ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 17/02/2008


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مشاركات

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


 

ويسألونك عن الشارع العربي

معن بشور

   في كل مرة تمر الامة العربية في احد اقطارها بمحنة او عدوان او حصار يسارع مروجو الاحباط ( والاحباط كالمخدرات يحتاج الى مروجيّن) ليسألوك: اين الشارع العربي من هذه المحنة، اين حركته، اين فعاليته، اين احزابه وتنظيماته وتزداد حدة هذه الاسئلة في كل مرة يسأل ابناء الامة اين الانظمة مما يجري؟ لماذا الصمت والعجز الرسمي دائماً، والتخاذل والتواطؤ احياناً كبيرة.

ولقد جاءت الحركة الشعبية العربية ايام الحصار الصهيوني على غزة والتي توجتها انتفاضة اهالي القطاع المجاهد باقتحام المعابر – الحواجز بين غزة ومصر، لتظهر ان الشارع العربي في حراك متصاعد بدأ  مع الهبة الشعبية الواسعة اثر انتفاضة الاقصى في 28 ايلول/ سبتمبر 2000، ليتطور اثر عودة الاحتلال الاسرائيلي لمدن الضفة الغربية ومحاصرة الرئيس الراحل ياسر عرفات في المقاطعة ومعركة جنين  الخالدة في نيسان/ ابريل 2000، وليصل الى مسيرات الملايين في الوطن العربي والعالم عشية الحرب على العراق عام 2003 وخلالها، وليتحول الى قوة مؤثرة على الموقف الرسمي العربي خلال الايام الثلاثة والثلاثين التي واصل فيها العدو الصهيوني حربه على لبنان ومقاومته وجيشه في صيف 2006 في ظل دعم امريكي وغربي غير عادي، وتغطية رسمية عربية غير مسبوقة، ومع ذلك فان حركة الشارع العربي مؤخراً، المنتصرة  لغزة ، والممتدة من موريتانيا على ضفاف المحيط الى الكويت والبحرين وقطر والامارات وعمان في قلب الخليج مروراً باقطار الامة كلها في مغرب الوطن ومشرقه، قد تمّيزت بمجموعة من السمات:

   اول هذه السمات انها جاءت فورية وعفوية وشاملة، وخلال ايام، فاحتلت واجهة الاحداث جنباً الى جنب مع صور المعاناة الكبرى التي يعيشها الشعب الفلسطيني عموماً وابناء غزة خصوصاً وابرزها بشكل خاص موقف الشعب المصري الذي انعكس ، ولو جزئياً، في الموقف الرسمي نفسه.

ثاني هذه السمات هي ان هذه الحركة الشعبية كشفت مجدداً حجم التفاوت بين الموقف الرسمي والموقف الشعبي، بل حجم الانفعال الشعبي الحاد من جراء المشاهد المؤلمة التي يراها المواطن العربي في فلسطين والعراق ولبنان وعلى امتداد الامة المقرونة بمواقف مريبة ومعيبة على الصعيد الرسمي.

   وثالث هذه السمات هي ان هذه الحركة لم تنحصر هذه المرة بالتعبير الصادق والامين عن مشاعر الامة الملتهبة تضامناً مع ابنائها في القطاع الفلسطيني المجاهد، بل انها اخذت اشكالا عملية وميدانيه كاقتحام معبر رفح على يد نساء غزة واطفالها،  وكقوافل الامداد التي انطلقت من كل ارجاء مصر والوطن العربي لتصل الى القطاع المحاصر، ومن اطلاق المقاومة العراقية لحملة غزة والتوأمة مع مجاهديها، الى تحركات موريتانية بدأت بالمطالبة  الشعبية والسياسية الواسعة بقطع العلاقة مع الكيان الصهيوني لتصل الى مهاجمة سفارة هذا الكيان في نواكشوط، الى "اعلان بيروت لنصرة غزة وعموم فلسطين" والذي اعتبره كثيرون بداية التحرك الشعبي العربي لسرعة اطلاقه (ساعات بعد قطع الكهرباء عن غزه) ولاتساع الاطراف اللبنانية والفلسطينية المشاركة فيه، الى المؤتمر الوطني الفلسطيني  في دمشق الذي ضم المئات من شخصيات فلسطين والامة ليعلن التمسك بالوحدة الوطنية والثوابت الفلسطينية، الى المؤتمر الوطني الشعبي من اجل القدس الذي انعقد في رام الله من اجل توحيد الجهود والمواقف وللتمسك بعروبة القدس عاصمة فلسطين ومدينة مقدسات المسلمين والمسيحيين، الى تحركات عدة شملت عواصم اوروبية وعالمية كان ابرزها ما شهدته لندن كما شهدته ابواب مقر اجتماع الاتحاد الاوروبي في لوكسمبرغ خلال انعقاده.

   رابع هذه السمات هي ان هذه الحركة الشعبية المعارضة، كسابقاتها على امتداد التسعينات والعشر الاول من هذا القرن، جاءت كثمرة لفكرة الحوار والتلاقي بين ابناء الامة وتياراتها الرئيسية التي انطلقت مع حركة المؤتمرات والملتقيات والمنتديات (القومي العربي، والقومي / الاسلامي، والاحزاب العربية، وملتقى الحوار الثوري الديمقراطي) والتي اخرجت العلاقة بين التيارات والاحزاب من حال التناحر والتنابذ والاختزال المتبادل للقوى والجهود ، وصولاً الى الاحتراب احيانا، الى حال التحاور البناء والتلاقي  حول مشتركات، والتكامل في المهام، والتفاعل على ارض الميدان.

   خامس هذه السمات هي ان الحركة الشعبية المتعاظمة هي كذلك ثمرة لتجذر مفهوم المقاومة واتساعه على مستوى الامة، خصوصا مع روح الثقة المتنامية بالنفس التي عززتها انجازات المقاومة في لبنان ضد العدو الصهيوني، وفعالية المقاومة العراقية ضد الاحتلال الامريكي وادواته، وصمود المقاومة والانتفاضة في فلسطين، ونجاح المقاومة الافغانية في تحرير اجزاء واسعة في بلادها ، واندلاع المقاومة الصومالية في الايام الاولى للاحتلال الاثيوبي، بوكالة امريكية، بالاضافة الى صمود مواقع الممانعة على غير صعيد في ارجاء مختلفة من الامة  وجوارها الحضاري الاستراتيجي، لا سيما في سوريا الصامدة في وجه التهديد والتضليل، والسودان العاصي على محاولات تفتيته والهيمنة عليه، ناهيك عن ايران المتمسكة بحقها في تطوير برنامجها النووي لاغراض سلمية،وتركيا المستعيدة بتؤدة وثبات لدورها وموقعها في دائرتها الحضارية وعمقها الاستراتيجي.

   بل وسادس هذه السمات ان هذه الحركة الشعبية العربية هي أيضاً ثمرة هذا التنامي المتصاعد على المستوى العالمي لحركة مناهضة العولمة المتوحشة والهيمنة الامبريالية والعنصرية الصهيونية الذي احس معه العرب بأن عدالة قضاياهم باتت مؤثرة في ضمير الاحرار في العالم الذين يحتشدون كل عام في المنتديات الاجتماعية العالمية، وفي مؤتمر دوربان (جنوب افريقيا) في ايلول/سبتمبر 2000، وصولاً الى الالاف الذي احتشدوا في ملتقى القدس الدولي في اسطمبول في اواسط تشرين الثاني / نوفمبر 2007.

   ويبقى ان المفارقة في امر هؤلاء  دعاة (التيئيس) و (مروجي) الاحباط، ان  عقيرتهم ترتفع بالتشكيك، وبهذه الاسئلة المحبطة، في كل مرة يسأل ابناء الامة حكامهم عما يفعلونه من اجل قضايا الامة، بل في كل مرة يحتج احرار الامة على نهج العجز والتخاذل والتواطؤ الذي يحكم سياسات النظام الرسمي العربي، وكأنهم لا يدركون ان انظمتنا، في اغلبها (التي يدافعون عنها ويغرفون من خيراتها) لم تتخل عن مسؤولياتها  وواجباتها فحسب، بل انها قامت على اكمل وجه بمهماتها في اسكات شعوبها، ومطاردة احرارها، وكم افواه مواطنيها، حتى اذا ما حلت الواقعة بالامة واجهتها الامة وهي مغلولة الايدي، خائرة القوى، منهوكة القدرات، مشتتة العزم، مشوشة الرؤى ، حائرة في الاولويات .

   أليس من حقنا اليوم، ونحن نرى، جماهير الامة وقواها الحية تتحرك في كل عاصمة ومدينة ودسكرة عربية من اجل غزة اليوم، ومن اجل لبنان والعراق بالامس، ان نسأل تجار اليأس والهزيمة "اين انتم من حركة الشارع العربي اليوم؟ اين انتم من جماهير الامة المفعمة اليوم بالاعتزاز بانتمائها القومي المتمسكة بايمانها وعقيدتها المجاهدة في سبيل حقوقها؟"

   واذا كانت عملية اخضاع الشارع العربي قد اخذت عقوداً، بل وقروناً، من الاستبداد والبطش واعواد المشانق، وغياهب السجون، وصقيع المنافي، وعصبيات الانقسام والانشقاق والتشظي في كياناتنا الوطنية وتنظيماتنا الحزبية والنقابية والشعبية، فان صحوة هذا الشارع التي نراها تتنامى منذ سنوات، تحتاج ايضا الى بعض الوقت لكي تخرج الامة من حال التردي الى حال النهوض، لكنها تحتاج بشكل خاص الى قوى وقيادات ، الى تنظيمات ومناضلين، قادرين على بناء صيغ جديدة للتعبئة الشعبية مستفيدة من كل ثغرات التجارب الحزبية والتنظيمية بسلبياتها من اجل تلافيها، وبايجابياتها في الوقت ذاته لتطويرها، بل تحتاج الى افراد وهيئات يضعون الذات الشخصية والحزبية والفئوية في خدمة الوطن والامة بدلاً من وضع الوطن والامة في خدمة هذه الذات، خصوصاً وان امتنا باتت مليئة بمئات الالاف من الشبان المستعدين للتضحية باغلى ما يملكون من اجل الدفاع عن هويتهم وعقيدتهم وحقوقهم ووجودهم.

 -------------------------

المشاركات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

الصفحة الرئيسةأعلى الصفحة

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ