ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 19/02/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

فضيحة..!!

بقلم: عماد عفانة*

لا يمكن وصف بشاعة  الحصار على غزة والآثار الإنسانية المدمرة المترتبة عليه إلا بالفضيحة الإنسانية المدوية.

صحيح ان الحصار فرضه الكيان الصهيوني من اجل تقويض نتائج فوز حماس في انتخابات العام 2006، ولكن أليس من الفضيحة ان تلتقي مع هذا الهدف سلطة حركة فتح التي يقودها الرئيس عباس.

لا شك ان الكيان الصهيوني ومن خلفه امريكا قد اصيبا بالبلاهة السياسية حينما اعتقدا انه يمكن تقويض حماس من خلال تسليح قوات وأجهزة حركة فتح والرئيس عباس، وانهما اصيبتا بالخبل الاداري الذي جعلهما يعتقدان ان مساعدتهما لقوات فتح واجهزتها الامنية على زرع الفوضى والفلتان الدموي في شوارع غزة والضفة الغربية قادر على تجريد حماس من مصداقيتها.

كثير من المحليين في الداخل والخارج ينظرون بسطحية الى خطوة حماس الامنية في غزة، بحيث لا ينظرون الا الى المشهد الاخير وهو سيطرة حماس على غزة، ولا يذكرون شلال الدم والتدمير والفوضى التي حاولت اجهزة فتح نشرها في شوارع غزة عبر جرائم القتل المرعبة، ومحاولات الحسم العسكري مع حماس الأمر الذي اكدته قيادات فتح في مساجلاتها اتهاما ودفاعا عن الرئيس عباس حول ما جرى في غزة، فضلا عن اعترافات قائد فتحاوي بممارسة القتل على اللحية والهوية،  رغم ذلك فان نجاح حماس في طرد اجهزة وقوات  فتح، كانت سببا اضافيا دفع الكيان الصهيوني لتشديد حصار على غزة، وهو فضيحة اخرى لحركة فتح ورئيسها محمود عباس ان ينتقم الكيان الصهيوني من سكان غزة نصرة  لحركة فتح ورئيسها.

صحيح ان احد اسباب تشديد الحصار على  غزة هو العمل على تشجيع شعب غزة على الانقلاب على حماس، الا انه صحيح ايضا انه ربما غاب عن التفكير الصهيوني ان الضغط يولد انفجارا معاكسا في الاتجاه ومساويا في القوة، وهو ما عبر عنه شعب غزة بالاجتياح الشعبي  للحدود مع مصر ما مثل فضيحة وفشلا للمخططات الصهيونية، فلا الحصار نجح في دفع سكان غزة للانقلاب على حماس، ولا نجح في وقف الصواريخ التي تزرع الرعب والموت في قلوب الصهاينة المسكونين بالهوس الأمني، كما أنه دفع حماس لاستئناف عملياتها الاستشهادية في العمق الصهيوني وهو ما عبرت عنه عملية ديمونا البطولية التي تعد خرقا فجا في جدار الأمن الصهيوني.

صحيح ان الهروب الشعبي باتجاه الحدود مع مصر مثل اكبر عملية هروب من سجن مفتوح في الهواء الطلق، الا انه صحيح ايضا انه أحدث إرباكاً لحسابات وسيناريوهات كانت تعمل عبثا على  احتواء مضاعفات حدث تاريخي تمثل بفوز حماس وصعودها الى قمة هرم العمل السياسي الفلسطيني، مما اضطر اغلب الحكومات العربية إلى مسايرته وليس الاعتراف به والعمل معه، ولكن الفضيحة تكمن في عدم قدرة أي من الحكومات العربية التي تسبح فوق بحيرات النفط والتي تمول الكيان الصهيوني بالنفط لم تستطع إشعال شمعة في بيت واحد من بيوت غزة.

أثبتت نتائج الاستطلاع الذي اجراه المركز الذي يراسه خليل الشقاقي مؤخرا هبوط في شعبية الرئيس عباس وحركة فتح لأنه- الشعب – لم يجد لعباس أي مسوغ مقنع لاستنكافه عن اغتنام الفرصة التي تمثلت بالاجتياح الشعبي لمعبر رفح لجهة إعادة النظر بالاتفاقات المذلة التي فرضت علينا في لحظا الضعف والتي منها اتفاقية المعبر التي تسلم الاحتلال بموجبها مفاتيح غزة رغم فراره المذل منها على يد المقاومة الباسلة.

يجمع الباحثون على ان عملية السلام الموهوم التي روجت لها امريكا والكيان الصهيوني كانت تهدف بالاساس الى دق مسمار في نعش التفاهم الذي جمع كل من فتح و حماس في وثيقة الوفاق الوطني واتفاق القاهرة ثم اتفاق مكة، الا ان الفضيحة التي يعجز عن استيعابها الرئيس عباس انه وبعد كل هذه السنوات الطويلة من المفاوضات العبثية لم تنتج عنها سوى خطابات فارغة ووعود واهية، ولم تتمخض حتى عن فأر عفن.

فعلى الأرض، لم يتغير أي شيء لا قبل مؤتمر أنابوليس ولا في المؤتمر نفسه ولا بعده، ولا قبل زيارة بوش المشئومة  إلى القدس ورام الله ولا بعدها، فالجدار باق على حاله بل ويتم اكمال بنائه على حساب قضم مزيد من الارض والحق الفلسطيني، وتسمين المستوطنات يجري على قدم وساق، وعمليات الاعتقالات والاغتيالات تنفذ كل ليلة دون كلل او ملل في مدن ومخيمات الضفة في تبادل مخزي للادوار مع اجهزة عباس الامنية، والفضيحة ان كل ذلك يجري بتنسيق كامل مع سلطة الرئيس عباس وتحت غطاء عملية السلام واللقاءات النصف شهرية التي تجمعه مع اولمرت الدموي، رغم شلالات الدم التي تفيض في غزة.

من الغباء بمكان ان لا يتوقع الكيان الصهيوني وسلطة عباس ان أهل غزة لن يلجئوا ولو بالقوة الى كسر قيود سجنهم المفتوح بين جدران تزداد ارتفاعا شمالا وجنوبا، لكن الفضيحة ان تلجأ سلطة الرئيس عباس الى الترحيب بالخطوة علنيا، وسريا بالشجب لها والتحريض على حماس وعلى اعادة اقفال الحدود.

فما أتعس هذه الصفحة في تاريخ حركة فتح التي تنصب زعيما لها يأبى الا ان يسلم مفاتيح سجن غزة الى عدونا ومغتصب ارضنا ومستبيح دمنا ليل نهار ويأبى فتح معبر رفح كممر مصري فلسطيني لا شأن للعدو به.

صحيح ان المعاناة التي ولّدها الحصار على غزة مؤلمة وبشعة الا انها أدت ايضا إلى زيادة التضامن الشعبي الفلسطيني والعربي والاسلامي والدولي ايضا، وأنها عملت على زيادة التقارب والتعاطف بين الضفة وغزة على صعيد القيادات والكوادر الشريفة في فتح.

اليس من الفضيحة ان يستمر الرئيس عباس ورئيس حكومته فياض في العيش في عالم السلام الخيالي الذي اودى بحياة بطل سلام الشجعان الرمز ابو عمار، مع سنوات طويلة من الالم والمعاناة على كافة الاصعدة التي ولدها التعاون الامني بين الضحية والجلاد.

اليس من الفضيحة ان يستمر الرئيس عباس في التحريض على تجويع أهلنا في غزة على أمل استجابة حماس لشروطه المستحيلة.

 من البله السياسي تجاهل الرئيس عباس للوضع الاستراتيجي الجديد الذي ولده اجتياح الحدود مع مصر، لجهة احتمال عودة شعب لاجتياح الحدود مجددا في حال استمر وضع غزة تحت الحصار القاتل من جديد، وما يترتب عليه من فشل رهانه على  الحصار لاخضاع حركة حماس لشروطه العبثية.

ولجهة أن حماس المتجذرة في عمق السياسة والوعي الفلسطيني المقاوم لا يمكن تجاهلها في اية مفاوضات او اتفاقات تتعلق بمستقبل قضيتنا المقدسة، ولجهة نجاحها في توظيف الطبيعة الانسانية في العناد اذا كان مشفوعا بالحس الوطني والديني وعليه فان معاداة الكيان الصهيوني وامريكا واتباعها لها لا تزيدها الا قوة ونفوذاً واتساعا.

واعتقد ان حماس ستنجح في النهاية بصمودها وثباتها في اقناع كافة الاطراف باشراكها في أي حل قادم، ولجهة اقناعهم بالتقاط الفرصة التاريخية بموافقة حماس على دولة في حدود 67، ولي في كل فلسطين التي لا تسمح لها معتقداتها الاسلامية بالتنازل عنها لأي كان ومهما كانت الضغوط او التهديدات.

اسرائيل المسكونة بحمى انتزاع اعتراف حماس بها ستكون الرابح الأكبر من قبول حماس كطرف رئيس في أي حل للقضية الفلسطينية حيث ان حماس باتت في الوعي العربي والاسلامي الممثل الاسلامي الشرعي المقبول للقضية الفلسطينية، وهذا التمثيل عمدته حماس بشلال الدم الذي يقدمه قادتها كوادرها وجنودها في منازلة لا تنتهي مع الاحتلال، شلال تترنم حماس على ضفافه بترنيمة لا اعتراف باسرائيل، فشرعية الكيان اليهودي واستمرارية وجوده لا تستمد من الاعتراف الدولي بها بل باعتراف الضحية، ومجرد وصول الكيان الصهيوني إلى تسوية مع حماس سيعمل الكيان على تصويره للعالمين العربي والإسلامي بل والفلسطيني وكأنه اعتراف وهو ما تريد إقناع نفسها به.

* صحفي وباحث سياسي

 -------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ