ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد  22/02/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

خارطة طريق كارتر للسلام بالمنطقة

كتاب جديد للرئيس الأمريكي الأسبق "جيمي كارتر.

تقرير واشنطن – محمد علاء

العدد 197 14 فبراير 2009

عنوان الكتاب: نستطيع إحلال السلام في الأرض المقدسة. خطة ستنجح.

We Can Have Peace in the Holy Land : A Plan That Will Work

المؤلف: جيمي كارتر Jimmy Carter

تاريخ النشر: 20 من يناير 2009

دار النشر: Simon & Schuster

عدد الصفحات: 256 صفحة.

بعد كتابه "فلسطين: سلامٌ لا فصلاً عنصريًّا Palestine: Peace Not Apartheid"، الذي أثار ضجة كبيرة بين أوساط المؤيدين لإسرائيل داخل الولايات المتحدة وخارجها، صدر كتاب جديد للرئيس الأمريكي الأسبق "جيمي كارتر Jimmy Carter" منتصف الشهر الماضي (يناير 2009) تحت عنوان "نستطيع إحلال السلام في الأرض المقدسة. خطة ستنجح"، يشرح فيه تاريخ منطقة الشرق الأوسط، وتجربته مع تلك المنطقة، والعقبات التي تعترض عملية السلام، والتوصل إلى اتفاق سلام ينهي الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي المتأزم.

صدر كتاب "كارتر" بالتزامن مع خروج إدارة أمريكية – إدارة الرئيس بوش الابن – أهملت القضية الفلسطينية، وتولي إدارة جديدة السلطة دستوريًّا – إدارة أوباما – في العشرين من الشهر الماضي التي يعول عليها للاهتمام بتلك القضية المحورية بمنطقة الشرق الأوسط، والتي يُنظر إليها على أنها المدخل لحل صراعاتها حسب كثيرٍ من المحللين الغربيين والعرب. فكتاب كارتر يقدم الخطوط العريضة التي ينبغي أن تنتهجها إدارة أوباما تجاه الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.

ففي كتابه، يؤكد كارتر على أن هناك فرصة مواتية للسلام على الرغم من الوضع المتأزم في المنطقة. ولهذا ركز كارتر على شرح رؤيته لمعالم الطريق الذي ينبغي أن تنتهجه الولايات المتحدة لتحقيق السلام في المنطقة، وهي الرؤية القائمة على دعم مبادرة السلام العربية والتعامل مع كافة الأطراف بما في ذلك حماس وإيران وسوريا. ويرى كارتر في إدارة أوباما فرصة لتحقيق هذه الرؤية.

 

مقاربة كارتر لعملية السلام

من المفيد قبل الشروع في عرض كتاب كارتر الجديد، استعراض مقاربته لقضية السلام في منطقة الشرق الأوسط، والتي عبر عنها في عديدٍ من كتاباته ولقاءاته التلفزيونية والصحفية، إضافة لجهوده خلال فترة رئاسته من جهة، ومركزه البحثي "مركز كارتر The Carter Cente" من جهة أخرى.

 

بدايةً يمكن القول: إن مقاربة كارتر للمنطقة تتسم بالتوازن، وربما يكون هذا أحد أسباب الهجوم العنيف الذي شنه المحافظون ضد عددٍ من كتاباته وأنشطته. فيرى كارتر أن إسرائيل دولة احتلال، كما يرى أنه بدون دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية لا يوجد أمل في تحقيق سلام بالمنطقة.

ورغم أن القارئ العربي قد يزعجه إشارة كارتر للقدس باعتبارها عاصمة لإسرائيل، فإن هذا لا ينبغي أن يكون باعثًا على القلق على اعتبار أن هذا لا يشمل القدس الشرقية. ومن هنا أيضًا لم يكن من الكياسة إسراع البعض في كيل الاتهامات لأوباما عندما أعلن في حديثه أمام لجنة العلاقات العامة الأمريكية - الإسرائيلية (إيباك AIPAC) خلال حملته الانتخابية أنه يؤيد أن تكون القدس عاصمة أبدية وموحدة لإسرائيل. فالمطالب الفلسطينية في الغالب تنصب على القدس الشرقية، والتي يمكن أن يتم التوصل لصيغة بشأنها بحيث تصبح عاصمة لدولة فلسطينية مستقلة.

 

إطار تاريخي

كعادته في عدد من كتاباته السابقة يبدأ كارتر كتابه بالتأكيد على أهمية التاريخ لفهم الصراع في المنطقة. ولهذا بدأ كارتر كتابه بجولة تاريخية سريعة منذ رحلة النبي إبراهيم ـ عليه السلام ـ إلى كنعان منذ أكثر من أربعة آلاف عامٍ، مرورًا بوعد بلفور عام 1917 بتأسيس دولة لليهود في فلسطين، والانتداب البريطاني عليها عام 1922، والعنف الذي شنه المسلحون اليهود حتى نشوب الحرب العالمية الثانية، وصولاً إلى قرار التقسيم وإعلان دولة إسرائيل عام 1948 والحرب الأولى بين العرب والكيان الجديد. ويواصل كارتر سرد الأحداث مشيرًا إلى العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 وحرب 1967 وقرار مجلس الأمن رقم 242 والذي يدعو إسرائيل للانسحاب من الأراضي التي احتلتها في 5 يونيو عام 1967.

ويذكر كارتر أن اهتمامه بالمنطقة بدأ منذ أن كان حاكمًا لولاية جورجيا في أوائل السبعينات من القرن المنصرم، وفي إطار استعداده لخوض انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 1976. وتشكلت اتجاهاته السياسية تجاه منطقة الشرق الأوسط بخبرة المقاطعة العربية للولايات المتحدة وتأثيراتها الاقتصادية السلبية. وتلك الخبرة كانت أحد أهم العوامل التي دفعته للاهتمام بالمنطقة منذ بداية رئاسته، وذلك رغم تحذيرات عديد من المحيطين به بضرورة تأجيل ذلك إلى ما بعد انتخابه لفترة رئاسة ثانية حتى لا يؤثر ذلك على فرص إعادة انتخابه لفترة ثانية.

 

جهود كارتر للسلام بالمنطقة

استندت جهود كارتر لتحقيق السلام في الشرق الأوسط التي كانت محور الفصل الثاني من كتابه على الانسحاب الإسرائيلي لحدود 1967، وإنهاء العداء العربي لإسرائيل، والتأكيد على حرية التجارة والسياحة والتبادل الثقافي بين دول المنطقة. وركز خلال كتابه على أن المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية تعد أحد عقبات عملية السلام. كما اعتبر الاعتراف بإسرائيل الشرط الأساسي لتحقيق السلام، إضافةً إلى ضرورة ترسيم حدود دائمة لها. وضمن مقاربته لعملية السلام بالمنطقة يدعو إلى ضرورة أن يحصل الفلسطينيون على وطن قومي مع التوقف عن المطالبة بتدمير إسرائيل.

ويشير كارتر إلى أن الهجوم الأعنف الذي واجهه في تلك الفترة جاء من اليهود الأمريكيين، الذين وجدوا في مناقشته لقضايا حساسة كالحدود والتقائه بقيادات عربية باعثًا على القلق، إلا أن هذا لم يمنع أن يشجع بعضهم جهوده للتسوية عند لقائه بهم بعيدًا عن وسائل الإعلام.

وعن إحدى ثمار جهوده لتحقيق سلام بالمنطقة، يفرد كارتر الفصل الثالث لمفاوضات كامب دافيد. فيذكر علاقة الصداقة التي نشأت بينه وبين الرئيس المصري الراحل "أنور السادات"، والتي يسرت التفاهم حول عديدٍ من القضايا المحورية.

كما أشار كارتر للصدمة التي أصابت المجتمع اليهودي الأمريكي والرئاسة الأمريكية بانتخاب "مناحم بيجن" رئيسًا لوزراء إسرائيل، والذي عرف بتشدده وتاريخه مع العمليات الإرهابية. إلا أن لقاءه ببيجن أثبت إمكانية التفاهم معه، ولهذا فكر كارتر في جمع السادات وبيجن في كامب دافيد كحل أخيرٍ لمواجهة تعنت بيجن خاصة فيما يتعلق بقضية المستوطنات ولمواجهة الضغوط التي تصاعدت في مواجهة السادات بسبب مبادرة السلام.

ورغم العقبات التي واجهت هذه المفاوضات، إلا أنها أسفرت عن التوصل لإطار للتسوية واتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل. ولم تنفذ أي من بنود الاتفاقية المتعلقة بالقضية الفلسطينية لرفض الفلسطينيين المشاركة. وعلى الرغم من هذا التقدم، فقد خسر كارتر عديدًا من الأصوات اليهودية في انتخابات عام 1980.

 

تراجع أولوية السلام لدى الإدارات الأمريكية المتعاقبة

يشير كارتر إلى أنه أدرك أن قضية السلام في الشرق الأوسط لن تكون من أولويات خلفه رونالد ريجان. ومن هنا سعى لتوجيه الاهتمام بالمنطقة من خلال رئاسته لمركز كارتر، ومن خلال قيامه بعديدٍ من الزيارات للمنطقة ومقابلة قادتها.

وبعد فصل تاريخي يواصل كارتر سرد الأحداث وصولاً إلى مؤتمر مدريد عام 1991، واتفاق أوسلو عام 1993، الذي كان يميل فيهما لمصلحة إسرائيل حسبما أشار في كتابه. ويؤكد كارتر مرة أخرى على أن الاستمرار في بناء المستوطنات في ظل رئاسة كلٍّ من نتينياهو وباراك للوزارة في إسرائيل مثل عقبة في طريق السلام. وأخيرًا يذكر كارتر أن شارون كان المستفيد الأول من اندلاع العنف الذي أعقب إخفاق مفاوضات كامب دافيد الثانية التي توسط فيها الرئيس الأمريكي الأسبق "بيل كلينتون" بين باراك وعرفات، حيث تم انتخابه رئيسًا للوزراء عام 2001.

وفيما يتعلق بإدارة بوش الابن، يرى كارتر أن سياسات بوش في المنطقة تمحورت حول الخطر الإيراني، فضلاً عن إخفاقها في دفع تل أبيب إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق سلامٍ. ومن هنا استمرت إسرائيل في سياساتها المتشددة التي أضعفت من فرص السلام، بما في ذلك إحكام الحصار على قطاع غزة، وهو الأمر الذي أدى ـ حسب كارتر ـ إلى زيادة شعبية حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

 

طريق السلام ومواضع الأزمة

يؤكد كارتر في الفصل الخامس أن مبادرة السلام العربية التي طرحتها المملكة العربية السعودية في مارس عام 2002 ووافقت عليها الدول العربية ودول منظمة المؤتمر الإسلامي، بما فيها إيران، كانت فرصة حقيقية للسلام لولا عملية "نتاليا" التي أدت لرد فعل عنيف من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون، واشتعلت بعدها أحداث العنف المسلح بين الطرفين.

وعلى الجانب الآخر يذكر كارتر أن الجدار العازل الذي بدأت إسرائيل بناءه عام 2003 يمثل تعديًا صارخًا على الأراضي والحقوق الفلسطينية. كما يذكر أن من بين عقبات السلام في المنطقة الضغوط التي فرضتها الولايات المتحدة وإسرائيل لمنع تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية بقيادة حركة حماس التي نجحت في الانتخابات التشريعية في بداية عام 2006. ويرفض كارتر العزلة التي فرضتها واشنطن وتل أبيب على حركة حماس المنتخبة داعيًا إلى ضرورة الحوار والتعامل معها. وعلى الجبهة اللبنانية يؤكد كارتر أن الوضع سوف يظل متوترًا طالما استمرت إسرائيل في احتلال مزارع شبعا.

 

خطة للسلام

في الفصول الخمسة الأخيرة يشرح كارتر سبل تحقيق السلام في الشرق الأوسط. وتقوم مقاربته لعملية السلام على حل شامل لا يهمش أيًّا من الأطراف المؤثرة حتى يحظى بقبول عام. فهو يرى أن حماس يمكن أن تلعب دورًا إيجابيًّا في تحقيق السلام، الذي يتطلب تأييدًا فلسطينيًّا واسعًا، يصعب تحقيقه بدونها. بالإضافة إلى تأكيده على أهمية السلام بين إسرائيل وكل من سوريا ولبنان.

وهو في هذا الإطار يؤكد اختلافه مع سياسات الرئيس بوش الابن التي شجعت التعنت الإسرائيلي، وركزت على إدانة التقارب مع سوريا وإيران وحزب الله، وهو ما أدى إلى الفشل في التوصل إلى إطار للتسوية، ناهيك عن اتفاقية سلام، خلال فترة رئاسته.

ويشير كارتر، ربما من قبيل تشجيع الإسرائيليين على خيار السلام القائم على دولتين، إلى أن التعنت الإسرائيلي أدى إلى تزايد الأصوات التي تنادي بحل الدولة الواحدة ـ الذي دعا له الرئيس الليبي معمر القذافي والذي رفضه شيمون بيريز في مقالة له بصحيفة الواشنطن بوست يوم الثلاثاء 10 من فبراير 2008 ـ، وهو ما يعني رفض إسرائيل كدولة لليهود فقط، واتجاه الفلسطينيين للدفاع عن حقوقهم داخل إسرائيل على غرار ما حدث في جنوب أفريقيا، منهيًا سياسات الفصل العنصري وحكم الأغلبية.

 

كلمة أخيرة

رغم أن كارتر لم يخلف إصلاحات سياسية أو اقتصادية أو إدارية مؤثرة خلال فترة رئاسته الوحيدة، كما فعل كثيرٌ من الرؤساء الأمريكيين أمثال جونسون وريجان، إلا أن نشاطه الدولي وإنجازاته على الساحة الدولية لاسيما مفاوضات السلام المصرية - الإسرائيلية التي انتهت بتوقيع اتفاقية السلام عام 1979، تعد من أهم إنجازاته. فبعد خروجه من البيت الأبيض ومن خلال مركزٍ للأبحاث "مركز كارتر" استمرت جهوده لتحقيق السلام ونشر الديمقراطية ومكافحة الفقر والمرض.

وقد أثمرت جهود كارتر لتحقيق السلام في دول مثل هاييتي وكوريا الشمالية عن فوزه بجائزة نوبل عام 2002، حتى أن كثيرًا من الأمريكيين يرى أن دور كارتر وتأثيره برزا عقب خروجه من البيت الأبيض على عكس الحال عندما كان داخله.

ومما لا شك فيه أن الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر من الشخصيات التي حظيت بتقدير خاص في العالم العربي، خاصة بعد خروجه من منصب الرئاسة بالنظر إلى التزامه بتسوية شاملة وعادلة في الشرق الأوسط تقوم على إنهاء الاحتلال واحترام القانون الدولي. ورغم أن الوضع الإقليمي الحالي ربما لا يدعو للتفاؤل، إلا أن عنوان هذا الكتاب الجديد جاء مفعمًا بالأمل، بشرط أن تقوم الولايات المتحدة بدور قيادي ومتوازن أساسه شمول جميع الأطراف ذات الصلة، وعدم السماح لاعتبارات أمنية ضيقة باستبعاد أطرافٍ هامة مثل حماس وإيران، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تشجيع قوى التطرف، وتأزم الصراع وتعقده أكثر مما هو عليه الآن.

ويبقى القول هنا: إن خطاب بوش حتى حملة الانتخابات الرئاسية الأخيرة كان مناقضًا لخطاب أوباما. فبينما أعلن بوش صراحة رفضه التعامل مع سوريا وإيران وحزب الله، أكد أوباما على أهمية الحوار مع جميع الأطراف.

وقد اختار الأمريكيون طريق الحوار والدبلوماسية وتحسين الصورة الأمريكية. ولكن خطة كارتر لا تقوم فقط على الحوار، فهو يدعو إلى دور إيجابي وريادي للولايات المتحدة قد يقتضي أحيانًا ممارسة ضغوط للحيلولة دون سيطرة قوى التطرف على مسار السلام. فهل يستطيع أوباما أن يترسم هذا الطريق؟

-----------------

نشرنا لهذه المقالات لا يعني أنها تعبر عن وجهة نظر المركز كلياً أو جزئياً


السابقأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ