructive than necessary. For the Israelis, it made little difference whether a few guards were killed or a larger number of people.

Immediately following the brief report from the military ("target destroyed"), Prime Minister Ehud Olmert called Turkish Prime Minister Recep Tayyip Erdogan, explained the situation, and asked him to inform President Assad in Damascus that Israel would not tolerate another nuclear plant -- but that no further hostile action was planned. Israel , Olmert said, did not want to play up the incident and was still interested in making peace with Damascus . He added that if Assad chose not to draw attention to the Israeli strike, he would do the same.

In this way, a deafening silence about the mysterious event in the desert began. Nevertheless, the story did not end there, because there were many who chose to shed light on the incident -- and others who were intent on exacting revenge.

Washington , DC , late October 2007. The independent Institute for Science and International Security (ISIS) is located less than a mile from the White House. It is more important than some US federal departments.

The office of its founder and president, David Albright, who holds a degree in physics and was a member of the United Nation's International Atomic Energy Agency (IAEA) group of experts in Iraq, is in suite 500 of the brick building that houses the ISIS. As relaxed as he seems to his staff, in his pleated khaki trousers and rolled up shirtsleeves, they know that it is no accident that Albright has managed to turn the ISIS into one of the leading think tanks in Washington . Albright's words carry significant weight in the world of nuclear scientists.

The ISIS spent four weeks analyzing the initial reports about the mysterious air strike in Syria , combing over satellite images covering an area of 25,000 square kilometers (9,650 square miles) before they discovered the destroyed complex of buildings in the desert.

In April 2008, Albright received an unexpected invitation from the CIA to attend a meeting. There, then-CIA Director Michael Hayden showed him images that the Israelis had obtained from the Syrian computer in London (much to the outrage of officials in Tel Aviv, incidentally, as it provided insights into Mossad sources). The photos enabled Albright, who was familiar with the dimensions and characteristics of North Korea 's Yongbyon reactor, to compare the various stages at Al Kibar. "There are no longer any serious doubts that we were dealing with a nuclear reactor in Syria ," the scientist concluded.

Albright believes that the CIA's strange behavior had to be understood in the context of the Iraq disaster. At the time, the administration of then-President George W. Bush, citing CIA information, constantly repeated the false claim that Saddam Hussein possessed weapons of mass destruction. This time around, American intelligence wanted to prove that the threat was real.

But where did the Syrians get the uranium they needed for their heavy-water reactor, and in which secret plants was it enriched? In addition to the North Koreans, were the Iranians also involved? And what did the latest images of this " Manhattan project" in the Syrian desert actually depict -- the conversion of an existing plant or a completely new facility?

Part 5: The Sisyphus of Non-Proliferation

Vienna , the UN complex on Wagramer Straße, headquarters of the IAEA's nuclear detectives. An impressive collection of national flags hangs in the lobby, like sails waiting for a tailwind. Of the 192 UN member states, 150 are also members of the IAEA, and almost all UN members have signed the Nuclear Non-Proliferation Treaty (NPT). The problem children of the nuclear world, Israel , Pakistan and India , have not signed the treaty. All three of them possess -- or in the case of Israel , are believed to possess -- nuclear weapons.

Signatory states like Syria and Iran are entitled to support in pursuing the peaceful use of nuclear energy. They are also required to either phase out nuclear weapons and prevent their proliferation (in the case of the nuclear "haves") or refrain from developing them in the first place (in the case of the "have-nots").

The IAEA, whose job is to verify compliance with the provisions of the NPT, has 2,200 employees and an annual budget of roughly $300 million. That may sound impressive, but it is really just peanuts if the claim repeatedly made by politicians around the world is true, namely that the possibility of nuclear weapons falling into the hands of blackmailing dictators or terrorists poses the greatest danger to humanity.

During an interview with SPIEGEL in his Vienna office in May 2009, IAEA Director General Mohamed ElBaradei, 67, sighed as he took stock of his life. At times, the IAEA boss says, he has felt like Sisyphus, the tragic figure in Greek mythology who is constantly pushing a boulder up a mountain, only to lose hold of it shortly before the summit. ElBaradei, the winner of the 2005 Nobel Peace Prize, has repeatedly pointed out that his organization is subject to the whims of the member states. The nuclear detectives can admittedly be deployed to use their highly sensitive testing equipment to obtain a "nuclear fingerprint" in any particular place, but they also need access to reactors. Libya has caused problems in the past, while today's recalcitrants are North Korea and Iran -- in other words, the usual suspects. And now Syria . The news about the desert nuclear plant came as a great shock to the IAEA.

"What the Israelis did was a violation of international law. If the Israelis and the Americans had information about an illegal nuclear facility, they should have notified us immediately," says ElBaradei, who only learned of the dramatic incident from media reports. "When everything was over, we were supposed to head out and search for evidence in the rubble -- a virtually impossible task."

Alarming Findings

But he had underestimated his inspectors. In June 2008, a team of IAEA experts visited the destroyed Al Kibar plant. The Syrians had given in to pressure from the weapons inspectors, but they had also done everything possible to dispose of the evidence first. They removed all the debris from the bombed facility and paved over the entire site with concrete. They told the inspectors that it had been a conventional weapons factory, and not a nuclear reactor, which they would have been required to report to the IAEA. They also insisted that foreigners had not been involved.

The IAEA experts painstakingly collected soil samples, and used special wipes to remove minute traces of material from furnishings or pipes still on the site. The samples were sent to the IAEA special laboratories in Seibersdorf, a town near Vienna , where they were subjected to ultrasensitive isotope analyses capable of determining whether samples had come into contact with suspicious uranium. And indeed, the analysis produced some very alarming findings.

In its report, the IAEA describes "a significant number of anthropogenic natural uranium particles (i.e. produced as a result of chemical processing)" which were "of a type not included in Syria 's declared inventory of nuclear material." The Syrian authorities claimed that the uranium was introduced by the Israeli bombing, something that the IAEA said was of "low probability."

In its latest report, released in June 2009, the IAEA demanded, in no uncertain terms, that Damascus grant it permission for another series of inspections, this time with access to "three other locations" that may have been related to Al Kibar. "The characteristics of the complex, including the cooling water capacities, bear a strong similarity to those of a nuclear reactor, something which urgently requires clarification," says one IAEA expert. In the cautious language of UN officials, this is practically a guilty verdict.

In the Crosshairs

"Syria is not giving us the transparency we require," ElBaradei says angrily. A picture hanging in his office seems to reflect his mood. It is a print of "The Scream," by the Norwegian painter Edvard Munch, which depicts a deeply distraught person. ElBaradei does not believe that he is too lenient with those suspected of illegally pursuing nuclear weapons programs, as the Bush administration repeatedly claimed, particularly in relation to Iran . The IAEA, he says, will probably receive permission for a new inspection trip to Syria soon. Or at least he hopes it will.

If and when that happens, a different host will greet the UN team. The affable Brigadier General Mohammed Suleiman, an Assad confidant in charge of all manner of "sensitive security issues," was formerly in charge of presiding over the inspections. However he was assassinated in 2008. He landed in the crosshairs of his pursuers, just like Hezbollah commander Imad Mughniyah.

For the Israelis, Mughniyah was the epitome of terror, the most notorious terrorist mastermind in the Middle East . He was responsible for the bloody attack on American military headquarters in Beirut in the 1980s and on Jewish institutions in Argentina in the 1990s, attacks in which hundreds of innocent people died. He is regarded by some as the inventor of the suicide attack and was deeply rooted in Iranian power structures.

The Mossad had information that Mughniyah was planning to avenge the air strike on Al Kibar with an attack on an Israeli embassy -- either in the Azerbaijani capital Baku , Cairo or the Jordanian capital Amman .

Part 6: Assassinated in an SUV

Damascus , the building complex of the Atomic Energy Commission of Syria in the city's Kafar Soussa diplomatic quarter, February 2008. Visitors are not welcome. "Please contact post office box 6091 ," says the guard at the entrance. There is also an email address. But inquiries sent to both addresses remain unanswered. No wonder, say experts, who speculate that the threads of a secret nuclear weapons program come together in the inconspicuous AECS complex.

It was precisely on the street where the AECS complex is located that Imad Mughniyah, a.k.a. "The Fox," parked his Mitsubishi Pajero on Feb. 12, 2008 while he attended a reception at the nearby Iranian embassy. It was a rare appearance by a man who normally avoided being seen in public. But on that evening Mughniyah knew that he would be among friends, including Hamas leader Khaled Mashal and Syrian General Mohammed Suleiman, whom he had met many times in Tehran and at Hezbollah centers in Lebanon .

Shortly after 10:30 p.m., Mughniyah drank his last glass of freshly squeezed orange juice. Then he kissed the host, the newly installed Iranian diplomat Ahmed Mousavi, on both cheeks, as local custom dictates, and left the party. Mughniyah was "probably the most intelligent, most capable operative we've ever run across," said former CIA agent Robert Baer, who had been tracking him for a long time. The terrorist knew that he was at the very top of the Mossad's hit list, and he also knew that the FBI was offering a $5 million reward for information leading to his arrest. But he felt relatively safe in Syria , as he did in Beirut and Tehran , which he visited on a regular basis.

The explosion completely destroyed the SUV and ripped apart Mughniyah's body. He was killed instantly. But the explosive charge was apparently calculated so carefully that nearby buildings were barely harmed. The terrorist leader remained the only victim on that night in Damascus .

Whoever committed the act, "the world is a better place without this man," the American government announced the next day through State Department spokesman Sean McCormack. Hezbollah, which had no doubts as to who was responsible for the killing, called Mughniyah a "martyr" and vowed to retaliate against the "Zionists."

The Israel government neither confirmed nor denied any involvement in the assassination. But agents at the Mossad could hardly contain their delight. According to information leaked to intelligence expert Uzi Mahnaimi, Israeli agents had removed the driver's seat headrest and filled it with a compound that would detonate on contact. Intelligence expert Ronen Bergman can even describe the reaction of Israelis who were involved. "It was a shame about that nice new Pajero," one of them reportedly said.

Tartous, a medieval stronghold of the Knights Templar on the Syrian Mediterranean coast, five months later. It was at this port city, 160 kilometers northwest of Damascus , that the mysterious freighter Hamed had once berthed with its supposed cargo of cement from North Korea . Here, on a beach 13 kilometers north of the medieval city walls, General Suleiman had a weekend house, not far from the Rimal al-Zahabiya luxury beach resort. In the summer, Suleiman traveled to his weekend house almost every Friday to review files, relax and swim. On this first August weekend in 2008, President Assad's eminence grise must have taken along a particularly large number of documents. A few days later, he had planned to accompany Assad on a secret visit to Tehran .

As always, Suleiman drove from Damascus to Tartous in an armored vehicle. Additional bodyguards were waiting for him at his chalet. They never let him out of their sight, even escorting him into the water when he went swimming. After Mughniyah's murder on a busy Damascus street, security was at the highest possible level. The general, who interacted with the global community as the regime's senior representative on nuclear issues, was considered particularly at risk.

The sea was calm that morning. Yachts were cruising off the coast, and there was nothing to raise suspicions in Tartous, a popular sailing destination for Syria 's moneyed aristocracy where boats can be chartered for visits to nearby Arwad Island and its fish restaurants. An unusually sleek yacht came within 50 meters of the coast, but it was not close enough to raise any red flags with the bodyguards when their boss decided to jump into the sea.

No one even heard the gunshots, which were probably fired from precision rifles equipped with silencers. But they clearly came from offshore, striking Sulaiman in the head, chest and neck. The general died before his bodyguards could do anything for him. The yacht carrying the snipers turned away and disappeared into international waters.

Hushed Up

The Syrian authorities kept the news of the murder from the public for days. After that, it issued terse statements about the "vicious crime." According to the official account, the general was "found shot dead near Tartous." There was no mention of a yacht or of the angle from which the shots were fired.

Speculation was rife in Damascus . Diplomats assumed that Suleiman had become too powerful for his fellow cabinet members, and that his killing was evidence of an internal Syrian power struggle. According to Western critics of the president, Suleiman had become a burden for Assad after the debacle involving the bombed nuclear plant and the Mughniyah murder, and he was eliminated on orders from Assad. For experts, however, the most likely scenario is that the Israelis were behind the highly professional assassination.

Suleiman, who was nicknamed "the imported general" because of his European appearance, was buried in a private ceremony in his native village of Draykish two days after his murder. President Assad sent his younger brother Maher to attend the secret funeral, while he himself embarked on his scheduled trip to Tehran . It was important for him to put on a show of self-control, no matter how distressed he may have felt.

Can bomb attacks and hit squads against real or presumed terrorists bring about progress in the Middle East ? Is it true that Arabs and Israelis only understand the language of violence, as many in Tel Aviv are now saying? Did the operation against the Al Kibar complex, which violated international law, bring the Syrian president to his senses, or did it merely encourage him to harden his position?

And what does all this mean for a possible Iranian nuclear bomb?

Part 7: The Consequences of Operation Orchard

"The facility that was bombed was not a nuclear plant, but rather a conventional military installation," Syrian President Bashar Assad insisted during a SPIEGEL interview at his palace near Damascus in mid-January 2009. "We could have struck back. But should we really allow ourselves to be provoked into a war? Then we would have walked into an Israeli trap." What about the traces of uranium? "Perhaps the Israelis dropped it from the air to make us the target of precisely these suspicions."

Damascus , he said, is not interested in becoming a nuclear power, nor does it believe that Tehran is developing the bomb. " Syria is fundamentally opposed to the proliferation of nuclear weapons. We want a nuclear-free Middle East , Israel included."

Assad, outraged over Israeli belligerence in the Gaza Strip, has suspended secret peace talks with the enemy, which had been brokered by Turkey . But it is also abundantly clear that Assad is eager to remove himself from the list of global political pariahs and enter into dialogue with the United States and Europe .

In the autumn of 2009, relations between Damascus and the West seem to be on the mend, probably as the result of American concessions rather than Israeli bombs. French President Nicolas Sarkozy received Assad at the Elysée Palace and told him that the normalization of relations would depend on the Syrians meeting a provocatively worded condition: "End nuclear weapons cooperation with Iran ." In the first week of October, Syrian Deputy Foreign Minister Faisal Mekdad traveled to Washington to meet with his counterparts there. And Saudi Arabia 's King Abdullah, with Washington 's explicit blessing, went to Damascus in an attempt to make a shift to the moderate camp more palatable for Assad.

President Barack Obama will probably send a US military attaché to Damascus soon, followed by an ambassador. Syria could be removed from the US 's list of state sponsors of terrorism, a list which also includes Iran , Cuba and Sudan . The prospect of billions in aid, as well as transfers of high technology, is being held out to Assad. The Syrian president knows that this is probably his only hope to revive his ailing economy in the long term.

Relations between Damascus and Tehran have worsened considerably in recent weeks. Western intelligence agencies report that the Iranian leadership is demanding that Syria return -- in full and without compensation -- substantial shipments of uranium, which it no longer needs now that its nuclear program has been destroyed.

The latest news from Damascus , the ancient city where Saulus turned into Paulus according to the old scripts: According to information SPIEGEL has obtained from sources in Damascus , Assad has been considering taking a sensational political step. He is believed to have suggested to contacts in Pyongyang that he is considering the disclosure of his "national" nuclear program, but without divulging any details of cooperation with his North Korean and Iranian partners. Libyan revolutionary leader Moammar Gadhafi reaped considerable benefits from the international community after a similar "confession" about his country's nuclear program.

 

The reaction from North Korea was swift and extremely harsh: Pyongyang sent a senior government representative to Damascus to inform Syrian authorities that the North Koreans would terminate all cooperation on chemical weapons if Assad proceeded with his plan. And this regardless whether he mentioned Pyongyang in this context or not.

Tehran 's reaction is believed to have been even more severe. Saeed Jalili, the country's leading nuclear negotiator and a close associate of Iran's supreme religious leader, apparently brought along an urgent message from the Ayatollah Ali Khamenei, in which Khamenei called Assad's plan "unacceptable" and threatened that it would spell the end of the two countries' strategic alliance and a sharp decline in relations.

According to intelligence sources, Assad has backed down -- for the time being. However he is also looking for ways to do business with his enemies, even Israel 's hard-line prime minister, Benjamin Netanyahu. Nevertheless, Assad is loath to give up his contacts to Hezbollah and Tehran completely, and he will demand a very high price for the possible recognition of Israel and for playing the role of mediator with Tehran , namely the return of the entire Golan Heights .

Time on Its Side

Did Operation Orchard make an impression on the Iranians, and did they understand it the way it was probably intended by the Israelis: as a final warning to Tehran ?

The Iranians have -- literally -- entrenched themselves, and not only since the Israeli attack on Syria . Many of the centrifuges they use for uranium enrichment are now operating in underground tunnels. Not even the bunker-busting super-bombs the Pentagon has requested be made available soon, citing "urgent operational requirements," are capable of fully destroying facilities like the one in Natanz.

 

The Americans -- or the Israelis -- would have to conduct air strikes for several weeks and destroy more than a dozen known nuclear facilities to set back the Iranian nuclear program by more than a few weeks. It would be a far more complex undertaking than the Israelis' past attacks on the Osirak reactor in Iraq and Syria 's Al Kibar nuclear plant. And even after such a comprehensive operation, which would expose them to counterattacks, they could not be entirely sure of having wiped out all key elements of the Iranian nuclear program. Just in September, Tehran surprised the world with the confession that it had built a previously unreported uranium enrichment plant near Qom .

Operation Orchard achieved only one thing: If the Iranians had planned to build a "spare" nuclear plant in Syria , that is, a backup plutonium factory, their plans were thwarted. But Tehran has time on its side. The Iranians are already believed to have reached breakout capacity -- in other words, the ability to begin building a nuclear weapon if they so desire. Iran is on the verge of becoming a nuclear power.

And Syria ? There is nothing to suggest that Damascus will or is even able to play with fire once again. A conventional factory has in fact been built over the ruins of the Al Kibar plant. There is no access to the plant -- for "security reasons," as residents of Deir el-Zor say tersely -- at the roadblock near the great river and the desert village of Tibnah .

The turquoise-colored river flows slowly, the river that Moses, according to the Bible, promised to the Israelites as part of their holy land. To this day, many radical Israelis take the relevant passage in the Bible as seriously as an entry in the land register: "Every place that your foot shall tread upon shall be yours. From the desert, and from Libanus, from the great river Euphrates unto the western sea."

Referring to the same river, the Prophet Muhammad is supposed to have said: "The Euphrates reveals the treasures within itself. Whoever sees it should not take anything from it."

 

Translated from the German by Christopher Sultan

http://www.spiegel.de/international/world/0,1518,658663,00.html

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ