ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 07/05/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

هكذا تحول الأمريكيون إلى شعب من البؤساء

ديفيد سوانسون*

ترجمة: كمال حسين البيطار

اليوم هو 19 مارس/ آذار ،2009 ونحن في حديقة عامة اتخذها الناس مأوى يبتغون العيش فيها هرباً من فقرهم وشدة حرمانهم وقسوة ما يتقلبون على لظاه من بؤس وشقاء .مغرية هي الصورة تدهش المرء وتسحره، بهارج وزخارف ومشهد آسر يسبي العقول ويطيح بلب الإنسان، ويبهره حين ينظر إلى الولايات المتحدة من الخارج، من بعيد فيفتنه المنظر ويغويه ويأخذ بمجامع قلبه، لا سيما إذا كنت هنا في مدينة ريتشموند عاصمة ولاية فيرجينيا وفي هذا الموقع حيث مكاتب الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الفخمة. إلا أن هذه المكاتب البديعة تطل على تلك الحديقة المشار إليها آنفاً حيث لاذ الفقراء بكنفها فلا دار لهم سواها

من الخارج يخال من لا يدري أن الولايات المتحدة هي الفردوس الأرضي المترع بالمباهج ويظن أن ناسها بألف خير، وأن كل فرد فيها يبلي بلاء حسناً وأن أحوال أهلها على خير ما يرام .

من خارج الولايات المتحدة ما أسهل أن يشطح بك الخيال فتتوهم أن كل أمريكي فيها إنما هو قصة نجاح رائعة.

وإذا كنت تقطن في بلد يحتله الجنود الأمريكان، كما هو شأن نحو 150 بلداً في كافة أرجاء المعمورة، أو إذا كنت تعيش في فقر مدقع في بيئة تفتك بها الأمراض، أو إذا كانت الولايات المتحدة تؤمن لحكومة بلدك ما تطلبه من أسلحة باهظة الثمن تتألق لمعاناً، أو إذا كان تحتك بهم من الأمريكان يعاملونك بازدراء، أو إذا كان ما تختزنه ذاكرتك من صور عن الولايات المتحدة إنما جاءت من هوليوود يستدرجك الوهم إن لم تكن تدرك جوهر الأشياء بل تكتفي بمظهرها وبهرجها فتعتقد أن الناس كلهم في الولايات المتحدة يتمرغون في الترف ويتنعمون في حلل الرخاء هناك في عقر دار الامبراطورية، فهل ثمة تصور خادع أكثر من هذا؟

 

محض هراء تلك التخيلات كلها. وذاك البلد وتلك الأمة التي تستثمر في الإمبراطورية لا تكن أي احترام للحياة الإنسانية. والأمة التي تستثمر في الإمبراطورية هي أمة تحكمها مجموعة صغيرة من مسؤولين مهووسين بالقوة والتسلط . والأمة التي تحكمها أغلبية شعبية لا تستثمر في إمبراطورية وإنما يستثمر في إمبراطورية حكم القلة من الطغاة المستبدين. لقد ترامت أطراف الإمبراطورية الرومانية في أقاصي الشرق والغرب، إلا أن المدينة الخالدة ذاتها كانت تغص بالعبيد وبما أنه لا شيء خالداً على وجه الحقيقة فإن جنون الإمبراطورية طغى وتمادى حتى دمرت الإمبراطورية ذاتها وبادت واندثر جبروتها فصارت أثراً بعد عين.

 

مشردون بلا مأوى

لذا فإننا على وجه الحقيقة، إن تدبرنا وتبصرنا، نجرجر أقدامنا في ذيل قافلة الأمم. نعم لقد صرنا في المؤخرة وسبقتنا أمم أخرى كثيرة في مجالات عديدة، نحن الأمة التي تمتلك أسلحة أكثر وأشد فتكاً وقواعد أكثر وجنوداً أكثر من بقية العالم مجتمعاً بأسره، فاقنا كثير من الأمم الأخرى في مضمار الصحة وخدماتها وفي ميدان التربية والتعليم، وفي ميدان الرفاه الاجتماعي. وطوابير العاطلين عن العمل عندنا تتضخم باطراد . ويهرول مئات الآلاف يتناحرون للظفر بفرصة عمل بعد أن سدت الآفاق في وجوههم .

ويعمل الكثيرون لساعات طويلة جداً ويعانون من أمراض فتاكة، وهذا كله يجعل من الصعب على الناس أن يكونوا مواطنين ناشطين فاعلين. غير أن السبب الأعظم إنما هو أننا أوكلنا أمر تسيير أمور أمتنا ودولتنا لمجموعة من الشركات الكبرى المتجبرة الجشعة فأفضى بنا الحال إلى أن أصبحنا مشردين لا مأوى لنا وفقدنا وظائفنا وفقدنا نظام التأمين الصحي وتحولنا إلى شعب من البؤساء، إلا أن الأوان لم يفت لتدارك الأمر والحيلولة دون السقوط في الهاوية.

 

ولربما يطرح أي شخص اليوم السؤال التالي: لماذا ينبغي علينا تحويل التمويل من مكان إلى مكان؟ فعندما يبتغي أباطرة المصارف بضعة تريليونات من الدولارات هنا أو هناك فإن القادة الذين يسيرون دفة الحكم لا يتوانون في تلبية طلباتهم فيبادرون إلى استدانة المبلغ المطلوب من الصين أو من الاحتياطي الفيدرالي الذي يخترع المال من الفراغ أو من الهواء، أفلا يمكننا أن نصنع الصنيع ذاته حين يحتاج قطاع التعليم أو القطاع الصحي أو القطاع الاجتماعي إلى الأموال؟ وماذا لو خفضنا إنفاقنا العسكري الهائل غير المسبوق في التاريخ البشري كله؟

وماذا لو قلصنا عدد ما نشنه من حروب باهظة التكلفة؟ بل ماذا علينا لو أوقفنا كل الحروب وأوقفنا بذلك كل هذا الاستنزاف للدم والمال؟ وماذا لو وجهنا الأموال إلى وجهات غير نجدة الشركات الكبرى المتعثرة وإلى استنقاذ أصحاب المليارات؟

 

والجواب الأول هو أننا إذا نهضنا ونظمنا حركة تنادي بأن تكون لنا نحن الشعب الأمريكي كلمة مسموعة ونافذة في الكيفية التي تنفق فيها أموالنا وتبدد فيها ثرواتنا استطعنا أن نكون أسياد أنفسنا وأن نوقف نزيف الدم والمال. أما إذا مضينا سادرين في غفلتنا وسلبيتنا فسوف تتفاقم الأمور ويقع المحظور فنسارع الخطى نحو الانهيار التام.

علينا أن ننشر الوعي على نطاق واسع بأن اقتصاد الحرب ليس باقتصاد على الإطلاق بل هو اقتصاد بلد أزمات تلو أزمات ويفضي بنا في نهاية المطاف إلى الهلاك والضياع، والاستثمار في القتل لا يحفز بقية القطاعات الاقتصادية . وإذا ما تحولنا إلى اقتصاد السلم سحبنا البساط من تحت المجمعات الصناعية المتنفذة ومن تحت أقدام أباطرة تجارة الأسلحة الذين استعبدوا ممثلي الشعب بالرشى ويسخرونهم لخدمة مآربهم . وإذا ما تحولنا إلى اقتصاد السلام توفرت فرص العمل وأتيحت فرصة ذهبية للازدهار .

ومن ناحية أخرى، لا ينبغي على الإطلاق أن يستغرقنا همنا وما نعانيه من أزمات كبرى في اقتصادنا فنتعامى عن معاناة الآخرين الذين كانوا ضحايا لما ارتكبته حكومتنا من جرائم بحقهم والذين ذاقوا الأمرين من إرهاب حكومتنا . نعم نحن مسؤولون أيضاً عما ارتكبته حكومتنا من فظائع بحق الآخرين في أفغانستان وباكستان والعراق.

 

آثار الحروب

وها قد انقضت ست سنوات على الحرب الدموية الوحشية المروعة التي أشعلنا نارها في العراق، كما مضى أكثر من 7 أعوام على تلك التي أوقدناها في أفغانستان. والأجيال الجديدة من الأطفال الذين ولدوا زمن هذه الحروب لم تعش سوى أجواء الحروب ومناخاتها الرهيبة، وما أورثتهم هذه الحروب من ترويع لا يمحى من الذاكرة. وها نحن اليوم نعجز عن تأمين سكن لشعبنا الأمريكي ناهيك عن تأمين سكن أو تعويض خمسة ملايين عراقي شردناهم من وطنهم فأصبحوا يهيمون على وجوههم في

ديار التشرد، وناهيك عن مليون ونصف المليون عراقي قتلوا جراء حربنا على بلدهم وملايين أخرى ممن أصيبوا أو قتلوا.

 

وفي حين يريد الشعب العراقي منا أن نرحل عن بلده نصر على البقاء باسم الديمقراطية. وينبغي أن يكون هذا كله إشارة موحية تنبئ عن حال الديمقراطية عندنا في الولايات المتحدة . لقد قتلنا أعداداً لا تحصى من العراقيين وشردنا أعداداً ضخمة أخرى منهم ونفينا منهم الملايين وقطعنا أوصال بلدهم بالجدران وبالأسلاك الشائكة، وزرعنا في صفوفهم الفرقة وأغرينا بينهم العداوة والبغضاء فاستعرت في وطنهم حرب لا تهدأ نارها ولا تبقي ولا تذر . وهذا بدوره أصبح سبباً وجيهاً يملي علينا أن نمكث في هذا البلد، فتزايُد العنف المتواصل هو دائماً سبب كبير للبقاء ولبناء المزيد من القواعد العسكرية .

فهل تعلمنا يا ترى شيئاً خلال السنوات السبع الماضية؟ علم كثير من الأمريكيين أن الحرب في العراق إنما قامت على صرح من التزييف والأكاذيب والافتراءات، فهل نتعظ الآن ونحن ندق طبول الحرب خفية لضرب إيران؟ وها هي لعبة التلفيق والتزوير قد بدأت، فهل بدأ العد التنازلي لشن حرب جديدة؟

 

حان وقت الصداقة

ضربنا أفغانستان واحتلها جندنا وأطحنا بطالبان إلا أننا اليوم نواجه بأسهم الشديد ونعاني من قتالهم الشرس ومن هجماتهم المروعة التي تزداد ضراوة يوماً عن يوم ليتردى وضعنا هناك بمرور الزمن ونتكبد خسائر فادحة في الأرواح والأموال .

آن الأوان لكي نمد يد العون لهذه الشعوب التي نكبتها آلتنا الحربية. آن الأوان لنقدم لهم عوناً غير العون العسكري وغير القنابل. حان الوقت لنمد لهم يد الصداقة والتعاون والدبلوماسية بدل إمطارهم بالقنابل وإصلائهم بالرصاص وحرق وتدمير بلادهم وتقتيل أبنائهم .

بالأمس كان هناك في الكونجرس جلسات استماع بشأن تفشي ظاهرة الانتحار في صفوف القوات المسلحة لا سيما الميدانية العاملة في العراق. فالناس الذين يتورعون عن الإيغال في عمليات القتل التي نأمرهم بارتكابها ويأبى ضميرهم اقتراف هذه الجرائم ينتهي المطاف بكثير منهم إلى وضع حد لحياتهم والإقدام على الانتحار، وقد أكدت التقارير أن معدلات الانتحار ضخمة جداً وتتزايد باطراد. كما أننا سنخسر المزيد من الأمريكيين الجرحى، وعددهم كبير جداً حتى الآن، وهم يموتون موتاً بطيئاً. وعدد من ينتحرون يفوق بكثير عدد من يسقطون في ميادين المعارك. وإذا ما قدر لهذه المعطيات والمعلومات أن توقظ بعض الغافلين وتوعيهم فإن هذا سيستغرق وقتاً طويلاً وأرجو ساعتها ألا يكون قد فات الأوان، ولكن ينبغي أن نسأل: أين هي جلسات الاستماع للضحايا من العراقيين والأفغان والفلسطينيين والباكستانيين؟ لقد شهد أحد ضحايا التعذيب على أيدي الأمريكان العام الماضي، وكان يتحدث عبر الأقمار الصناعية فأخبرنا بما تشيب لهوله الولدان مما اكتوى بناره من التعذيب الشديد . وبعد أن استمع إليه عضو الكونجرس روهرا باشار شرح له كيف أن الأخطاء ترتكب في الحروب وينبغي تحملها. وها هم شيخونا في المجلس يتحدثون عن لجنة حقيقة ومصالحة متناسين حقيقة أنه ليس من المتخيل تصالحنا مع كل هذا العدد الهائل من ضحايانا وأن الأجدر بنا أن نتصالح مع أنفسنا أولاً. فهل سنتصالح يوماً ما مع أمة ترتكب جرائم حرب على هذا النطاق؟

كانت منا فئات عارضت الحرب في العراق ولكن ماذا فعلوا؟

 

صلاحيات الكونجرس

لا يكمن السبب الرئيسي وراء خواء نظامنا السياسي من الديمقراطية الحقة في الفساد المستشري في الكونجرس فحسب، برغم التسليم بأن ثمة فساداً عم وطم في هذه الهيئة الديمقراطية العليا . والسبب الأكبر إنما هو كون الكونجرس بلا سلطة، فلا قوة يعتد بها بين يديه بعد أن انتزعت منه صلاحيات كبرى ذهبت إلى الرئيس فزادت من سطوته وجبروته وجردت المجلس من كثير من مقومات سلطته. ولا يمكن لمجتمع ديمقراطي أن يتعايش مع صلاحيات وسلطات رئاسية استلبها بوش واستأثر بها، وها هو أوباما قد شرعن اغتصابها ووسع دائرتها . وليس من سمات المجتمع الديمقراطي على الاطلاق أن تكون لديه وكالات حكومية سرية وقوانين سرية، وقوانين أعيدت صياغتها ومقاليدها بيد المسؤول التنفيذي، رجل واحد بيده قرار شن الحرب، رجل واحد بيده إقرار إنفاق وصرف كل قرش من مال الحكومة، رجل واحد يملك أن يبرم المعاهدات وأن ينقضها . ومع ذلك، فإن أوباما، الذي يحسب له أنه قال إنه سينهي التعذيب ويغلق مكاناً واحداً من أمكنة كثيرة جداً نعتقل فيها الناس من دون شرعية قانونية، بل وخارج نطاق القانون إطلاقاً، كتب بياناً الأسبوع الماضي يخبر فيه الكونجرس بألا يتدخل في سلطاته الدستورية التي تتيح له إبرام معاهدات، هذا برغم حقيقة أن الدستور يقول إنه ينبغي تأمين ثلثي أصوات مجلس الشيوخ لتتم المصادقة على أي معاهدة أو اتفاقية.

 

التغيير الصعب

أتخمونا بالحديث عن التغيير والفجر القادم الذي يمحو الظلام، ورحنا نترقب هذا التحول، إلا أنه لا بوادر البتة على أن ثمة تغييراً حقيقياً سيحدث. لقد كانت عملية سجن الناس خارج الولايات المتحدة في بلدان أجنبية حليفة لنا ونقلهم من بقعة إلى أخرى لتعذيبهم أمراً مستهجناً صارخاً في انتهاكه لكل الشرائع، إلا أنه أصبح عادياً الآن. وليس لدينا المزيد من المقاتلين الأعداء اليوم، إلا أننا نعتقل الآن مئات ممن نصنفهم بأنهم خصوم محاربون وصرنا نستخدم قوات غير محاربة أصلاً لتقوم بالحرب نيابة عنا . كما أن النظام الصحي والطبي عندنا لم يحظ بأي لمسة إصلاح. وشركة “بلاك ووتر” ليس عليها أن تغادر العراق وترحل لأنها وببساطة غيرت اسمها . فهل هذه هي الديمقراطية التي صوت لها الشعب الأمريكي؟

بالأمس وافاني بريدي الالكتروني برسالة من منظمة العفو الدولية يلتمسون مني فيها أن أعترض على إحياء أوباما لسياسات بوش. حسناً، إلا أنني أود أن أقول إن تلك السياسات لم تمت أبداً حتى يأتي شخص مثل أوباما فيحيي مواتها ويبعثها من مرقدها، ثم إن تلك لم تكن بسياسات وما ينبغي لها أن تكون، بل هي بحق ما عهد أن نطلق عليه اسم الجرائم . والبارحة أيضاً ثاب إلى رشده الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية . أخيراً، أخيراً ثاب الاتحاد إلى رشده في نهاية المطاف فالتمس القوم فيه من النائب العام تعيين مدع خاص وإنفاذ القوانين.

ومع هذا فإن ثمة حشداً ضخماً في صفوف حركة السلام ممن لا يريدون التحدث عن القانون، بل لا يودون حتى الحديث عن القوانين المناهضة للحرب العدوانية. بل هنالك حتى كثير ممن لا يودون الحديث عن الحروب ولا يريدون الخوض فيها ويؤثرون الحديث عن الإنفاق العسكري. نعم ينبغي علينا أن نتكلم عن الإنفاق العسكري يجب علينا هذا من دون شك، غير أن الاقتصار على مثل هذا الحديث لن ينهي الحروب. ولا تزال الحروب على دمويتها وشناعتها بغض النظر عمن يسكن البيت الأبيض ويبيت فيه.

بل ربما ينتهي بنا المطاف إلى إيقاف بعض برامج الأسلحة، بخاصة تلك التي لا جدوى منها أو التي صممت لمحاربة الاتحاد السوفييتي أو لمقارعة الأسطول الياباني إلا أن هذا الكونجرس وهذا الرئيس

يريدان زيادة الميزانية الإجمالية للقتل . وسيكون هذا نصراً على الفساد لمصلحة أعظم وأبشع ما عرفته البشرية بقضها وقضيضها من أصناف الفساد الأخلاقي . وسينتهي بنا المطاف إلى تجنيد المزيد من القوات وشراء أسلحة أشد فتكاً وتدميراً لقتل عدد أكثر من البشر . وبذا تغيب في لجج النسيان ويبتلعها يم التجاهل تلك الملاحظة التي أتحفنا بها الرئيس إيزنهاور حين أثار هذه النقطة فقال “إن كل مدفع نصنع، وكل سفينة حربية أو مدمرة نطلق، وكل صاروخ نطور نضرب به، إنما يشكل في التحليل النهائي سرقة من أولئك الذين يتضورون جوعاً أو تفتك بهم الأمراض ولا يستطيعون دفع ثمن الدواء، أو يهلكهم البرد القارس وهم أشبه بالعراة لا يملكون ما يقيهم غائلة الزمهرير ولا ما يدفعون به عن أنفسهم ويلات الشتاء”.

 

وهذه الأموال الطائلة التي منحناها فذهبت إلى البنوك وأباطرة المصارف كان بوسعنا أن نجود بها على أهل أمريكا كافة فينال الواحد منهم عشرات الآلاف من الدولارات، لكنه بمقدورنا بهذا الذي ننفقه ونبدده، بما فيه النفقات الاقتصادية غير المباشرة، على احتلال العراق أن نعطي كل عراقي مائة ألف دولار.

دعونا نتدبر أمرنا ونحدد أولوياتنا بما فيها إنهاء الحروب ليس فقط لأن خوضها سيئ بائس أو لأن قتالنا فيها مازال يتعثر ومازلنا نمنى بالهزائم، أو لأن إدارة هذه الحروب نخرها الفساد واستشرى أو حتى بسبب الكلفة الباهظة للحروب، بل لأنها تقتل الأنفس وتبيد البشر . ضعوا حداً للاحتلالات، أنهوا الضربات الصاروخية، أغلقوا القواعد العسكرية، أعيدوا إخوتنا وأخواتنا إلى الوطن، لاحقوا مجرمي الحرب وقدموهم للعدالة، وأنشئوا لجنة للحقيقة والمصالحة عساها تصلح ذات البين فتصالح الولايات المتحدة مع نسبة 95% الأخرى من البشرية . . أعيدوا السلطة والقوة للشعب.

ــــــــــ

* مؤلف كتاب “انبلاج الصبح: إبطال الرئاسة الامبريالية وتشكيل اتحاد أكثر اكتمالاً” الذي ينشر قريباً. عمل مراسلاً للصحف وله العديد من المقالات.

18 / 4 / 2009

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ